المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24
ما يجب توفّره في الراوي للحكم بصحّة السند (خلاصة).
2024-11-24
من هم المحسنين؟
2024-11-23
ما هي المغفرة؟
2024-11-23
{ليس لك من الامر شيء}
2024-11-23

جعفر بن محمد بن حكيم
29-8-2016
النظريات الجيوبولتيكية - القوة البحرية- الفريد ماهان
11-10-2021
Raw Moment
24-2-2021
الكذب في الاقرار بالأئمة
4-6-2019
خصائص الجسيمات الأولية: الزخم الأيزوباري Isospin (Isobaric spin)
2023-11-13
التقوى دواء لكل الامراض النفسية
3-2-2022


حول النمو المكتسب لعقل الشاب  
  
1193   01:57 صباحاً   التاريخ: 2023-05-17
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص153 ــ 162
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

قال الله تبارك وتعالى في كتابه العزيز: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9] .

النمو الفطري والمكتسب للعقل :

إن نمو العقل لدى عامة الناس يمر بمرحلتين، الاولى: نمو طبيعي فطري، والثانية: نمو اكتسابي. إن النمو الفطري عبارة عن نمو يقوم على أساس قانون الخلقة ونظام التكوين يخضع له العقل تدريجياً. أما النمو المكتسب فهو عبارة عن تكامل يكتسبه العقل نتيجة دراسات علمية وتجارب عملية .

قال علي (عليه السلام) العقل عقلان مطبوع ومسموع ولا ينفع المسموع ما لم يكن مطبوع، كما لا ينفع نور الشمس ونور العين ممنوع(1).

بداية النمو الفطري والمكتسب :

إن النمو الطبيعي للعقل يبدأ تلقائياً مع النمو الطبيعي للجسم من مرحلة الطفولة ، ويبقى هذا النمو مستمرا حتى يبلغ العقل نموه النهائي.

أما النمو المكتسب للعقل فهو يبدأ من مرحلة الطفولة أيضاً مع توفر الظروف التعليمية والتربوية المناسبة، ويمكن أن يستمر حتى سنين طويلة بعد آخر مراحل النمو الطبيعي.  وبعبارة أخرى يمكن القول: إن النمو الطبيعي له سقف معين كالنمو الطبيعي للجسم، وعندما يبلغ هذا النمو سقفه فإنه يتوقف كما يتوقف البدن عن النمو عندما يبلغ حده ، لكن الأبواب أمام النمو المكتسب مفتوحة لمواصلة النشاطات العلمية والعملية ، وتبقى الفرص كبيرة أمام العقل ليواصل نموه ويوسع آفاقه.

إن مما لا شك فيه أن النمو الطبيعي للعقل يختلف حسب اختلاف لأشخاص وطبيعة عقولهم فالذين يملكون عقولاً عادية يكون النمو الطبيعي لعقولهم عادياً جداً ، والذين يمتازون بنبوغ ذاتي وعقول خارقة يكون النمو الطبيعي لعقولهم خارقاً ، أما الذين يعانون من ضعف في عقولهم فإن النمو الطبيعي لعقولهم يكون ضعيفاً وبطيئاً جداً، وهذا التباين في النمو الطبيعي للعقل هو مقياس المقارنة بين عمر الأفراد العادي وسنهم العقلي.

أفضل سبل التكامل:

هناك حقيقة ينبغي الإشارة إليها وهي أن عقل الإنسان لا يمكن أن يصل إلى درجات الكمال عن طريق النمو الطبيعي ، فهو أي الإنسان يبقى عاجزاً مع هذا النمو فقط عن تفجير كل الطاقات الكامنة في ذاته ، ولهذا فلا بد من تحقيق النمو المكتسب ، والإنسان الذي يسعى لتحصيل العلم واكتساب المعرفة التي تعتبر من أفضل سبل التكامل المعنوي ، يكون قد مهد الأرضية لتفتح عقله وبلوغه الحد الأقصى من النمو. ولنضرب مثلا بسيطاً، طفلان حملتهما بطن واحدة أو بعبارة أخرى توأمان ولدا في قرية نائية بعيداً عن مظاهر العلم والتمدن ، هذان الطفلان اللذان تكونا من نطفة واحدة وجمعتهما بطن واحدة يكونان متساويين من حيث الصفات الوراثية والتركيبة النفسية ودرجة العقل ونموّه .

