المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 18000 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

معجزة اليد
11-7-2016
المُحسن بن إبراهيم بن هلال بن زَهرون
11-08-2015
اللبن العلاجي Probiotic Youghrt
24-9-2019
السوق الدولية من حيث الخصائص والتنظيمات والوظائف
16-9-2016
الحرص والقناعة
2024-12-04
ايض مركزي Central Metabolism
18-10-2017


ما هو الوحي  
  
2829   01:46 صباحاً   التاريخ: 2023-07-26
المؤلف : مركز نون للتأليف والترجمة
الكتاب أو المصدر : دروس في علوم القران
الجزء والصفحة : ص55 - 63
القسم : القرآن الكريم وعلومه / الإعجاز القرآني / الوحي القرآني /

معنى الوحي:

أ- المعنى اللغوي: هو إعلام سريع خفيّ، سواء أكان بإيماءة أم بهمسة أم بكتابة في سرّ، وكلّ ما ألقيته إلى غيرك في سرعة خاطفة حتى فَهِمه فهو وحيٌ. وأصل الوحي: الإشارة السريعة، ولتضمّن السرعة قيل: أمرٌ وحِيٌّ (أي سريع)، وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرّد عن التركيب، وبإشارة ببعض الجوارح، وبالكتابة[1].

والوحي: يدلّ على إلقاء علم في إخفاء أو غيره، والوحي: الإشارة، والوحي: الكتاب والرسالة، وكلّ ما ألقيتَه إلى غيرك حتّى عَلِمَه فهو وحي[2].

ب- المعنى الاصطلاحي: عرّف الشيخ الطوسي (قدس سره) الوحي بأنّه: "البيان الذي ليس بإيضاح، نحو الإشارة والدلالة، لأنّ كلام المَلَك كان له (أي الرسول صلى الله عليه وآله وسلم) على هذا الوجه"[3]. وفي موضع آخر أفاد بأنّ: "الإيحاء إلقاء المعنى في النفس على وجه يخفى، وهو ما يجيء به من دون أن يرى ذلك غيره من الخلق"[4]. ويتّضح من خلال التحديدين السابقين أنّهما ناظران إلى أكثر أنحاء الوحي وروداً في القرآن الكريم، وهو طريق وحي القرآن الكريم نفسه، عبر إرسال مَلَك، وهو جبرائيل عليه السلام إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم). قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ﴾[5].

ولعلّ التحديد الأدقّ للوحي هو ما ذكره العلامة الطباطبائي قدس سره بأنّه: "إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قُصِدَ إفهامه"[6]، حيث يشمل هذا التحديد كلّ أنحاء الوحي، فيدخل فيه الوحي المباشر (بلا واسطة) والوحي غير المباشر(كالوحي بواسطة مَلَك). وقد قرّر الأدب الديني في الإسلام أن لا يطلق الوحي على غير ما عند الأنبياء والرسل عليهم السلام من التكليم الإلهي[7].

الوحي في القرآن:

استخدم القرآن الكريم مفردة "الوحي" في موارد عدّة أُريد بها معانٍ مختلفة، وقد ورد حديث مروي عن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، قسّم فيه الوحي إلى: وحي النبوة والرسالة، ووحي الإلهام، ووحي الإشارة، ووحي التقدير، ووحي الأمر، ووحي الكذب (وسوسة الشياطين) ووحي الخبر[8]. ومن هنا، يمكن إجمال موارد الاستخدام القرآني لمفردة "الوحي"، تبعاً لمقسم المعنى الاصطلاحي للوحي، وانسجاماً مع ما ورد في الحديث المروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وفق التالي:

أ- الوحي إلى غير الأنبياء (عليهم السلام):

- الإيماءة الخفية (وحي الإشارة): وهو المعنى اللغوي نفسه. ومنه قوله تعالى: ﴿فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرَابِ فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَن سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا[9].

- تركيز غريزيّ فطريّ في الإنسان والحيوان (وحي الإلهام): وهو تكوين طبيعيّ مجعول في الإنسان والحيوان، ومنه قوله تعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ...﴾[10] ، ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا...﴾[11].

- تركيز طبيعي في الجماد (وحي التقدير): وهو تكوين طبيعيّ مجعول في الجمادات، ومنه وقوله تعالى: ﴿وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا[12].

- أمر رحماني (وحي الأمر): وهو شعور نفساني داخلي مصدره الله تعالى، ومنه قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي...[13] ، ﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ...[14].

- وسوسة شيطانية (وحي الكذب): وهو شعور نفساني داخلي مصدره الشيطان، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا[15]، ﴿وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ﴾[16].

