أقرأ أيضاً
التاريخ: 14/12/2022
914
التاريخ: 16-2-2022
1128
التاريخ: 2023-06-04
1007
التاريخ: 11/12/2022
1677
|
مؤسسات العمود الصحفي في الوقت الحاضر
لقد ألفنا في مصر أن يتولى تحرير العمود الصحفي كاتب من كتاب الصحيفة يستوحي في هذه الكتابة خياله حيناً، وحوادث المجتمع حيناً آخر، ومشكلات الافراد حيناً ثالثاً، ومعنى ذلك أن محرر العمود إنما يكتبه "للاستهلاك المحلي" بلغة رجال المال والاقتصاد في الوقت الحاضر.
غير أن كتاب العمود في خارج مصر أصبح لهم سلطان واسع تجاوزوا به حدود بلادهم إلى بلاد العالم كله تقريباً، فنرى الصحيفة في بلاد كالولايات المتحدة الامريكية تشتري "حق نشر الاعمدة" من مؤسسات خاصة بهذه الاعمدة تشبه من قريب أو من بعيد "وكالات الانباء" المعروفة في أيامنا هذه.
وقد بدأ هذا النوع الجديد من المؤسسات في الظهور بأمريكا منذ الحرب الاهلية الامريكية عام 1861 (1) وهي تزيد الان عن مائتين وخمسين مؤسسة ومن أشهر هذه المؤسسات مؤسسة ماكلور، ويقال إنها كانت في أول أمرها توزع حوالي خمسة آلاف كلمة في الاسبوع، ثم لم تلبث أن بلغ ما توزعه ثلاثين ألف كلمة في الاسبوع.
ومن أشهر هذه المؤسسات كذلك واحدة باسم "مؤسسة بوك الصحفية" وقد وصل صاحبها "إدوارد بوك" الامريكي إلى منصب رئيس شركة كورتيس للنشر Curtia Publicating Camp من سنة 1891 إلى سنة 1930 ، وبدأ حياته الصحفية بالتزام نشر عمود أسبوعي للكاتب الامريكي "هنري وارد بيشر" تعليقاً على الاخبار، وكان الربح الوفير الذي جناه "بوك" من هذه الطريقة أكبر مشجع له على إنشاء المؤسسات المقرونة باسمه إلى اليوم.
وقد رأت مؤسسة بوك لكي تجذب القارئات من النساء إلى مطالعة العمود الصحفي أن تنشر عموداً خاصاً بالأطفال ضمن الاعمدة التي تنشرها، وتبيع حق نشرها لجميع الصحف التي تطلب منها ذلك.
ويؤخذ مما تقدم أن هناك مجالاً إنسانياً كبيراً تنشر فيه الاعمدة الصحفية، وأن العمود الصحفي الإنساني هو الذي يمكن توزيعه على أكبر عدد ممكن من صحف العالم، ونحن نعلم أن الصحافة عمل اجتماعي محلي، ولكن العمود الصحفي بهذا الطابع الإنساني يجذب الصحافة رويداً رويداً إلى محيط الادب.. والادب هو النتاج العقلي الذي يصلح لأكبر عدد ممكن من أفراد البشر؛ لأنه يتجه دائماً إلى النفس البشرية، والنفس البشرية خالدة من جهة، وهي وحدة متشابهة في جميع أقطار العالم من جهة ثانية.
وحين تصبح الصحافة على هذا النحو تصبح "أدباً خالداً" بالمعنى الصحيح.
إلا أن الامل في وصول الصحافة إلى هذه المنزلة بعيد التحقيق في الوقت الحاضر لأسباب كثيرة من أهمها فيما يتصل بالعمود أن العمود نفسه مادة واحدة فقط من بين المواد الكثيرة التي تتألف منها الصحيفة.
وأعجب من كل ذلك، وأمعن منه في الغرابة أن نجد "العمود الصحفي" يتجاوز مهمته الاولى في الصحافة وهي مهمة الإرشاد، وحل مشكلات القراء إلى وظيفة جديدة هي وظيفة الإعلان!
وفي كتاب للأستاذ "لا يبلنج" بعنوان "الصحفي المتجول" سبقت الإشارة إليه حديث عن صحفي بدأ حياته محرراً لعمود إعلاني لدى مؤسسة "ساشس Sachs " لبيع أثاث المنازل، وقد احتال هذا الصحفي على القراء بحيلة لطيفة، هي أنه أخذ يجذب إليه انتباه القراء أولاً بالكتابة في موضوع الديمقراطيات الحديثة، وكان أول مقال كتبه في ذلك بعنوان لا يمكن لأية ديمقراطية أن تعيش من غير صحافة حرة، ثم أخذ يتدرج في عموده وينوع في هذا العمود حتى وصل إلى الشؤون المنزلية، وإلى أن المنزل يجب أن تتوفر له الراحة الامن والبهجة والتسلية، ثم أخذ هذا الكاتب يتوخى في هذه الاعمدة أن تنشر بجوار البضائع المعلن عنها في الصحيفة، فكان لهذه الطريقة أثر فعلي في رواج البضاعة، وأقبل القراء على قراءة الاعمدة الإعلانية العجيبة، ولم لا يفعلون ذلك، وقد بدأ في هذه الاعمدة بالحديث عن الديمقراطية، والحرية، والصحافة، وما إليها.
ألا ما أبرع الصحافة، وما أذكى كتابها، ومحرريها، والقائمين على إدارتها وإخراجها للجمهور القارئ!
وقريباً تتقدم الصحف في مصر، وتبلغ الحد الذي تصبح فيه قادرة على شراء حق نشر الاعمدة المشهورة في العالم، كما أصبحت منذ وقت قريب قادرة على الحصول عن طريق وكالات الانباء على جميع أخبار هذا العالم.
والصحافة المصرية على هذا الوجه المنشود تصبح عملاً إنسانياً، وعملاً فنياً، وعملاً تجارياً في وقت معاً.
___________________
( 1 ) Robert W., Jones; Journalism in the united States.
|
|
طقطقة الرقبة.. عواقب خطيرة جدا لا يمكن تخيلها
|
|
|
|
|
"ستارلاينر" تترك رائدين عالقين في الفضاء وتعود للأرض
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تواصل عقد مجلسها العزائي بذكرى شهادة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)
|
|
|