أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-10
198
التاريخ: 2024-10-28
291
التاريخ: 2023-06-24
1345
التاريخ: 2023-07-05
1151
|
في ربيع العام 907 هـ / 1502م وصلت الأخبار إلى الشاه إسماعيل أن الوند ميرزا يعد العدة في ارزنجان لغزو أذربيجان، فقرر مهاجمته قبل شروعه بالهجوم فأجبر بذلك الوند على الانسحاب بصورة مستعجلة ومرتبكة، حتى أن اسماعيل تمكن من قضاء أيام جميلة في منتجعات تراجان و ارزنجان إلى أن وصلته أخبار مفادها أن خصمه الوند توجه من أوجان إلى تبريز، فأسرع الشاه بالتوجه نحوه ليعود الوند إلى أوجان ومن هناك فرّ إلى همدان ،فبغداد، ومن بغداد إلى ديار بكر ليجبر حاكمها قاسم بيك على التنحي عن الحكم لصالحه حتى وفاته سنة 910هـ/ 1504-5م، أما الشاه فإنه عاد ليقضي الشتاء في تبريز عام 908 هـ / 1502 ـ 3م (1). أما السلطان مراد بيك حاكم عراق العرب وفارس وكرمان فإنه تحرك في ربيع عام 908 هـ /1503م برفقة سبعين ألف مقاتل من دليجان إلى همدان، وقبل أن يخوض معركة مع الشاه إسماعيل أرسل والدته گوهر سلطان خانم إلى قم لجلب المعونة والمدد من حاكمها، لكن الشاه إسماعيل بادره برسالة يطلب منه الاستسلام بالنظر لصلة القربى بينهما ، إذ كان الشاه إسماعيل متزوجا من أخته(2)، ولما رفض مراد الصلح انقسم رجاله إلى قسمين بين راغب بالصلح ورافض، مع هذا تمكن من حشد قوات قوامها سبعون ألف مقاتل واتجه بهم شمالا من قشلاق ويلكان حيث التقى بالشاه الذي كان يقود اثني عشر ألفا (3). في أولمه قولاغي قرب همدان، فالتحم الطرفان بمعركة هائلة في 24 ذي الحجة عام 908 هـ 21 حزيران 1503 م، وكانت القوات الصفوية بقيادة الشاه نفسه الذي أبدى كالعادة ضروبا من البطولة والإقدام، وبفعل ذلك وغيره تمكن الجيش الصفوي من تحقيق انتصار ساحق على قوات الآق قوينلو أسفر عنه أسر حاكم قم وعدد كبير من قواتهم بيد القزلباش فأمر الشاه بقتلهم (4)، كما قتل أمير أمراء مراد المسمى گوزل أحمد بايندري ومعه عشرة آلاف من مقاتليه (5). وهكذا تمكن السلطان مراد وجمع من قواته من الإفلات من الردى والفرار إلى شيراز وحاول تثبيت أقدامه في فارس وبدأ يعد العدة لمواجهة جديدة مع إسماعيل إذ عسكر في شولستان بالقرب من قلعة سفيد، فاتجه إليه الشاه، لكنه سرعان ما فرّ إلى بغداد بعد أن سمع بقدوم الجيش الصفوي إليه، فيما دخل الصفويون شيراز في 2 ربيع الثاني 909 هـ / 24 أيلول 1503م ونصب إلياس بيك ذا القدر حاكما عليها بعد أن أهدى له معظم الأراضي هناك (6) ، وبقي يحكمها خمس عشرة سنة، أما مراد فبقي في بغداد عدة أيام من ثم غادرها إلى حلب لاجئا عند قانصوه الغوري (905هـ ـ922هـ/ 1499ـ1516) سلطان المماليك في مصر والشام بعدها غادر إلى مرعش وبقي عند علاء الدولة ذي القدر حاكم مرعش و البستان وتزوج إحدى بناته(7). وفي أثناء ذلك سمع الشاه أن حسين كیای چلاوی حاکم خوار و سمنان و فیروزکوه و دماوند بدأ يهاجم حدود عراق العجم، وكان حسين كياي قد استغل تدهور دولة الآق قوينلو واستقل ببعض الأقاليم معلنا أنه من السائرين على نهج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والأئمة المعصومين، مما يعني أنه كان ندا سياسيا ومذهبيا للشاه، وحينما فرّت فلول تركمان الآق قوينلو من معركة أولمه قولاغي؛ قام حسين كياي بإيوائهم وضمهم إليه وأغراهم بالوقوف ضد الشاه الذي يكرهونه بقوة، فأمر قائده إلياس بيك إيغوت أو غلي حاكم أذربيجان بالتوجه لرده (8)، فيما توجه هو إلى أصفهان، فخرج الأهالي لاستقباله والترحيب به، وبعد أن أقام فيها مدة من الزمن نصب دورميش خان بن عبدي