أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2019
2682
التاريخ: 1-8-2017
18202
التاريخ: 1-6-2016
3906
التاريخ: 21-6-2018
7269
|
لم يرد في القوانين المدنية وقوانين حماية المستهلك المقارنة تعريفٌ واضحٌ لضمان المطابقة (Conformity), بل تمت الإشارة إليه في بعض نصوص قوانين حماية المستهلك, إلا ان الفقه حاول أن يضع تعريفا لضمان المطابقة , من خلال إيراد تعريف للمطابقة ذاتها تارة أو من خلال التصدي لبيان المقصود بعدم المطابقة تارة أخرى , أما دور القضاء فقد كان يعزز اغلب أحكامه بالإشارة إلى هذا الضمان.
فمن جهة التشريعات, فقد نص قانون الاستهلاك الفرنسي رقم (949/93) الصادر في 26 تموز1993 والمعدل بقانون17 شباط 2005 في المادة (211/4) على أنه:(يلتزم البائع بأن يسلم شيئاً مطابقاً للعقد ويضمن عيوب المطابقة الموجودة عند التسليم ).
ويبدو من خلال هذا النص إن المشرّع الفرنسي قد بيّن المطابقة كضمان يلتزم به البائع, فإذا كان المبيع غير مطابق للعقد عند التسليم , كان للمشتري إن يرجع على البائع بضمان المطابقة.
أما قانون حماية المستهلك المصري رقم67 لسنة 2006 , فقد أشار إلى هذا الضمان في المادة (8/1) التي نصت على انه : ((للمستهلك خلال أربعة عشر يوماً من تسلم أية سلعة الحق في استبدالها أو إعادتها مع استرداد قيمتها, وذلك إذا شاب السلعة عيب أو كانت غير مطابقة للمواصفات أو الغرض الذي تم التعاقد عليها من اجله .....).
وبذلك نجد ان المشرّع المصري قد اعتبر ضمان المطابقة من الحقوق الأساسية التي يتمتع بها المستهلك , والذي يجب أن يكون فيه المبيع مطابقاً للمواصفات المذكورة في العقد, فضلاً عن وجوب مطابقته مع الغرض الخاص الذي قصده المستهلك من التعاقد .
أما قانون حماية المستهلك العراقي رقم (1) لسنة 2010, فلم نجد ما يشير إلى هذا الضمان , ويبدو إن المشرّع العراقي قد اكتفى بالقواعد العامة المقررة في القانون المدني والمتعلقة بضمان العيب الخفي او فوات الوصف, الا إن هذه القواعد لم تعد كافية لمعالجة ما يُنشد من توفير حماية اكبر للمشتري, حيث تتطلب تلك الانظمة القانونية توفر شروط معينة يصعب في كثير من الاحيان اثباتها من قبل المشتري , خاصةً عندما يكون الاخير عديم او قليل الخبرة , فكان على المشرّع إن يحذو حذو التشريعات المقارنة التي أشارت إلى هذا الضمان.
أما من حيث التعريف الفقهي لضمان المطابقة , فقد عرف بعضهم المطابقة , فيما عرف آخرون عدم المطابقة, حيث تم بيان وتعريف المطابقة على أنها(أن تتفق البضاعة التي تسلم إلى المشتري مع ما وقع عليه الاتفاق بينه وبين البائع)(1), أو هي (مطابقة الشيء المبيع للمواصفات المتفق عليها في العقد)(2).
أما عدم المطابقة فهي (تسليم مبيع لا يتطابق مع المعقود عليه)(3), أوهي (الاختلاف بين الشيء المتفق عليه في العقد وبين الشيء المسلم للمشتري)(4),
كما عرفها آخر بأنها (عدم صلاحية المبيع للاستعمال حسب طبيعة المبيع أو العقد أو الغرض المعد له المبيع)(5), أو إن عدم المطابقة هي(إلا تتوافر في المبيع الصفات التي تم الاتفاق عليها صراحةً أو ضمناً أو تلك الصفات التي كان يتوقع المشتري وجودها في المعقود عليه )(6)
ومن خلال ما تقدم , نعتقد إن تعريف الفقه للمطابقة أو عدم المطابقة , لا يختلف كثيراً في جوهره, باستثناء التعريف الأخير الذي وسع من مفهوم عدم المطابقة أكثر من تعريف المطابقة ,حيث اقتصر معنى المطابقة على المواصفات المتفق عليها بالعقد , بينما اشتمل تعريف عدم المطابقة على عدم صلاحية المبيع للاستعمال حسب طبيعة المبيع أو العقد أو الغرض المعد له المبيع ,أو تخلف الصفات التي كان يتوقع المشتري وجودها في المبيع.
