أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-03
954
التاريخ: 2024-09-18
231
التاريخ: 2023-10-29
748
التاريخ: 2024-11-15
218
|
وليس يختلف اثنان — فيما نعلم — أَنَّ مشاريع يوستنيانوس العظيمة لم تتناسبْ وطاقته المالية، فالعظمة والبذخ واسترضاء زعماء البرابرة وحروب الفتح والإنشاء والتعمير في طول البلاد وعرضها؛ كلها تتطلَّب إنفاقًا كبيرًا لم يكن آنئذٍ بوسع الدولة. وكان أنستاسيوس قد خلَّف وفرًا قدره 320000 ليرة ذهبًا، أو ما تعادل قيمته أربعة عشر مليونًا من الليرات الاسترلينية، فأنفقه يوستنيانوس في بضع سنوات وبات يشكو قلة النقد. وقلة نقده أطالتْ حروبَه وزعزعتْ معنويات جيشه، وأوقفت إصلاحه الإداري، أو عرقلتْه، ثم أَدَّتْ إلى زيادة الضرائب وإثقال كاهل الأهلين بها. وفي السنة 548 تُوُفِّيَتْ ثيودورة بداءِ السرطان، ففقد يوستنيانوس بوفاتها مستشارةً نشيطةً أمينةً، فانكشفت نقائصُهُ، وأهمها التردُّد والهوس باللاهوت، فأهمل واجباتِهِ الإدارية وكرَّس معظم لياليه للجدل الديني، فصح فيه قول كوريبوس: «إنه بات لا يُبالي شيئًا وإن رُوحه كانت كالتي انتقلت إلى السماء «. وتضاءل جيشُهُ فتناقص من 645000 مقاتل إلى 150000 وخَلَتْ حُصونُهُ من الرجال، حتى قال أغاثيوس: إنها أصبحتْ خاليةً خاويةً لا يُسمع فيها نِبَاحُ كلبٍ واحدٍ، وباتت العاصمةُ نفسُها مهددةً بالخطر؛ لأن سور أنستاسيوس كان قد تَثَلَّمَ في ألف موضعٍ وموضع، ولأن الحَرَسَ الإمبراطوريَّ كان قَدْ قَلَّ وضَعُفَ، ولأنَّ الفسيلفس كان لجأ إلى البلص والمُصَادَرة؛ للحصول على المال المطلوب. وعاد الخضرُ والزرقُ إلى المناظَرة والمشاحَنة والمخاصمة، ونزلوا بذلك كله إلى شوارع العاصمة، فهاجوا وماجوا مرارًا ما بين السنة 553 564، وأدى تَرَدُّدُ يوستنيانوس في تعيين ولي عهده إلى التخاصم والتآمر ولا سيَّما بين أنسبائه. ولكن ليس من العدل في شيء أن نحكم على عهد يوستنياوس كلُّه حكمًا مبنيًّا على ما آلتْ إليه الأُمُور في آخر سنواته، فالواقعُ الذي لا مندوحة عن الاعتراف به أن أهداف الرجل كانت نبيلة، وأن سعيه لإعادة الإمبراطورية إلى ما كانت عليه من الاتساع والمجد كان عظيمًا في حد ذاته لائقًا بالإمبراطور، وأن محاولته لتوحيد الكلمة في الكنيسة كانت في مصلحة الدولة والكنيسة معًا، وأن إنشاءاته العسكرية على حدود الدولة كانت في مصلحة الشعب، وأن اهتمامَه بالإدارة والقضاء والتشريع إنما نَجَمَ عن رغبةٍ أكيدةٍ في ضمان الأمن ونَشْرِ لواء العدل. ولئن كان ثمن هذا كله باهظًا فالعمل — في حد ذاته — كان كبيرًا، وهل أكبر من مجموعة القوانين وكنيسة الحكمة الإلهية!
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|