أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-9-2020
1009
التاريخ: 2024-06-03
667
التاريخ: 18-5-2016
1688
التاريخ: 2023-05-04
840
|
ميزان الحرارة أو المحرُّ أو الثرمومتر 1 أو مقياس الحرارة كلها كلمات عربيَّة أو مُعَرَّبة للمقابل الإنكليزي Thermometer ويبدو أنَّ إلحاق كلمة «ميزان» بالحرارة جاء من عملية التساوي بين مقدار حرارة الجسم والقيمة المقابلة له على المقياس. كما هو الحال عندما نضع وزنةً معروفة القيمة مقابل الشيء الذي نُريد معرفة وزنه في الميزان الوزني. ولعلَّ وضع ابن فارس معجمًا خاصًا بمقاييس اللغة يَدُلُّ دلالة واضحة على تمكن فكرة القياس ومفهوم القياس من الفكر العربي العلمي بشكل كبير، وكما نعلم كان الشعر قد ضُبطت مقاييسه أيضًا ضمن بحور الشعر، وضُبطت الكلمات بالحركات الإعرابية لمعرفة موقعها من الجملة.
لذلك فإننا لن نستغرب أن يسبق اللغويون العرب العلماء والباحثين العرب في تقسيم درجات الحرارة المنخفضة في الجو إلى برد وقر وزمهرير وصقعة (من الصقيع)، وصر، وأريز (البرد الشديد). وتقسيم درجات الحرارة المرتفعة في الجو إلى حر، وحرور وقيظ وهاجرة وفَيْح. 2 ويمكننا توزيع التقسيمات السابقة إلى 12 درجة كما يأتي:
________
5 فيح
4 هاجرة
3 قيظ
2 حرور
1 حر
الحرارة ↑
0 معتدل
البرودة ↓
ــ1 برد
ــ2 قر
ــ3 زمهرير
ــ4 صعقة
ــ5 صِر
ــ6 أريز
________
تُقسم درجات حرارة الجو الحالة (الغازية عند اللغويين العرب إلى 12 مرتبة، ونلاحظ بالمقارنة مع تقسيمات جالينوس التسع السابقة، نجد أنها أوسع وأدقُ في تحديد اسم الدرجة، كما نلاحظ أيضًا أن درجات البرودة أكثر من درجات الحرارة (الأرقام الموجودة في الجدول أعلاه مقترحة من قبل المؤلّف لكل درجة).
إذن فكرة تقسيم الحرارة إلى درجات ومستويات كانت واردةً وموجودة في الفكر العربي قبل ظهورها في العلوم الطبيعية، وستأخذ أشكالاً أخرى بعد التعرُّف على العلوم الطبيعية سواء كانت المترجمة أو المبتكرة.
بخصوص المعنى اللغوي لكلمة «درجة» فهي تدلُّ على التقدم في شيء؛ فقد جاء في معجم «مقاييس اللغة»: «دَرَجَ» الدالُ وَالرَّاءُ وَالْجِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى مُضِي الشَّيْءِ وَالْمُضِي فِي الشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ دَرَجَ الشَّيْءُ، إِذَا مَضَى لِسَبِيلِهِ. وَرَجَعَ فُلَانٌ أَدْرَاجَهُ، إِذَا رَجَعَ فِي الطَّرِيقِ الذِي جَاءَ مِنْهُ. وَدَرَجَ الصبِي، إِذَا مَشَى مِشْيَتَهُ. قَالَ الْأَصْمَعِي: دَرَجَ الرَّجُلُ، إِذَا مَضَى وَلَمْ يُخْلِفْ نَسْلًا. وَمَدَارِجُ الْأَكَمَةِ: الطرُقُ الْمُعْتَرِضَةُ فِيهَا.» 3
أما المعنى الاصطلاحي لدرجة الحرارة فقد أشار أبو علي مسكويه، منذ القرن 11م، إلى وجود أربع مراتب أو درجات أساسية للحرارة معتمدًا على ما قاله الأطباء العرب، لكن دون أن يقدِّم لنا تفاصيل أكثر عن هذه المراتبِ التي أُخِذَت عن اليونانيين، يقول: «ثم تُوجَد للحرارة مراتب كثيرة؛ منها ما تكون في الدَّرجة الأولى أو في الثانية أو في الثالثة والرابعة – على ما حصله الأطباء وغيرهم في كثير من النبات والجماد من المعادن.» 4 واستمر هذا المعنى الاصطلاحي حتى القرن 18م؛ فقد ذكر الأحمد نكري المعنى الاصطلاحي الطبي لدرجة الحرارة كما كان شائعا في عصره، فقال: «يقول صاحب «الكفاية» المنصوري: اعلم أنَّ كل شيء يدخل البدن له تأثير على حالته، فإذا ما تأثَّرَت الحرارة الطبيعية وزادت حالة البدن منه فلا يُقال لهذا الشيء إنه جيد أو معتدل، فإذا ما كان التأثير الكبير غير محسوس فإنه يكون من الدرجة الأولى وإذا ما أحس به ولكنه لم يكن مُضرًا فإنه يكون من الدرجة الثانية، وإذا ما وصل إلى حد الضرر ولكنه لا يُهلك فإنه يكون من الدرجة الثالثة، وأما إذا وصل الضرر إلى حد الهلاك فإنه يكون من الدرجة الرابعة، وهذه هي الأدوية السامة.» 5
