المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27



اغتيال وشهادة الإمام موسى الكاظم ( عليه السّلام )  
  
3347   07:28 مساءً   التاريخ: 14-1-2023
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 9، ص173-182
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام موسى بن جعفر الكاظم / شهادة الإمام الكاظم (عليه السلام) /

لقد عانى الإمام الكاظم ( عليه السّلام ) أقسى ألوان الخطوب والتنكيل ، فتكبيل بالقيود ، وتضييق شديد في التعامل معه ومنعه من الاتصال بالناس ، وأذى مرهق ، وبعد ما صبّ الرشيد عليه جميع أنواع الأذى أقدم على قتله بشكل لم يسبق له نظير محاولا التخلص من مسؤولية قتله وذهب أكثر المؤرخين والمترجمين للإمام إلى أن الرشيد أو عز إلى السندي بن شاهك الأثيم بقتل الإمام ( عليه السّلام ) فاستجابت نفسه الخبيثة لذلك وأقدم على تنفيذ أفضع جريمة في الإسلام فاغتال حفيد النبي العظيم ( صلّى اللّه عليه واله ) .

فعمد السندي إلى رطب فوضع فيه سما فاتكا وقدّمه للإمام فأكل منه عشر رطبات فقال له السندي « زد على ذلك » فرمقه الإمام بطرفه وقال له :

« حسبك قد بلغت ما تحتاج اليه » .

ولمّا تناول الإمام تلك الرطبات المسمومة تسمّم بدنه وأخذ يعاني آلاما شديدة وأوجاعا قاسية ، قد حفت به الشرطة القساة ولازمه السندي بن شاهك الخبيث فكان يسمعه في كل مرة أخشن الكلام وأغلظه ومنع عنه جميع الاسعافات ليعجل له النهاية المحتومة .

وفي الأثناء استدعى السندي بعض الشخصيات والوجوه المعروفة في قاعة السجن ، وكانوا ثمانين شخصا كما حدّث بذلك بعض شيوخ العامة - حيث يقول : أحضرنا السندي فلما حضرنا انبرى إلينا فقال :

انظروا إلى هذا الرجل هل حدث به حدث ؟ فإنّ الناس يزعمون أنّه قد فعل به مكروه ، ويكثرون من ذلك ، وهذا منزله وفراشه موسّع عليه غير مضيّق ، ولم يرد به أمير المؤمنين - يعني هارون - سوءا وإنما ينتظره أن يقدم فيناظره ، وها هو ذا موسّع عليه في جميع أموره فاسألوه .

يقول الراوي : ولم يكن لنا همّ سوى مشاهدة الإمام ( عليه السّلام ) ومقابلته فلما دنونا منه لم نر مثله قطّ في فضله ونسكه فانبرى إلينا وقال لنا :

« أما ما ذكر من التوسعة ، وما أشبه ذلك ، فهو على ما ذكر ، غير أني أخبركم أيها النفر أني قد سقيت السمّ في تسع تمرات ، واني اصفر غدا وبعد غد أموت » .

ولمّا سمع السندي ذلك انهارت قواه واضطرب مثل السعفة التي تلعب بها الرياح العاصفة[1] فقد أفسد عليه ما رامه من الحصول على البراءة من المسؤولية في قتله .

إلى الرفيق الأعلى

وبعد أكله للرطب سرى السمّ في جميع أجزاء بدن الإمام ( عليه السّلام ) وقد علم أنّ لقاءه بربّه قد حان فاستدعى السندي . « فلمّا مثل عنده أمره أن يحضر مولى له ينزل عند دار العباس بن محمد في مشرعة القصب ليتولى غسله ، وسأله السندي أن يأذن له في تكفينه فأبى وقال ( عليه السّلام ) :

إنّا أهل بيت مهور نسائنا وحجّ صرورتنا وأكفان موتانا من طاهر أموالنا ، وعندي كفني[2].

