أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-10-23
907
التاريخ: 2023-10-23
1180
التاريخ: 21-11-2020
1291
التاريخ: 2023-10-23
973
|
تقيس السرعة المسافة المقطوعة خلال فترة زمنية. وبمقتضى «الحس العام»، أو بالأحرى، بمقتضى قوانين إسحاق نيوتن، فإن وحدات المتر والكرونومتر، التي تقيس المكان والزمان، واحدة للجميع. والسرعة هي نسبة المسافة المقطوعة إلى الوقت المنقضي، والسرعات النسبية تزيد أو تنقص حسب ما إذا كنا نتجه نحو الشيء المسرع أم نبتعد عنه. غير أن «الحس العام» أخفق فيما يتعلق بأشعة الضوء، لأنه مهما تكن سرعتك أو اتجاه حركتك، فإن سرعتك النسبية ثابتة بالنسبة لشعاع الضوء. وقد أدرك أينشتاين أن ثمة خطأ ما في مفهومنا عن المكان والزمان.
ما المقصود بالتزامن؟ إذا وقع شيئان «في الوقت نفسه»، لشخصين أحدهما على كوكب الأرض والآخر رائد فضاء على كوكب المريخ، كيف لهما أن يعرفا أن ساعتيهما متزامنتان؟ إذا استطعنا أن نبعث إشارة زمنية إلى كوكب المريخ في الحال، عندئذ سيكون كل شيء على ما يرام، لكن في حقيقة الأمر ثمة تأخير زمني لأن الإشارة الزمنية تستطيع أن تسافر بسرعة الضوء فحسب. وعندما يتسلم رائد الفضاء على كوكب المريخ إشارتنا يمكنه أن يبعث لنا بإشارة ليؤكد تسلمه الإشارة الأولى، وعندئذ يمكننا أن نضبط ساعتنا تبعا لذلك. يبدو الأمر بسيطا. لكن الكواكب في حالة حركة؛ للوهلة الأولى يمكن أن يؤخذ هذا أيضا بعين الاعتبار، غير أن تجربة أخرى من تجارب أينشتاين الفكرية تكشف، على الأقل من الناحية الاستعارية، أن الأمر ينطوي على أكثر مما، يبدو للعيان.
لا بد أن أينشتاين كان مغرما بالقطارات. تخيل أنك تقف في منتصف قطار لا يتحرك، وأنك ترسل إشارة ضوئية إلى سائق القطار بالعربة الأمامية والحارس بالعربة الخلفية. سيتسلم الرجلان الإشارة الضوئية في اللحظة عينها. هذه الحقيقة سيتفق معك فيها شخص يقف بجوار خط السكك الحديدية. والآن افترض أن القطار يتحرك بسرعة ثابتة ولم يعد ساكنا. أنا أقف على الرصيف بجوار القطار في اللحظة التي تمر بي فيها وأنت ترسل الإشارة الضوئية إلى السائق والحارس، سترى أنت الإشارة تصل إليهما في اللحظة نفسها، لكنني لن أرى هذا لأن الضوء لا يصل إلى هناك بشكل فوري؛ ففي اللحظة التي استغرقها شعاع الضوء كي ينتقل من منتصف القطار إلى طرفيه، تكون مقدمة القطار قد ابتعدت عني في حين أن مؤخرته دنت مني. ومن الزاوية التي أقف بها ستصل الإشارة إلى الحارس قبلما تصل السائق بعدد قليل من النانو ثانية (النانو ثانية هي جزء على المليار من الثانية. يتحرك شعاع الضوء بسرعة 30 سنتيمترا في النانو ثانية، أو قدم حسب وحدة القياس القديمة التي تعادل طول قدمك تقريبا)، في حين أنك تصر أن الإشارة الضوئية وصلتهما بالتزامن في اللحظة نفسها. فالتزامن كما. يرصده شخص على متن القطار ليس هو التزامن بالنسبة لشخص يقف على الرصيف بجوار القطار، ويتوقف تعريفنا للفترات الزمنية؛ أي انقضاء الوقت، على حركتنا النسبية.
كان أينشتاين قد أدرك أن الحقيقة العجيبة التي مفادها أن سرعة الضوء ثابتة، بمعزل عن حركة المستقبل أو المرسل، ترتبط بطريقة أو بأخرى بفكرة اختلاف الزمن المنقضي بالنسبة للأشخاص الذين هم في حالة حركة بالنسبة إلى بعضهم البعض. ثمة طريقة «طبيعية» واحدة حتى يمكن لسرعة الضوء أن تظل ثابتة على الدوام، وهي أن تكون مطلقة، وفي تلك الحالة تنتقل الإشارات على الفور ومن ثم لا حاجة بنا إلى أن نفكر مليا فيما ينطوي عليه تعريف الفترات الزمنية وقياسها ومقارنتها. فسرعة الضوء في حياتنا اليومية سرعة محددة، وتلك الفوارق الزمنية الطفيفة لا يمكن ملاحظتها. تمثلت فكرة أينشتاين العبقرية في أنه لما كانت سرعة الضوء محددة وثابتة، فإن هذا يعني أننا لا أن نعيد النظر في الأشياء التي اعتبرناها قبلًا بديهية، إن كنا قد فكرنا بها من الأساس.
