المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24

علي بن حسين بن عباس الخاقاني.
27-7-2016
الحالة التي يجب تسليم المأجور عليها
10-5-2016
المضادات الميكروبية النباتية
19-9-2016
ملك الله عز وجل
8-10-2014
التزامر(isomer)
27-5-2018
تكاثر التين الشوكي
2023-11-14


سلامة الإختراع من الإتباع  
  
2070   03:49 مساءاً   التاريخ: 26-09-2015
المؤلف : إبن أبي الإصبع
الكتاب أو المصدر : تحرير التحبير في صناعة الشعر والنثر
الجزء والصفحة : ص100-101
القسم : الأدب الــعربــي / البلاغة / البديع /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 12-9-2020 20084
التاريخ: 24-09-2015 5384
التاريخ: 26-03-2015 21293
التاريخ: 13-9-2020 9585

وهو أن يخترع الأول معنى لم يسبق إليه ولم يتبع فيه كقول، عنترة في وصف الذباب [كامل]:
هزجاً يحك ذراعه بذراعه ... قدح المكب على الزناد الأجذم
وكقول ابن الرقاع في تشبيه قرن الخشف [كامل]:
تزجى أغن كأن إبرة روقه ... قلم أصاب من الدواة مدادها
وكقول ذي الرمة في تشبيه الليل [طويل]:
وليل كجلباب العروس أدّرعته ... بأربعة والشخص في العين واحد
وكقول النابغة الذبياني في وصف النسور [طويل]:
تراهن خلف القوم زوراً عيونها ... جلوس الشيوخ في مسوك الأرانب
فهذه اختراعات المتقدمين التي سبقوا إليها، ولم يلحقوا فيها.
وما اختراعات المولدين التي سبق إليها قائلها ولم يتبع فيها قول السيد الحميري في علي عليه السلام: [بسيط]
لكن أبو حسن والله أيده ... قد كان عند اللقا للطعن معتادا
إذا رأى معشراً حرباً أنامهم ... إنامة الريح في أبياتها عادا
قال الحاتمي بعد إيراد هذين البيتين في هذا الباب: لم يسبق السيد إلى هذا المعنى، ولم يتبع فيه، فإنا ما سمعنا من شبه إنساناً بالريح غيره، وهذا وهم من الحاتمي لأن هذا المعنى لعبد الله بن العباس رضي الله عنه في الحديث الصحيح الذي وصف فيه رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم بالجود في كل زمان، وخصوصاً في شهر رمضان حيث قال: كان رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان، كان كالريح المرسلة فغاية ما فعله السيد أنه نقل المعنى من الوصف بالجود إلى الوصف بالشجاعة، وإلا فنفس المعنى في الموضعين تشبيه الإنسان بالريح، غير أن السيد أخذ المعنى نثراً، فعقده بالوزن شعراً فله هذه الفضيلة لا فضيلة الاختراع، وعلى هذا يكون باب حسن الإتباع أحق بهذا الشعر من باب سلامة الاختراع، ومن العجب كيف ذهب ذلك على الحاتمي مع تقدمه في الأدب وحذقه بالنقد هذا على أننا جعلنا تشبيه الحميري نفس الإمام علي [عليه السلام] بالريح مجازاً، والحقيقة في ذلك غير هذا، لأن لفظ البيت يدل على أنه شبه بإنامة الإمام محاربيه بإنامة الرياح عاداً، فالشاعر إنما شبه إنامة بإنامة، لأنفس المنيم بنفس الريح، ومن اختراعات المحدثين قول ابن الرومي في تشبيه الرقاقة حين يبسطها الخباز في القطعة المشهورة التي أولها: [بسيط]
لا أنس ما أنس خبازاً مررت به ... يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر
إلى قوله:
إلا بمقدار ما تنداح دائرة ... في صفحة الماء يرمي فيه بالحجر
وإذا وصلت إلى قول ابن حجاج في هذا البيت وصلت إلى الغاية التي لا تلحق، حيث يقول في رئيس كان قريباً من قلبه، بعيداً من رفده [طويل]:
وإني والمولى الذي أنا عبده ... طريفان في أمر له طرفان
بعيداً تراني منه أقرب ما ترى ... كأني يوم العيد من رمضان
ومتى شئت أن تتلاشى في هذه المعاني عندك قديمها وحديثها فتدبر ما جاء من هذا الباب في الكتاب العزيز، مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: 73] فانظر إلى غرابة هذا التمثيل الذي يتضمن هذا الإفراط في المبالغة مع كونه جارياً على الحق خارجاً مخرج الصدق، إذا اقتصر فيه على ذكر أضعف المخلوقات وأقلها سلباً لما تسلبه، وتعجيز كل من دون الله سبحانه كائناً من كان عن خلق مثله، ثم نزل بهم في التمثيل عن رتبة الخلق إذ هي مما يعجز عن مثلها كل قادر غير الله عز وجل إلى استنقاذ النزر التفه الذي تسلبه الذباب على ضعفها، لأن الظفر بنفسها أيسر من الظفر بما تسلبه، ولم يسمع مثل هذا التمثيل في بابه لأحد قبل نزول القرآن العزيز، ولم يتناوله متناول كما فعل في أكثر المعاني إلى الآن، ولو تتبع ذلك في الكتاب الكريم لوجد لهذا الموضع أمثال شتى كقول رسول الله صلى الله عليه[وآله] وسلم حمى الوطيس و مات حتف أنفه ولا يلدغ المؤمن من جحر مرتين ، والسعيد من وعظ بغيره في أشياء كثيرة مما اخترعه النبي صلى الله عليه[وآله] وسلم ولم يتبع فيه إلى الآن.




دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.