نعلم أنَّ القياس الحراري اليوم يتم بوساطة الترمومتر فهو يقع في إطار المنهج الموضوعي، وهو أكثر دقة من استخدام حاسة اللمس، وغالبًا ما يتم الاتفاق على القيمة المقاسة بين جميع الأفراد. 6
وقد استخدم العلماء العرب والمسلمون في بداية تعاملهم مع علم الحرارة – مثلهم في ذلك مثل غيرهم من الأمم السابقة – المنهج الذاتي في القياس؛ أي حاسة اللمس، وذلك لتقرير فيما إذا كان الجسم حارًا أم باردًا. طبعًا ليس الأمر واحدًا بالنسبة لشخصين يتحسسان الوعاء نفسه؛ أي إن هذه الطريقة يعتريها الكثير من الأخطاء، ولا يتم الاتفاق على قيمة محددة لدرجة الحرارة بين جميع من يمد يده. وقد وضع العرب تقسيمات الحرارة الخاصة بالماء الملموس (الحالة السائلة)، نوردها فيما يأتي مع المقابل الرقمي الحديث للاصطلاحات المستخدمة في وصفها: 7
ونعتقد أنَّ مرحلة المنهج الذاتي في القياس لا بد منها في تطور علم القياس الحراري، وهي ليست بمأخذ على العرب؛ فالإنسان يستخدم حاسة لمسه في البداية للتعبير عن درجة السخونة والبرودة، وقد لا يلزم الإنسان العادي أكثر من ذلك، أما من يُريد الخوض في غمار البحث العلمي، فإنه يحتاج إلى أمرين:
• أداة تحدد له قيمة الدرجة.
• استخدام لغة الأرقام بدلا من اللغة المحكية في تحديد قيمة تلك الدرجة.
وفي حالة العرب، فإنَّ الأدوات كانت متاحةً في بعض العلوم كالكيمياء والفلك والطب والصيدلة، واستخدام لغة الأرقام الكمية للتعبير أيضًا مُستخدم كمنهج في تلك العلوم. وعندما خاض العُلماء العرب والمسلمون غمار العلوم كانت هناك مساعٍ جَادَّة للانتقال من المنهج الذاتي إلى الموضوعي فرضَته طبيعة العلم؛ لذلك بحث بعض العلماء العرب والمسلمين، خصوصًا الكيميائيين منهم، في موضوع «علم الميزان» وهو العلم الذي لم يسبق للأمم السابقة أن بحثوا فيه، 8 والذي يهدف إلى ضبط مقادير الكيفيات الأربع الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة لدى تفاعلها مع بعضها ووفق معايير معيَّنة،
رسم يعود تاريخه إلى عام 1884م، من كتاب «منتخبات الصناعة في فن الزراعة»، يوضّح أشكال الموازين الحرارية التي يستخدمها المزارعون آنذاك، وذلك بهدف التأسيس لقيام زراعة تعتمد على العلم الدقيق، ومادَّته معظمها مأخوذة من الكتب الأوروبية المعاصرة في القرن 19م. (مصدر الصورة: منتخبات الصناعة في فن الزراعة، بشارة بن سلوان نحول اللبناني، المطبعة الأهلية، بيروت، 1884م، ص 137. النسخة الأصلية من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة قطر الوطنية، رقم «102619».)
وقد جاءوا بتقسيمات وضوابط مبتكرة وأصيلة، حاولوا أن يصبغوها بصبغة منطقية عقلانية، وهو ما لم يفعله اليونانيون من قبل.
مع أن فيلون وهيرو قد برهنا على تمدد وتقلص خاصية الهواء، إلا أنه ولا واحد منهما أدرك قابلية التطبيق الكبيرة لهذه الخاصية من أجل قياس الحرارة. 9
_____________________________________________
هوامش
1- البعلبكي، منير، قاموس المورد، ط 23، دار العلم للملايين، بيروت، 1989م، ص946.
2- الموسوعة العربية العالمية، مدخل «العلوم عند العرب والمسلمين»، الرياض، 2004م.
3- ابن فارس، أحمد بن زكرياء القزويني الرازي أبو الحسين، معجم مقاييس اللغة، ج 2، ص 275.
4- مسكويه رسالة في النفس والعقل، ص 69-70.
5- الأحمد نكري، عبد النبي بن عبد الرسول، ج 4، ص 61.
6- کارناب رودلف، الأسس الفلسفية للفيزياء، ترجمة: السيد نفادي، ط 1، دار التنوير، بيروت، 1993م، ص 75.
7- ريشا، معن العلاج الفيزيائي في المنزل، ط 1، منشورات جروس برس، طرابلس، 1991م، ص20-19.
8- شقرا، جورج، تحقيق ودراسة مخطوط السر الرَّباني في علم الميزان للإزنيقي، رسالة دكتوراه غير منشورة، جامعة حلب، حلب، 2010م، ص9.
9- Frisinger, H. Howard, A History of Meteorology: to 1800, American Meteorology Society, New York, 1977. p. 47.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|