درس أينشتاين النتائج المنطقية وتوصل إلى أنه عندما تقاس الفترات الزمنية، والمسافات أيضا، في أحد أطر القصور الذاتي فإنها تختلف عندما تقاس في إطار قصور ذاتي آخر، ويعتمد عدم التوافق على السرعة النسبية بين إطاري القصور الذاتي. تنكمش الفترات الزمنية ويتمدد الزمن بالقدر عينه، وبالنسبة للشخصين اللذين يتحركان بسرعة معينة، قدرها، بالنسبة لبعضهما البعض تكون النسبة
، وهي النسبة نفسها التي استحدثها لورنتز وفيتزجيرالد في نظريتهما المتعلقة بالأثير. وفقا للسرعات التي نألفها في حياتنا اليومية العادية، هذا المعامل قليل لدرجة تجعل هذه المفاجآت تمر دون أن تلحظ، لكن بالنسبة للجسيمات الذرية سريعة الحركة، مثل تلك الموجودة في الأشعة الكونية أو مختبرات معجلات الجسيمات كمختبر سيرن، تعد تأثيرات النسبية في غاية الأهمية.
من الجسيمات التي يشيع وجودها في الأشعة الكونية جسيم يسمى «الميوون». يبلغ عمر الميوون جزءا على المليون من الثانية فحسب. ولما كانت الميوونات تنبعث من الأشعة الكونية عند قمة الغلاف الجوي، أي عند ارتفاع 20 كيلومترا فوق سطح الأرض، وتتحرك بسرعة 300 مليون متر في الثانية تقريبا، فستتمكن الميوونات من السفر لمسافة حوالي 300 متر على الأكثر في حياتها كلها. الأمر الرائع أنها ستتمكن من الوصول إلى الأرض، فميوونات الأشعة الكونية تخترق صفحة هذا الكتاب الآن. كيف يمكن للميوونات أن تسافر مسافة 20 كيلومترا من الغلاف العلوي في جزء على المليون من الثانية؟ يستحيل هذا. يمكن تفسير هذا بأن الزمان والمكان من منظور الميوون سريع الزوال لهما معدل مختلف عن ذلك الذي يعيه المراقب على الأرض. ينقضي جزء على المليون من الثانية حسب توقيت الميوون، لكن التحرك بسرعة كبيرة نحو الأرض وفق المعادلة
قد يستغرق بضعة آلاف الأجزاء على المليون من الثانية. سيمتد الزمن المقاس وفقا لساعة موجودة على الأرض بمقدار عدة مئات الأجزاء على الثانية، وهو ما يعد كافيا كي يقطع الميوون مسافة 20كم. وهكذا يمكن تفسير التناقض في ضوء مصفوفة الزمكان التي يعيش فيها المراقب الموجود على الأرض، لكن كيف يمكن تفسيرها من منظور الميوون؟ من منظور الميوون، يعتبر الميوون نفسه ساكنا والأرض هي التي تندفع نحوه. والمسافة التي يقيسها المراقب الموجود على الأرض على أنها تبلغ 20 كيلومترا تنكمش من منظور الميوون إلى كسر يسير نسبته
،
وهو ما يجعل المسافة تبدو من منظور الميوون بضعة أمتار معدودة فحسب. سيكون لدى الميوون جزء على المليون من الثانية ليعيشه، وسيقطع فيه بضعة أمتار، وهذا لن يمثل له مشكلة.
هي يرتبط انكماش الطول بتمدد الزمن على نحو دقيق، ومن ثم تكون سرعة الضوء - التي أبعادها نفسها سواء للميوونات المتحركة أو نسبة المسافة والزمن – هي للعلماء الساكنين على الأرض. لو كان الضوء يتحرك بسرعة لانهائية بحيث يمكن إرسال الإشارات بشكل فوري، لما استبد بنا القلق بشأن أي من هذه الأشياء «غير الطبيعية»، ولكان قياس الفترات الزمنية والمسافات المكانية واحدا للجميع. في مثل هذه الحالة كانت الميوونات ستتمكن أيضا من أن تسافر بسرعة لانهائية تجعلها تصل إلى الأرض بشكل فوري. إن حقيقة أن سرعة الضوء محددة هي التي تجعل بنية المكان والزمان تتوقف على سرعتنا، ولأن سرعة الضوء كبيرة ومحددة فنحن في المعتاد لا نشعر بها في شئون حياتنا البطيئة.
مع أن الفترات الزمنية والمسافات المكانية تختلف من إطار لآخر، كشف تحليل أينشتاين أن مزيجا معينا يظل كما هو. وهذا يكون صورتنا الحديثة عن الزمكان. يمكن تصوير المزيج الثابت من خلال مبدأ مألوف في الهندسة في بعدين أو ثلاثة أبعاد، لكنه يمتد إلى بعد رابع؛ ثلاثة أبعاد مكانية بالإضافة إلى الزمن الذي يعامل كبعد رابع.
