أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-7-2016
2134
التاريخ: 2023-04-01
1295
التاريخ: 30-1-2023
1497
التاريخ: 2024-05-06
636
|
ابن سعيد يقدم سردا لتطور التاريخ الأندلسي
كانت سلطنة الأندلس في صدر الفتح على ما تقدم من اختلاف الولاة عليها من سلاطين إفريقية، واختلاف الولاة داع إلى الاضطراب، وعدم تأثل الأحوال وتربية الضخامة في الدولة، ولما صارت الأندلس لبني أمية وتوارثوا ممالكها وانقاد إليهم كل أبي فيها وأطاعهم كل عصي عظمت الدولة بالأندلس، وكبرت الهمم وترتبت (1) الأحوال، وترتبت القواعد، وكانوا صدرا من دولتهم يخطبون لأنفسهم بأبناء الخلائف، ثم خطبوا لأنفسهم بالخلافة، وملكوا من بر العدوة ما ضخمت به دولتهم، وكانت قواعدهم إظهار الهيبة، وتمكن الناموس من قلب العالم، ومراعاة أحوال اشرع في كل الأمور، وتعظيم العلماء، والعمل بأقوالهم، وإحضارهم في مجالسهم واستشارتهم، ولهم حكايات في تاريخ ابن حيان: منها ما هو مذكور من توجه الحكم على خليفتهم أو على ابنه أو أحد حاشيته المختصين، وأنهم كانوا في نهاية من الانقياد للحق (2) لهم أو عليهم، وبذلك انضبط لهم أمر الجزيرة. ولما خرقوا هذا الناموس كان أول ما تهتك أمرهم، ثم اضمحل، وكانت ألقاب الأول منهم الأمراء أبناء الخلائف، ثم الخلفاء أمراء المؤمنين، إلى أن وقعت الفتنة بحسد بعضهم لبعض، وابتغاء الخلافة من غير وجهها الذي رتبت عليه، فاستبدت ملوك الممالك الأندلسية ببلادها، وسموا بملوك الطوائف واستبدوا (3) ، وكان فيهم من خطب للخلفاء المروانيين وإن لم يبق لهم خلافة، ومنهم من خطب للخلفاء العباسيين المجمع على إمامتهم، وصار ملوك الطوائف يتباهون في أحوال الملك، حتى في الألقاب، فآل أمرهم إلى أن تلقبوا بنعوت الخلفاء، وترفعوا إلى طبقات السلطنة العظمى، وذلك بما في جزيرتهم من أسباب الترفه والضخامة التي تتوزع على ملوك شتى فتكفيهم، وتنهض بهم للمباهاة. ولأجل توثبهم على النعوت العباسية، قال ابن رشيق القيرواني (4) :
(213)
مما يزهدني في أرض أندلس ... تلقيب معتضد فيها ومعتمد
ألقاب مملكة في غير موضعها ... كالهر يحكي انتفاخا صولة الأسد وكان عباد بن محمد بن عباد قد تلقب بالمعتضد، واقتفى سيرة المعتضد العباسي أمير المؤمنين، وبلقب ابنه محمد بن عباد بالمعتمد، وكانت لبني عباد مملكة إشبيلية ثم انضاف إليها غيرها.
وكان خلفاء بني أمية يظهرون للناس في الأحيان على أبهة الخلافة،وقانون لهم في ذلك معروف، إلى أن كانت الفتنة، فازدرت العيون ذلك الناموس واستخفت به.
وقد كان بنو حمود من ولد إدريس العلوي الذين توثبوا على الخلافة في أثناء الدولة المروانية بالأندلس يتعاظمون، ويأخذون أنفسهم بما يأخذها خلفاء بني العباس، وكانوا إذا حضرهم منشد لمدح أو من يحتاج إلى الكلام بين أيديهم يتكلم من وراء حجاب، والحاجب واقف عند الستر يجاوب بما يقول له الخليفة، ولما حضر ابن مقانا الأشبوني أمام حاجب إدريس بن يحيى الحمودي الذي خطب له بالخلافة في مالقة، وأنشده قصيدته المشهورة النونية التي منها قوله (5) :
وكأن الشمس لما أشرقت ... فانثنت عنها عيون الناظرين
وجه إدريس بن يحيى بن علي ... بن حمود أمير المؤمنين وبلغ فيها إلى قوله:
انظرونا نقتبس من نوركم ... إنه من نور رب العالمين رفع الخليفة الستر بنفسه، وقال: انظر كيف شئت، وانبسط مع الشاعر، وأحسن إليه.