تلقي العلوم ونمو العقل :

فلو أبقينا أحدهما في القرية بعيداً عن سبل التربية والتعليم، وتركناه بعد أن يكبر يعمل في رعي الماشية، وأخذنا الآخر إلى المدينة التي تمتاز بوجود كافة سبل التعليم وتركناه يترعرع في ظروف تربوية سليمة وأدخلناه من سن السادسة إلى المدرسة، فإننا سنلاحظ عندما يصبح التوأمان في سن ال 18 من العمر تبايناً في قوة عقلهما ودرجة إدراكهما ، فالذي تلقى العلوم يكون مدركاً للأسباب والمسببات ومميزاً بين الخير والشر أكثر من ذاك الجاهل .

ومما لا شك فيه أن هذ التباين ليس ناجماً عن تباين في النمو الطبيعي لعقل هذين الطفلين، لأنهما ولدا معاً وكانا منذ البداية متساويين في طبيعة العقل وسائر الصفات الوراثية، وكان لا بد ان يكونا متساويين أيضاً في النمو الطبيعي للعقل، إذن فالتباين الذي لاحظناه ناتج عن النمو المكتسب، لأن الأخ الذي بقي في القرية ولم يتعلم ، لم ينم عقله طيلة هذه السنوات سوى نمو طبيعي، أما عقل الأخ الآخر المتعلم فقد شهد نمواً اكتسابياً إلى جانب نموه الطبيعي ، وهو اليوم قادر على إدارة نفسه بشكل سليم وحمايتها في مواجهة مشاكل الحياة وصعابها. 

النمو الفطري والمكتسب :

«النمو والتعلم: إن النمو الحاصل من الفطرة يختلف عن النمو الآتي من التعلم . نضرب مثلا جسم الإنسان ، فلكل منا عضلة في ساعده ، وجدت فطرياً وتنمو فطرياً أيضاً ، لكن صغر هذه العضلة أو كبرها نتيجة التمارين الرياضية لا علاقة له بالنمو الفطري. كما أننا نعتبر أن لعقل الإنسان الناضج نمواً طبيعياً ، ولكن التغييرات التي تطرأ على العقل نتيجة ما هو مكتسب لا علاقة لها بالنمو الفطري أو الطبيعي ، بل هي نتيجة عوامل مؤثرة دخلت على العقل»(2).

إن مسألة النمو المكتسب للعقل عن طريق تلقي العلم واكتساب التجارب ، كانت مورد اهتمام أولياء الله (عليهم السلام) الذين أكدوا هذه الحقيقة في الكثير من أحاديثهم وحكمهم الشريفة.

زيادة العقل :

قال علي (عليه السلام): العقل غريزة تزيد بالعلم والتجارب(3) .

وعنه (عليه السلام): ومؤيد العقل العلم(4).

وقال الصادق (عليه السلام): كثرة النظر في العلم يفتح العقل(5).

وتجدر الإشارة إلى أن النمو المكتسب للعقل يقوم على أساس النمو الطبيعي. فعقل الطفل ينبغي أن يكون قد خطا مرحلة كبيرة من النمو الطبيعي حتى يمكنه إدراك أبسط المسائل التربوية والتحرك باتجاه النمو المكتسب. لأن الطفل الذي لم ينم عقله طبيعياً بالشكل الكافي لا يمكن هدايته للنمو المكتسب.

الفرصة الاولى :

إن الآباء والأمهات الواعين هم أولئك الذين يهتمون بتنمية عقول أبنائهم في أول فرصة ، ويحاولون التكلم بلسانهم، ودفع قواهم العقلية باتجاه استيعاب الأمور وفهمها، وبذلك يزيدون من النمو المكتسب لعقول أبنائهم إلى جانب نموها الطبيعي .

