أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-2-2017
3036
التاريخ: 17-1-2019
3177
التاريخ: 26-4-2022
3005
التاريخ: 23-6-2016
11149
|
يعد موضوع تحديد معيار الطعون الكيدية من اهم المسائل التي يفترض أن يحاط بها لما لذلك من اهمية كبيرة في مجال بحثنا ، وكما بينا بان المصدر الرئيسي للواجبات الإجرائية هو القانون فعلينا الرجوع إلى النصوص القانونية التي نظمت هذه الواجبات من اجل معرفة المعيار الذي يتعين الاستعانة به لمعرفة الطعون الكيدية ، ويمكن القول أن بان هذه النصوص القانونية اعتمدت عدة طرق في تقدير الاخلال بالواجبات الإجرائية ، و أن المشرع قد يترك تقدير معرفة الطعون الكيدية للقاضي ، لذلك سنتناول هذا الموضوع في نقطتين وكما يأتي :١. المعيار المقيد .
يتميز هذا النوع من التقدير بالتحديد القانوني للمسلك الذي يؤاخذ عليه الذي يجعل القانون من وقوعه سببة لتحقق الإخلال بالواجب القانوني لذلك فان القاضي يتقيد بالمسلك الذي حدده القانون . فلا يقضي بالمسؤولية إلا اذا تحقق هذا الاخلال ، وهذا المعيار يمثل الجانب الأكبر من صور الاخلال بالواجب الاجرائي ، فعلى سبيل المثال تقديم الطعن بعد انتهاء المهل القانونية لتقديم الطعون بعد اخلالا بالمواعيد الاجرائية ، وكذلك في حالة اثبات كذب اليمين بموجب حكم جزائي (1).
2. المعيار الاختياري.
يعتمد تقدير تحقق الإخلال بالواجب الاجرائي في بعض الحالات على المعيار الذي يقع اختيار القاضي عليه لتقدير الاخلال في الحالة المعروضة على المحكمة ، لأن القانون لا يفرض عليه معيارة معينة وعندئذ فان اختيار المعيار المناسب سوف تحدده ظروف الحالة وملابساتها ، ومثال على ذلك ما جاء بالمادة (28) من قانون المرافعات العراقي التي نصت على " للمحكمة أن تفرض على القائم بالتبليغ غرامة لا تقل عن مائة دينار ولا تزيد على الف دينار اذا كان البطلان ناشئة عن تقصيره وذلك بقرار غير قابل للطعن ، وان كان القاضي يلجأ غالبا في هذه الحالة إلى المعايير العامة لتقدير الخطأ والمتمثلة بالمعيار الشخصي والمعيار الموضوعي ، لذلك من الضروري التعرض لهذين المعيارين وكما يأتي :
أ. المعيار الشخصي للخطأ التقصيري في الطعون.
ان المتقاضي قد يخل بالتزام قانوني سابق فينحرف و يتجاوز الحدود التي يجب التزامها في سلوكه ويكون الضابط او المعيار شخصية وهو ما يستلزم النظر إلى التعدي من خلال شخص المتعدي ، ونرى هل ما صدر منه يعد بالنسبة اليه انحرافة في السلوك فاذا ما كان حسن التدبير و على مستوى عال من اليقظة والحيطة ، فيعد تعدية أقل سلوك منحرف يصدر منه ، وقد يكون سيئ التدبير ودون المستوى العادي من الفطنة والذكاء فلا يعد الانحراف في سلوكه تعدية إلا اذا كان هذا الانحراف كبيرة او بارزة ، وقوام المعيار الشخصي هو فكرة سلطان الارادة الذي تقوم هذه الفكرة على القصد والنية وهي عوامل تكاد لا يخلوا منها أي عمل من اعمالنا المشروعة وغير المشروعة ، ويعد من الظروف الشخصية أو الذاتية صغار السن وما يصاحبه من قلة التجربة ، أو الأنوثة وما يصاحبها من عصبية أو ضعف ، او الحالة الصحية من عاهة تعجزه او مرض يعتريه ، أو ضعف في البصر او السمع او أي صفة اخرى كضعف مستوى الذكاء ، وقد نادي بعض الفقهاء للأخذ بهذا المعيار إلا أنهم كانوا القلة من بين باقي الفقهاء وذلك بسبب الانتقادات التي وجهت لهذا المذهب الفقهي (2). فمن ايجابيات هذا المعيار أنه يتسم بالعدالة فيأخذ كل شخص بجريرته على قدر يقظته و فطنته ، إلا أن هذا المعيار فيه عيوب جوهرية فهو غير صالح لإعماله في قياس الانحراف في السلوك لان الكشف عن مدى فطنة ويقظة الشخص وما درج عليه من عادات يعد أمرا خفية وصعبة على القاضي ومن جانب اخر فهو يختلف من شخص إلى آخر ، و أن التعويض لا يعد عقوبة لكي ينظر في تقديره إلى الشخص المجرم قبل النظر إلى الجريمة ، بل هو حق مالي والحق المالي انما يتعلق بذمة من احدث الضرر والمتضرر لا يعنيه كون المتسبب له في الضرر ذكيا أم غبية صحيحة أم سقيما ذكرأ كان أم انثي ، بقدر ما يعنيه جبر الضرر الذي أصابه ، بالإضافة لذلك فان الخطأ يعد ظاهرة اجتماعية لا ظاهرة نفسية (3).
