أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-7-2022
1338
التاريخ: 16-4-2022
2175
التاريخ: 24-4-2022
2518
التاريخ: 15-5-2022
1923
|
إن أهم سبب لتجذر الفساد في المجتمع هو وجود وسائل الإثارة والتحلل فيه، فخصلات الشعر البارزة، والأجسام العارية، والمشاهد المثيرة والمتهتكة، والأنغام الموسيقية المحرمة، تغطى القلب بغشاوة تحول بينه وبين الإرتباط بالمُثل المعنوية الشفافة.
فالعين التي تقضي يومها بالتفرج على المشاهد المبتذلة في الشارع والسوق، ودأبت على مشاهدة الأفلام السينمائية وأشرطة الفيديو المحرمة، أنى لها أن تأنس بعالم الملكوت؟ وهل بإمكان القلب الذي شغف بحركات وتصرفات الراقصة الفلانية، في الفلم الفلاني المحلي أو الأجنبي، أن يُشغِفَ بحب الله؟!
ألسنا نُقِرّ دينياً وعلمياً بوجود صلة وثيقة بين الباطن والظاهر؟ ألا نؤمن بأن العين جاسوس القلب؟ ألا نعترف بأن حواسنا هي منافذ العالم الخارجي الى الداخل؟ أليس للتحولات الباطنية والظاهرية إنعكاسات متبادلة؟
فإن كان الأمر كذلك فالمطلوب أولا بناء الظاهر لأجل إصلاح الباطن، وإن تطهير القلب يقتضي أولاً الاعتناء بتجميل الظاهر.
نريد أن نقول هنا بأن الوساوس المتأتية من الشارع والسوق، والاثارة الناتجة عن مشاهدة أشرطة الفيديو والسينما والتلفزيون، تسلب السكون والطمأنينة من قلب الفتيان، وتقتل فيهم روح التقوى والعبادة، حتى إن أحدهم قد يشعر بلذة ارتكاب الذنب حين ينظر الى خصلات شعر فتاة أوربية، ويقول في نفسه: وما جدوى الصلاة بعد هذا؟! فأنا قد أصبحت مذنباً، وصرت من أصحاب النار من جراء مشاهدتي للمنظر الفلاني، فما جدوى صلاتي؟
وغرضنا من كل هذا هو القول: بأن هذه الجوانب من حياة الإنسان إذا بقيت دون حل، فلن تنتهي تلك المشكلة الى أية نتيجة.
إن وجود مثل هذه الظروف والأجواء لا يُعفي الوالدين والمربين من واجباتهم في الإرشاد والتوجيه، فالواجب يقتضي النصح والتوعية، والأخذ بيد الفتيان والفتيات، وتوجيههم بأي أسلوب أو طريق متاح، أما الإجراءات العملية فيجب أن تتخذ على الأصعدة التالية:
١- ما يتعلق بالمراهق نفسه
والمساعي التي ينبغي بذلها في هذا المجال، وهي كما يلي:
أ- القضاء على الجهل، وذلك يتم على يد الأبوين والمربين وبواسطة الاستفادة من الكتب والمجلات والقدرة البيانية.
ب - خلق الرغبة لديه في المسائل الدينية، عن طريق إقامة علاقة صداقة معه قائمة على المحبة والصراحة.
ج- استثمار شعوره وحماسه الديني وشغفه العرفاني، وعرض المشاهد المثيرة ديناً عليه.
د - خلق اعتقاد لديه -عن طريق المناقشات العائلية - بأن رقابة الله على أعمالنا قائمة ومستمرة.
هـ - الاستفادة من فكره الانتزاعي لإدراك الظواهر والقدرة الإلهية، فبإمكانه في هذه السن إدراك العلاقة القائمة بين مختلف الظواهر، وأن يفهم ارتباط العلة بالمعلول.
و - تعريفه بحقيقة هذا العالم، وهذا يستلزم شهامة عالية.
ز - وضع مناهج التربية على أساس النضج، مع الالتفات الى خصوصيات المراهق الذي يهدف الإسلام بناءه (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظله.. وشاب نشأ في عبادة الله)(1).
ح - التذكير بنعم الله: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ} [المائدة: 7].
ط - الرد على أسئلتهم الدينية، وتزويدهم بما يدافعون به عن الدين من الحجج والبراهين.
ي - خلق الأرضية اللازمة لديهم للتعرف على ذواتهم وإصلاح أنفسهم ومحاسبتها.
ويجب هنا إضافة هذه النقطة، وهي: إن دعوة الشباب الى الدين، بما في ذلك الصلاة، تنحصر في سبل ثلاثة:
اولاً: تبيان الحقائق والمعارف التفصيلية.
ثانياً: النصح والموعظة.
ثالثاً: البحث والمناقشة.
ولا شك أن تبصير الأشخاص، وتوعيتهم، وشحذ هممهم، وشد عزائمهم من أجل توجيههم الى الالتزام بالدين وتعاليمه، له دور أساسي في هذا الجانب. لنمعن النظر فيهذه الآية الشريفة التي تبين مقصودنا بكل وضوح: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التغابن:7، 8].
٢- في ما يتعلق بالعائلة:
هنالك جوانب وبرامج في هذا المجال لها تأثيرها في استقطاب وجذب الأشخاص، ويمكن تلخيص المهم منها في النقاط التالية:
أ- البعد المثالي للعائلة؛ فمثلاً يتوجب على الأب والأم الكف عن جميع مشاغلهم الأخرى أثناء الصلاة والتوجه نحوها، ويعد هذا بذاته درسا تربويا وعمليا مؤثرا.
