أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-12-2021
2593
التاريخ: 2024-07-19
579
التاريخ: 2024-07-26
473
التاريخ: 2024-07-15
515
|
10 - التخصصية والعولمة
التخصيص جزء من حركة الاقتصاد وفتح المجال أمام القطاع الخاص، لكننا هنا نفـرد لـه مجالاً خاصاً لمدلولاته للعولمة، بدأ التخصيص مع صعود التاتشيرية في بريطانيا التي احتضنته كجزء من فلسفة المحافظين الاقتصادية لإلغاء خطوات التأميم، التي قام بها العمال سابقاً وتحولت ملكية مؤسسات ضخمة للقطاع الخاص مثل بريتش تلكوم (اتصالات) و بریتش ایـروزر (طيران) ومن ثم انتشر مبدأ التخصيص في العالم وأصبح جزءاً أساسياً من التحول نحو اقتصاديات السوق، وقد شجع نجاحه إلى تزايد حركة التخصيص ولا شك أن ما يهمنا هنا كيف تؤدي إلى مزيد من العولمة ؟
أولاً: حركة التخصيص دعوة ليبرالية داخلية من المتوقع أن تصحبها ليبرالية خارجية، ومنذ البداية كانت أسهم "بريتش تلكوم" مثلاً معروضة أيضاً للأجانب، غير أن السبب الأكبر الذي يقود إلى العولمة هو أن مجال الصناعات المخصصة هو المرافق العامة عادة، التي كانت حجة جعلها قطاعاً عاماً في المقام الأول هي كونها تتطلب استثمارات ضخمة وقدرات إدارية عالية من الصعب أن يهيئها القطاع الخاص المحلي ( كالكهرباء والهاتف والطيران) لذا حينما تعرض للتخصيص من الطبيعي أن تدعى الشركات الأجنبية للدخول أو أن تسعى إلى ذلك بنفسها، لما لها من قدرات وموارد مالية وإدارية.
هذه المجالات فضلاً عن كونها مجال اقتصاديات الحجم، وبالتالي ضخامة الوحدة المنتجة، أصبحت أيضاً تتطلب تقنيات عالية ومتقدمة في مجال الطاقة والموارد والاتصالات ،هذه التقنية متاحة لشركات محدودة، أغلبها من الدول الصناعية، لذا فإن عملية تخصيصها تتطلب هذه الشركات متعددة الجنسيات، وهذا ما نراه يحدث في تخصيص شركات الهاتف في الأرجنتين وفنزويلا إلى السودان التي اشترتها كلياً أو جزئياً شركات أجنبية عملاقة عند تخصيها ليس ذلك فحسب ، بل حتى بين شركات الدول المتقدمة نجد في صناعة الاتصالات تحالفات وتداخلات واندماجات بين الشركات الكبرى ليس الأمريكية، أو شراء شركة تومبسون الفرنسية بواسطة شركة دايو مع وقف التنفيذ بعد تدخل الحكومة الفرنسية وإذا عرضت شركة إيرباص الأوروبية للتخصيص إذا فسنجد شركات أجنبية من بين المشترين.
انهيار الشيوعية
لقد تحولت أغلب دول التخطيط المركزي إلى اقتصاديات السوق، ما حدث لم يكن وليد يوم وليلة فقد بدأ عدد من هذا الدول في الانفتاح على العالم الرأسمالي منذ فترة، ولكنه كان انفتاحاً محدوداً في التجارة والاستثمار ، أكبر مظاهره دخول مشروب "كوكاكولا" الصين ودخول "بيسي "كولا" و "ماكدونالد" إلى روسيا، واستثمارات أخرى قليلة هنا وهناك، مثل قيام الشركات الأوروبية بالمساهمة في مشروع أنابيب غاز سيبريا رغم المعارضة الأمريكية، أما الآن وقد انتهت الحرب الباردة، فقد هرع العديد من الشركات ورجال الأعمال والمؤسسات لإيجاد موطئ قدم لهم في هذه الدول بما يشمل كليات إدارة الأعمال والمديرين السابقين، عارضين خدماتهم في تلقين الرأسمالية ، تسير هذا الدول بخطى متفاوتة نحو التحول الرأسمالي لكـن العديد منها قطع خطوات كبيرة في هذا الاتجاه.
بدأت هذه الدول التبادل الاقتصادي وانضمت إلى المؤسسات المالية الرأسمالية لأنها أصبحت تتعاون مع صندوق النقد الدولي وتعمل ببرامجه "التصحيحية" في مجال التجارة انضم بعض منها إلى منظمة التجارة العالمية والبعض الآخر بصد الانضمام وتشجيع الحكومات الغربية دمج الدول الاشتراكية سابقاً في النظام الاقتصادي الدولي بوسائل مختلفة.