وميز بعض(4) الفقهاء في معيار التعدي بين الخطأ غير المتعمد والخطأ العمدي ، بقولهم اذا كان فعل التعدي عمدية أي قصد الفاعل الأضرار بالغير فان المعيار يكون شخصية او ذاتية، أما اذا كان الفعل غير عمدي فيقاس سلوك المسؤول بمعيار موضوعي وهو سلوك الشخص العادي او المعتاد(5)، إلا أن النظر لتوفر قصد الأضرار من علمه هو لمعرفة نوع الخطأ هل هو خطا عمدي أم غير عمدي ولا يصلح لاعتماده كمعيار لقياس التعدي ، ولذلك فان اغلب الفقه اتجه إلى استبعاد كل الظروف الذاتية او الشخصية لقياس التعدي.
ب. المعيار الموضوعي للخطأ التقصيري في الطعون.
يراد بالمعيار الموضوعي ، هو قياس الفعل على أساس سلوك معين لا يختلف باختلاف الحالات او الاشخاص ، و هو سلوك الشخص المعتاد او ما يعرف بأنه (الشخص المعتقل الواثق من تصرفاته) وبالاستناد إلى هذا المعيار يكون الطعن كيدية اذا انحرف الطاعن عن مسلك الرجل المعتاد بصرف النظر عن قصد الطاعن وسلوكه الشخصي (6).
ان اغلب رجال الفقه (7) وكذلك القضاء قد اخذوا ورجحوا الأخذ بالمعيار الموضوعي المجرد في معرفة وضبط الانحراف إذ يكون قياس الانحراف بسلوك شخص معتاد محاط في نفس ظروف الشخص الفاعل ، من دون النظر لشخصية او سلوك من وقع منه الفعل ، ويقصد بالشخص المعتاد هو شخص من نفس طائفة الفاعل يتمتع بمستوى متوسط من الصفات فلا يتطلب أن يكون شديد الحرص واليقظة ولا أن يكون مهمل بليد التفكير و يعرفه القانون الفرنسي باسم ( رب الأسرة الحريص) ، وان عد الفعل خطأ يوجب التعويض هو من اختصاص محكمة الموضوع متى كان استخلاصة سائغا ، إلا أن تكييف الفعل بأنه خطا أو نفي هذا الوصف عنه يخضع لرقابة محكمة التمييز او النقض (8). وقد أخذ المشرع العراقي بهذا المعيار إذ نص في الفقرة (1) من المادة (201) من القانون المدني على أنه في الالتزام بعمل اذا كان المطلوب من المدين ...او كان مطلوبا منه أن يتوخی الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفي بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية ما يبذله الشخص المعتاد حتى ولو لم يتحقق الغرض المقصود" فالمتقاضي ملزم بتوخي الحيطة في تنفيذ الواجبات الإجرائية وتجنب اتخاذها وسيلة للأضرار بخصمه والا وجب مسائلته . كذلك المشرع المصري اورد نصأ مماثلا لما أورده المشرع العراقي بهذا الصدد معتمدا المعيار الموضوعي إذ نص في الفقرة (1) من المادة (211) على" في الالتزام بعمل اذا كان المطلوب من المدين ....او أن يتوخی الحيطة في تنفيذ التزامه فان المدين يكون قد وفي بالالتزام اذا بذل في تنفيذه من العناية كل ما يبذله الشخص العادي ... وجاء في الفقرة (2) من هذه المادة ما نصه "وفي كل حال يبقى المدين مسؤولا عما يأتيه من غش او خطأ جسيم ".
