المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
{افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم}
2024-11-24
العبرة من السابقين
2024-11-24
تدارك الذنوب
2024-11-24
الإصرار على الذنب
2024-11-24
معنى قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء
2024-11-24
مسألتان في طلب المغفرة من الله
2024-11-24



الطبيعة القانونية لنظرية الغش نحو القانون ونطاق أعمالها  
  
2383   10:53 صباحاً   التاريخ: 17/12/2022
المؤلف : محمد حسناوي شويع حسون
الكتاب أو المصدر : تفوق قانون القاضي على القانون الاجنبي
الجزء والصفحة : ص192-201
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون الدولي الخاص /

إن الغش نحو القانون صورة من صور الصراع بين المصلحة العامة والمصلحة الخاصة وفي أي نظام قانوني يجب تغليب المصلحة العامة فيه ويكون هذا التغليب عن طريق تطبيق وسائل قانونية مثل (الدفع بالغش نحو القانون)(1)، على أن الفقه والقضاء في فرنسا يتجهان إلى أعمال نظرية الغش نحو القانون في مختلف مسائل تنازع القوانين بغض النظر عن الطريقة التي أدت إلى الانحراف بالقانون عن الغرض المقصود(2).

وقيل أن فكرة الغش نحو القانون فكرة حديثة العهد ونادرة نسبيا فأن أغلب المؤلفات الفقهية لم تتناول الطبيعة القانونية بشكل مفصل وانما أشارت إلى تكيفات معينة , والتساؤل المطروح هنا عن ماهية الطبيعة القانونية النظرية الغش نحو القانون؟ وما هو نطاق أعمال تلك النظرية؟

أولا//الطبيعة القانونية لنظرية الغش نحو القانون//

إن بعض الفقه يرى أن فكرة الغش نحو القانون ماهي تطبيق من تطبيقات الدفع بالنظام العام ، فيما يرى البعض الآخر اتجاه أخر أن فكرة الغش ماهي الا تطبيق لنظرية التعسف في استعمال الحق وعليه فأن الاقراد عندما يستعملوا حقوقهم فعليهم استعمالها بحسن نية من أجل تحقيق اهداف مشروعة يحميها القانون وبدون الإضرار بالأخرين ، ومما ذكر فأن مرتكب الغش نحو القانون قد أخل بشروط استعمال الحق إذ أنه لم يستخدمه بنية حسنة وبذلك فيكون الجزاء على هذا الشخص بعدم تطبيق القانون الأجنبي الذي احتيل به على القانون الأصلي واجب التطبيق (قانون القاضي في فرضية البحث) (3). وتناقش كل من الاتجاهين السابقين للطبيعة القانونية النظرية الغش نحو القانون باعتبار أنها تطبيق من تطبيقات النظام العام أو على أساس نظرية التعسف في استعمال الحق كما يلي:

الاتجاه الأول | نظرية الغش نحو القانون تطبيق من تطبيقات النظام العام //

إن المشرع العراقي أعتبر النظام العام مانعة من موانع تطبيق القانون الأجنبي ونص في المادة (32) من القانون المدني على أن لا يجوز تطبيق القانون أجنبي قررته النصوص السابقة اذا كانت هذه الأحكام مخالفة للنظام العام والآداب في العراق) في حين لم ينص على اعتبار الغش نحو القانون مانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي ولعله في سكوته هذا اكتفى بنص المادة (30) التي تشير إلى الأخذ بمبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعا على اعتبار أن الغش نحو القانون من تلك المبادئ وجرى على ذلك العرف الدولي (4).

وقد اتجه بعض الفقه بمناسبة الخوض بالطبيعة القانونية النظرية الغش نحو القانون إلى القول بأنها تطبيق من تطبيقات النظام العام وهذا يعني في حالة تغيير ض ابط الإسناد بقصد التخلص من القانون واجب التطبيق أي التخلص من القواعد الآمرة فأن تطبيق القانون الأجنبي يشكل خرقا للنظام العام وبموجب هذا يتعين استبعاد القانون الأجنبي باسم النظام العام وإحلال قانون القاضي محله (5).

