لم يرد تعريف واضح لتصويت ناخبي الخارج بصورة خاصة القوانين الانتخابية أنما اكتفى البعض بالنص على الإجراءات التي تنظمه على الرغم من أهمية هذا الحق كونه الوسيلة القانونية التي تمكن المواطنين المقيمين في الخارج من مباشرة حقهم في التصويت. وقد عبر عن ذلك الفقيه الفرنسي جان جاك روسو بقوله " أن التصويت حق لا يمكن انتزاعه من المواطنين (1).

لذا وقبل بيان معنى تصويت ناخبي الخارج نبين معنى التصويت، فقد لجأ الفقه إلى إيجاد تعريفات عدة تختلف باختلاف الجانب الذي ينظر إليه منه، فعرفه البعض الذي أخذ بالجانب الموضوعي بأنه " عدد من الأصوات المستخرجة من صناديق الاقتراع أو التي تم إرسالها عبر البريد الإلكتروني أو عبر الانترنت والتي تدل على خيارات الناخبين والناخبات وفق طريقة الاقتراع التي يحددها القانون الانتخابي (2).

أو هو " الإمكانية المقررة، المقررة قانوناً إلى الموطنين من أعضاء الأمة ، الذين تتوفر في أشخاصهم بعض الشروط المنصوص عليها في الدستور والقانون، للإسهام بالحياة العامة، إما مباشرة في الديمقراطية المباشرة أو شبه المباشرة أو بواسطة الانتخاب في الديمقراطية التمثيلية أو النيابية  (3).

وهناك تعريف يأخذ بالناحية الشكلية بأنه " الوسيلة القانونية التي تسمح للفرد بأن يساهم في الحياة العامة في الدولة والآلية التي تمكنه من ترجمة آرائه وخياراته إلى واقع، من خلال اختيار الممثلين الذين ينوبونه في تسيير شؤونه أو السياسات التي يريد تطبيقها ، ويتم ذلك بالتصويت التقليدي عن طريق ورقة الاقتراع أو عن طريق التصويت الالكتروني باعتماد التقنيات الحديثة (4).

و من جانب أخر عرف بأنه " أليه تستخدمها الهيئة الناخبة للتعبير عن دعمها أو عدم دعمها لفوز مرشحين في البرلمان وفي الاستفتاءات يتم التصويت دعما أو رفضا لقرار أو شخص (5) وعرف أيضا بأنه " قيام الفرد باختيار احد المرشحين لتمثيله في الهيئات المنتخبة التي تتولى إعداد القوانين أو بعض مناصب اتخاذ القرارات (6).

عليه يمكننا تعريف التصويت بأنه ( مكنه تستخدمها الهيئة الناخبة من أجل التعبير عن إرادتها في اختيار ممثليها وفق آليات محددة قانوناً)

وبعد بيان معنى التصويت، نتطرق لبيان معنى تصويت ناخبي الخارج الذي يشار إليه في بعض البلدان بتصويت غير المقيمين أو تصويت غير المقيمات بالخارج " هو أمكانية متاحة للمواطنين والمواطنات بالخارج لممارسة حقهم في التصويت وذلك إما بإتاحة التصويت عن بعد أو فتح مراكز الاقتراع في الخارج –غالبا في السفارات  (7).

كما يعرف بأنه الإحكام والإجراءات التي تمكن بعض أو كل الناخبين في بلد ما، ممن يقيمون بصفة مؤقتة أو دائمة خارج البلاد من ممارسة حقوقهم في التصويت من خارج أراضي البلد (8) وعرف أيضا بأنه "إجراء يهـ يسمح لناخب غائب عن مكان اقامته ومقره الانتخابي أثناء التصويت ( أو خارج البلاد عادة مثل الدبلوماسيين المسافرين والعمال المغتربين ..) بالتصويت في استحقاق انتخابي من خارج الوطن " (9)

وعُرفه البعض الأخر بأنه إجراء يسمح لناخب غائب عن وطنه في أثناء الانتخاب أو الاستفتاء مثل اللاجئين والعسكريين في أثناء المهام الخارجية والدبلوماسيين العاملين في الخارج، والسياح، والعمال الموسميين مدة وجودهم في الخارج... بالتصويت في استحقاق انتخابي " (10).