بيك حاكما عليها، كما طلب من شاه حسين الأصفهاني أحد أعيانها الذي أعجب بقدراته وذكائه أن يكون من أعيان دار السلطنة (9) . لما وصلت القوة الصفوية التي يقودها إلياس إلى رستمدار استخدم حسين كياي چلاوى المكر للإيقاع بعدوه، فبعد أن خرج لمقاتلة إلياس بقوة كبيرة لا قبل للجيش الصفوي بها، تمكن إلياس من الحصول على قلعة ورامين المنيعة التابعة لخصمه فاتخذها حصنا، ولما فشل في إخراجه منها مال إلى التودد فغدر بإلياس وجنوده (10) ، ولما سمع الشاه بهذه الأخبار عجّل بالخروج إليه في 9رمضان 909 هـ/ 25 شباط 1504 م ، وقصد قلعة گلخندان حيث يتجمع الرستمداريون الذين خرجوا لقتاله، لكن التوفيق لم يحالفهم أمام الشاه واحتل القلعة بعد عشرين يوما من تحركه فأمر بقتل المدافعين عن القلعة وتسويتها بالأرض. بعدها قصد قلعة فيروزكوه فوصلها بعد أقل من أسبوعين وحاصرها، لكن حسين كياي كان لما علم بتوجه الشاه نحوه ترك القلعة وأوكل أمرها إلى علي كياي ضمان دار قاصدا أكبر قلاعه أ ستا، فحاصر الشاه قلعة فيروزكوه لمدة عشرة أيام دارت خلالها معارك شديدة تمخضت عن احتلالها فعفا عن صاحب القلعة ضماندار بعد توسط الأمير نجم الثاني فيما أمر بقتل المدافعين عنها وإزالتها عن سطح الأرض، ومن ثم أمر الشاه بمحاصرة قلعة أستا التي كان يتحصن بها حسين كياي چلاوى لمدة سبعة أيام وتحويل مياه النهر التي تغذيها، فاستطاع إحتلالها في 27 ذي القعدة/ 13 أيار، وأمر بحرق مراد بيك جهان شاه وسايلتمش بيك اللذين كانا أبرز المدافعين وأشدهم شكيمة، بل يقال أنه أمر القزلباش بأكل لحموهما(11)، ليرسل بذلك تحذيرا لخصومه الآخرين، وشمل القتل آلاف المدافعين عن القلعة كما أمر بوضع صاحبها في قفص حديدي سبق لحسين أن صنعه ليتخذه سجنا للأسرى، فانتحر داخل هذا القفص، وأمر الشاه بأن تبقى جثته في داخله ولا تدفن إلى أن وصل أصفهان فأمر بحرقها (12)، ويقول أحد الباحثين إن تعامل الشاه مع حسين كياي وجثمانه فيما بعد كان مقصودا ليوصل لأتباعه الطريقة التي مات فيها صاحبهم كي يدحض مقالات الغلو التي ينظرون له بها (13). وكانت كرمان تخضع يوم ذاك لسيطرة محمد بيك بايندر فانتدب الشاه إسماعيل الخان محمد استاجلو وأنفذ معه قوة صغيرة للسيطرة عليها ، فتمكنت القوة من ذلك وعاد الخان ظافرا إلى سيده الشاه المعسكر في شيراز (14) التي ما أن دخلها الشاه في ربيع عام 909 هـ/1503 م حتى أمر بتنصيب أحمد بيك ساروي كفيل حاكم يزد حاكما عليها، لكنه التمس من الشاه أن ينصب حاكما ليزد بدلا عنه ليتفرغ لحكم شيراز فكلف حسين بيك الله بذلك، ولأنه لم يكن يريد أن يترك مكانه في مجلس سيده لغيره بادر إلى تنصيب أحد أعوانه واسمه شعيب آغا بن تقي الدين الأصفهاني حاكما ليزد ليبقى هو في خدمة إسماعيل، ولما ذهب شعيب لاستلام مهامه غدر به أحمد ساروي أحد أعيانها وقتله، وبعد مدة وجيزة ذهب هذا القاتل ضحية غدر محمد کره به فعین کره بدله مير حسين ميبدي الذي تشدد هو وعماله في جمع الضرائب والأتاوات، فذهبت الوفود إلى الشاه طالبة منه تخليص يزد من يد ميبدي فاتجه إليها في العام 910 هـ/1503م وحاصرها شهرا وتمكن من دخولها (15). ولما كان محمد كره قد قاوم الجيش الصفوي ببسالة أمر الشاه بوضعه في القفص الذي يحتوي بقايا رفات حسين كياي. وكان كرّه قد عيّن ابن عمه رئيس غيبي ليحكم بدله في أبرقو، فأعلن التمرد ضد الشاه الذي أمر عبدي بيك شاملو بالتوجه وإخماد حركته، فجلب ووضع بدوره في القفص نفسه الذي يضم رفات حسين كياي ومحمد كره، وأمر بإيقاد النار في القفص على مرأى ومسمع أهالي أصفهان التي قدم إليها ليقضي الشتاء