إن أحد الفقه ينتقد هذا الاتجاه ويذهب إلى أن على الرغم من وجود التشابه بين النظام العام والغش نحو القانون من حيث انهما يمنعان القانون الأجنبي من التطبيق الا أن للغش نحو القانون اثر يختلف عن اثر النظام العام في نطاق تنازع القوانين , ففي فكرة النظام العام يقوم القاضي باستبعاد القانون الأجنبي الذي أشارت له قواعد الإسناد في قانون القاضي واحلال قانون القاضي محله لأنه مخالف للنظام العام في دولة قاضي النزاع أي مخالف للأسس الجوهرية في قانون موطن القاضي، أما في الغش نحو القانون يلزم القاضي بتطبيق القانون المختص بحكم النزاع سواء كان القانون الأجنبي أو قانون القاضي ، وكذلك أن ارادة الشخص الدور لها في النظام العام كمانع من موانع تطبيق القانون الأجنبي أي أن القاضي متى ما تأكد أن حكم القانون الأجنبي واجب التطبيق مخالف للنظام العام في دولته فيمنع تطبيقه ويحل القانون الوطني محله ، أما في نظرية الغش نحو القانون فإرادة الشخص هي الأساس الذي تقوم عليه النظرية كونه قام بفعل الغش الذي صدر من الشخص والذي أنصب على تغيير ظرف الإسناد أي أن الإرادة الفرد دور محوري أساسي في النظرية (6) ، فاذا فرضنا مثلا أن قانون القاضي يمنع الطلاق وتجنس أحد الزوجين بجنسية اجنبية يبيح قانونها الطلاق فانه لا يمكن القول بان التجنس بقصد الطلاق مخالفة للنظام العام في حين يمكن القول بذلك اذا كان التجنس بقصد التهرب من القانون الأول وحصل الزوج بعد ذلك على الطلاق فبالرغم من أن الطلاق لم يكن مخالفاً للنظام العام الا أنه حدث غشـا ضـد القانون الأول لجنسية الزوج الاولى ومن ثم يمنع تطبيق قانون جنسية الزوج الثانية ولو كان الغش نحو القانون أحد تطبيقات النظام العام فيفترض أن يمتنع تطبيق القانون الأول في كلتا الحالتين بغض النظر عن النية.(7) وكذلك يختلف النظام العام عن الغش نحو القانون من حيث وقت التمسك به واعماله, فأعمال النظام العام يظهر بصورة رئيسية وقت ومكان انشاء العلاقات والمراكز القانونية أما في الغش نحو القانون فيكون وقت اعماله في ساعة الاحتجاج بالمراكز القانونية وليس حين انشائها, يضاف إلى ذلك أن الاخذ بنظرية الغش نحو القانون واعمالها يكون في حالة التهرب من أحكام القانون المختص سـواء اكان وطنياً أم اجنبياً وأن ربط فكرة الغش بالنظام العام تستوجب حصـر نطاق أعمال الغش نحو القانون في الأحوال التي يهدف بها الشخص الافلات من الأحكام الموضـوعية الامرة في القانون الوطني (قانون القاضـي) حصـراً ، وقد تأكد الاختلاف الاخير بتسليم الفقه والقضـاء حديثاً بجواز الدفع بالغش نحو القانون عند تغيير ضابط الإسناد بقصد التهرب من أحكام القانون المختص ولو كان قانوناً أجنبياً (8) ، وبذلك لامجال للقول بأنه تطبيق من تطبيقات فكرة النظام العام.

الاتجاه الثاني/ الغش نحو القانون تطبيق من تطبيقات نظرية التعسف في استعمال الحق//

إن نظرية التعسف في استعمال الحق اخذ بها المشرع العراقي (9) ونص عليها القانون المدني العراقي في المادة (7) منه بقولها:

1. يجب الضمان على من استعمل حقه استعمالا غير جائز.

2.  ويصبح استعمال الحق غير جائز في احاول معينه منها:

أ- اذا لم يقصد بهذا الاستعمال سوى الاضرار بالغير.

ب- اذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها لا تتناسب مطلقاً مع ما يصيب الغير من اضرار.