عملية التحول مازالت حديثة العهد ومازالت هذه الدولة تبحث وتبلور ميزاتها النسيبة ومع ذلك سارعت الشركات الدولية إلى إدخال هذه الدول في شبكاتها وأحد المؤشرات على ذلك هو الزيادة الهائلة في حجم الاستثمارات المباشرة وكان ارتفاع حجم الاستثمارات الأجنبية داخل دول شرق ووسط أوروبا وآسيا الوسطى (الاشتراكية سابقاً) سريعاً جداً، إذا ارتفع مما يقرب من الصفر في المائة من الناتج المحلي عام 1990 ليصل عام 1993 إلى 3% كنسبة من الناتج المحلي في هذه البلدان (1994 The World Bank) ومع أنه كان هناك تخوف من أن توجه رؤوس الأموال نحو الدول سيكون على حساب الدول النامية الأخرى إلا أنه لا يبدو أن شيئاً مثل ذلك قد حدث إذا لم تنخفض التدفقات إلى آسيا وأمريكا اللاتينية والوسطى وأفريقيا الصحراوية، انخفض فقط نصيب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ليبقى التساؤل ........ هل ستستمر العولمة تزايداً .. ؟
هل سيستمر النشاط الاقتصادي في تخطي الحدود " وتهميش" دور الدولة القومية؟
هل فعلاً انتهت الدولة القومية كما يسمون الدولة Nation State باعتبارهـا وحـدها محددة للمنشأة الاقتصادي؟
قبل أكثر من ربع قرن زعم البعض أن الدولة القومية أصبحت عائقاً ولم تعد مناسبة لحاجات عالمنا الحالي، ودعوا إلى قيام منظمات قومية جديدة، أمـا عـالم الاقتصاد الشهير كنلبيرغر، فقد زعم أن الدولة القومية انتهت مع أومي ديغول وآخرين لم يدركوا ذلك بعد ، والشعور الوطني في رأيه هو مجرد شعور بدائي، حيث ضمن أوربراين عبارة "نهاية الجغرافيا" في عنوان كتابه عن التكامل الاقتصادي أما أومي فقد اختار عبارة "نهاية الدولة - القومية" عنواناً لكتابه معلناً أن الدولة اليوم (ديناصور) ولم تعد تتحكم في الاقتصاد أو العملة، ولا تولد نشاطاً اقتصادياً، ويرى أن الدولة الإقليمية الجديدة هي التي ترتبط اليوم مناطق في دول متباعدة، فهل انتهت الدولة القومية كوحدة اقتصادية(33).
لا نعتقد ذلك ونتفق مع ماكغرو الذي يؤكد أن العالم مازال منظماً في الدولة ذات السيادة، وأن الدولة الوطنية مازالت تمثل الوحدة السياسية والإدارة الجغرافية العالية في أي مجتمع ، والدولة القومية مازال يعض عليها بالنواجذ خصوصاً في دول العالم الثالث، حتى أوبراين أعلاه الذي قدم "نهاية الجغرافيا" ذكر أن الجغرافيا ستظل درعاً قوياً، لأن هناك قوى تعمل لتثبيتها، وأنها ستظل مؤثرة طالما بقيت هناك حدود ومسافات وفوارق ثقافية واجتماعية فقد ستقل أهميتها، كذلك نذكر أن ديكن يرى العولمة ناتجة من تفاعل الشركات العالمية والدولة القومية، فهو لم يلغ الدولة في مشروعاته ومرئياته حول العولمة نشاطات الشركات العالمية تؤثر على الدولة لكن مازال للدولة في كثير من الحالات أثر أكبر على الشركات العالمية، تعمل له تلك الشركات ألف حساب، وقد قننت الأمم المتحدة ذلك بأن أصدرت الجمعية العمومية قراراً قبل عقدين أكدت فيه سيادة الدولة على النشاط الاقتصادي والموارد الموجودة فوق أراضيها.
وعلى الجانب الآخر، نعتقد أنه طالما كانت حركة العولمة غير متساوية بين الدولة والمناطق، ستقاومها وتفرضها الدول ذات الحظوظ الأقل والمتضررة منها وستلجأ تلك الدول إلى تأكيد سيادتها لعرقلة العملية أو حتى للهروب منها . كذلك ستلجأ مجموعات أخرى لتأكيد السيادة في دولها كردة فعل ثقافية فالدولة القومية لن تنتهي لكنها حتماً ستتغير وقد تتنازل عن جزء من سيادتها لتتوائم مع الأوضاع الاقتصادية المتغيرة ولن تتوقف حركة العولمة ولن تنتهي "الدولة" وسيصلان معاً إلى توافق عملي من نوع ما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(33) د. سعيد ياسين ، العولمة ــ الطريق الثالث، دار المعارف، 2002.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|