ومما تقدم يتضح أن الأعم الأغلب أخذ بالجانب الشكلي عند بيان معنى تصويت ناخبي الخارج. ومن التعريفات السابقة يتضح أنها عدت التصويت حقا للفرد لا يجوز حرمانه منه، وله الحرية في ممارسة. وبالرجوع إلى التشريعات العربية فلم تعرف تصويت ناخبي الخارج (11)، إنما اكتفى البعض منها بالإشارة إلى تصويت ناخبي الخارج و أحال تنظيمه إلى التشريع العادي وكذلك المشرع العرقي لم يعرف تصويت ناخبي الخارج في قوانين الانتخابات المتعاقبة أنما اكتفى بالإشارة إلى آلية تصويت ناخبي الخارج شأنه شأن غالبية قوانين الانتخابات العربية بالإضافة إلى إنه عرف الناخب المهجر في قانون انتخابات مجلس النواب رقم 9 لسنة 2020 في المادة الأولى منه بأنه " العراقي الذي جرى تهجيره من مكان إقامته الدائم إلى مكان آخر خارج العراق لأي سبب كان " (12)

ولابد من الإشارة إلى أن البعض يخلط كثيراً بين مصطلح الانتخاب والتصويت، ويعدهما معبرين عن معنى واحد، إلا أن الحقيقة هنالك اختلاف واضح وجلي بينهما. فالانتخاب يعرف بأنه" اختيار الشعب للأفراد الذين يباشرون السلطة باسمه ونيابة عنه"  (13).

ومن خلال التمعن بمعنى حق الانتخاب يتضح أنه جزء من حق أوسع إلا وهو حق التصويت (droit de suffrage فحق التصويت هو مجرد حق الانتخاب في الديمقراطية التمثيلية أو النيابية، في حين أنه في الديمقراطية شبة المباشرة يشتمل على حق الاقتراح الشعبي والاستفتاء الشعبي وغيرها من الحقوق التي ظهرت في النظم الدستورية المختلفة. وفي الديمقراطية المباشرة، يشتمل على حق المشاركة الدائمة في الشؤون السياسية للدولة (14).

ومما سبق يمكننا تعريف تصويت ناخبي الخارج بأنه الوسيلة) التي تمكن الناخبين المتواجدين خارج الوطن الذين تتوفر فيهم المؤهلات المطلوبة من ممارسة حقهم في اختيار من يمثلهم وفق الآلية التي يحددها القانون .

إلا إن التصويت أذا كان مباشر وعاما فان هذا لا يعني إن يكون بمتناول الجميع، لأنه توجد شروط قانونية، لابد من مراعاة توفرها في كل فرد ليكون أهلاً لممارسة حق التصويت

________

1- د. غازي كرم ، النظم السياسية والقانون الدستوري ، دراسة مقارنة للنظام الدستوري في دولة الإمارات العربية المتحدة ، ط1، الأردن، 2009، ص 148

2-  لويس مارتينيز بيتانزوس ، القاموس العربي للانتخابات ، ط1، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بدون سنة طبع ، ص 98.

3-  د. أدمون رباط ، الوسيط في القانون الدستوري العام ، الجزء الثاني، ط1، بيروت ، 1965 ، ص403.

4-  بوقرن توفيق، التنظيم القانوني لدور الأحزاب السياسية في الرقابة على العملية الانتخابية في الجزائر، أطروحة دكتوراه كلية ماجستير الحقوق والعلوم السياسية، جامعة الحاج لخضر، 2019، ص 179.

5- عمرو هاشم ربيع ، موسوعة المفاهيم والمصطلحات الانتخابية والبرلمانية (مع ملف تعريفي ببرلمانات دول العالم والمنظمات البرلمانية الدولية ) ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ، القاهرة ، 2009 ، ص97.

6- سكوت فيرجسون ، الحق في التصويت، دليل دراسي ، مكتبة حقوق الانسان ، جامعة منيسوتا ، 2003، موجود على الموقع الإلكتروني https://hrlibrary.umn.edu تاريخ الزيارة 15102022.

7- تعريفات مهمة للناخب الهيئة الوطنية للانتخابات، منشور على الموقع الرسمي للهيئة الوطنية المصرية، على الرابطhttps://www.elections.eg/e تاريخ الزيارة 2022/3/2

8- أندرو إليس و أخرون ، التصويت من الخارج ، دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات ، ترجمة محمد  صلاح محمد، بدون سنة نشر ، ص 67 .

9- د. علي الصاوى . زين عبد الهادي، القاموس البرلماني العربي مطابع الهيئة المصرية العامة للكتاب . 2013 ، ص52

10- د. عمرو هاشم ربیع ، مصدر سابق، ص 44.

11- ومن تلك التشريعات المشرع الجزائري فقد أشار إلى تصويت ناخبي الخارج فقد أعطى لكل جزائري وجزائرية مقيمين في الخارج حق التسجيل بناء على طلبهم لدى الممثليات الدبلوماسية والقنصلية في المادة (9) من القانون العضوي للانتخابات رقم 01-112 لسنة 2012. وسار على ذات النهج المشرع المصري واللبناني فلم يبينا المقصود بتصويت ناخبي الخارج .

12-  المادة (1) من قانون انتخابات مجلس النواب العراقي رقم (9) لسنة 2020.

13- د. حميد حنون خالد ، مبادئ القانون الدستوري وتطور النظام السياسي في العراق، بيروت، 2011،ص53.

14- د. أدمون رباط مصدر سابق، ص 403.