ب- الوحي إلى الأنبياء عليهم السلام (وحي النبوّة والرسالة): وهو اتّصال غيبيّ بين الله وأنبيائه (عليهم السلام)، ويختلف عن سائر الإيحاءات المعروفة لجهة مصدره الغيبي اتّصالاً بما وراء المادَّة. وهذا هو المعنى الاصطلاحي للوحي، وقد استعمله القرآن الكريم في أكثر من سبعين موضعاً [17]، منها: قوله تعالى:﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ[18]، ﴿وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ...﴾[19] ، والوحي الوارد في هذه الآية هو من وحي الخبر (بحسب تعبير الرواية المتقدّمة)، وهو هداية ربّانيّة مجعولة في نفوس الأنبياء عليهم السلام بوحي باطني وتأييد سماوي[20].

وظاهرة الوحي من مختصّات مقام النبوّة، ولم يكن النبيّ محمَّد (صلى الله عليه وآله وسلم) بِدعاً من الأنبياء عليهم السلام في هذا الاختصاص النبويّ، ولا أوَّل مَن خاطب الناس باسم الوحي السماوي: ﴿أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَبًا أَنْ أَوْحَيْنَا إِلَى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ النَّاسَ...﴾[21]. ودفعاً لهذا الاستنكار الغريب، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ﴾[22].

أنحاء الوحي النبوي:

يتحقّق الوحي النبوي على أنحاء ثلاثة، كما جاءت في الآية الكريمة: ﴿وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ[23]، وفي حديث مروي عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في صدد تفسير هذه الآية [24]:

أ- النحو الأول: الإلقاء في قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مباشرة ومن دون واسطة، ومنه: ما رواه زرارة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، حيث سأله عن الغشية التي تصيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا نزل عليه الوحي؟ حيث قال (عليه السلام): "ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد. ذلك إذا تجلّى الله له"[25].

ب- النحو الثاني: تكليم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من وراء حجاب، ومنه قوله تعالى: ﴿...وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى﴾[26]، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِي مِن شَاطِئِ الْوَادِي الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ[27].

ج- النحو الثالث: إرسال مَلَك ليكون واسطة في إيصال الوحي للنبي (عليه السلام)، ومنه قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا...[28] ، وقوله تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ[29].

أقسام الوحي النبوي:

يمكن تقسيم الوحي النبوي إلى قسمين رئيسين:

أ- الوحي المباشر: وهو أصعب أنواع الوحي، وفيه يتّصل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلّ وجوده بالله تعالى من دون توسّط أيّ واسطة. ويحصل ذلك عندما تتهيّأ نفس النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويصبح لديه القابلية لهذا الاتّصال المباشر. وقد ورد في الأحاديث المروية عن أهل البيت (عليهم السلام) توصيف لثقل هذا الوحي، ومن هذه الأحاديث:

- ما روي أنّ الحرث بن هشام سأل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): كيف كان ينزل عليك الوحي؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدّ علي، فيفصم عنّي، وقد وعيت ما قال، وأحياناً يتمثّل المَلَكُ رجلاً، فيكلّمني، فأعي ما يقول"[30].

- ما رواه عبد الله بن عمر: سألت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): هل تحسّ بالوحي؟ قال (صلى الله عليه وآله وسلم):

"أسمع صلاصل، ثمّ أسكت عند ذلك. فما من مرّة يُوحى إليّ إلا ظننت أنّ نفسي تفيض"[31].

- ما رواه زرارة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، من أنّه سأله (عليه السلام) عن الغشية التي تصيب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا نزل عليه الوحي؟ فقال (عليه السلام): "ذلك إذا لم يكن بينه وبين الله أحد. ذلك إذا تجلى الله له"[32].

- ما روي أنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان إذا نزل عليه الوحي يُسمَع عند وجهه دويّ، كدويّ النحل، وأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) كان ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد، فيفصم عنه، وأنّ جبينه لينفصد عرقاً، وأنّه كان إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك، ويربد وجهه، ونكس رأسه، ونكس أصحابه رؤسهم منه. ومنه يقال: برحاء الوحي، أي شدّة ثقل الوحي[33].

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه العوارض الجسدية التي كانت تظهر على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حين نزول الوحي عليه من دون واسطة، إنّما هي بمثابة العلامات الحاكية عن ثقل هذا الوحي المباشر، بفعل اتّصال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بكلّ كيانه ووجوده بمبدأ الوجود، وانفتاح نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في نشأة عالم المادّة المحدود على عالم الملكوت الأعلى. فمن الطبيعي أن تظهر عليه (صلى الله عليه وآله وسلم) هذه العوارض المادّية، حتى كأنّ روحه تفيض منه بفعل هذا الاتّصال المباشر. وفي تحقّق هذا الاتّصال مع وجود قيود عالم المادّة دلالة جليّة على عِظَم نفس الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وطهارتها وكمالها.

