أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2016
3130
التاريخ: 2023-03-21
1047
التاريخ: 19-4-2022
1849
التاريخ: 26-2-2022
2779
|
يعد عرض مشروع قانون الموازنة على مجلس النواب ذا أهمية سياسية لا تنكر، إذ أنه يشكل مناسبة لمراقبة عمل الحكومة سنوياً عن سياساتها الاقتصادية والمالية، وهذه المناقشة تتسم بالعلانية والوضوح(1).
ويعد رفض الموازنة من البرلمان هو أحد الخيارات المتاحة له، فضلاً عن الموافقة أو التعديل عند عرضها أمام البرلمان، ويرجع رفض الموازنة إلى أسباب عديدة قد تكون سياسية أو فنية أو ما إلى ذلك تجعل من البرلمان يرفض مشروع الموازنة وعدم تمريره بصيغته الحالية، وهنالك من يرى أن رفض الموازنة يعد سلاح ضغط على السلطة التنفيذية لتمرير بعض مطالب البرلمان، لأن ذلك سوف يؤدي إلى عرقلة عمل السلطة التنفيذية لأن الموازنة هي شريان الدولة الذي يغذي الحياة في البلد إن صح التعبير (2). لذا سوف نتناول تطبيقات رفض مشروع الموازنة في التشريعات المقارنة، ثم نبين الآثار المترتبة على رفض مشروع الموازنة.
أولاً: تطبيقات رفض مشروع الموازنة العامة في التشريعات المقارنة
منحت الدساتير للسلطة التشريعية حق رفض مشروع الموازنة العامة، ويدل رفض المشروع على وجود أزمة ثقة متبادلة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وتكــون النتيجة أحد الأمرين أما استقالة الحكومة أو حل السلطة التشريعية، فيحق لمجلس النواب أهداف رفض مشروع الموازنة العامة إذا ثبت أنه لا يحقق مصالح الشعب ولا يلبي الدولة (3). وهناك أسباب فنية وأخرى سياسية تؤدي إلى رفض مشروع الموازنة، فقد يرى مجلـس النـواب مـــن الناحية الفنية غير رأي الحكومة في تنظيم مشروع قانون الموازنـــة العامة، كأن يرغب في اعتماد أسس جديدة في وضعه، أو يرى ضرورة تعديل بعض الاعتمادات الواردة فيه بتفضيل بعض أوجه الإنفاق على غيرها، أو توزيع الاعتمادات على مختلف الوزارات والمرافق العامة بشكل آخر يختلف عما نظمته الحكومـــة فـــي المشروع الذي أرسلته لمجلس النواب (4)
أما الأسباب السياسية لرفض مشروع قانون الموازنة العامة، فتتمثل بعدم رضا مجلس النواب عن الحكومة، متخذاً من عرض هذا المشروع عليه لغرض إقراره ورقــة ضغط لحمل الحكومة التي تتشبث بالحكم على الاستقالة (5)، فرفض مجلـس النـواب مـا هـو إلا وسيلة لإكراه الوزارة القائمة على الاستقالة، إذ إنَّ مجلس النواب قد يوافق على مشروع قانون الموازنة ذاته من جديد، في حال تم تقديمه من قبل وزارة أخرى (6). وغالباً ما يكون السبب في الرفض سياسياً، إذ يمكن معالجة النواحي الفنيـة عـن طريق إجراء تفاهمات وحوارات بين مجلس النواب والحكومة على إجراء تعديلات تصحح من الاختلال بدلاً من اللجوء إلى خيار الرفض (7).
وهنا يثور سؤال هل يجوز لمجلس النواب الموافقة على بعض بنود الموازنة ورفض البعض الآخر؟
لا يجوز لأعضاء مجلس النواب الموافقة على بعض بنود الموازنة، ورفض البعض الآخر، إنما الموافقة على المشروع بكامله أو رفضه بكامله، لأنـه فـي هـذه الحالة لم يصدر قانون الموازنة كلياً (8).
وبالرجوع إلى دساتير الدول محل المقارنة (العراق ، مصر ، لبنان، الأردن)، فلم نجد نصاً يدل على رفض السلطة التشريعية لمشروع الموازنة العامة، وعلى المستوى التطبيقي، تبين لنا بأن العراق لم يشهد حالة رفض لمشروع الموازنة العامــة مـن قبـل مجلس النواب، إنما شهد مرور سنتين ماليتين من دون موازنة هما مشروع موازنة 2014 فلم يمرر مجلس النواب مشروع الموازنة بسبب الخلافات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومشروع موازنة 2020 بسبب الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى استقالة حكومة عادل عبد المهدي وتحويلها إلى حكومة تصريف أعمال لا تملك صلاحية إرسال مشروع الموازنة إلى مجلس النواب، فضلاً عن انخفاض أسعار النفط بسبب جائحـــة كورونا.