إن الجهاز الهضمي للطفل الذي يولد حديثاً يكون ضعيفاً غير قادر على هضم الطعام ، لذا تم تغذيته لمدة من الزمن على حليب الام ، فيبدأ يتغذى ويقوى شيئاً فشيئاً على حليب الأم، ويصبح قادراً على هضم المأكولات الطرية، وبعد مدة يكتسب مزيدا من القوة، وتبدأ أسنانه بالظهور ، ويقوى جهاره الهضمي، ويصبح كالكبار قادراً على هضم كل أنواع الأطعمة ، إن الغذاء الرقيق والخفين لمعدة الطفل الضعيفة له أثران، الأول هو الحفاظ على استمرارية حياة الطفل، والثاني هو ترويض معدته لتكون قادرة على استقبال كافة أنواع المأكولات.

بداية تنمية العقل :

إن العقل الطبيعي للطفل هو بمثابة جهاز لهضم المسائل العلمية. ولكي يبدأ هذا الجهاز نشاطه في الوقت المناسب، ينبغي على الآباء والامهات أن يبدأوا بتشغيل هذا الجهاز لدى أبنائهم تدريجياً بالقول الحسن واليسير وبلغة الأطفال ، وذلك لتهيئتهم عقلياً للنمو المكتسب. إن مما لا شك فيه أن تفكير الطفل بأبسط الأمور الحياتية من شأنه أن ينمي عقله ويعززه لاستيعاب ما عظم من هذه الأمور في المستقبل .

التكامل التدريجي:

ليس النمو المكتسب لعقل الطفل فقط هو الذي يتحقق تدريجياً ، بمعنى أن كل مرحلة مقدمة لمرحلة أعظم وأهم ، فالتكامل النفسي للشبان والرجال يتحقق بذات الطريقة . فالشخص الذي يرغب في أن يحقق عقله مرحلة أهم في مجال النمو المكتسب ، عليه أن يستغل ما وصل إليه عقله، وأن يفكر بما يلائمه من الأمور، وذلك لتقوية عقله والنهوض به إلى مرحلة أسمى. أما الشخص الذي لا يمكنه أن يستغل ما وصل إليه عقله، فلن يكون بمقدوره تنمية عقله وتفجير ما يكمن فيه من طاقات.

قال الإمام علي (عليه السلام): من عجز عن حاضر لبه فهو عن غائبه أعجز(6).

الحالة الثابتة :

«إن التربية والتعليم حالة ثابتة ومستمرة وهي مرهونة بما يكتسبه الفرد من تجارب. فالإنسان كلما ازدادت تجاربه في الحياة كلما ازداد علماً، وكلما ازداد علماً اكتسب شخصية جديدة ، ونظر إلى الأمور من منظار آخر يجعله يتوصل إلى امور جديدة اخرى كانت خافية عليه. ومن هذا المنطلق تكون وراء كل خطوة على درب التربية والتعليم خطوة اخرى أكبر وأهم .

ومن هنا يمكننا أن نعرّف التربية والتعليم بأنهما حالة متجددة من التجارب تعزز تجارب الإنسان وتجعله قادراً على التحكم بالتجارب المستقبلية» .

«عندما نحاول تربية الطفل وتعليمه علينا أن نفهمه معنى تحليله للأمور والأشياء ، ومن هنا كلما وسّعنا من نطاق تربيتنا وتعليمنا للطفل كلما ازداد تفتحاً ونضوجاً. إن لكل طفل تصوراً عن شعلة من النار، لكن هذا التصور يكون في البداية محدوداً ، ويبدأ هذا التصور يكبر ويتوسع تدريجياً مع نموه العقلي والجسمي، حتى انه بعد تلقيه العلم يبدأ بالاستناد في تصوره هذا على علم الكيمياء«(7).

دراسة وتحليل الأمور:

من الضروري جداً أن يلتفت الآباء والامهات والمربون إلى مسألة أساسية وهي أن المراد من اكتساب العلم ليس فقط تشغيل قوة الذاكرة وتسجيل البرامج العلمية، بل إن الأطفال والشبان في أي سن كانوا عليهم استيعاب الأمور العلمية والبرامج الدراسية وهضمها في عقولهم كما تهضم المعدة الغذاء.