ب- الوحي غير المباشر: وفيه يتلقّى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الوحي عبر واسطة تكون صلة وصل بينه وبين الله تعالى، كما في الوحي النازل بواسطة المنام والرؤيا، ومنه: قوله تعالى - حكاية عن لسان نبيّه إبراهيم (عليه السلام) -: ﴿يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ...﴾[34] ، وكما في تكليم الله تعالى لنبيّه موسى (عليه السلام): ﴿وَنَادَيْنَاهُ مِن جَانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا[35]، وكما في الوحي النازل على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بواسطة جبرائيل: ﴿وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ...﴾[36].

ويستفاد من بعض الروايات أنّ أمر هذا الوحي لم يكن ثقيلاً على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، بخلاف الوحي المباشر، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إنَّ جبرائيل كان إذا أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يدخل حتّى يستأذنه، وإذا دخل عليه قعدَ بين يديه قعدة العبد"[37].

وقد كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتلقّى الوحي بكلّ بوجوده، ولم يكن للحواس الظاهرية أي دور في هذا الأمر، وإلاّ لأمكن لغيره من الناس سماع ما يسمع، ورؤية ما يرى.

الوحي المحمّدي:

كان الوحي الإلهي ينزل على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم على أنحاء ثلاثة:

أ- الوحي عبر الرؤيا الصادقة والمنام: إنّ النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لمّا أتى له سبع وثلاثون سنة، كان يرى في منامه كأنّ آتياً يأتيه فيقول: يا رسول الله! ومضت عليه بُرهة من الزمن وهو على ذلك يكتمُه[38]. وعن الإمام علي (عليه السلام): "رؤيا الأنبياء وحي"[39]. وعن الإمام الباقر (عليه السلام): "وأمّا النبيّ فهو الذي يرى في منامه، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام)، ونحو ما كان رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من أسباب النبوّة قبل الوحي، حتّى أتاه جبرائيل (عليه السلام) من عند الله بالرسالة..."[40].

وتجدر الإشارة إلى أنّه لم ينزل شيء من القرآن عبر هذا النحو من الوحي، إذ لم يعهد نزول قرآن على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في المنام، وإن كانت بعض رؤاه أسباباً لنزول القرآن، كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ...﴾[41] ، فقد رأى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك عام الحديبيَّة[42]، وصَدَقَت عام الفتح[43].

ب- الوحي عبر جبرائيل (عليه السلام): كان جبرائيل (عليه السلام) ينزل بالوحي على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) على صور ثلاثة:

- نزوله بصورته الأصليَّة: وهذا حصل مرَّتين مع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم): قال تعالى: ﴿إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى * ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى * وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى * ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى * فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى * مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى * أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى * وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى* عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى* مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى[44]، وقال تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * ذِي قُوَّةٍ عِندَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ *  مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ * وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ[45]، فالمرَّتين كانت إحداهما: في بدْء الوحي بغار حراء، حيث ظهر له جبرائيل (عليه السلام) في صورته الحقيقية التي خلَقه الله عليها، مالئاً أُفق السماء من المشرق إلى المغرب، فتهيَّبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تهيّباً بالغاً، فنزل عليه جبرائيل (عليه السلام) في صورة الآدميّين، فضمَّه إلى صدره، فكان لا ينزل عليه بعد ذلك إلاّ في صورة بشَر جميل. والثانية: كانت باستدعائه (صلى الله عليه وآله وسلم) لذلك، فكان لا يزال يأتيه جبرائيل (عليه السلام) في صورة الآدميين، فسأله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يُريَه نفسه مرّة أخرى على صورته التي خلَقه الله، فأراه صورته فسدّ الأفُـق، فقوله تعالى: ﴿وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى﴾ كان المرّة الأُولى، وقوله: ﴿نَزْلَةً أُخْرَى﴾ كان المرَّة الثانية[46].

- نزوله متمثّلاً بصورة آدمي: روي عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: "وأحياناً يتمثّل لي المَلك رجلاً، فيكلّمني فأعي ما يقول"[47]. وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "إنَّ جبرائيل كان إذا أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يدخل حتّى يستأذنه، وإذا دخل عليه قعدَ بين يديه قعدة العبد"[48].

- نزوله على قلب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من دون أن يراه: قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ...﴾[49]. وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنّ الروح الأمين نفث في رَوعي"[50].

ج- الوحي مباشرة من دون واسطة: وهو أكثر أنحاء الوحي نزولاً على رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حيث كان شديداً على نفسه الشريفة (صلى الله عليه وآله وسلم). وقد تقدّم ذِكْر بعض الروايات التي تتحدّث عن ثقل هذا الوحي[51].