واحضر له السندي مولاه ، وثقل حال الإمام ( عليه السّلام ) ، وأشرف على النهاية المحتومة ، فأخذ يعاني آلام الموت فاستدعى المسيب بن زهرة فقال له :

إني على ما عرّفتك من الرحيل إلى اللّه عزّ وجلّ فإذا دعوت بشربة من ماء فشربتها ورأيتني قد انتفخت ، واصفرّ لوني واحمرّ واخضرّ وتلوّن ألوانا فأخبر الطاغية بوفاتي .

قال المسيب : فلم أزل أراقب وعده حتى دعا ( عليه السّلام ) بشربة فشربها ثم استدعاني ، فقال لي :

يا مسيب ، إنّ هذا الرجس السندي بن شاهك سيزعم أنه يتولى غسلي ودفني .

وهيهات هيهات أن يكون ذلك أبدا .

فإذا حملت إلى المقبرة المعروفة بمقابر قريش فالحدوني بها ، ولا ترفعوا قبري فوق أربعة أصابع مفرّجات ، ولا تأخذوا من تربتي شيئا لتتبركوا به فإنّ كل تربة لنا محرمة إلّا تربة جدّي الحسين بن علي فإنّ اللّه عز وجل جعلها شفاءا لشيعتنا وأوليائنا .

قال المسيب : ثم رأيت شخصا أشبه الاشخاص به جالسا إلى جانبه ، وكان عهدي بسيدي الرضا ( عليه السّلام ) وهو غلام ، فأردت أن أسأله ، فصاح بي سيدي موسى ، وقال : أليس قد نهيتك ؟

ثمّ إنّ ذلك الشخص قد غاب عني ، فجئت إلى الإمام وإذا به جثّة هامدة قد فارق الحياة فأنهيت الخبر إلى الرشيد بوفاته » .

لقد لحق الإمام بالرفيق الأعلى وفاضت نفسه الزكية إلى بارئها فاظلمّت الدنيا لفقده وأشرقت الآخرة بقدومه ، وقد خسر الإسلام والمسلمون ألمع شخصية كانت تذبّ عن كيان الإسلام ، وتنافح عن كلمة التوحيد وتطالب بحقوق المسلمين وتشجب كل اعتداء غادر عليهم .

فسلام عليك يا بن رسول اللّه ، يوم ولدت ، ويوم استشهدت ، ويوم تبعث حيا .

والمشهور أن وفاة الإمام ( عليه السّلام ) كانت سنة ( 183 ه ) لخمس بقين من شهر رجب[3] وقيل سنة ( 186 ه )[4].

وكانت وفاته في يوم الجمعة وعمره الشريف كان يوم استشهاده خمسا وخمسين سنة[5] « أو أربعا وخمسين سنة[6].

التّحقيق في قتل الإمام ( عليه السّلام )

بعد قتل الإمام ( عليه السّلام ) حاول هارون أن يتخلّى عن مسؤولية قتله للإمام وأشاع بين الناس بأن الإمام قد مات حتف أنفه ، وأنّ هارون وأجهزته لا علاقة لهما بالحادث وذلك ضمن خطوتين :

الخطوة الأولى :

قام السندي بن شاهك بالخطوة الأولى من مسلسل التخلي ليمهّد الأجواء لسيده هارون في أن يتخلّى فيما بعد بنفسه عن مسؤولية هذه الجريمة .

يحدثنا عمر بن واقد عن تحرك السندي وكيفية تنصّله عن الحادث ، قال :

أرسل اليّ السندي بن شاهك في بعض الليل وأنا ببغداد يستحضرني ، فخشيت أن يكون ذلك لسوء يريده بي ، فأوصيت عيالي بما احتجت إليه ، وقلت : إنّا للّه وانّا اليه راجعون ، ثم ركبت اليه .

فلما رآني مقبلا ، قال : يا أبا حفص لعلّنا أرعبناك وأفزعناك ؟

قلت : نعم قال : فليس هناك إلّا خير .

قلت : فرسول تبعثه إلى منزلي يخبرهم خبري . فقال نعم .