وفي لبنــان لــم تُجبر الحكومة يوماً على تقديم استقالتها بسبب رفـض مشــروع الموازنة، وهذا يعود إلى نجاحها في إرضاء رغبات النواب وإلى السياسة التي تتبعها الحكومة من اللجنة المالية المختصة في المجلس في دراسة مشروع الموازنة والتوصل إلى اتفاق من كلا السلطتين.
أما في مصر، فيؤدي رفض السلطة التشريعية لمشروع الموازنة العامة أن تسحب الحكومة هذه الموازنة، وغالباً ما يستتبع ذلك استقالة الحكومة أو إقالة البرلمان نفسه وإجراء انتخابات جديدة (9).
وفي الأردن، ففي عام 1951 أبدى مجلس النواب الأردني اعتراضات على قانون مشروع الموازنة ولكن لم يرفضها بل أجل الفصل فيها بجلسة أخرى، وكرد فعل من الحكومة التي عدت تأجيل المجلس للموازنة هو رفض لها مما استدعى إلى حل البرلمان من لدنها (10).
إذ أحياناً يكون البرلمان غير محق في رفض الموازنة العامة، فيمكن للحكومة بأن تطلب حل البرلمان وإعادة النواب إلى ناخبيهم وإجراء انتخابات جديدة، وتمضــــي الحكومة بتنفيذ موازنتها المقترحة على مسؤوليتها وتجعـل مـن الشـعب حكمـاً فـي هـذا الخلاف (11).
يتضح مما تقدم، إن المشرع الدستوري في لبنان والأردن والعراق ومصر، لــم يبين موقفه بشأن سلطة مجلس النواب في رفض مشروع قانون الموازنة العامة بنص صريح، باستثناء ما جاء في الدستور اللبناني الصادر عام 1926 مـن نـص يمنح مجلس الوزراء بناء على طلب من رئيس الجمهورية صلاحية حل مجلس النواب في حال رفضه لمشروع قانون الموازنة العامة بقصد تعطيل أعمال الحكومة ونرى أن هذا لا يمنع على مجلس النواب رفض مشروع قانون الموازنة بغير قصد تعطيل أعمال الحكومة، إذ قد يكون الرفض مبني على رؤية لمجلس النواب بأن مشروع قانون الموازنة العامة لا يحقق اهداف الدولة ولا يلبي احتياجات المجتمع، والرأي الراجح في الفقه والذي نؤيده يجيز للمجلس سلطة رفض المشروع مستنداً بذلك على سلطته في الإقرار (من يملك المنح يملك المنع).
ثانياً: الآثار المترتبة على رفض مشروع الموازنة العامة
من الثابت أن من حق البرلمان أن يرفض الموازنة العامة التي تقدمها الحكومة إذا رأى أنها لا تلبي أهداف الدولة ولا تنسجم مع مصلحة الأمة، ويعني . هذا الرفض منع الحكومة من تحصيل الإيرادات ومنعها أيضاً من الإنفاق على الخدمات العامة، ولهذا الرفض أثره الذي اختلفت الآراء حوله، ويشير الرأي التاريخي الذي نادت بـه ألمانيـا بعـد الحرب العالمية الأولى إلى أن رفض الموازنة من البرلمان هو عمل غير مشروع، لذا يحق للحكومة تنفيذ الموازنة التي أعدتها بالرغم من رفض البرلمـان لهـا لأن رفض البرلمان للموازنة معناه وقف القوانين أي تعطيل المصالح (12).
أما الرأي الأخر يذهب إلى أن رفض مشروع الموازنة العامة لا يـؤدي إلــى بطلانها بل انه وسيلة لإكراه الوزارة الموجودة على الاستقالة اذ قد يوافق البرلمان على الموازنة نفسها من جديد إذا ما تقدمت بها وزارة أخرى، وهذا الرأي تأخذ به الدول البرلمانية وهو السائد، وهنالك من يرى أن رفض الموازنة يعد سلاح ضغط على السلطة التنفيذية لتمرير بعض مطالب البرلمان، لأن ذلك سوف يؤدي إلى عرقلة عمل السلطة التنفيذية لأن الموازنة هي شريان الدولة الذي يغذي الحياة في البلد إن صح التعبير (13).
وهنالك اتجاه آخر يعاكس الأول فهو يجد أن عملية رفض الموازنة لا تؤدي إلى آثار سلبية على الحياة في البلد ويستند ذلك إلى المسوغات الآتية:
1-إن هنالك جزءاً جيداً من النفقات والإيرادات العامة التي يمكن أن تستمر عندما لا يكون هناك تصويت سنوي للموازنة، لذا فهي لا تتأثر بالرفض المفاجئ للموازنـــة العامة.
2- ليس لرفض الموازنة من الوجهة القانونية إلا نتائج محدودة جداً على صعيد الموازنـــة
العامة.