[1] انظر: الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، م.س، مادّة"وحى"، ص858.

[2] انظر: ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، م.س، ج6، مادّة"وحى"، ص93.

[3] الشيخ الطوسي، محمد بن الحسن: التبيان في تفسير القرآن، تحقيق وتصحيح أحمد قصير العاملي، ط1، إيران، مكتب الإعلام الإسلامي، 1409هـ.ق، ج4، ص142.

[4]  م. ن، ج5، ص443.

[5] سورة الشعراء، الآيتان: 193-194.

[6] السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج12، ص492.

[7] م. ن.

[8] انظر: المجلسي، محمد باقر: بحار الأنوار، تحقيق عبد الرحيم الربّاني الشيرازي، ط3، بيروت، دار إحياء التراث العربي، 1403هـ.ق/ 1983م، ج18، باب2 من أبواب أحواله صلى الله عليه وآله وسلم ...، ح3، ص254-255, ج90، باب 128، رسالة النعماني، ص16-17.

[9] سورة مريم، الآية: 11.

[10] سورة القصص، الآية: 7.

[11] سورة النحل، الآية: 68.

[12] سورة فصّلت، الآية: 12.

[13] سورة المائدة، الآية: 111.

[14] سورة الأنفال، الآية: 12.

[15] سورة الأنعام، الآية: 112.

[16] سورة الأنعام، الآية: 121.

[17] روحاني، المعجم الإحصائي للقرآن الكريم، م.س، ج 1، ص 571.

[18] سورة النساء، الآية: 163.

[19] سورة الأنبياء، الآية: 73.

[20] انظر: السيد الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، م.س، ج1، ص274.

[21] سورة يونس، الآية: 2.

[22] سورة النساء، الآية: 163.

[23] سورة الشورى، الآية: 51.

[24] الشيخ القمي، علي بن إبراهيم: تفسير القمي، تصحيح وتعليق وتقديم طيب الموسوي الجزائري، لاط، لام، مطبعة النجف، 1387هـ.ق، ج2، ص279.

[25] ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين(الصدوق): التوحيد، تصحيح وتعليق هاشم الحسيني الطهراني، لاط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، لات، باب8، ح15، ص115.

[26] سورة النساء، الآية: 164.

[27] سورة القصص، الآية: 30.

[28] سورة الشورى، الآية: 52.

[29] سورة الشعراء، الآيتان: 193-194.

[30] ابن شهرآشوب، محمد بن علي: مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, تصحيح وشرح ومقابلة لجنة من أساتذة النجف الأشرف، لاط، النجف الأشرف، المطبعة الحيدرية، 1376هـ.ق/ 1956م، ج1، ص41.

[31] ابن حنبل، أحمد: مسند أحمد، لاط، بيروت، دار صادر، لات، ج2، ص222.

[32] الشيخ الصدوق، التوحيد، م.س، باب8، ح15، ص115.

[33] انظر: ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, م.س، ج1، ص41.

[34] سورة الصافات، الآية: 102.

[35] سورة مريم، الآية: 52.

[36] سورة الشعراء، الآيات: 192-194.

[37] ابن بابويه، محمد بن علي بن الحسين(الصدوق): كمال الدين وتمام النعمة، تصحيح وتعليق علي أكبر الغفاري، لاط، قم المقدّسة، مؤسّسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدّسة، 1405هـ.ق/ 1363هـ.ش، ص85-86.

[38] انظر: الإربلي، علي: كشف الغمّة في معرفة الأئمّة، ط2، بيروت، دار الأضواء، 1405هـ.ق/ 1985م، ج1، ص86.

[39] الشيخ الطوسي، الأمالي، م.س، ح689، ص338.

[40] الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج1، كتاب الحجّة، باب3، ح3، ص176.

[41] سورة الفتح، الآية: 27.

[42] السنة السادسة للهجرة.

[43] السنة الثامنة للهجرة.

[44] سورة النجم، الآيتان: 4-18.

[45] سورة التكوير، الآيتان: 19-23.

[46] انظر: الطبرسي، الفضل بن الحسن: مجمع البيان في تفسير القرآن، تحقيق وتعليق لجنة من العلماء والمحقّقين، ط1، بيروت، مؤسّسة الأعلمي، 1415هـ.ق/ 1995م، ج9، ص284-293, ج10، ص281.

[47] ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب عليهم السلام, م.س، ج1، ص41.

[48] الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، م.س، ص85-86.

[49] سورة الشعراء، الآيتان: 193-194.

[50] الشيخ الكليني، الكافي، م.س، ج2، كتاب الإيمان والكفر، باب الطاعة والتقوى، ح2، ص74.

[51] انظر: عنوان "أقسام الوحي (الوحي المباشر)".




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .