أقرأ أيضاً
التاريخ: 12/12/2022
1742
التاريخ: 21-1-2023
1198
التاريخ: 26-4-2022
2578
التاريخ: 2024-10-17
400
|
نونية الفقيه عمر الزجال
وحيث اقتضت المناسبة جلب هذه النونيات فلنضف إليها قصيدة أديب الأندلس الفقيه عمر صاحب الأزجال، إذ هو من فرسان هذا المجال، وقد وطأ لها بنثر، وجعل الجميع مقامة ساسانية، سماها " تسريح النصال إلى مقاتل الفصال " ونصها (1) : يا عماد السالكين، ومحط (2) المستفيدين والمتبركين، وثمال الضعفاء والمساكين المتروكين، في طريقك يتنافس المتنافس، وعلى أعطافك تزهى العباءات وتروق الدلافس (3) ، وبكتابك تحيا جوامد الأفهام، وبمذبتك تشرد ذباب الأوهام، وفي زنبيلك يسد التالد والطارف، وبعصاك يهش على بدائع المعارف، الله الله في سالك، ضاقت عليه المسالك، وشاد، رمي بإبعاد، أدركته متاعب الحرفة، وأقيم من صف أهل الصفة (4) ، فلا يجد نشاطا، على ما يتعاطى، ولا يلقى اغتباطا، إن حل زاوية أو نزل رباطا، أقصي عن أهل القرب والتخصيص، وابتلي بمثل حالة برصيص(5)، فأحيل عليك، وتوقفت إقالته على
40
توبة بين يديك، فكاتبك استدعاء، واستوهب منك هداية ودعاء، ليسير على ما سويت، ويتحمل عنك أشتات ما رويت، فيلقى الأكفاء الظرفاء عزيزاً، ويباهي بك كل من خاطبك مستجيزاً، فاصرف إلي محيا الرضى، وعد من إيناسك للعهد الذي مضى، ولا تلقني معرضاً ولا معرضا، وأصخ لي سمعك كما قدر الله تعالى وقضى:
تعال نجددها طريقة ساسان (6) ... نعض عليها ما توالى الجديدان
ونصرف إليها من مثار عزائم ... ونحلف عليها من مؤكد أيمان
ونعقد على حكم الوفاء هواءنا ... لنأمن من أقول زور وبهتان
ونقسم على أن لا نصدق واشياً ... يروح ويغدو بين أثم وعدوان
يطوف حوالينا ليفسد بيننا ... بمنطق إنسان وخدعة شيطان
على أننا من عالم كلما بدا ... تعوذ منه عالم الإنس والجان
وحاشاك أن تلفى عن الصلح معرضاً ... إلى الصلح آلت حرب عبس وذبيان
وإني أهمتني شؤون كثيرة ... وصلحك أولى ما أقدم من شاني
فأنت إمامي إن كلفت بمذهب ... وأنت دليلي إن صدعت ببرهان
سأرعاك في أهل العباءات كلما ... رأيتك في أهل الطيالس ترعاني
ويا لابسي تلك العباءات إنها ... لباس إمام في الطريقة دهقان
تفرقت الألوان منها إشارة ... بأنك تأتي من حلاك بألوان
ويا بأبي الفصال شيخ طريقة ... خلوب لألباب لعوب بأذهان
إذا جاء في الثوب المحبر خلته ... زنيبيرة قد مد منها جناحان
فما تأمن الأبدان آفة لسعها ... وإن أقبلت في سابغات وأبدان
سأدعوك في حالات كيدي وكديتي ... بشيخي ساسان وعمي هامان
41
فإن كان في الأنساب منا تباين ... فما تنكر الآداب أنا نسيبان
ألا فادع لي في جنح ليلك دعوة ... لتنجح آمالي ويرجح ميزاني
لك الطائر الميمون في كل وجهة ... سريت إليها غير نكس ولا واني
فكم من فقير بائس قد عرفته ... فرفت عليه نعمة ذات أفنان
وكم من رفيع الجاه واليت أنسه ... فعاش قرير العين مرتفع الشان
فلو كنت للفتح بن خاقان صاحباً ... لما خانه المقدور في ليلة الخان (7)
ولو كنت للصابي صديقاً ملاطفاً ... لما قبلت فيه مقالة بهتان (8)
ولو كنت من عبد الحميد مقرباً ... لما هزم السفاح أشياع مروان
ولو كنت قد أرسلتها دعوة على ... أبي مسلم ما حاز أرض خراسان
ولو كنت في يوم الغبيط مراسلاً ... لبسطام لم تهزم به آل شيبان (9)
ولو كنت في حرب الأمين لطاهر ... لما هام في يوم اللقاء ابن ماهان (10)
ولو كنت في مغزى أبي يوسف لما ... رماه بغدر عبده في تلمسان (11)
ولو أن كسرى يزدجرد عرفته ... لما لاح مقتولاً على يد طحان (12)
ولو أن لذريقاً وطئت بساطه ... لما أثرت فيه مكيدة اليان (13)
وفيما مضى في فاس أوضح شاهد ... غني لدينا عن بيان وتبيان
ولما اعتنى منك السعيد بكاتب ... رأى ما ابتغى من عز ملك وسلطان
فلا تنسني من أهل ودك إنني ... أخاف الليالي أن تطول فتنساني
42
ولا خير إن تجعل كفاء قصيدتي ... كفاء ابن دراج على مدح خيران (14)
فجد بدنانير ولا تكن التي ... ألم بها الكندي في شعب بوان (15)
فجودك فينا الغيث في رمل عالج ... وفضلك فينا الخبز في دار عثمان (16)