3- لا يؤدي رفض الموازنة إلى قلب كيان الدولة إنما هو سلاح تهديدي وزجري وأداة ضغط لإخضاع الحكومة للبرلمان في صراع يفرض فيه أحدهما إرادته على الآخر (14).
ويذهب الدكتور أعاد القيسي إلى القول بانه عندما يرفض مجلـس النـواب مشروع الموازنة العامة نكون أمام عرقلة كاملة لنشاط الدولة في كافة مرافقها إذ لا يتمكن الموظف الحكومي من القيام بعمليات الصرف مالم يقر مشروع الموازنة العامة للدولة من قبل مجلس النواب(15). فضلاً عن أن رفض مشروع الموازنة العامة يترتب عليه إبقاء الدولة من دون موازنة فترة من الزمن مما يؤدي إلى مشاكل في الإنفاق الاستثماري والتشغيلي اللذين يعرقلان مسار التنمية الاقتصادية (16)، وتؤيد الباحثة هذا الرأي لأن عدم وجود موازنة يعني تعطل كبير للمصالح المرتبطة بالإنفاق الاستثماري وتزايد معدلات البطالة وارتفاع نسبة الفقر الذي يقود في نهاية المطاف إلى الركود، كما إن رفض الموازنة يدل على وجود أزمة ثقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، وغالباً ما ينتج عنها استقالة الحكومة في النظام البرلماني، وبالتالي نكون أمام فراغ سياسي قد يقودنا إلى أزمة حقيقية، فضلا عن أن الموازنة العامة تتم من خلال مشاركة الوحدات والإدارات العامة في إعدادها، وبالتالي هي الأقدر على تحديد أوجه النفقات والإيرادات التي تحتاجها للسنة المالية القادمة.
وترى الباحثــة أنــه مــن الضروري على مجلس النواب في حال وجد أن مشروع قانون الموازنة العامة المرسل من الحكومة لا يتوافق مع أولويات المجتمع ولا يلبي احتياجات الخطة التنموية الاقتصادية والاجتماعية في القطاعات كافة، أو أي خلل أخــر يراه في المشروع المعروض أمامه، أن يلجأ إلى عقد اجتماعات عبـر اللجنة الماليـــة النيابية مع فريق إعداد الموازنة الحكومي من أجل التوصل إلى اتفاق حول تعديلات جوهرية من شأنها معالجة الخلل في مشروع قانون الموازنة.
___________
1- محمد عبد اللطيف، الأسس الدستورية لقوانين الميزانية، مجلس النشر العلمي، جامعة الكويت، الكويت، 2007، ص 85.
2- خطار شبلي، علوم مالية وتشريع مالي، الطبعة الخامسة، دار المنشورات الحقوقية صادر، بيروت، ، 1994 ، ص 109.
3- محمد خيري العكام المالية العامة، منشورات الجامعة الافتراضية السورية، دمشق، 2018 ، ص 350.
4- خطار شبلي، علوم مالية وتشريع مالي، مرجع سابق، ص101.
5- دكتور عباس محمد نصر الله، المالية العامة والموا زنة العامة، منشو ا رت زين الحقوقية، بيروت، 2015 ، ص115.
6- سعدي بسيسو، موجز علم المالية والتشريع المالي الع ا رقي، مطبعة التفيض، بغداد، 195 ، ص 93.
7- دكتور عباس محمد نصر الله المالية العامة والموازنة العامة، مرجع سابق، ص115.
8- جيهان حسن خليل دور السلطة التشريعية في الرقابة على الاموال العامة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2000 ، ص 49
9- محمد خيري العكام المالية العامة، مرجع سابق، ص 350.
10- حسن سلمان رشيد، سلطة مجلس النواب العراقي في الموازنة العامة (دراسة مقارنة ،
رسالة ماجستير، كلية القانون، جامعة كربلاء، بغداد، 201 ، ص 77.
11- زينب كريم الداودي، دور الإدارة في اعداد وتنفيذ الموازنة العامة، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2013 ، ص 271.
12- سعدي بسيسو موجز علم المالية والتشريع المالي العراقي، مرجع سابق، ص 93.
13- خطار شبلي، العلوم المالية - الموازنة العامة، الطبعة الثالثة، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1986، ص 109.
14- سعدي بسيسو، موجز علم المالية والتشريع المالي العراقي، مرجع سابق، ص94.
16- أ. د. أعاد علي حمود القيسي، "النظام الإجرائي للتحقيق البرلماني وأثره الدستوري في النظامين العراقي والكويتي"، بحث منشور في مجلة العلوم القانونية، المجلد 31 ، العدد 2، تصدر عن الجامعة المستنصرية، كلية القانون، بغداد، 2016 ، ص92.
17- محمد خالد المهايني وخالد شحادة الخطيب المالية العامة، منشورات جامعة دمشق، من دون ذكر التاريخ، ص 267.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل قائد الفرقة الرابعة الشرطة الاتحادية
|
|
|