ج- اذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة) (10) . ومما يلاحظ عند الحديث عن الطبيعة القانونية للغش نحو القانون باعتباره سبب لاستبعاد القانون الأجنبي فهم البعض بان مرتكب الغش يقوم بفعل مادي يسمح به القانون بنية التحايل على القانون الدولي الخاص والهروب من قواعد الإسناد في قانون دولة قاضـي النزاع, ومن ثم يكون تطبيقاً من تطبيقات التعسف في استعمال الحق وقد ذهب جانب من الفقه الفرنسي إلى ذلك وعد نظرية الغش نحو القانون صورة من صور التعسف في استعمال الحق, فاذا كان من حق الشخص أن يغير جنسيته أو موطنه اصلاً فيتعين أن يكون هذا التغيير مشروعاً أي الا يكون الهدف غير مشروع, وبعبارة أخرى ألا يكون القصد منه التهرب من الأحكام الأمرة في القانون المختص فاذا تبين للقاضي ذلك يجب عليه أن يعيد الاختصاص للقانون واجب التطبيق سوآءا أكان قانون القاضي أم قانون أجنبي آخر (11).

وعلى الرغم من التشابه بين نظرية التعسف في استعمال الحق ونظرية الغش نحو القانون من حيث الاساس الا أن هناك اختلافاً بينهما يتعلق بالأثار, فمن آثار تحقق نظرية التعسف في استعمال الحق ألزام المتعسف باستعمال الحق تعويض المتضرر من هذا الاستعمال ، في حين أن من آثار نهوض نظرية الغش نحو القانون استبعاد تطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق بموجب قواعد الإســناد الوطنية الذي تم الغش نحوه ، يضاف إلى ذلك أن التعسف في استعمال الحق يتميز عن نظرية الغش نحو القانون في أن الاخيرة ضررها يتجاوز الافراد ويلحق بالمصلحة العامة ويتمثل هذا الضرر في الانحراف بقواعد الإسناد الوطنية عن الغاية التي تروم إلى تحقيقها ، وهذا يختلف عن الأضرار في التعسف باستعمال الحق التي لا تتعدى الأفراد عادة (12) ومما يستوجب ذكره هنا أن أحد الفقه يرى بان استعمال الحق في الغش نحو القانون (كتغيير ضابط الإسناد مثلا) بشكل متعسف لا يقرب نظرية الغش نحو القانون من نظرية التعسف في استخدام الحق لأن المتعسف في نظرية الغش نحو القانون تعسف في استخدام رخصة اجازها القانون للجميع في حين أن المتعسف في نظرية التعسف في استعمال الحق تعسف في استخدام حق فردي وليس رخصة اجازها القانون للجميع مثل رخصة تغيير الجنسية أو تغيير الموطن  (13).

الاتجاه المرجح في تحديد الطبيعة القانونية لنظرية الغش نحو القانون //

إن الاتجاه الذي نعتقد بترجيحه بحق مع جانب من الفقه بأن لنظرية الغش نحو القانون طبيعة قانونية خاصة تختلف عن تطبيقات النظام العام وعن صور التعسف في استعمال الحق , أي لاتقف عند الاطار الضيق لنظرية التعسف في استعمال الحق أو النظام العام وانما هو تطبيق لنظرية كبرى ومبدأ عام يلخص بالعبارة التي تقول بان (الغش يفسد كل شيء ، وبهذا يتسع نطاق نظرية الغش نحو القانون ليشمل جميع التصرفات أي كل تغيير في ظروف الإسناد مهما كان نوع ظرف الإسناد طالما أنه يهدف إلى غاية غير مشروعة وهو التحايل للتخلص من تطبيق القانون واجب التطبيق , أي سواء كان التحايل بقصد التخلص من القواعد الآمرة أم التخلص من القواعد المكملة في القانون واجب التطبيق (وهو قانون القاضي في المقام المائل) (14). وأن الغش نحو القانون يستند على فكرة اساسية وضميرية في الوقت نفسه وهي أن يقوم أحد اطراف العلاقة التي يكون أحد عناصرها اجنبية بارتكاب فعل مادي بنية الغش نحو القانون أي الغش ضـد قواعد الإسناد الوطنية ، مع العرض بان هذا الفعل مشـروعاً من حيث الاصـل في اغلب الاحيان, ومن ثم أن الفعل المادي الذي يرتكبه المتحايل لا يشكل مخالفة قانونية ومن ثم جريمة من الجرائم إذ لو كان الفعل غير مشروع جزائياً لترتبت عليه مسؤولية جزائية أو اذا كان الفعل غير مشروع مدنياً لأدى لضرر لحق بالغير ومن ثم لزم قيام مسؤولية مرتكب الغش المدنية, وبالرغم من مشروعية الفعل من حيث الاصـل الا أن نية الغش وقصده في حالة الغش ضـد القانون الدولي الخاص يرتب جزاءاً من نوع آخر اقل ما يقال عنه أنه جزاء من جنس العمل الذي ارتكب فالقصـد الســيء يرد بمثله عن طريق استبعاد تطبيق القانون الأجنبي الذي تم الغش من اجل تطبيقه وتطبيق القانون الذي قصد مرتكب الغش التهرب من احكامه والذي يتحدد بموجب قواعد الإسناد وهذا جزاء من طبيعة خاصة  (15). وخلاصـة القول أن لنظرية الغش نحو القانون طبيعة قانونية خاصـة وهي نظرية مستقلة بذاتها لا تنتمي لتطبيق من تطبيقات النظام العام ولا تعد صورة من صور نظرية التعسف في استعمال الحق.