وفي ضوء الملاحظة المذكورة أعلاه, يمكننا ان نُعرف ضمان مطابقة المبيع على انه (ضمان يلتزم بموجبه البائع بتسليم المشتري مبيعاً مطابقاً للمواصفات المتفق عليها في العقد فيكون مطابقاً للغرض المعد له المبيع او للغرض الخاص بالمشتري).
ويتبيّن من ذلك ان للغرض نوعين الأول يتعلق بالمبيع(الغرض المعد له المبيع), والثاني يتعلق بالمشتري(الغرض الخاص للمشتري).
ومن خلال هذا التعريف يمكن استخلاص خصائص هذا الضمان على انه :-
1. ان ضمان المطابقة هو التزام بتحقيق نتيجة(7) وفقاً لما اشتمل عليه العقد من شروط صريحة أو ضمنية , حيث يتعين على البائع تسليم مبيع يتفق مع ما تم ذكره في العقد أو ان يتفق مع الغرض المعد له المبيع أو الغرض الخاص للمشتري .
2. ان الغرض الخاص للمشتري من الموضوعات الشخصية, التي يصعب الكشف عن حقيقتها, فلا بد من إخضاعه لمعايير تتعلق بصفة المشتري أو بالاعتماد على البيانات المقدمة من البائع أو تلك البيانات الملصقة على المبيع, أو إخضاعه للسلطة التقديرية للقاضي , حيت يمكن الاعتماد على بعض هذه المعايير , كما لو كان المشتري لا يتقن القراءة او ان المبيع لا يحتوى على ملصق يبّين غرضهُ , فهنا نعتمد على ما يقدمه البائع من بيان يوضح فيه الغرض المعد له المبيع , حتى نمنع المشتري من التعسف باستعمال حقه الناتج عن هذا الضمان.
أما موقف القضاء من ضمان المطابقة , فقد تمت الاشارة إلى مضمون هذا الضمان في منطوق الأحكام الصادرة من القضاء, في أكثر من مناسبة, بل كان القضاء أكثر تشدداً, من التشريع والفقه بضرورة تحقق المطابقة في المبيع وان كان تخلف المواصفات متحققاً في مواصفات المبيع الجمالية , حيث أشار احد الأحكام الصادرة من القضاء الفرنسي على انه (يتحقق الإخلال بضمان المطابقة وان لم تكن للخاصية المطلوبة في المبيع أية قيمة عملية ,بان كانت ذات قيمة جمالية مجردة)(8).
أضف إلى ذلك , ان القضاء الفرنسي قد اصدر احكاماً تقضي بان تخلف المطابقة لا يشترط فيه الضرر المادي الذي قد يصيب المشتري جراء تخلف المطابقة , حيث ورد الحكم على انه (إذا كانت النسخة المسلمة من كتاب تحمل رقماً مختلفاً عن الرقم المحدد في طلب الشراء المقدم للناشر كان هناك إخلال بهذا الضمان حتى وان لم يكن هناك أي اختلاف في الثمن)(9).
أما موقف القضاء العراقي من ضمان المطابقة , فقد أشار في بعض أحكامه إلى ضمان المطابقة ضمناً فيما أصدره من قرارات , حيث قررت محكمة التمييز الاتحادية نقض الحكم الصادر من محكمة الموضوع في قضية تتلخص وقائعها بتجهيز مولدة كهربائية سعة(600 (KVA ولدى استلامها وجدت ناقصة ومخالفة لمواصفات العقد والمخططات التفصيلية والميكانيكية والكهربائية وعدم وجود (general over ) ولا كاتم الصوت مع ملحقاته, حيث ان محكمة الموضوع ردت الدعوى وهو القرار الذي نقضته محكمة التمييز الاتحادية , وأسست قرارها على ان المدعي الذي يدعي ان المولدة مخالفة لشروط العقد بسبب النواقص, كان الأجدر بمحكمة الموضوع الخوض والتحقق من مطابقة المولدة المجهزة للمواصفات بعد الاستعانة بالخبراء ومن ثم إصدار الحكم(10).