ثم قال : يا أبا حفص أتدري لم أرسلت إليك ؟ فقلت : لا .

فقال : أتعرف موسى بن جعفر ؟ فقلت إي واللّه ، اني لأعرفه ، وبيني وبينه صداقة منذ دهر .

فقال : من هاهنا ببغداد يعرفه ممن يقبل قوله ؟ فسميت ، وجاء بهم كما جاء بي ، فقال : هل تعرفون قوما يعرفون موسى بن جعفر ؟

فسموا له قوما ، فجاء بهم ، فأصبحنا ونحن في الدار نيفا وخمسين رجلا ممن يعرفون موسى بن جعفر ( عليه السّلام ) قد صحبه .

قال : ثم قام فدخل وصلينا ، فأخرج كاتبه طومارا ، فكتب أسماءنا ومنازلنا وأعمالنا وحلالنا ، ثم دخل إليه السندي .

قال : فخرج السندي فضرب يده إليّ فقال : قم يا أبا حفص فنهضت ونهض أصحابنا ودخلنا .

فقال لي : يا أبا حفص اكشف الثوب عن وجه موسى بن جعفر فكشفته فرأيته ميتا ، فبكيت واسترجعت .

ثم قال للقوم : انظروا إليه فدنا واحد بعد واحد فنظروا إليه .

ثم قال : تشهدون كلّكم أنّ هذا موسى بن جعفر بن محمد ؟ فقلنا : نعم ، نشهد أنه موسى بن جعفر بن محمد .

ثم قال : يا غلام اطرح على عورته منديلا واكشفه ، قال : ففعل .

فقال : أترون به أثرا تنكرونه ؟ فقلنا : لا ، ما نرى شيئا ولا نراه إلّا ميتا .

ثم سجّل شهادتهم وانصرفوا[7].

الخطوة الثّانية :

وفي الخطوة الثانية قام هارون بنفسه ليعلن أمام حشد من وجوه الشيعة بأنه بريء من جريمة قتل الإمام .

عن محمد بن صدفة العنبري ، قال : لمّا توفي أبو إبراهيم موسى ابن جعفر ( عليه السّلام ) جمع هارون الرشيد شيوخ الطالبيّة وبنى العباس وسائر أهل المملكة والحكّام واحضر أبا إبراهيم موسى بن جعفر ( عليه السّلام ) فقال : هذا موسى ابن جعفر قد مات حتف انفه ، وما كان بيني وبينه ما استغفر اللّه منه في أمره - يعني في قتله - فانظروا إليه .

فدخل عليه سبعون رجلا من شيعته ، فنظروا إلى موسى بن جعفر وليس به أثر جراحة ولا خنق ، وكان في رجله أثر الحناء[8].

وضع الإمام على الجسر

وحسب الأوامر المعدّة سلفا من قبل هارون كما تدل عليها القرائن ، لأجل أن يتنصل عن قتله للإمام ، ليس أمام الشيعة فحسب وإنما أمام الأمة الإسلامية كلّها ، وأن تكون طريقة التخلّي من مسؤولية الحادث بأن يستبطن أن المقتول ما هو إلّا رجل عادي لا وزن له ، فعلام هذا التضخيم والتهويل والتشكيك بموته ؟

فتخطّى السندي بن شاهك بالأسلوب التالي : حيث وضع الإمام على جسر الرصافة وهو ميت ينظر إليه القريب والبعيد وتتفرّج عليه المارّة قد أحاطت بجثمانه المقدّس شرطة الطاغية القاتل وكشفت وجهه للناس قاصدين بذلك انتهاك حرمته ( عليه السّلام ) والحط من كرامته والتشهير به .

وقد أمر السندي جلاوزته أن ينادوا على جثمان الإمام بذلك النداء المؤلم الذي تذهب النفوس لهوله أسى وحسرة : « هذا إمام الرافضة فاعرفوه » هذا موسى بن جعفر الذي تزعم الرافضة أنه لا يموت فانظروا إليه ميتا .

