أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-8-2021
8035
التاريخ: 2024-09-22
301
التاريخ: 3-12-2015
2221
التاريخ: 2024-11-18
143
|
إن من أعظم ما مارسه بنو إسرائيل من ظلم وكفران هو ما أبدوه من تصرف مستهجن عند دخولهم أرض بيت المقدس المقدسة المباركة.
يعبر القرآن الكريم عن منطقة بيت المقدس بكلمة "القرية" تارة، كما في الآية مدار البحث هذا بناءً على أن المراد من القرية في هذه الآية وفي الآية 161 من سورة الأعراف" هو بلاد بيت المقدس كما مر بحثه في قسم التفسير)، وبلفظتي الأرض المقدسة تارة أخرى، كما ويستخدم مصطلح الأرض المباركة تارة ثالثة؛ وذلك لأن هذه المنطقة كما هي متنعمة ومباركة من الناحية المعنوية، حيث بعث فيها أنبياء كثيرون وقد بني معبدها على يد نبي الله سليمان المباركة، فإنها منطقة خصبة ومفعمة بالبركات من الناحية الظاهرية أيضاً.
من هذا المنطلق فإن هذه البلاد توصف بالمكان المبارك والمقدس منذ زمن إبراهيم الخليل، حيث جاء في قصته قوله: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء:71] وجاء في أحداث قصة النبي موسى الكليم (عليه السلام) من بعده قوله: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ} [المائدة: 21] وعندما أتى الدور من بعده إلى النبيين سليمان وداوود فقد جاء في حقه ما نصه: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ عَاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عَالِمِينَ} [الأنبياء: 81]. ومن بعدهم وفي زمان عيسى المسيح وعصر الرسول الخاتم (صلى الله عليه واله وسلم) ومن بعده فقد ذكر هذا المكان بوصف الأرض المباركة؛ كما جاء في قوله تعالى بخصوص معراج الرسول الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم): {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الإسراء: 1]
كما وأطلق في بعض الآيات على هذه البلاد اسم: "مسكن الصدق" {وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [يونس: 93] والبلاد الصادقة تتمتع بكل المتطلبات والإمكانات وليس فيها أي كذب. فمسكن الصدق كما هو حال الوعد الصدق، ولسان الصدق، وقدم الصدق، ومقام الصدق (1).
الذي يقول الصدق للمجتمع البشري سواء بخصوص النعم المعنوية أو بما يتعلق بالآلاء المادية (2).
وبعد خروج بني إسرائيل من مصر واجتيازهم البحر أمروا بدخول هذه الأرض المباركة المقدسة، لكن هؤلاء القوم المتذرعين بألوان الذرائع والكافرين بالنعم أجابوا رسولهم قائلين: {قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} [المائدة: 22]، وقالوا له: {فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} [المائدة: 24]، عند ذاك، وبعد أربعين عاماً من التيه والتشرد في صحراء سيناء المحرقة، أمروا للمرة الثانية بدخولها (هذا بناءً على أن كلمة "القرية" في الآية مدار البحث والآية 161 من سورة "الأعراف" تشير إلى بيت المقدس) لكن أولئك المتصفين بالكفران والتحريف (الذين عمد أحبارهم ورهبانهم إلى تحريف التوراة من جهة، وقام جمهورهم ذو الفكر الضحل والإيمان الضعيف بتبديل كلام الله من جهة أخرى) لم يتقيدوا بشروط الدخول إلى هذا المكان الطاهر الاستغفار من الذنوب السالفة، وإظهار الخشوع والتواضع، وإجراء كلمة "حطة" على الألسن) وبدلوا كلام الله وحرفوه فتورطوا جراء ذلك في العذاب الإلهي.
تنويه: إن إثبات قداسة بيت المقدس لا يستلزم ترجيح احتمال ارادته من كلمة "القرية"، بل إنه طرح هنا من باب كونه واحداً من الاحتمالات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. الوعد الصدق هو الذي يتم الوفاء به ولسان الصدق الذي سأله إبراهيم الخليل من ربه: ﴿وَاجْعَلْ لِي لسَانَ صدق في الآخرين (سورة الشعراء، الآية 84)، هو الكلام بالحق؛ أي إن إبراهيم قد طلب من ربه أن يتكلم الناس عنه بالحقيقة والصدق. وقدم الصدق تلك التي لا تزل عند الله: أَن لَهُمْ قَدَمَ صدق عندَ رَبِّهِمْ ﴾ (سورة يونس، الآية 2). ومقام الصدق (مقعد الصدق) هو ما يتمتع بالنعم الفردوسية: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ مَقْعَد صدق عِنْدَ مَليك مُقتدر" (سورة القمر، الآيتان 54 و55) وإن الذي يمتلك قدم الصدق فهو لا محالة يتمتع بمقعد صدق عند ربه أيضا.
2. {مُبَوَّأَ صِدْقٍ} [يونس: 93] يعني مسكن الصدق، ولا ريب في أن المراد من المسكن هنا هو المسكن المادي. إذن ما يتبادر إلى الذهن لأول وهلة من عنوان: مبوأ صدق هو امتلاك الإمكانات المادية وإن شموله للنعم المعنوية يحتاج إلى القرينة والشاهد، لا أت شمول هذا العنوان للنعم المعنوية أمر متيقن وأننا بحاجة إلى الاستشهاد بما يتلو من الآية: وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ للاستدلال على شموله للآلاء المادية.
فالمبوأ والمسكن المتصف بصفة "الصدق" هو الجامع لكل ما ينتظره الإنسان من المسكن واختيار السكني من المناخ المناسب، ووفرة النعم، والخضرة، والطراوة، والخصوبة، وتوفّر المزروعات والثمار المختلفة، وبهذا البيان تكون جملة: ورزقناهم من الطيبات بمثابة شرح وتفسير العبارة: مبوأ صدق . بالطبع إن المسكن في نظر الإنسان الموحد هو وسيلة للسكون والسكينة وهو الذي يحتوي على نعم معنوية أيضاً ويكون معبد الصدق ومشهد الصدق ومزار الصدق وما إلى ذلك أيضاً.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|