ثانياً //نطاق أعمال نظرية الغش نحو القانون//

إن المكانة التي حظيت بها نظرية الغش نحو القانون وانتشارها على المستوى الدولي وإقرارها في الكثير من الاتفاقيات الدولية وحصولها على تأييد غالبية الفقه والقضاء لم ينعكس على موضوع تحديد نطاق اعمالها فالفقه اختلف اختلافاً واضحاً في ذلك ويمكن رد هذا الاختلاف وجعله في اتجاهين متعارضين هما :

الاتجاه الاول//أتجاه نطاق الاعمال المقيد//

يرى أنصار هذا الاتجاه بضرورة أعمال نظرية الغش نحو القانون في افق ضيق من ناحية الموضـوع الذي يمكن أن يظهر فيه الغش نحو القانون من جانب كما هو الحال في قضـية السيدة البلجيكية زوجة الامير الفرنسي الذي كان آنذاك القانون الفرنسي هو القانون الواجب التطبيق على الواقعة المعروضة في المثال المتقدم ، وبعبارة اكثر دقة يجب أن يكون الموضـوع الذي يمكن بموجبه أن يتم أعمال نظرية الغش نحو القانون محددا كأن يتم اعمالها على بعض العلاقات القانونية كالمسائل المتعلقة بشكل التصرف والطلاق والانفصال الجسماني والسبب في ذلك أن اغلب ضوابط الإسناد فيها قابلة للتغيير (16).

ومن جانب أخر يرى فقه هذا الاتجاه (17) ضرورة الاقتصار بالنسبة لنوعية القانون على قانون القاضي الوطني المرفوع امامه النزاع لأن العلاقة القانونية التي بموجبها ارتكب الغش تحاول ابعاد قانون القاضي من اختصاصه يجب أن يكون جزائه بطلان الاختصاص الذي نجم عنه الغش ، وهذا ما اتجهت اليه أحكام القضاء الفرنسي بادئ الأمر , أي أن القضاء الفرنسي في بادئ الأمر أتجه إلى قصر أعمال النظرية على الأحوال التي يروم الشخص فيها التملص من القانون الفرنسي لأن هذا الاتجاه كان يستند إلى أن وظيفة القاضي الفرنسي في الدولة هي الحرص على تطبيق القانون الأجنبي اذا تحدد بموجب قاعدة الإسناد الفرنسية وكذلك منع الأفراد من التهرب من احكامه (قانون القاضي الفرنسي) اذا تحدد قانونا واجبة في التطبيق بموجب قواعد الإسناد الوطنية الفرنسية أما منع الأفراد من التهرب من أحكام القانون الأجنبي الغير محدد بموجب قواعد اسناده فليس من شانه، ولعل هذا الرأي يتفق مع تصوير القانون الأجنبي على أنه مجرد عنصر من عناصر الواقع , ويضيف فقه هذا الاتجاه إلى ما سبق بيانه بان الغش نحو القانون قد يكون غش نحو قانون القاضي نفسه في حالة كون الغرض من الغش الافلات من القانون المختص وفقا لقاعدة الإسناد الوطنية وهذا القانون هنا هو قانون القاضي. (18) .