متى قالت الشيعة إنّ الإمام موسى لا يموت ؟

نعم قالت الواقفية بذلك والشيعة منهم براء وهارون وجلاوزته أعلم من غيرهم بهذه الحقيقة . لكنه وسيلة من وسائل التشهير وإلصاق التهم بالشيعة بسبب أن الواقفية تذهب إلى أن الإمام موسى حي لم يمت وأنه رفع إلى السماء كما رفع المسيح عيسى بن مريم .

بهذا الأسلوب حاولت الأجهزة الحاكمة أن تنسب هذا الرأي للشيعة ظلما ، وتبرر الإهانة والاذلال وقد لحق النداء المذكور بهذا المقطع : ألا من أراد أن يرى الخبيث بن الخبيث موسى بن جعفر فليخرج[9].

وقد حاول هارون بهذا الأسلوب - بالإضافة إلى احتقار الشيعة واذلالهم - الوقوف على العناصر الفعّالة منهم والتعرف على مدى نشاطها وحماسها ، عن طريق هذا الاستفزاز الصارخ والاعتداء على كرامة الإمام ( عليه السّلام ) أمامها كأسلوب ماكر للتخلّص من خطرهم ليساقوا بعد ذلك للسجون والقبور .

يقول الشيخ باقر القرشي : وأكبر الظن أنّ الشيعة قد عرفت هذا القصد ، فلذا لم تقم بأيّ عمل إيجابي ضده[10].

مبادرة سليمان

كان سليمان بن أبي جعفر المنصور رجلا محنّكا وذا عقل متزن . وقد رأى أنّ الاعمال التي قام بها هارون ما هي إلّا لطخة سوداء في جبين العباسيين ؛ فإنّ هارون لم يكتف باغتيال الإمام ودسّ السمّ إليه بل ارتكب جملة من الأعمال الوحشية التي تدل على أنه لا عهد له بالشرف والنبل والمعروف والإنسانية من هنا بادر سليمان - حين سمع نبأ اخراج جنازة الإمام إلى الجسر والنداء الفظيع على جثمانه الطاهر - وحاول أن يتلافى الموقف بالتي هي أحسن .

إنّ قصر سليمان كان مطلّا على نهر دجلة وحين سمع النداء والضوضاء ورأى بغداد قد اضطربت ، قال لولده وغلمانه : ما هذا ؟

قالوا : السندي بن شاهك ينادي على موسى بن جعفر ، وأخبروه بذلك النداء الفظيع .

فصاح بولده قائلا : انزلوا مع غلمانكم فخذوه من أيديهم فان مانعوكم فأضربوهم ، وخرقوا ما عليهم من سواد - وهو لباس الشرطة والجيش - .

وانطلق أبناء سليمان وغلمانه إلى الشرطة فأخذوا جثمان الإمام منهم ، ولم تبد الشرطة معهم أية معارضة ، فسليمان عم الخليفة وأهم شخصية لامعة في الأسرة العبّاسية وأمره مطاع عند الجميع ، وحمل الغلمان نعش الإمام ( عليه السّلام ) فجاءوا به إلى سليمان فأمر في الوقت أن ينادى في شوارع بغداد :

ألا من أراد أن يحضر جنازة الطيب بن الطيب موسى بن جعفر فليحضر[11].

وأكبر الظن أن سليمان خاف من انتفاضة شعبية أو تمرّد عسكري لأن الشيعة لم تكن قلة في ذلك العصر فقد اعتنق التشيع خلق كثير من رجال الدولة وقادة الجيش وكبار الموظفين والكتّاب لذا تدارك سليمان الموقف وقام بهذه المهمّة وأنقذ حكومة هارون من الاضطراب والثورة[12].

وخرج الناس على اختلاف طبقاتهم لتشييع جثمان الإمام وخرجت الشيعة فعبّرت عن حزنها وأساها بعد هذا التشييع الكبير .

تجهيز الإمام ( عليه السّلام )

وقام سليمان بتجهيز الإمام فغسّله ، وكفّنه ، ولفّه بحبرة قد كتب عليها القرآن الكريم بأسره كلّفته الفين وخمسمائة دينار[13].