الزمكان
كانت نظرية ماكسويل المتعلقة بالظواهر الكهربائية والمغناطيسية – حيث يتمتع الإشعاع الكهرومغناطيسي بسرعة واحدة ثابتة – هي التي قادت إلى رؤى كونية جديدة لأينشتاين كما عبر عنها في نظرية «النسبية الخاصة». أثبت أينشتاين أن مبدأ نيوتن لأطر القصور الذاتي، بشبكته الاستعارية المتكونة من قضبان القياس والتدفق الثابت للزمن، ما هو سوى تقريب لصورة أكثر عمقا. ثم لاحظ عالم الرياضيات الألماني هيرمان مينكوفسكي أن هذه النظرية تقلدت شكلًا مألوفا إذا صار المكان والزمان ممتزجين معا فيما أصبح معروفا باسم الزمكان رباعي الأبعاد. نعرف جميعنا نظرية فيثاغورس للمثلث القائم الزاوية في بعدين، التي تقضي بأنه إذا كان x وy هما طولا الضلعين الأفقي والرأسي، عندئذ يساوي مربع الوتر s مجموع مربعي الضلعين الآخرين: y2+ s2 = x2. يمكن التفكير في x وy على أنهما خطا الطول والعرض لنقطة ما؛ يمكننا أن ندير الخريطة فنحصل على خطوط جديدة للطول والعرض، مدارة مقارنة بموضعها السابق، لكن الخطين يظلان متعامدين أحدهما على الآخر. ويظل مربع الوتر الذي يربط بين الخطين الجديدين يساوي مجموع مربعيهما حتى عند إدارة الخريطة (انظر الشكل5 -1). في الأبعاد الثلاثة لدينا العرض والطول والارتفاع فوق سطح الأرض z، وعندئذ يعمم مقياس المسافة الثابتة بحيث يصير
s2 = x2 + y2 + z2. وينطبق هذا على أي إطار قصور ذاتي: فسواء أديرت الخطوط أو أزيحت، تظل المسافة s2 كما هي.
شكل 5-1: أخبرنا فيثاغورس أن s2 = x2 + y2 بصرف النظر عن الاتجاه العمودي للضلعينx وy
في النسبية الخاصة، مع انتقال المرء من إطار مرجعي إلى آخر يكون هذا المقدار متغيرا. في الإطار سريع التحرك تنكمش المسافات. لكن الساعات الزمنية أيضا تسجل الزمن بمعدلات مختلفة. ويتضح أن التوليفات التالية للمكان والزمان في إطارين تظل ثابتة: t2 c2 - s2 = x2 + y2 + z2 حيث ترمز c إلى سرعة الضوء (الثابتة). اقترح مينكوفيسكي أن ينظر إلى الزمان والمكان على أنهما زمكان واحد رباعي الأبعاد، على أن الجانب المختلف اختلافا طفيفا لبعد الزمان مقابل بعد المكان تطوقه جزئيا علامة السالب التي تظهر أمام الإحداثي الزمني، في مقابل العلامات الموجبة التي تخص الإحداثيات المكانية.
كل هذه الأفكار العميقة نبعت من التفكير في الكيفية التي تبدو عليها الظواهر الكهرومغناطيسية للمراقبين في أطر القصور الذاتي المختلفة (كان عنوان بحث أينشتاين هو «عن الديناميكية الكهربائية للأجسام المتحركة»). ولم تشتمل قط التجارب الفكرية على تأثيرات الجاذبية، مما جعل أينشتاين يدرك أن نظريته ناقصة، فالإلكترون والبروتون داخل ذرة الهيدروجين يتفاعلان من خلال القوة الكهرومغناطيسية، ومن خلال الجاذبية أيضا؛ لذا لا بد أن يكون نسيج الزمكان هو نفسه في كلا التفاعلين، لأنهما لو كانا مختلفين، فلمن ستكون السيادة على الآخر؟ بصفة عامة، كان من المستحيل تصور أن الفراغ الذي تحدث فيه الظواهر الكهرومغناطيسية يعمل بنسيج زمكان يختلف عن ذلك الذي ينطبق على قوة الجاذبية المنتشرة في جميع الأرجاء. بمقتضى نظرية الجاذبية لنيوتن، تتفاعل الشمس والأرض في الحال، غير أنه وفقا لنظرية النسبية لأينشتاين التي صاغها عام 1905، فمثل هذه التفاعلات يمكن أن تنتقل بسرعة الضوء فحسب، وهو ما يعني أن الزمن ينقضي في تفاعلات الجاذبية كما الحال مع القوى الكهرومغناطيسية. قد يبدو هذا غير وثيق الصلة من الناحية الواقعية لأن الكواكب تتحرك حول الشمس بسرعة تقل عن جزء على الألف من سرعة الضوء، وهي سرعة «منخفضة» لا مجال فيها للمؤثرات المتعلقة بنظرية النسبية. غير أن ثمة مسألة مبدأ هنا، وقد حسمها أينشتاين بنظرية النسبية العامة التي نشرها عام 1916.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل معتمد المرجعية الدينية العليا وعدد من طلبة العلم والوجهاء وشيوخ العشائر في قضاء التاجي
|
|
|