الاتجاه الثاني الاتجاه نطاق الأعمال المطلق  //

إن أنصار هذا الاتجاه يؤكدون على ضرورة أعمال نظرية الغش نحو القانون سواء كان الشخص يروم التهرب من أحكام قانون القاضي الوطني أو من أحكام القانون الأجنبي (19)، ويعلل ذلك بأن الدفع بالغش نحو القانون يستند إلى اعتبارات اخلاقية تتمثل في ابطال التصرفات المخالفة للأخلاق ولمبدأ حسن النية ومن ثم يمكن أعمال هذه النظرية في جميع مسائل تنازع القوانين وبالنسبة لقوانين جميع الدول، أي يمكن أعمال هذه النظرية في مجال الزواج والعقود والفعل غير المشروع والاثراء بلا سبب من حيث الموضوع للقانون الواجب التطبيق سواء أكان القانون هو قانون القاضي الوطني أم القانون الأجنبي , ويرى البعض أن الغش نحو القانون يعد مانعة في نطاق التصرفات التي تكون ضوابط الإسناد قابلة للتغيير فيها مثل الجنسية والموطن وموقع المنقول أما اذا كانت الضوابط غير قابلة للتغيير فيها مثل موقع العقار فلا يمكن أعمال فكرة الغش فيها (20).

وعلى الرغم من أن الواقع يفصح بأن نظرية الغش نحو القانون ينحصر تطبيقها في نطاق الغش ضد قانون القاضي الوطني فقط لكننا نعتقد بان هذا الواقع لا يمنع من اعمالها على مستوى القانون الأجنبي أيضا لأن مهمة القاضي الوطني ليست فقط حماية قانونه من الغش بل عليه حماية كل قانون يرتكب بمواجهته الغش بالإضافة إلى أن في هذا الاعتقاد تحقيقا للتعاون القانوني والقضائي المنشود بين الدول.

ولا يفوتنا أن نسجل هنا وبلا تردد ولانعدام النص صراحة على نظرية الغش نحو القانون بالنسبة للقانون العراقي ففي حالة ثبوت الغش ضد القانون العراقي ولمصلحة تطبيق أي قانون أجنبي أخراي (الغش نحو القانون الأجنبي) في علاقة قانونية دولية وكان النزاع مطروحة أمام القاضي العراقي فعلى الأخير أن يحكم باستبعاد تطبيق القانون الذي تم الغش نحوه وتطبيق القانون العراقي وحده (قانون القاضي ) والذي تم الغش ضده كما يحكم القاضي العراقي بتطبيق القانون الأجنبي واجب التطبيق في حالة ثبوت الغش ضده نحو القانون العراقي أو أي قانون أجنبي أخر , على أن تقوق قانون القاضي في الحالة المذكورة أعلاه له سنده التشريعي وهو نص المادة (30) من قانوننا المدني التي قالت (يتبع فيما لم يرد بشأنه نص في المواد السابقة من أحوال تنازع القوانين مبادى القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعا باعتبار أن نظرية الغش نحو القانون من مبادئ القانون الدولي الخاص الأكثر شيوعا (21) ، ويمكن القول أن القضاء الفرنسي لم يكتف بالأخذ بنظرية الغش نحو القانون فحسب بل أشار إلى استبعاد تطبيق القانون الذي تم الغش نحوه وتطبيق قانون القاضي الفرنسي  (22) .

____________

1- د. سعيد يوسف البستاني ، القانون الدولي الخاص ، تطور وتعدد طرق حل النزاعات الخاصة الدولية ، ط1 ، منشورات الحلبي الحقوقية ،2004  ،ص 185.