ومما سبق تصل إلى نتيجة بان معیار معرفة الطعون الكيدية الذي يقع نتيجة الاخلال بالواجبات الإجرائية هو معیار موضوعي وهو معيار الشخص المعتاد كما اصطلح عليه المشرع العراقي او الشخص العادي او رب الأسرة الحريص كما نص عليه القانون الفرنسي (9) ، ويكفي أن يكون الخطأ بالواجبات الإجرائية بسيطة لقيام المسؤولية المدنية عن الطعون الكيدية(10).
_____________
1 -الفقرة (رابعا) من المادة (119) من قانون الإثبات العراقي
2- د. محمد حسين الشامي ، نظرية المسؤولية المدنية في القانون المدني اليمني والمصري والفقه الاسلامي -دراسة مقارنة ، ط1 ، مكتبة الجيل الجديد ، صنعاء ، 1994، ص55. ومن الفقهاء الذين أخذوا بهذا المعيار هم الفقيه الرجال وفيليب لوطورنو . اشار لذلك د. عبد القادر العرعاري ، مصادر الالتزامات ، الكتاب الثاني ، المسؤولية المدنية ، ط3، دار الامان ، الرباط، 2011، ص 64.
3- ينظر: عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام ، دار احياء التراث العربي ، بيروت - لبنان، من دون سنة طبع ، ص 780. و عبد المجيد الحكيم و عبد الباقي البكري و محمد طه البشير ، المصدر السابق ، ص 215 و سمير عبد السيد تناغو ، مصادر الالتزام ، ط1، مكتبة الوفاء القانونية ، الاسكندرية ، 2009م تحصل 227. نبيل ابراهيم سعد و د. همام محمد محمود زهران ، المدخل للقانون - نظرية الحق، منشأة المعارف ، الاسكندرية ، 2002 ، ص 1391 .
4- ينظر د. محمد حسين الشامي ، نظرية المسؤولية المدنية في القانون المدني اليمني والمصري والفقه الاسلامي -دراسة مقارنة ، ط1 ، مكتبة الجيل الجديد ، صنعاء ، 1994 ، ص 57.
5- ينظر: د. أنور سلطان ، النظرية العامة للالتزام ، مصادر الالتزام ج 1، ص 436.
6- ينظر: د. سمير عبد السيد تناغو ، المصدر السابق ، ص 227.
7- ينظر: عبد الرزاق احمد السنهوري ، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد ، نظرية الالتزام بوجه عام ، مصادر الالتزام ، دار احياء التراث العربي ، بيروت - لبنان، من دون سنة طبع ، ص 782 . و عبد المجيد الحكيم و عبد الباقي البكري و محمد طه البشير ، المصدر السابق ، ص 219. و ينظر : سمير عبد السيد تناغو، المصدر السابق، ص 227.
8- ينظر: د. معوض عبد التواب ، المرجع في التعليق على القانون المدني ، المجلد الثاني ، الطبعة السابعة، مكتبة عالم الفكر والقانون للنشر والتوزيع، مصر ، 2004، ص 271.
9-Jean-Luc Aubert, source précédente,p270.
وعبر عنه بالأب الصالح كما ورد في قانون الموجبات والعقود اللبناني لسنة 1932 في المواد (156 و 416 و785 (
10- ينظر: د. ابراهيم أمين النفياوي ، مسؤولية الخصم عن الاجراءات (دراسة مقارنة في قانون المرافعات)، رسالة مقدمة لنيل درجة الدكتوراه في الحقوق ، جامعة عين شمس كلية الحقوق ،1991، ، ص 245.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|