بلوغ مراتب الكمال:

وبعبارة اخرى نقول: إن حفظ المسائل العلمية ومراجعة المناهج الدراسية لا يمكنه لوحده تنمية عقول التلاميذ وتفتيح أفكارهم، بل عليهم أن يدركوا جيداً عمق المسائل، ويحاولوا بمساعدة المربين كشف جميع جزئياتها وتفاصيلها ومن ثم تطبيقها فهذه الطريقة الدراسية تساعد عقولهم على النمو بشكل ملحوظ ، وتوصلهم إلى الكمال العقلي والعلمي، وهذا ما أكده أولياء الله (عليهم السلام) قبل 14 قرناً قبل أن يؤكده العلماء والمربون في عصرنا الحالي.

قال علي (عليه السلام): فضل فكرٍ وفهم أنجع من فضل تكرارٍ ودراسة(8) .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام): حديث تدريه خير من ألف ترويه ، ولا يكون الرجل منكم فقيهاً حتى يعرف معاريض كلامنا(9).

إدراك الحقائق : 

وعن علي (عليه السلام) أنه قال: عَقَلوا الدّين عَقلَ وِعايةٍ ورِعايَةٍ ، لا عقل سماع ورواية، فإن رواة العلم كثيرٌ ورعاته قليل(10) .

وعن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) أنه قال : وبالدرايات للروايات يعلو المؤمن إلى أقصى درجات الإيمان(11).

«إن التربية والتعليم يساعدان المرء على التعرف على كيفية أعماله وأعمال الآخرين ونتائجها، وهذا ما يعمق من بصيرته ويجعله يتوقع نتائج أعماله قبل القيام بها، ويقدم عليها وهو واع تماماً ، وإذا ما اعترضته عقبات فإنه بتفكره وتدبره لن ينثني أمامها».

«إن التربية الصحيحة لا يمكن أن تكون لدى الفرد عادات حمقاء أو تصرفات رعناء ، لأن مثل هذه العادات والتصرفات لا تتناسب والوعي والإرادة والاعتماد على النفس، وكل ذلك وليد التربية السليمة»(12).

محور التربية والتعليم:

«إن التفكر هو محور التربية والتعليم ، وينبغي ان تكون أساليب التربية والتعليم مبنية على هذا المحور، فكل اسلوب يدفع بالطفل إلى تشغيل فكره هو أفضل من غيره من الأساليب»(13).

ولكي يستفاد من النمو الطبيعي لعقل الطفل في دفعه نحو النمو المكتسب ، يجب الانطلاق ببرنامج التربية والتعليم وتشغيل فكر وذهن الطفل حالما نلمس فيه استعداداً لتقبل الأمور ، وبذلك نكون قد أخذنا بعقله نحو النمو المكتسب .

إن الأطفال الذين يشهدون تفتحاً فكرياً وذهنياً بالوسائل العلمية والعملية ويسيرون نحو النمو المكتسب، يتمتعون في سني شبابهم بعقول نيرة متفتحة تساعدهم على تخطي كافة الصعاب والوصول إلى مراكز مرموقة في المجتمع .

على عكس اولئك الذين يحرمون منذ طفولتهم من التربية والتعليم ، ولا يعرفون معنى النمو المكتسب ، فإنهم سيكونون في شبابهم من قصار العقول وسيهبطون إلى صفوف المتخلفين في المجتمع.

قال علي (عليه السلام): من لم يتعلم في الصغر لم يتقدم في الكبر(14).

الاستقلال الفكري:

«يجب تربية الطفل بشكل تتكون لديه عادات فكرية صحيحة فعادة تقبل كل شيء دون انتقاد تربك من شخصية الطفل وتجعله خمولاً كسولاً ، في حين لو تعود الطفل على التفكير بكل شيء ، وحاول أن يكتشف حقائق الأمور بنفسه ، سيصبح فيما بعد معتمداً على نفسه ومستقلا(15) . 