2- ظهرت النظرية بصورة متكاملة في منتصف القرن التاسع عشر بينما يرى البعض من الفقه بان هذه النظرية ظهرت لأول مرة بمناسبة قضية شهيرة عرضت على القضاء الفرنسي وهي قضية الأميرة (دي بو فرمون)، مؤدي هذه القضية هي أن السيدة التي من اصل بلجيكي وبعده زواجها من الأمير الفرنسي اكتسبت الجنسية الفرنسية وعلى اثر حدوث شقاق بينهما ارادت الطلاق منه وعند الرجوع إلى القانون الفرنسي باعتباره القانون واجب التطبيق الذي يحكم هذه الحالة لم يسمح بالطلاق في ذلك الحين ، مما دفع الزوجة بالتجنس بجنسية احدى الدويلات الالمانية لكون نظام الأخيرة يسمح بالطلاق استطاعت بعد ذلك أن تحصل على الطلاق من زوجها الامير الفرنسي وتزوجت بأمير روماني يدعى بيبسكو وأقامت معه في فرنسا، رفع الزوج الأول دعوى أمام القضاء الفرنسي طالبة النظر في دعواه كون الزواج الأول قد تم بطريق الغش ومن ثم يكون الطلاق باطلا وقد استجابت محكمة النقض الفرنسية لطلبها في حكمها عام 1878 ببطلان الطلاق وهذا بدوره يؤدي إلى بطلان الزواج الثاني وسيبت المحكمة حكمها بان الهدف من تغيير الزوجة لجنسيتها يعود إلى التملص من أحكام القانون الفرنسي باعتباره القانون واجب التطبيق الحكم الواقعة المعروضة والذي لا يجيز الطلاق وعلى خطى هذا الحكم سار القضاء الفرنسي واتجه إلى الأخذ بنظرية الغش نحو القانون واخذ بها وكذلك اخذت بها اتفاقية لاهاي لعام 1930.

على أن القضاء الفرنسي اكتشف حديثة أن الغش لا يتم من خلال تغيير ضابط الإسناد فقط وإنما يمكن أن يتجلى عن طريق التغيير في تكييف العلاقة القانونية ، ففي قضية تتلخص وقائعها بان مورية فرنسية مقيمة في فرنسا ويمتلك عقارات فيها استشعر قرب نهاية اجله فقرر بيع ذلك العقار قاصدا التهرب من أحكام القانون الفرنسي باعتباره القانون واجب التطبيق على الميراث للتخلص من الحصة المحجوزة المقررة لمصلحة اطفاله، فقدم عقاره كحصة عينية نظير حصوله على أسهم في شركة أمريكية وبالنظر إلى طبيعة الاسهم نجدها أموالا منقولة تخضع للقانون الامريكي ،وعند موت المورث اثير نزاع حول هذه القضية فاستجابت المحكمة لطلب الاطفال وحكمت لهم في مسالة الارث بالحصة المحجوزة المقررة لهم وفقا للقانون الفرنسي واعتبرت القانون الأمريكي قانون موطن أخر للمورث اراد المورث الخضوع لا حكامة للتملص من أحكام القانون الفرنسي تحايلا ضده خصوصا أن القانون الفرنسي هو الطرف الأصيل الذي يحكم النزاع فالتغيير كان في التكييف وليس في ضابط الإسناد نفسه.

اشار لهذا الحكم د. أحمد عبدالكريم سلامة، الاصول في تنازع القوانين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، 2008  ، ص 543 و د. سعيد يوسف البستاني, تطور وتعدد طرق حل المنازعات الدولية الخاصة ، منشورات الحلبي الحقوقية ، لبنان ، بدون سنة طبع ، ص 183 , د. رجائي حسين الشتوي ، القانون الدولي الخاص ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدوليين ، مطبعة حمادة الحديثة بقويسنا ، مصر  ، ص 452.

3- د. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، دار السنهوري ، بيروت ،2015  ص 222, د. محمد خالد الترجمان تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام الاجنبية, بالإمكان طبع،1996 ، ص 187.

4-  د. عباس العبودي ، المصدر السابق ، ص 221. وانظر نص المادة (30) من قانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل.

5- د. سعيد يوسف البستاني ، القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 185 ، ود. أحمد عبدالكريم سلامة ، الأصول ، مصدر سابق ، ص 544.

6- د. جمال محمود كردي ، تنازع القوانين ، منشأة المعارف ، الاسكندرية  ، بلا سنة طبع  ص 236 وما بعدها .