ب - استخدام المؤثرات الصوتية والكلامية التي تستهوي الآخرين، كالصلاة جهراً وبصوت لطيف وجذاب، والتحدث بأسلوب ونغمة جذابة.. الخ.
ج- إقامة علاقة طيبة مع المراهق مستثمرين العواطف العائلية الدافئة؛ كالتعبير له عن مشاعر المحبة، وإظهار الرحمة والشفقة تجاهه، واستثارة عواطفه، بل وحتى استغلال المحبة والغضب في وقت واحد.
د - الاستفادة من مجال التشخيص الطبي واستشارة المتخصصين، والتعاون والتشاور معهم لمواجهة الأمور على أفضل وجه، وبالنتيجة اتخاذ الخطوات المناسبة في الارشاد والتوجيه في الوقت المناسب.
هـ - مراقبة الشخص بشكل غير مباشر، وملاحظة سلوكه ونشاطه، وحثه على الصلاة عند حلول وقتها وإلزامه بأدائها، ولا يستوجب الأمر هنا استخدام أساليب العنف والشهير والعقوبة.
و - وأخيراً نرى من الضروري الالتفات الى هذه النقطة التي يؤكدها الاسلام والعلم، وهي أن بإمكان القلب هداية القلب، فكلام المربي يؤثر في الآخرين إذا كان مبعثه الروح والقلب. والنصائح المخلصة، والتوجهات النابعة من صميم القلب مؤثرة لا ريب، والأمثلة على ذلك كثيرة جداً.
٣- في ما يتعلق بالرفقاء والزملاء:
نحن ندرك أن المراهق يقبل على الصداقة ويتقبلها برحابة صدر، وهو متطرف في ذلك وسريع الانقياد لمرافقة أقرانه، هذه الظاهرة تنبثق منذ السنين الأولى لمرحلة المراهقة، حتى إن سن الحادية عشرة تدعى بسن الصداقة، فالصديق والقرين يؤثر في قلب الانسان وروحه، بل ويؤثر أيضاً على إيمانه ومعتقده: «المرء على دين خليله وقرينه»(2).
إن تأثير الصداقة في هذه المرحلة يبلغ قدراً من الشدة، بحيث وصفته هيلين دوج بقولها: «إنهم يتحملون الصعاب في سبيل الصديق، وهذه الحالة أشد طبعا عند الفتيات».
وكما تعد الصداقة والمخالطة من عوامل الصيانة الخلقية، فقد تصبح ايضا في بعض الحالات سببا للإنحراف والفساد، ولو اننا تمكنا من تهيئة الظروف التي تقوده لمرافقة الأقران من ذوي التدين والتربية نكون قد قطعنا بذلك شوطاً مهماً من هذا الطريق الطويل في التربية الدينية.
إن دور الأقران يفوق دور الوالدين في ثلاث مراحل من مراحل الحياة، وإحدى هذه المراحل هي فترة البلوغ والمراهقة، فما أكثر المراهقين الذين يرغبون في مماثلة ومشاكلة وتقليد أقرانهم بالتمام والكمال، فإما أن تقودهم تلك الرغبة لوضع أرجلهم على الطريق القويم، وإما أن يفقدوا كل ما لديهم من مصداقية وعزة.
وهذا ايضاً وجه آخر من أوجه المخالطة، فقد ورد في إحدى الدراسات الاستطلاعية: بأن الفتيات في سن الثانية عشرة من العمر، والفتيان بعد هذا السن بقليل ينجذبون - وانطلاقاً من المثل التي تستهويهم في مرحلة البلوغ - الى شخصيات الآخرين فتكون لأحاديث أولئك وكلماتهم آثارها النافذة عليهم.
يظهر عليهم في هذه السن ميل واضح نحو الآخرين، فتؤثر فيهم كلمات وتصرفات شخص مهم يحظى بوجاهة اجتماعية رفيعة - وبالخصوص إذا لاحظ المراهق اهتمام الأجهزة الاعلامية والمؤسسات الرسمية، وغير الرسمية به وبأحاديثه، وإبرازه كشخصية هامة -وهذا الدافع يثير لديهم الرغبة في تقليد النمط الفلاني، والجانب الفلاني من تلك الشخصية.
فلو نظرنا الى برامج الاذاعة والتلفزيون فإننا نشاهد في بعض الأحيان عالم دين - على سبيل المثال - يقدم برامج متتالية يذكر فيها بعض القصص، ويستخدم أساليب اعلامية خاصة، فيستهوي بذلك قلوب المراهقين والشباب، ويجري اسمه وذكره على الالسن، وينتشر صيته، فتلتفت إليه مجاميع اخرى.. وهكذا.
إن اهتمام العوائل بأبنائها، وحثهم على الالتزام بأداء الصلاة، بأساليب عاطفية شفوقة، يترك عليهم أثراً كبيراً، وكذلك تشجيع المراهقين على الانضمام الى المنظمات والمجاميع التي تهتم بأمر الدين والعبادة والصلاة له تأثير مماثل أيضا، فالإيحاء الجماعي يؤثر على الأشخاص بشدة، ويجعلهم يميلون الى الصلاة حتى وإن لم يكونوا مؤمنين بها، وتتحول تلقائيا الى عادة مغروسة في نفوسهم على أقل تقدير، وإذا كانت تلك المجاميع والمنظمات ملتزمة بالقيم والمفاهيم الايمانية ويقودها شخص مؤمن، كان الأمل بالهداية أكبر.
_________________________
(١) الخصال للصدوق: 2 / 343 ح8. عنه بحار الانـوار 69 / 377 ح٣٠.
(2) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله): مسند احمد بن حنبل: 2/ 303، المستدرك للحاكم 4 /171.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|