أن بيان التمييز بين الترفيع والترقية الوظيفية يستوجب توضيح الترقية الوظيفية مـــن خلال التعريفات التي ذكرت في الفقه الإداري العراقي والقوانين ومن ثم بيان التمييز بين الترفيع والترقية الوظيفية إذ أنّ اغلب القوانين المقارنة تستعمل مصطلح الترقية بدلاً عن الترفيع.

والتشريع العراقي لم يبين تعريفاً دقيقاً للترقية في قانون الخدمة المدنية رقم (24) لسنة (1960) المعدل الذي يُعد ويوصف بأنه الشريعة العامة للموظفين والقانون الخاص الذي يبين حقوقهم وينظم واجباتهم وكذلك في قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة (2008) المعدل ولم نجد لهذا المفهوم استعمالاً في القوانين أعلاه باستثناء ما جاء بقرار لمجلس قيادة الثورة المنحل رقم (380) لسنة (1987) والذي جاء فيه " يشترط لترقية الموظف إلى وظيفة أعلى أن تتوفر فيه شروط الترفيع والمواصفات والمؤهلات التي تقتضيها تلك الوظيفة بما في ذلك اجتياز الدورات الإلزامية (1).

وكذلك ورد مصطلح الترقية في قانون الخدمة الخارجية رقم (45) لسنة (2008) وأنها "حصول الموظف على وظيفة أعلى من وظيفته " (2).

وقد وردت تعريفات عدة للترقية منها "نقل الفرد من وظيفته الحالية إلى وظيفة أخرى في مستوى تنظيم أعلى، إذ يتحمل شاغلها واجبات ومسؤوليات أضخم (3) وعرفت بأنها لفظ يقصد به كل ما يطراً على العامل من تغيير في مركزه القانوني ويكون من شانه تقديمه وتمييزه عن اقرأنه (4).

وعرفت أيضاً بأنها نقل الموظف إلى مركز وظيفي أعلى من المركز الوظيفي الذي كان يشغله قبل الترقية (5).

ونجد أن هذا التعريف يبين مدلول واضح للترقية في الوظيفة العامة.

وفي تعريف أخر للترقية بأنها أن يشغل العامل وظيفة درجتها أعلى من الدرجــة الوظيفية التي يشغلها قبل الترقية.

وفي تعريف آخر بأنها إسناد وظيفة أعلى من الوظيفة التي يشغلها الموظف في السلم الإداري وذات مسؤوليات وصلاحيات أكثر من التي كان مكلفا بها (6).

أما المشرع المصري فقد عرف الترقية بأنها " كل ما يطراً من تغيير على المركز القانوني للعامل الموظف ويكون من شان هذا التغيير تقديم لعامل وتمييزه عن اقرأنه " (7) وعرفتها المحكمة الإدارية العليا المصرية بأنها "ما" يطرأ على الموظف من تغيير في مركزه القانوني من شأنه تقديمه على غيره في مدارج السلم الوظيفي والإداري ويتحقق ذلك أيضا بتقلد الموظف وظيفة تعلو وظيفته في مجال الاختصاص (8).

وفي نظام الخدمة الأردني عرفت الترقية بأنها وسيلة الإشغال الوظائف الاشرافية والقيادية (9).

ونلاحظ أن مفهوم الخلط بين الترفيع والترقية ما يزال سائدا وهو ما يستدعي الحاجة إلى أيجاد تعريف دقيق للترقية في قانون الخدمة المدنية ورواتب موظفي الدولة. ونعرف الترقية بأنها انتقال الموظف من الوظيفة التي يشغلها إلى وظيفة أعلى بعد توفر شروط الترقية المنصوص عليها قانونا.

وبعد أن أوردنا تعريفات متعددة للترقية وكذلك الترفيع ومن اجل التمييز بين هذين المصطلحين سنبين الاختلاف بينهما.

فالترفيع ينصب بالأساس على زيادة راتب الموظف بعد أن يمضي في خدمتـــه مــــدة زمنية محددة يستحق بموجبها الانتقال من الدرجة الوظيفية الحالية التي يشغلها إلى درجة وظيفية أعلى  (10).

ويترتب عليه تغيير في الدرجة الوظيفية وانتقاله إلى درجة وظيفية أعلى من درجته الحالية التي يشغلها في السلم الوظيفي ينتج عنها زيادة في راتبه من دون أن يكون لها أثر من ناحية زيادة الصلاحيات أو المسؤوليات (11).