وقال المسيب بن زهرة : واللّه لقد رأيت القوم بعيني وهم يظنون أنهم يغسلونه فلا تصل أيديهم إليه ويظنون أنهم يحنّطونه ويكفّنونه وأراهم أنهم لا يصنعون شيئا ، ورأيت ذلك الشخص الذي حضر وفاته - وهو الإمام الرضا ( عليه السّلام ) - هو الذي يتولّى غسله وتحنيطه وتكفينه ، وهو يظهر المعاونة لهم ، وهم لا يعرفونه فلما فرغ من أمره التفت إليّ فقال ( عليه السّلام ) :

« يا مسيّب مهما شككت في شيء فلا تشكنّ فيّ ، فإني إمامك ومولاك وحجة اللّه عليك بعد أبي .

يا مسيب مثلي مثل يوسف الصديق ومثلهم مثل إخوته حين دخلوا عليه وهم له منكرون[14] وبعد انتهاء الغسل حمل الإمام إلى مرقده » .

تشييع الإمام ( عليه السّلام ) ودفنه

وبعد الغسل هرعت جماهير بغداد إلى تشييع الإمام فكان يوما مشهودا لم تر مثله في أيّامها فقد خرج البر والفاجر لتشييع جثمان الإمام ( عليه السّلام ) والفوز بحمل جثمانه ، وسارت المواكب وهي تجوب شوارع بغداد وتردد أهازيج الحزن واللوعة ، متّجهة نحو باب التبن يتقدمهم سليمان حافيا حاسرا متسلّبا[15] مشقوق الجيب إلى مقابر قريش ، وحفر له قبر فيها وأنزله سليمان بن أبي جعفر .

وبعد الفراغ من الدفن أقبلت الناس تعزّيه بالمصاب الأليم[16].

 

[1] روضة الواعظين : 1 / 260 .

[2] مقاتل الطالبيين : 333 وعنه في الغيبة للطوسي : 26 - 31 وعنه في بحار الأنوار : 48 / 234 ح 38 .

[3] عمدة الطالب : 85 ، والطبري : 10 / 70 والكامل في التاريخ : 6 / 54 وتاريخ بغداد : 3 / 32 وتاريخ أبي الفداء : 2 / 17 ، ووفيات الأعيان : 2 / 173 وميزان الاعتدال : 3 / 209 وتهذيب التهذيب : 10 / 340 .

[4] مروج الذهب : 3 / 355 .

[5] الفصول المهمة : 255 .

[6] المناقب : 4 / 349 .

[7] كمال الدين : 37 ، وعيون أخبار الرضا : 1 / 97 ح 3 ، عنهما في بحار الأنوار : 48 / 225 ح 37 .

[8] كمال الدين : 39 ، وعيون الأخبار : 1 / 105 ح 8 ، وعنهما في بحار الأنوار : 48 / 228 ح 31 .

[9] كمال الدين : 38 ، عيون الأخبار : 1 / 99 / ح 5 ، وعنهما في بحار الأنوار : 48 / 227 ح 29 والفصول المهمة : 54 .

[10] حياة الإمام موسى بن جعفر : 2 / 523 .

[11] كمال الدين : 38 ، عيون الأخبار : 1 / 99 / ح 5 ، وعنهما في بحار الأنوار : 48 / 227 / ح 29 .

[12] حياة الإمام موسى بن جعفر : 2 / 526 .

[13] كمال الدين : 38 عيون الأخبار 1 : 99 ح 5 .

[14] عيون الأخبار : 1 / 100 ح 6 . وعنه في بحار الأنوار : 48 / 222 ح 29 .

[15] أي متسلّبا من الملابس الرسمية الفاخرة لابسا لباس الحداد ، كما في اللغة .

[16] كمال الدين : 38 ، عيون الأخبار : 1 / 99 / ح 5 ، وعنهما في بحار الأنوار : 48 / 227 ح 29




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.