إلا ان القضاء العراقي لم يبلور ضمان المطابقة في حكم لاحق , فعدّ في احكام لاحقة عدم المطابقة من العيوب الخفية , وهذا خلط بين المطابقة والعيب الخفي وذلك من خلال الحكم الذي اصدرته محكمة التمييز الاتحادية ونصه الآتي: (بعد استلام الأجهزة موضوع العقد المبرم بين الطرفين, اكتشف ان الأجهزة التي قام المميز عليه بتجهيزها غير مطابقة للشروط والمواصفات المنصوص عليها بالعقد من حيث المنشأ بالإضافة إلى الغش الصناعي , وان ذلك يعد عيوباً خفية استناداً إلى ضمان العيوب الخفية المنصوص عليها في المادة (558))(11 ).
__________
1- د. محمود سمير الشرقاوي , الالتزام بالتسليم في عقد بيع البضائع , مجلة القانون والاقتصاد العددان (4،3), السنة الثالثة والاربعون, الشركة المتحدة للنشر والتوزيع, 1976,ص366.
2- Jean Calais- auloy, auloy ,anticle Precite ,P .701et 705, F. collart Dutilleul et ph .Delebecque , contracts civils et contracts commerciaux , ed. Dalloz 2001 nos 232 et 233, p. 202 , Laurent leveneur, droit des contrats 10 ans de jurisprudence cimmentee 1999- 2000, ed . Litec , no . 347 p. 564.
-نقلاً عن : د ممدوح محمد علي مبروك , ضمان مطابقة المبيع في نطاق حماية المستهلك, مطبعة النهضة العربية, القاهرة,2008,ص7.
3- د. حسام الدين الاهواني , عقد البيع في القانون الكويتي , مطبعة ذات السلاسل , الكويت , 1989,ص726.
4- Ph, le étourneau ET loic cadiet , droit de la Responsabilité ET des contractés , ed. Dalloz 2002-2003, n 5464,p, 1055. jean Jacque BARBIERI, contractés civils , contractés commerciaux , ed. Armand Colin, 1995P.63.
- نقلاً عن: د0 ممدوح محمد علي مبروك , مصدر سابق,ص8.
5- د. ثروت عبد الحميد ,مصدر سابق, ص19 .
6- د. حمدي احمد سعد ,القيمة العقدية للمستندات الإعلانية - دراسة مقارنة , دار الكتب القانونية ,مصر, 2007,ص127.
7- Huet , Trait de Eloit civil, sous La direction de Ghestin, les principaux Contrats spéciaux,1996. n. 250,251/ 8,9,12,
- نقلاً عن د . احمد شوقي محمد عبد الرحمن, مسؤولية البائع عن ضمان العيوب الخفية في بيوع السيارات في الفقه والقضاء المصري والفرنسي , منشأة المعارف – الاسكندرية -2007, ص124.
8- Cass.civ.1er dec.1987.R.T.D.CIV,1988 P338.Obs.REMY.
- نقلاً عن د. عمر محمد عبد الباقي, الحماية العقدية للمستهلك, منشأة المعارف , الإسكندرية, 2004,ص708.
9- Cass lre ch,civ..26nov.1980.R.T.D.Civ,.1981.p647.
نقلاً عن د. ثروت عبد الحميد , مصدر سابق ,ص35.
10- قرار محكمة التمييز الاتحادية العراقية رقم 575/مدنية منقول/2006في 31/10/2006, متاح على الرابط التالي:
11- قرار محكمة التمييز الاتحادية العراقية , رقم158/ الهيأة الاستئنافية منقول/2012, قرار غير منشور.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|