أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-9-2017
5702
التاريخ: 25-01-2015
3211
التاريخ: 30-01-2015
3566
التاريخ: 2023-11-04
3631
|
قال ابن أبي الحديد في شرح النهج : اما الشجاعة فإنه انسى الناس فيها ذكر من كان قبله ومحا اسم من يأتي بعده ومقاماته في الحرب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة وهو الشجاع الذي ما فر قط وارتاع من كتيبة ولا بارز أحدا الا قتله ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية وفي الحديث كانت ضرباته وترا أقول ولا دعي إلى مبارزة فنكل قال ولما دعا معاوية إلى المبارزة ليستريح الناس من الحرب بقتل أحدهما قال له عمرو لقد أنصفك فقال معاوية ما غششتني منذ نصحتني الا اليوم أ تأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطرق أراك طمعت في امارة الشام بعدي وكانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته فاما قتلاه فافتخار رهطهم
بأنه (عليه السلام) قتلهم أظهر وأكثر قالت أخت عمرو بن عبد ود ترثيه :
لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته ابدا ما دمت في الأبد
لكن قاتله من لا نظير له * وكان يدعى أبوه بيضة البلد
ولما أقيم حيي سيد اخطب بن بني النضير بين يديه ليقتله قال قتلة شريفة بيد شريف وانتبه معاوية فرأى ابن الزبير تحت رجليه فقال له عبد الله لو شئت أن أفتك بك لفعلت فقال لقد شجعت بعدنا يا أبا بكر قال وما الذي تنكره من شجاعتي وقد وقفت في الصف ازاء علي بن أبي طالب قال لا جرم أنه قتلك وأباك بيسرى يديه وبقيت اليمنى فارغة يطلب من يقتله بها ، وجملة الأمر أن كل شجاع في الدنيا إليه ينتهي وباسمه ينادى في مشارق الأرض ومغاربها (اه) ثم قال وما أقول في رجل تصور ملوك الفرنج والروم صورته في بيعها وبيوت عباداتها حاملا سيفه مشمرا لحربه وتصور ملوك الترك والديلم صورته على أسيافها كان على سيف عضد الدولة بن بويه وسيف أبيه ركن الدولة وكانت صورته على سيف ألب ارسلان وابنه ملك شاة كأنهم يتفاءلون به النصر والظفر أقول لا يمكن أن توصف الشجاعة بأكثر من أنه ما نكل عن مبارز ولا بارز أحدا الا قتله ولا فر قط ولا ضرب ضربة فاحتاج إلى ثانية وكان يقول ما بارزت أحدا الا وكنت انا ونفسه عليه وفي كتاب عجائب احكامه قيل له يا أمير المؤمنين أ لا تعد فرسا للفر والكر فقال اما انا فلا أفر ومن فر مني فلا أطلبه (اه) .
وكفى في ذلك مبيته على الفراش ليلة الغار معرضا نفسه للأخطار لم يخف ولم يحزن فوقى النبي (صلى الله عليه واله) بنفسه وفداه بمهجته غير هياب ولا متردد ولا حزين .
وخروجه بالفواطم جهارا من مكة ولحوق الفوارس الثمانية به لما علموا بخروجه حنقين عليه عازمين على قتله إن لم يرجع راغما كما مر عن السيرة النبوية في الجزء الثاني ويأتي في هذا الجزء عند ذكر اخباره متتالية ؛ ولا بد أن يكونوا من شجعان مكة وابطالها لأن من ينتدب لمثل ذلك لا يكون من جبناء الناس وهم فرسان وهو راجل وهم ثمانية وهو واحد وليس معه الا أيمن بن أم أيمن وأبو واقد الليثي وهما لا يغنيان عنه شيئا وقد أخذ الهلع أبا واقد حين رأى الفرسان فسكن جأشه ولم ينقل انهما عاوناه بشئ بل كان حظهما حظ الواقف المتفرج وهو ليس بحاجة إلى مساعد على أن ثمانية فوارس ولو لم يكونوا في الدرجة العالية من الشجاعة لا يفلت منهم رجل واحد في العشرين من سنه أو تجاوزها بقليل مهما كان شجاعا فيمكنهم أن يحيطوا به من كل جانب فيقتلوه ولو رضخا بالحجارة فإذا كر على الذين أمامه حمل عليه الذين وراءه أو كر على الذين وراءه حمل عليه الذين أمامه فلا يمكنه الخلاص ويسهل عليه قتله أو أسره أما أن يكون رجل واحد على قدميه يشد على فارس في مقدمة ثمانية فوارس ولا بد أن يكون أشجعهم فيقده نصفين ويصل سيفه إلى قربوس فرسه فهذا شئ خارق للعادة من شاب لم يسبق له مباشرة الحرب قبل هذا وهو منتهى الشجاعة والجرأة والاقدام فلا جرم أن ترتعد منه فرائض الباقين فيولوا هاربين مذعورين ويطلبوا منه أن يكف عنهم فكانت هذه أول مظهر من مظاهر