قيمة عهد الطفولة:

«ولكي نجني ثمار التربية والتعليم، ينبغي علينا أن نبدأ بهما قبل ما هو متصور من قبل الجميع بكثير، أي منذ الأسابيع الاولى من عمر الطفل ، ففي البداية علينا أن نهتم بمسائله الفيزيولوجية ، وبعد عامه الأول نهتم بمسائله النفسية. فقيمة الزمن ليست متساوية لدى الطفل والأب والأم ، واليوم الواحد في السنة الاولى من العمر أطول بكثير من اليوم الواحد في الثلاثين من العمر، لذا علينا أن لا نفوت حقل الطفولة الخصب دون أن نزرع فيه شيئاً))(16).

سوء تربية الأطفال:

ينبغي الالتفات إلى أن عدم نضوج العقل لدى بعض الناس وكذلك قلة الذكاء عندهم ليس سببه حماقتهم الفطرية أو الذاتية ، بل حرمانهم في مرحلة الطفولة من الأسلوب الصحيح للتربية والتعليم ، وهذا ما يشكل سبباً من أسباب محدودية التفكير لدى الإنسان في مرحلة الشباب والشيخوخة .

وهناك الكثير من الأشخاص ممن يملكون عقولاً عادية جداً من حيث التركيبة الطبيعية للعقل، لكنهم بقوا على جهلهم وجهالتهم رغم كبرهم لأنهم افتقروا خلال مرحلة الطفولة للمربي الكفوء وحرموا من الأسلوب الصحيح للتربية والتعليم.

«إن إدراك الحقيقة القائلة بأن أهم دورة يكتمل فيها عقل الإنسان ويتفتح فكره هي تلك التي يتكون فيها أساس شخصيته ، يدفعنا خطوات إلى الأمام في المسيرة التكاملية للإنسان» .

«فالإنسان لا بد وأن يدرك تدريجياً بأن السبب الرئيسي لعدم نضوج العقل لدى البعض ، هو عدم اطلاع أوليائهم على أساليب تربية الأطفال خلال السنوات الاولى للنمو. إذا ما أردنا أن تتمتع أجيالنا القادمة بنضوج عقلي أكبر، علينا أن نولي اهتماماً كبيراً بمراحل الطفولة لهذه الأجيال، ونعمل على حل المشاكل النفسية الخاصة التي تبرز خلال هذه المرحلة»(17) .

تنمية الاستعدادات :

إن الدراسات والمناقشات العلمية من شأنها أن تنير عقل الإنسان، كما أن مجالسة ذوي العقول والمفكرين والاستماع لأحاديثهم وآرائهم الحكيمة، من شأنهما تنمية قوة العقل لدى الإنسان وتفجير طاقاته واستعداداته الدفينة. فأولئك الذين يقضون معظم حياتهم في قرى نائية وبعيدة كل البعد عن التمدن والحضارة ، ولم يستفيدوا من نعمة العلم والمعرفة ، تكون عوامل النمو المكتسب عندهم ميتة، والطاقات والاستعدادات في داخلهم غير قابلة للتفجر والظهور .

______________________________

(1) عين اليقين، الفيض، ص243.

(2) اصول روانشناسي مان (مبادىء علم نفسنا) ، ص 220.

(3) غرر الحكم، ص67.

(4) المس ركج2،ص287.

(5) بحار الأنوار، ص 67.

(6) غرر الحكم، ص41.

(7) مقدمة على فلسفة التربية والتعليم ، ص69 .

(8) غرر الحكم، ص517.

(9) بحار الأنوار ج 1 ، ص 118 .

(10) نهج البلاغة فيض، ص 817 .

(11) بحار الأنوار ج1 ، ص118 .

(12 و 13) مقدمة على فلسفة التربية والتعليم ، ص 70 و 121 .

(14) غرر الحكم، ص697.

(15) العقل الكامل، ص241.

(16) راه ورسم زندكى (سبل الحياة).

(17) العقل الكامل، ص 25. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.