7- د. هشام علي صادق ، المصدر السابق ، ص220 و د. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، مصدر سابق ، ص222.

8-  د. هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص ، دار المطبوعات الجامعية ، الاسكندرية ، 2004 ، ص221 ود. احمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 548 ود. جمال محمود كردي ، مصدر سابق ، ص237 .

9- محمد طه البشير ، ود. غني حسون طه ، الحقوق العينية الاصلية ، ج ،1العاتك ،القاهرة ، بلا سنة طبع ، ص74.

10- وكذلك الحال في نص المادة (5) من القانون المدني المصري التي قالت بان (يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الاتية 1- إذ . لم يقصد به سوى الإضرار بالغير ب- إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها قليلة الأهمية، بحيث لا تتناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر بسببها ج - إذا كانت المصالح التي يرمي إلى تحقيقها غير مشروعة).

11- نقلاً د. احمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 550 ود. هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 219 ود. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، مصدر سابق ، ص222 .

12- د. سعيد يوسف البستاني , مصدر سابق ص 186

13- د. رجائي حسين الشتوي ، القانون الدولي الخاص ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدوليين ، مطبعة حمادة الحديثة بقويسنا  ، مصر  ص 452.

14-  هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 221 ود. أحمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 550 ود. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الاجنبية ، مصدر سابق ، ص 222 ود. جمال محمود الكردي ، مصر سابق ، ص 240. 

15- د. سعيد يوسف البستاني ، مصدر سابق ص 186,د. محمد خالد الترجمان تنازع القوانين والاختصاص القضائي الدولي وآثار الأحكام الاجنبية, بالإمكان طبع،1996 ،ص188.

16- د. أحمد عبد الكريم سلامة ، الأصول ، مصدر سابق ، ص 551 وما بعدها ود. غالب علي الداوودي ود. حسن الهداوي، القانون الدولي الخاص (تنازع القوانين وتنازع الاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية) ،  ص 201.

17- د. هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص ، مصدر سابق ، ص 216 ود. أحمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، المصدر السابق ، ص 553 ود. عباس العبودي ، تنازع القوانين والاختصاص القضائي وتنفيذ الأحكام الأجنبية ، مصدر سابق ، ص 225 و د. غالب علي الداوودي و د. حسن الهداوي، مصدر سابق ، ص 201. ود. محمد خيري كصير ، مصدر سابق ، ص 152

18-  د. حفيظة السيد الحداد، الموجز في القانون الدولي الخاص، الكتاب الأول ، منشورات الحلبي الحقوقية، 2007،ص 318.

19-  د. سعيد يوسف البستاني، القانون الدولي الخاص، مصدر سابق ، ص 189.و د. عباس العبودي ، تنازع القوانين، دار السنهوري، بيروت، 2015،ص225.

20- د. أحمد عبدالكريم سلامة ، الاصول ، مصدر سابق ، ص 553 د. هشام علي صادق ، القانون الدولي الخاص مصدر سابق، ص 217ر- وعبد الرسول عبد الرضا الاسدي ، القانون الدولي الخاص ، ط1 ، مكتبة السنهوري ، بغداد ، 2013 ، ص 316.

21- وكذلك الحال في القانون المصري وذلك لأن المشرع المصري لم ينص صراحة على الأخذ بنظرية الغش نحو القانون ونص في المادة (24) من القانون المدني المصري رقم 131 لسنة 1948 المعدل على أن تتبع فيما لم يرد في شأنه نص في المواد السابقة من احوال تنازع القوانين مبادئ القانون الدولي الخاص)  .

22-  يلاحظ أن القضاء الفرنسي كان واضحا في أن تطبيق قانون القاضي الوطني الفرنسي بدلا من القانون الأجنبي المصطنع له الاختصاص تحايلا وذلك يمثل افضل جزاء للغش نحو القانون ففي مضمون حكم قضائي اشار إلى أن (يمكن المجازاة على هذا الاحتيال مباشرة عن طريق تطبيق قانون القاضي الذي ينظر في النزاع) نقلا عن القانون المدني الفرنسي باللغة العربية ، مصدر سابق ، ص 17, الفقرة (7).

 




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .