أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-3-2016
2602
التاريخ: 27-1-2016
3216
التاريخ: 11-3-2016
2776
التاريخ: 29-06-2015
1904
|
هو كعب بن زهير بن أبي سلمى الشاعر
الجاهليّ المشهور. وكان لكعب أخ شقيق اسمه بجير شاعر مثله، وأمّهما كبشة بنت
عمّار.
لمّا ظهر الاسلام تأخر بجير وكعب عن الدخول
فيه، ولكن لمّا زاد انتشاره أسلم بجير، قبيل سنة 7 ه (628 م) ثم شهد فتح مكّة.
أما كعب فانه بقي على الشرك وأخذ بهجاء أخيه بجير وهجاء رسول اللّه. فمن ذلك قوله،
وقد نصح له أخوه بالدخول في الاسلام:
ألا أبلغا عني بجيرا رسالة...فهل لك فيما
قلت، ويحك، هل لكا
سقاك بها المأمون كأسا رويّة...فأنهلك
المأمون منها وعلّكا
ففارقت أسباب الهدى واتّبعته... على أيّ
شيء، ويب غيرك، دلّكا (1)
على مذهب لم تلف أمّا ولا أبا...عليه، ولم
تعرف عليه أخا لكا
فان أنت لم تفعل فلست بآسف...ولا قائل،
إمّا عثرت: لعالكا (2)
فأهدر النبي دمه وأرجف الناس بقتله فضاقت
عليه الأرض، فعزم في سنة 9 ه (630 م) على أن يستأمن إلى الرسول فجاء سرّا إلى
المدينة واستشفع بأبي بكر ثم سار على أثره حتى دخلا المسجد. فلما صلّيت الصبح
أوصله أبو بكر إلى الرسول، فقال كعب للرسول: «يا رسول اللّه، رجل يبايعك على
الاسلام»، وبسط يده وحسر عن وجهه وقال: «بأبي أنت وأمي، يا رسول اللّه، أنا كعب بن
زهير». فأمّنه رسول اللّه. فأنشده كعب قصيدة كان قد نظمها (3) في مدحه
مطلعها:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول... متيّم
إثرها لم يفد مكبول (4)
وكانت وفاة كعب نحو سنة 26 هـ
(645 م).
كان كعب بن زهير شاعرا فحلا مكثرا مجيدا. ومنهم
من قرنه بأبيه وجعله مع لبيد والنابغة في طبقة واحدة (5). وقال خلف
الاحمر: «لو لا أبيات لزهير أكبرها الناس، لقلت إنّ كعبا أشعر منه» (6).
أما أغراض كعب فيدور معظمها على المدح والهجاء والفخر والحماسة. ولم يكن كعب يرضى
كل ما قال من الشعر (7)، ولا غرو فهو على مذهب والده من التنقيح والتحكيك.
-المختار من شعره:
من قصيدته «بانت سعاد»، وفيها يذكر كيف أن
الناس، حتّى
الاصدقاء منهم، قد تخلّوا عنه وانه يرجو
العفو من الرسول. وفي مطلع القصيدة غزل تقليدي وكلام على الوعد والخلف به:
وما سعاد غداة البيّن إذ رحلوا...إلا أغنّ
غضيض الطرف مكحول (8)
أكرم بها خلّة لو أنها صدقت... موعودها أو
لو ان النصح مقبول (9)
لكنّها خلّة قد سيط من دمها...فجع وولع
وإخلال وتبديل
فما تدوم على حال تكون بها... كما تلوّن في
أثوابها الغول (10)
ولا تمسّك بالوعد الذي زعمت... إلاّ كما
يمسك الماء الغرابيل
فلا يغرّنك ما منّت وما وعدت... إنّ
الامانيّ والاحلام تضليل
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا... وما
مواعيدها الا الاباطيل
أمست سعاد بأرض لا يبلّغها...الا العتاق
النجيبات المراسيل(11)
ولن يبلّغها الا عذافرة... لها على الأين
إرقال وتبغيل (12)
تسعى الوشاة بجنبيها، وقولهم... إنك، يا