شجاعته الخارقة وقايس إن شئت بين هذه الحال وحال الرسول (صلى الله عليه واله) في هجرته إلى المدينة قبل ذلك فقد كان معه صاحبه وغلام صاحبه عامر بن فهيرة ودليلهم الليثي عبد الله بن أريقط فهم أربعة أحدهم الرسول (صلى الله عليه واله) الذي يجب أن يكون أشجع من علي بن أبي طالب فلما لحقهم سراقة بن مالك وهو رجل واحد بكى الصاحب خوفا فقال له الرسول (صلى الله عليه واله) لِم تبك قال ما على نفسي بكيت ولكن أبكي عليك فما دفعه عنهم إلا دعاء الرسول عليه فرسخت قوائم فرسه في الأرض أ ترى لو كان معهم علي هل كان يبكي ويهتم لرجل واحد ليس معه أحد وهو لم يهتم لثمانية فوارس أم كان يضربه ضربة حيدرية فيقده نصفين طولا لا عرضا كما فعل بجناح وهل كان يحتاج النبي (صلى الله عليه وآله) في دفعه إلى أن يدعو عليه لا أظنك تشك في أنه لو كان معهم لفعل به فعله بجناح وما كان منه في وقعة بدر المار ذكرها في السيرة النبوية والآتية في هذا الجزء التي بها تمهدت قواعد الدين وأذل الله جبابرة المشركين وقتلت فيها رؤساؤهم ووقعت الهيبة من المسلمين في قلوب العرب واليهود وغيرهم فقد كان في هذه الوقعة قطب رحاها وليث وغاها بارز الوليد بن عتبة أول نشوب الحرب فلم يلبثه حتى قتله وشارك عمه حمزة في قتل عتبة واشترك هو وحمزة وعبيدة في قتل شيبة فاجهزوا عليه قال المفيد فكان قتل هؤلاء الثلاثة أول وهن لحق المشركين ودخل عليهم ورهبة اعتراهم بها الرعب من المسلمين وظهر بذلك امارات نصر المسلمين قال وبرز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله وبرز إليه من بعده طعيمة بن عدي فقتله وقتل بعده نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش ولم يزل يقتل واحدا منهم بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم وكانوا سبعين قتيلا تولى كافة من حضر بدرا من المسلمين مع ثلاثة آلاف من الملائكة المسومين قتل الشطر منهم وتولى أمير المؤمنين قتل الشطر الآخر وحده بمعونة الله له وتأييده وتوفيقه ونصره وكان الفتح له بذلك وعلى يديه (اه) .
وما كان منه في وقعة أحد فقد كان قطب رحاها وليث وغاها وعليه مدارها وهو واحدها وقائدها كما كان كذلك يوم بدر والمتأمل فيما ذكره أهل السير والتواريخ لا يشك في ذلك مهما دس الدساسون ومهما أرادوا أن يجعلوا له مشاركا في بعض مزاياه التي امتاز بها في تلك الوقعة وغيرها لكن المطالع للاخبار يعرف بأقل نظرة صحة ما قلناه فقد امتاز في تلك الوقعة كغيرها مع الوقائع بأمور كثيرة .
وقتله عزورا اليهودي لما رمى قبة النبي (صلى الله عليه واله) ليلا وهو يحاصر بني النضير فلحقه علي حتى قتله وجاء برأسه وكان معه تسعة فهربوا فلحقهم بعشرة من المسلمين فقتلوهم وكان ذلك سبب فتح حصون بني النضير .
ومبارزته يوم الخندق عمرو بن عبد ود فارس يليل وقد جبن عنه الناس والنبي (صلى الله عليه واله) يندبهم لمبارزته ويضمن لمبارزه الجنة فسكتوا كأنما على رؤوسهم الطير الا علي بن أبي طالب فبارزه وقتله ولحق بعض من كان معه وهو نوفل بن عبد الله فقتله في الخندق وانهزم بقتله المشركون {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ} [الأحزاب: 25] به وكانت ضربته في ذلك اليوم تعدل عمل الثقلين إلى يوم القيامة .
قال المفيد : وفي الأحزاب انزل الله تعالى {إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا * وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا} [الأحزاب: 10 - 12] إلى قوله {وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا} [الأحزاب: 25] قال فتوجه العتب إليهم والتوبيخ والتقريع ولم ينج من ذلك أحد بالاتفاق الا أمير المؤمنين إذ كان الفتح له وعلى يديه وكان قتله عمرا ونوفل بن عبد الله سبب هزيمة المشركين وقال رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد قتله هؤلاء النفر : الآن نغزوهم ولا يغزوننا وقد روى يوسف بن كليب عن سفيان بن زيد عن قرة وغيره من عبد الله بن مسعود انه كان يقرأ {وكفى الله المؤمنين القتال} بعلي .