(214)
ولما جاء ملوك الطوائف صاروا يتبسطون للخاصة وكثير من العامة، ويظهرون مداراة (6) الجند وعوام البلاد، وكان أكثرهم يحاضر العلماء والأدباء، ويحب أن يشهر عنه ذلك عند مباريه في الرياسة.
ومذ وقعت الفتنة بالأندلس اعتاد أهل الممالك المتفرقة الاستبداد عن إمام الجماعة، وصار في كل جهة مملكة مستقلة يتوارث أعيانها الرياسة كما يتوارث ملوكها الملك، ومرنوا على ذلك، فصعب ضبطهم إلى نظام واحد، وتمكن العدو منهم بالتفرق وعداوة بعضهم لبعض بقبيح المنافسة والطمع، إلى أن انقادوا إلى عبد المؤمن وبنيه، وتلك القواعد في رؤوسهم كامنة، والثوار في المعاقل تثور (7) ، وتروم الكرة، إلى أن ثار ابن هود، وتلقب بالمتوكل، ووجد قلوبا (8) منحرفة عن دولة بر العدوة، مهيأة للاستبداد، فملكها بأيسر محاولة، مع الجهل المفرط وضعف الرأي، وكان مع العامة كأنه صاحب شعوذة، يمشي في الأسواق ويضحك في وجوههم ويبادرهم بالسؤال. وجاء للناس منه ما لم يعتادوه من سلطان، فأعجب سفهاء الناس وعامتهم العمياء، وكان كما قيل:
أمور يضحك السفهاء منها ... ويبكي من عواقبها الحليم فآل ذلك إلى تلف القواعد العظيمة، وتملك الأمصار الجليلة، وخروجها من يد الإسلام.
والضابط فيما يقال في شأن أهل الأندلس في السلطان أنهم إذا وجدوا فارسا يبرع الفرسان أو جوادا يبرع الأجواد تهافتوا في نصرته، ونصبوه ملكا من غير تدبير في عاقبة، آل الأمر إلى ما يؤول إليه، وبعد أن يكون الملك في مملكة
(215)
قد توورثت وتدوولت، ويكون في تلك المملكة قائد من قوادها قد شهرت عنه وقائع في العدو وظهر منه كرم نفس للأجناد ومراعاة، قدموه ملكا في حصن من الحصون، ورفضوا عيالهم وأولادهم - إن كان لهم ذلك - بكرسي الملك، ولم يزالوا في جهاد وإتلاف أنفس حتى يظفر صاحبهم بطلبته. وأهل المشرق أصوب رأيا منهم في مراعاة نظام الملك، والمحافظة على نصابه، لئلا يدخل الخلل الذي يقضي باختلال القواعد وفساد التربية وحل الأوضاع.
ونحن نمثل في ذلك بما شاهدناه: لما كانت هذه الفتنة الأخيرة بالأندلس تمخضت عن رجل من حصن يقال له أرجونة، ويعرف الرجل بابن الأحمر، كان يكثر مغاورة العدو من حصنه، وظهرت له مخايل وشواهد على الشجاعة، إلى أن سار (9) اسمه في الأندلس، وآل ذلك إلى ان قدمه أهل حصنه على أنفسهم، ثم نهض فملك قرطبة العظمى، وملك إشبيلية، وقتل ملكها الباجي، وملك جيان أحصن بلد بالأندلس وأجله قدرا في الامتناع، وملك غرناطة ومالقة، وسموه بأمير المسلمين، فهو الآن المشار إليه بالأندلس والمعتمد عليه.
__________
(1) ق ج: وترتيب.
(2) ك: إلى الحق.
(3) واستبدوا: سقطت من ك.
(4) ديوان ان رشيق:: 59، وهما في وفيات الأعيان 4: 52 لابن عمار الأندلسي.
(5) عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني القبذاقي أبو زيد من شعراء الذخيرة (القسم الثاني: 301، وانظر المغرب 1: 413 والحاشية في مصادر ترجمته).
(6) ق ج ط: لمداراة.
(7) ط ق: تنزو.
(8) ك: القلوب.
(9) ك: طار.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|