ابن أبي سلمى، لمقتول
وقال كل خليل كنت آمله... لا ألهينّك، إني
عنك مشغول
فقلت: خلّوا سبيلي، لا أبا لكم...فكل ما
قدّر الرحمن مفعول
كل ابن أنثى، وان طالت سلامته...يوما على
آلة حدباء محمول (13)
أنبئت أن رسول اللّه أوعدني...والعفو عند
رسول اللّه مأمول
مهلا، هداك الذي أعطاك نا... فلة القرآن
فيها مواعيظ وتفصيل
لا تأخذنّي بأقوال الوشاة، ولم ... أذنب، وان كثرت فيّ الأقاويل
لقد أقوم مقاما لو يقوم به... أرى واسمع ما
لو يسمع الفيل
لظلّ يرعد إلاّ أن يكون له...من النبي بإذن
اللّه تنويل (14)
إنّ الرسول لنور يستضاء به... مهنّد من
سيوف اللّه مسلول
في عصبة من قريش قال قائلهم...ببطن مكّة،
لمّا أسلموا: زولوا (15)
زالوا فما زال أنكاس ولا كشف... عند اللقاء
ولا ميل معازيل (16)
شمّ العرانين أبطال لبوسهم...من نسج داود
في الهيجا سرابيل (17)
لا يفرحون إذا نالت رماحهم قوما...وليسوا مجازيعا إذا نيلوا (18)
لا يقع الطعن الا في نحورهم... وما لهم عن
حياض الموت تهليل
______________________
1) ويب
غيرك: الويل لك وحدك!
2)
لعالكا: أقال اللّه عثرتك.
3) راجع
الشعر والشعراء 60، الاسطر 9-13: فقال قصيدنه... ثم أتى رسول اللّه.
4) بانت:
بعدت. تبله الحب: ذهب بعقله. تيمه الحب: ذلله واستعبده. كبله: قيده وجعله كالأسير
لديه.
5) طبقات
الشعراء 13.
6) الشعر
والشعراء 58.
7) راجع
البيان والتبيين 1:207.
8)
الاغن: الذي في صوته غنة (لحن كأنه يخرج من أنفه). غضيض الطرف: فاتر اللحظ منكسر
البصر يتطلع إلى الأرض. المكحول: من كان فيه كحل (بفتح الكاف والحاء) طبيعي: سواد
على أطراف جفونه حيث تلتقي إذا أطبقها (يشبه الشاعر حبيبته بالغزال الصغير).
9)
الخلة: الصديقة... لو أن النصح (في تركها) مقبول.
10) زعم
العرب القدماء أن الغول تظهر للناس في ألوان مختلفة.
11)
المرسال: الناقة الخفيفة الجري.
12)
العذافرة: الناقة الغليظة الشديدة. الاين: التعب. الارقال: الأسراع صعدا. التبغيل:
جري وسط في السرعة.
13)
الحدباء: المعوجة، نعش (يقصد: كل إنسان سيموت).
14) يرعد
(بالبناء للمجهول): يرتجف. التنويل: العطاء والمنة (يقصد: العفو عني).
15) زال
يزول: ذهب (إشارة إلى الهجرة إلى المدينة).
16)
النكس: الضعيف. الكشف: الذين ينهزمون عند أول صدمة. الميل جمع أميل: من لا يثبت
على ظهر الحصان، الذي يميل إلى الهرب من المعارك. المعزال: الذي لا سلاح معه.
17) شم
الانوف: قصبة الأنف عندهم مرتفعة (أنوفهم مقوسة، كناية عن شرف الأصل). اللبوس:
اللباس، (وهنا معناها الدروع). من نسج داود، كان داود مشهورا بعمل الدروع. الهيجا
أو الهيجاء: الحرب. السربال: الثوب السابغ (الطويل الواسع).
18) لا
يفرحون إذا تغلبوا على خصمهم ولا يجزعون (يخافون ويضطربون) إذا تغلب عدوهم عليهم.
التهليل: التكذيب (الجبن عن القتال الشديد). -لا يجرحون إلا في صدورهم لأنهم
يهجمون دائما على العدو ولا يولون ظهورهم (يهربون منه).