وما زلت من قبل السؤال مقابلاً ... مرادي بإحساب وقصدي بإحسان
ولا تنس أياماً تقضت كريمة ... بزاوية المحروق أو دار همدان (17)
وتأليفنا فيها لقبض إتاوة ... وإغرام مسنون وقسمة حلوان
وقد جلس الطرقون (18) بالبعد مطرقاً ... يقول نصيبي أو أبوح بكتمان
عريفي يلحاني إذا ما أتيته ... ولم أنصرف عنكم بواجب ألحان
وقد جمعت تلك الطريقة عندنا ... أئمة حساب وأعلام كهان
إذا استنزلوا الأرواح باسم تبادرت ... طوائف ميمون وأشياع برقان (19)
وإن بخروا عند الحلول تأرجت ... مباخرهم عن زعفران ولوبان (20)
وإن فتحوا الدارات (21) في رد آبق ... ثنت عزمه أوهام خوف وخذلان
فيحسب أن الأرض حيث ارتمت به ... ركائبه سرعان رجل وركبان
وقد عاشرتنا أسرة كيموية ... أقامت لدينا في مكان وإمكان
فلله من أعيان قوم تألفوا ... على عقد سحر أو على قلب أعيان
43
ونحن على ما يغفر الله إنما ... نروح ونغدو من رباط إلى خان (22)
مع الصبح نضفيها عباءة صفة ... وبالليل نلويها زنانير رهبان
أتذكر في سفح العقاب مبيتكم ... ثمانين شخصاً من إناث وذكران
لديكم من الألوان ما لم يجئ به ... طهور ابن ذنون ولا عرس بوران (23)
وكم شائق منكم إلى عقد تكة ... وكم هائم فيكم على حل هميان (24)
فأطفأت قنديل المكان تعمداً ... وأومأت فانقضوا كأمثال عقبان
وناديت في القوم الركوب فأسرعوا ... فريق لنسوان، وقوم لذكران
فأقسم بالأيمان لولا تعففي ... عن السوء لانحلت عقيدة إيماني
فعد للذي كنا عليه فإن لي ... على الغير إن صاحبته حقد غيران
فمن يوم إذ صيرت ودي جانباً ... وأعرضت عني ما تناطح عنزان
ولا روت الكتاب بعد نفارنا ... محاورةً من ثعلبان لسرحان
وما هو قصدي منك إلا إجازة ... تخولني التفضيل ما بين خلاني
وإنك إن سخرت لي وأجزتني ... لنعم ولي صان ودي وجازاني
ولم لا ترويني وأنت أجل من ... سقاني من قبل الرحيق فرواني
ألا فأجزني يا إمام بكل ما ... رويت لمدغليس أو لابن قزمان
ولا تنس للدباغ نظماً عرفته ... فإنكما في ذلك النظم سيان
ومزدوجات ينسبون نظامها ... إلى ابن شجاع (25) في مديح ابن بطان
وألمم بشيء من خرافات عنتر ... وألمع ببعض من حكايات سوسان
44
وإن كنت طالعت اليتيمة واسني ... بلامية في الفحش من نظم واساني (26)
أجزني بكشف الدك (27) أرضى وسيلة ... وخير جليس في بساط ودكان
وناولني المصباح فهو لغربتي ... ميسر أغراضي ورائد سلواني
وألحق به شمس المعارف (28) إنني ... أسائل عن إسناده كل إنسان
وقد كنت قبل اليوم عرفتني به ... ولكنني أنسيته بعد عرفان
ولا بد يا أستاذ من أن تجيزني ... ببدء ابن سبعين (29) وفصل ابن رضوان
وكتب ابن أحلى كيف كانت فإنها ... لوزن دقيق القوم أكرم ميزان
ولا تنس ديوان الصبابة (30) والصفا ... لإخوان صدق في الصفا خير إخوان
وزهر رياض في صفوف أضاحك ... وجبذ كساء في مكايد نسوان
كذاك فناولني كتاب حبائب ... وزدني تعريفاً بها وببرجان (31)
ولي أمل في أن أروى رسالة ... مضمنة أخبار حي بن يقظان
وحبس علي الكوز والكاس والعصا ... فإنك مثر من عصي وكيزان
وصير لي الدلفاس أرفع لبسة ... فقد جل قدري عن حرير وكتان
وقد رق طبعي واعترتني خشية ... تكاد بها روحي تفارق جثماني
وخل مفاتيح الطريقة في يدي ... وسوغ لهم حكمي مزيدي ونقصاني
فإني لم أخدمك إلا بنية ... وإني لم أتبعك إلا بإحسان
45
فكن لي بالأسرار أفصح معلن ... فإني قد أخلصت سري وإعلاني
وليس قصدي - علم الله - بجلب هذه القصيدة ما فيها من المجون، بل ما فيها من التلميحات التي يرغب في مثلها أهل الأدب والحديث شجون، على أن أمثال هؤلاء الأعلام، لا يقصدون بمثل هذا الكلام، إلا مجرد الإحماض، فينبغي أن ينظر كلامهم الواقف عليه بعين الإغضاء عن النقض والإغماض، ولا يبادر بالاعتراض، من لم يعلم بالأصول برهان القطع والافتراض، والله سبحانه المسؤول في التجاوز عن الزلات، والنجاة من الأمور المضلات، فعفوه سبحانه وراء جميع ذلك، والله تعالى المطلع على أسرار الضمائر، والخبير بما هنالك، لا رب غيره، ولا خير إلا خيره.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) قارن بأزهار الرياض 1: 117.
