المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

تشريح ورقة نبات ذوات الفلقتين Leaf of a dicot plant
27-2-2017
محمود بن يحيى الشيباني
10-8-2016
Vowel centralization
2024-04-03
جمع المعلومات في التقارير
20-11-2020
رأي وموقف الإسلام من الطفل
18-1-2016
محاصرة المدينة واحتلالها
12-4-2016


رجع إلى المنصور  
  
1468   01:29 صباحاً   التاريخ: 12/11/2022
المؤلف : أحمد بن محمد المقري التلمساني
الكتاب أو المصدر : نفح الطِّيب من غصن الأندلس الرّطيب
الجزء والصفحة : مج1، ص:588-590
القسم : الأدب الــعربــي / الأدب / الشعر / العصر الاندلسي /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-07 1343
التاريخ: 2024-01-15 896
التاريخ: 2024-05-02 732
التاريخ: 2023-05-04 1529

رجع إلى المنصور

وكان المنصور إذا أراد أمرا مهما شاور أرباب الدولة الأكابر من خدام الدولة الأموية، فيشيرون عليه بالوجه الذي عرفوه وجرت الدولة الأموية عليه، فيخالفهم إلى المنهج الذي ابتدعه، فيقضون في أنفسهم

 (588)

بالهلاك في الطريق الذي سلكه، والمهيع الذي اخترعه، فتسفر العاقبة عن السلامة التامة التي اقتضاها سعده، فيكثرون التعجب من موارد أموره ومصادرها.

وقيل له مرة: إن فلانا مشؤوم فلا تستخدمه، فقال: أف لسعد لا يغطي على شؤمه، فاستخدمه، ولم ينله من شؤمه الذي جرت به العادة شيء.

وحكي عنه أنه كان في قصره با زاهرة (1) ، فتأمل محاسنه، ونظر إلى مياهه المطردة، وأنصت لأطياره المغردة، وملأ عينه من الذي حواه من حسن وجمال، والتفت في الزاهرة من اليمين إلى الشمال، فانحدرت دموعه، وتجهم وقال: ويها (2) لك يا زاهرة، فليت شعري من الخائن الذي يكون خرابك على يديه عن قريب؟ فقال له بعض خاصته: ما هذا الكلام الذي ما سمعناه من مولانا قط؟ وما هذا الفكر الرديء الذي لا يليق بمثله شغل البال به؟ فقال: والله لترون ما قلت، وكأني بمحاسن الزاهرة قد محيت، وبرسومها قد غيرت، وبمبانيها قد هدمت ونحيت، وبخزائنها قد نهبت، وبساحاتها قد أضرمت بنار الفتنة وألهبت، قال الحاكي: فلم يكن إلا أن توفي المنصور وتولى المظفر ولم تطل مدته، فقام بالأمر أخوه عبد الرحمن الملقب بشنجول (3) ، فقام عليه المهدي والعامة، وكانت منهم عليه وعلى قومه الطامة، وانقرضت دولة آل عامر، ولم يبق منهم آمر:

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا ... صروف الليالي والجدود العواثر (4) وخربت الزاهرة، وذهبت (5) كأمس الدابر، وخلت منها الدسوت الملوكية

(589)

والمنابر، واستولى النهب على ما فيها من العدة والذخائر، والسلاح، وتلاشى أمرها فلم يرج لفسادها صلاح، وصارت قاعا صفصفا، وأديلت بأيام الترح عن أيام الفرح والصفا.

ويروى أن بعض أولياء ذلك الزمان مر بها، ونظر إلى مصانعها السامية الفائقة، ومبانيها العالية الرائقة، فقال: يا دار فيك من كل دار، فجعل الله منك في كل دار، قال الحاكي: فلم تكن بعد ذلك دعوة الرجل الصالح إلا أيام يسيرة حتى نهبت ذخائرها، وعم بالخراب سائرها، فلم تبق دار فيالأندلس إلى ودخلها من فيئها حصة كثيرة أو قليلة، وحقق الله تعالى دعاء ذلك الرجل الذي همته مع ربه جليلة.

وقد حكي أن بعض ما نهب منها بيع ببغداد وغيرها من البلاد المشرقية، فسبحان من لا يزول سلطانه ولا ينقضي ملكه لا إله إلا هو.

وتذكرت هنا ما رآه في المنام بعض أهل المغرب بالليلة التي انقرض فيها ملك الموحدين أن شخصا ينشده:

ملك بني مؤمن تولى ... وكان فوق السماك سمكه

فاعتبروا وانظروا وقولوا: ... سبحان من لا يبيد ملكه لا إله إلا هو.

وكان المهدي القائم على العامريين ماجنا فاتكا، وقال - وقد حياه في مجلس شرابه غلام بقضيب آس (6) :

أهديت شبه قوامك المياس ... غصنا رطيبا ناعما من آس

وكأنما يحكيك في حركاته ... وكأنما تحكيه في الأنفاس وكان المنصور بن أبي عامر حين تغلب على ملك الأمويين غير مكترث بمثل

 (590)

المهدي المذكور، فسلطه الله تعالى على كل ما أسسه المنصور حتى هدمه، وأخر كل ما قدمه، ولم ينفع في ذلك احتياط ولا حزم، ولا راد للقضاء المبرم الجزم:

والله يحكم ما يشا ... ء فلا تكن متعرضا

__________

(1) ك: الذي بالزاهرة.

(2) ك: ويل.

(3) ك ج: بسنجور؛ ط: بسنجول.

(4) سقط هذا البيت من ق.

(5) ك: ومضت.

(6) انظر ص: 577.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.