ومبارزته مرحبا يوم خيبر وقتله وفتح الحصن ودحو الباب بعد ما رجع غيره منهزما يجبن أصحابه ويجبنونه أو منهزما يؤنب قومه ويؤنبونه .
وثباته يوم حنين مع رسول الله (صلى الله عليه واله) وقد هرب عنه الناس غير عشرة
تسعة من بني هاشم والعاشر أيمن بن أم أيمن وقتله أبا جرول وأربعين من المشركين غيره وانهزام المشركين بقتله وقتلهم ورجوع المسلمين من هزيمتهم بثباته ومن معه الذين كان ثباتهم بثباته قال المفيد وذلك انا أحطنا علما بتقدمه في الشجاعة والباس والصبر والنجدة على العباس والفضل ابنه وأبي صفيان بن الحارث والنفر الباقين لظهور امره في المقامات التي لم يحضرها أحد منهم واشتهار خبره في منازلة الاقران وقتل الابطال ولم يعرف لأحد من هؤلاء مقام من مقاماته ولا قتيل عزي إليهم بالذكر فعلم بذلك ان ثبوتهم كان به وان بمقامه ذلك وصبره مع النبي (صلى الله عليه واله) كان رجوع المسلمين إلى الحرب وتشجعهم في لقاء العدو (اه) .
وما كان منه في غزوة أوطاس والطائف فكان الفتح فيها على يده وقتل فيها من قتل من خثعم .
إلى غير ذلك من غزواته ووقائعه في زمن النبي (صلى الله عليه واله) .
اما وقائعه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) بعد ما بويع بالخلافة أيام الجمل وصفين والنهروان فاشتهار شجاعته العظيمة فيها قد زاد عن حد الضرورة ففي يوم الجمل ثبت الفريقان واشرعوا الرماح بعضهم في صدور بعض كأنها آجام القصب ولو شاءت الرجال ان تمشي عليها لمشت وكان يسمع لوقع السيوف أصوات كأصوات القصارين ولما اشتد القتال وقامت الحرب على ساقها زحف (عليه السلام) نحو الجمل بنفسه في كتيبته الخضراء من المهاجرين والأنصار وحوله بنوه ثم حمل فغاص في عسكر الجمل حتى طحن العسكر ثم رجع وقد انحنى سيفه فاقامه بركبته فقال له أصحابه وبنوه نحن نكفيك فلم يجب أحدا منهم ولا رد إليهم بصره وظل ينحط ويزأر زئير الأسد ثم حمل حملة ثانية وحده فدخل وسطهم يضربهم بالسيف قدما قدما والرجال تفر من بين يديه وتنحاز عنه يمنة ويسرة حتى خضب الأرض بدماء القتلى ثم رجع وقد انحنى سيفه فاقامه بركبته فاجتمع عليه أصحابه وناشدوه الله في نفسه وفي الاسلام فقال والله ما أريد بما ترون الا وجه الله والدار الآخرة ثم قال لمحمد هكذا تصنع يا ابن الحنفية فقال الناس من الذي يستطيع ما تستطيعه يا أمير المؤمنين . ومن مواقفه في صفين ما كان يوم الهرير قال بعض الرواة فوالله الذي بعث محمدا بالحق نبيا ما سمعناه برئيس قوم منذ خلق الله السماوات والأرض أصاب بيده في يوم واحد ما أصاب علي انه قتل فيما ذكر العادون زيادة على خمسمائة من الاعلام يخرج بسيفه منحنيا فيقول معذرة إلى الله واليكم من هذا لقد هممت ان أفلقه ولكن يحجزني عنه إني سمعت رسول الله يقول :
لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي
وانا أقاتل به دونه فكنا نأخذه فنقومه ثم يتناوله من أيدينا فيقتحم به في عرض الصف فلا والله ما ليث بأشد نكاية منه في عدوه وكان في أوائل أيام صفين يسهر الليل كله إلى الصباح يعبي الكتائب ويؤمر الامراء ويعقد الألوية ومر في اليوم السابع ومعه بنوه نحو الميسرة والنبل يمر بين عاتقيه ومنكبيه وما من بنيه إلا من يقيه بنفسه فيكره ذلك ويتقدم نحو أهل الشام ويؤخر الذي يقيه إلى ورائه .
وهو الذي لبس يوم صفين سلاح العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب لما برز إليه اللخميان فبرز إليه أحدهما فكأنما اختطفه ثم برز إليه الآخر فالحقه بالأول وهو الذي قتل الحميري الذي لم يكن في الشام أشهر منه بالبأس والنجدة بعد ان قتل ثلاثة من أهل العراق مبارزة ورمى أجسادهم بعضها فوق بعض ووقف عليها بغيا وعتوا فضربه أمير المؤمنين (عليه السلام) ضربة خر منها قتيلا يتشحط في دمه وقتل معه اثنين وتلا {الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ } [البقرة: 194].
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|