فيها، إلى جانب أمره بحرق عدد كبير من الأسرى الذين جلبهم عبدي بيك شاملو، كما أوكل حكم يزد من جديد إلى حسين بيك الله، فضلا عن إصداره أمرا بقتل حاكم فارس إلياس بيك ذي القدر المعروف باسم كچل بيك وغياث الدين وشاه تقي الدين الأصفهاني لأسباب تخص كلا منهم، فإلياس كان فظا غليظ القلب مع العامة، فشكوه للشاه، فيما لم يقم غياث الدين بتموين الجيش الصفوي بالمؤن مخالفا بذلك القسم الذي أداه أمامه أما تقي الدين الأصفهاني فإنه أسهم مع أحمد بيك ساروي ومحمد كره في التآمر على الدولة (16). وخلال وجود الشاه في يزد أرسل السلطان حسين بايقرا التيموري كمال الدين حسين صدر رسولا يحمل هدايا ورسالة يهنئه فيها على ما حققه من انتصارات، لكن الشاه حينما قرأ الرسالة وجد أن السلطان حسين يلقب الشاه بـ"ميرزا"، ومعناها في لغة الجغتاي "الملك" أو "سليل الملوك"، أما في العراق وفارس فهي تعني "الشريف" أو "النجيب"(17) ، وهي مفردة لم تكن مستخدمة في المخاطبات الملكية، ولما كانت الانتصارات الواسعة التي حققها الشاه قد شكلت دافعا له لإكمال مشروعه في ضم بقية مناطق إيران، فإنه اتخذ من هذه القضيّة موضوعا للاختلاف مع بايقرا فقام بمهاجمة طبس التابعة له عن طريق صحراء يزد واحتلها واستباح المدينة فقتل آلاف الأرواح، وبعد ذلك ترك المدينة ليتصيد في الصحراء، حينها وصلته رسالة من حسين بايقرا يعتذر فيها عن مضمون رسالته السابقة، فقبل الاعتذار وعاد إلى یزد (18).
...........................................................
1- ناشناس مؤلف، تاریخ شاه إسماعيل برک 112- 123ب؛ غیاث الدین خواندمیر، بیشین، ج 4، ص 488؛ ناشناس، مؤلف، جهانكشاي خاقان، برك 132أ.
2- ناشناس مؤلف، تاریخ شاه إسماعيل، برک 123ب؛ غیاث الدین، خواندمیر، بيشين، ج 4، ص 468.
3- سیوری تحقيقاتي...، ص80.
4-غیاث الدین خواندمیر، بیشین، ج 4، ص 472؛ ناشناس، مؤلف، جهانكشاي خاقان، برك 66 أ-ب.
5- شرف خان البدليسي، المصدر السابق، ج 2، ص 121.
6- المصدر نفسه، ج 2، ص 121؛ سیوری، تحقيقاتي...، ص81.
7- ناشناس مؤلف، تاريخ شاه إسماعيل، برك 78 ب؛ غیاث الدین، خواندمیر، بيشين، ج4، ص 475 - 476.
8- غلام سرور، بیشین، ص 55.
9- ناشناس مؤلف، تاریخ شاه اسماعيل برك 179؛ غیاث الدین خواندمیر، بيشين، ج 4، ص 473. سيصبح فيما بعد نائبا للشاه باسم نجم الثاني
10- غلام سرور بیشین، ص 45؛ سیوری، تحقيقاتي...، ص 81.
11- شرف خان البدليسي، المصدر السابق، ج 2، ص 121 - 122؛ غلام سرور، بیشین، ص 48.
12- يذكرنا هذا القفص بمثيله الذي وضع فيه جده تيمور السلطان العثماني بايزيد الأول ويبدو أنه من التقاليد المغولية. يقارن: غياث الدين خواندمیر بیشین، ج 4، ص 475 - 478؛ مرتضى راوندي، بيشين، ج 2، ص 381؛ حسن الأمين المصدر السابق، ج 6، ص 40؛ أحمد عبد الرحيم مصطفى، المصدر السابق، ص 50-58.
13- سیوری، تحقيقاتي...، ص83.
14- ناشناس، مؤلف جهانكشاي خاقان برک 192.
15- غلام سرور بیشین، ص 56-57؛ نوائی وغفاری فرد، بیشین، ص 67.
16- غياث الدين، خواندمیر، بيشين، ج 4، ص 479 - 480؛ حسن بيك روملو، بيشين، ج 11، ص 111، 152؛ سومر بیشین، ص 59، 61.
17- كان لقب الأمير مما اصطلح به الصفويون على السادة الهاشميين، كما اصطلحوا بالأمير زاده على ابن الهاشمية، ومخففه الميرزا علي بن الحسين الكركي، الخراجيات، قم، 1413ھ/ 1993م، ص 20.
18- ناشناس مؤلف، عالم آرای شاه إسماعيل ص 194؛ حسن بيك روملو، بیشین، ج 11، ص 113؛ ناشناس، مؤلف تاریخ جهانگشای خاقان، برک 176 ب.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|