وأما الترقية إسناد وظيفة أعلى من الوظيفة التي يشغلها الموظف في السلم الإداري، ذات مسؤوليات وصلاحيات أكثر من الوظيفة المكلف بها، ولا يهم ما يترتب من زيادة في راتب الموظف نتيجة هذه الترقية الوظيفية (12).

فالترقية هي إسناد وظيفة بصلاحيات أوسع ومسؤوليات أخرى وأما الترفيع فهو انتقال من درجة وظيفية إلى درجة وظيفية أعلى من دون التمتع بأية صلاحيات مضافة ســــوى مــــا  يشغله من مهام.

ونجد في تعريف للترقية تأكيد ذلك " انتقال الموظف من مستوى وظيفي معين إلـــى مستوى وظيفي أعلى، ينطوي عليه في الغالب زيادة في المسؤوليات والواجبات تصحبها زيادة في الراتب الأساس أحياناً (13).

أن الترفيع لا يعني الترقية فهي كما أسلفنا انتقال بالدرجة إلى درجة أعلى والترقية تعني تغيير عنوان الموظف الوظيفي (معاون ملاحظ إلى ملاحظ).

ويرى الباحث أن (الترفيع يختلف عن (الترقية) فالترفيع كما أسلفنا يترتب عليه زيادة في راتب الموظف الأساسي وانتقاله في الدرجة التي يشغلها إلى درجة أعلى ولكن لا يترتب عليها زيادة في حجم العمل (ترقية في راتبه).

وأما (الترقية) فهي انتقال الموظف من وظيفة أدنى إلى وظيفة أعلى وتغيير بالعنوان الوظيفي وزيادة في حجم المسؤولية والصلاحيات ترقية بالوظيفة وزيادة في الراتب بحالات معينة .

ونقترح أن يبين المشرع العراقي المعنى القانوني للترقية والترفيع في قانوني الخدمة المدنية ورواتب موظفي الدولة لمنع الخلط في هذه المفاهيم من خلال تعريف الترفيع بأنه ( انتقال راتب الموظف من درجة إلى درجة أعلى من دون تغيير في عنوانه الوظيفي وفق شروط محددة) وتعريف الترقية بأنها (انتقال الموظف من الوظيفة التي يشغلها إلى وظيفة أعلى بعد توفر شروط الترقية التي ينص عليها القانون)

____________

1- البند (ثانيا) من قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (380) لسنة (1987) .

2-  المادة (1/ ثامن عشر) من قانون الخدمة الخارجية رقم (45) لسنة (2008) المعدل.

3- انسام علي عبدالله حماية حق الموظف العام في الترقية، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 12، ع54، س 2012 ص 265

4-  د. فؤاد العطار القانون الإداري، ط 3 ، دار النهضة العربية، 1977،ص 473.

5- د. مازن ليلو راضي، القانون الإداري، ط3، مطبعة جامعة دهوك، 2010،ص146.

6- د. شاب توما منصور القانون الإداري، الكتاب الثاني، ط 1 ، دار العراق للطبع والنشر، دون سنة طبع ، ص327.

7- كاظم خضير السويدي، التنظيم القانوني للحقوق المالية للموظف العام،  ص 61.

8-  المحكمة الإدارية العليا المصرية، رقم القرار (1061) في 1976/6/17.

9-  المادة (89) من نظام الخدمة الأردني رقم (82) لسنة (2013).

10-  حسن جابر إسماعيل، التنظيم القانوني لترفيع الموظف العام ، ص 56 .

11- د. نذير ثابت محمد، د . وسام محمد خليفة، اثر الإجراءات الانضباطية على ترقية وترفيع الموظف العام دراسة مقارنة، بحث منشور في مجلة الرافدين للحقوق، المجلد 19 ، ع 67، س 2019، ص302.

12- سجى كريم صالح الحماية القانونية لراتب الموظف في التشريع العراقي رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية القانون جامعة بغداد، 2019 ، ص95.

13-  د. غازي فيصل مهدي، النظام القانوني للترقية في الوظيفة العامة في العراق دراسة مقارنة اطروحة دكتوراه مقدمة إلى كلية القانون والسياسة جامعة بغداد، 1992، ص219.