(2) الأزهار: ومحط رحال.
(3) الدلافس: جمع دلفاس، وقد مر من قبل " دفاس " - وكلاهما صحيح - وهو نوع من الثياب.
(4) أهل الصفة: قوم من فقراء المهاجرين كانوا يأوون إلى صفة المسجد في عهد الرسول لأنه لا مأوى لهم غيرها.
(5) برصيص أو برصيصا: من عباد بني إسرائيل ثم فتنه الشيطان.
(6) طريقة ساسان: أي طريقة أهل الكدية.
(7) الفتح بن خاقان صاحب القلائد والمطمح وجد مقتولا بخان في مدينة مراكش.
(8) أبو إسحاق الصابي سجنه عضد الدولة.
(9) يوم الغبيط بين تميم وشيبان أسر فيه بسطام بن قيس.
(10) علي بن عيسى بن ماهان قائد جيش الأمين.
(11) يوسف بن يعقوب المريني غزا تلمسان وحاصرها وقتله في أثناء ذلك عبده سعادة.
(12) آخر ملوك الفرس، هرب من وجه العرب إلى بلخ فقتله هناك طحان.
(13) اليان هو يليان الذي كاد للذريق وحرض العرب وساعدهم على دخول الأندلس.
(14) مدح ابن دراج خيران الصقلبي صاحب المرية بقصيدته " لك الخير قد أوفى بعهدك خيران " (ديوانه: 86) والظاهر أنه لم يجزل جائزته عليها.
(15) أي يريد دنانير حقيقية لا التي تحدث عنها المتنبي حين وصف أشعة الشمس بين الشجر في شعب بوان وشبهها بالدنانير.
(16) يشير إلى قول الشاعر (النفح 3: 580) :
الماء في دار عثمان له ثمن ... والخبز شيء له شان من الشان
(17) زاوية المحروق ودار همدان موضعان بفاس.
(18) الطرقون: كلمة مغربية معناها من بيده قبض ضرائب اللهو والأعراس وما أشبه.
(19) ميمون وبرقان من الجن.
(20) اللوبان عند المغاربة ما يعرف عند المشارقة باسم " اللبان ".
(21) الدارات: حلقات يعقدها شيوخ المشعوذين لكشف السر عند حدوث سرقة أو إباق أو نحو ذلك.
(22) الأزهار: حان - بالحاء المهملة -.
(23) الإعذار الذنوني الذي قام به المأمون بن ذي النون، في الأندلس، وعرس بوران بنت الحسن بن سهل التي تزوجها المأمون العباسي، في المشرق، كلاهما مضرب المثل في البذخ والإسراف.
(24) حذف المقري في أزهار الرياض هذا البيت واثنين معه لأن الشاعر أقذع فيها.
(25) ق ص: سجاع.
(26) الواساني أبو القاسم الحسين بن الحسين وله قصيدة لامية مقذعة في اليتيمة 1: 351 يهجو بها المنشا ابن إبراهيم القزاز.
(27) اسم كتاب لابن شهيد الشاعر؛ وفي الفهرست (312) كتاب الخفة والدك وهو من كتب الشعبذة والطلسمات.
(28) شمس المعارف للبوني (- 622) .
(29) يريد بدء العارف لابن سبعين.
(30) اسم كتاب لابن حجلة التلمساني.
(31) هكذا في الأصل، وفي الفهرست لابن النديم (314) كتاب " بردان وحباحب " لأبي حسان، وهما كتابان صغير وكبير، من الكتب المؤلفة في الباه.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|