المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الاخلاق و الادعية
عدد المواضيع في هذا القسم 5728 موضوعاً
الفضائل
آداب
الرذائل وعلاجاتها
قصص أخلاقية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الفضيلة والرذيلة  
  
1246   10:27 صباحاً   التاريخ: 27-7-2022
المؤلف : الشيخ الدكتور شبر الفقيه.
الكتاب أو المصدر : الاخلاق بين جدلية الدين والفلسفة عند صدر الدين الشيرازي
الجزء والصفحة : ٢٥١-265.
القسم : الاخلاق و الادعية / أخلاقيات عامة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-8-2020 1245
التاريخ: 24-5-2021 1892
التاريخ: 11-10-2016 1620
التاريخ: 18-3-2021 2739

يرى صدر الدين أن فضائل النفس ورذائلها كثيرة بحسب قوى النفس : العقلية، والوهمية، والغضبية، والشهوية.

وبذلك تتكون مجموعتان من الفضائل والرذائل، وقد جعل فضيلة العلم أصلاً لجميع الفضائل، ورذيلة الجهل مصدراً لكل الرذائل، وهذا ما حدده قول الإمام الصادق (عليه السلام) في حديث جنود العقل والجهل الذي مر في المبحث الأول من الفصل الثاني، فتأثر ملا صدرا وأوضح بهذا الحديث ، وقد شرحه بالتفصيل في سفره القيم (شرح أصول الكافي - ج1).

وحينما جعل صدر الدين العلم رئيس الفضائل، وتأثره بقول الإمام الصادق ، فهذا يعني أنه مرادف بين العقل والعلم.

وقد بين ماهية الفضيلة، والرذيلة، وحدد الفضائل الرئيسية، إذ قال :

.... اعلم: أن الحكمة، بمعنى إدراك الكليات والعقليات الثابتة الوجود، كمال للإنسان بما هو إنسان، كلما زاد كان أفضل.

وأما غيرها من الملكات، فلها إفراط وتفريط، ومتوسط بينهما، والفضيلة في الطرفين ، أما الإفراط : فلان حصولها ضار لغيرها، أعني ملكة العلم الذي هو أصل الفضائل، وأما تفريطها، فلأن عدمها.

بالكلية، ونقصانها المفرط، يوجب فقد ما يتوقف عليها من تحصيل الخير الباقي، وهو الكمال العقلي .

واعلم: أن رؤوس الفضائل النفسانية والأخلاق الإنسانية التي هي مبادئ الأعمال الحسنة، ثلاثة : الشجاعة، والعفة، والحكمة، ومجموعها العدالة، وهذه الحكمة غير الحكمة بالمعنى الأول التي أطرافها أفضل.

ولكل واحد من هذه الثلاثة طرفان هما رذيلتان.

أما الشجاعة : فهي الخلق الذي يصدر عنه الأفعال المتوسطة بين أفعال التهور والجبن، وهذان الطرفان رذيلتان .

وأما العفة: فهي الخلق الذي يصدر عنه الأفعال المتوسطة بين أفعال الفجور والخمود وهذان الطرفان رذيلتان .

وأما الحكمة : فهي الخلق الذي يصدر عنه الأفعال المتوسطة بين أفعال الغريزة والغباوة، وهذان الطرفان رذيلتان)(۱) .

وتبدأ الفضيلة عند صدر المتألهين من الوجود، فيجعل وجود الله عز وجل فضيلة الوجود، إذ يقول :

(ولما كان واجب الوجود من فضيلة الوجود في أعلى الأنحاء، وفي سطوع النور في قصيد المراتب يجب أظهر الأشياء، عندنا)(۲) .

أن يكون وجوده ثم يسلك ملا صدرا العرفان في بيان أن الفضائل العقلانية أسمى أنواع الفضائل، وذلك بعد التخلص من عالم الكدورات و الغشاوات المتجسدة في الطبيعة، عن طريق تهذيب العقل والخيال، وتظهير النفس من الرجس والأرذال، ليتنور القلب، ويستضيء العقل، ومن ثم تستيقظ النفس من نومة الغفلة، فتسمو إلى أرقى الفضائل في عالم الأنوار الإلهية، وهذا المعنى قد أكد عليه، فقال: (لا يخفى على من تنور قلبه، واستضاء عقله، بعد التأمل . .

إن الغرض الأقصى في وجود العشق في جبلة النفوس، وحبها لشمائل الأبدان، ومحاسن الأجسام، واستحسانها زينة المواد والأجرام، إنما هو تنبيه لها من نوم الغفلة، ورقدة الجهالة ورياضة لها من تخريج الأمور الجسمانية، والأصنام الهيولانية إلى المحاسن الروحانية، والفضائل العقلانية، والأنوار الإلهية)(3).

والملاحظ، أن الفضائل الإنسانية، عنده، نابعة من العقل، راسخة فيه، وهي بذلك ملكة، ذلك لأنها موجودة دائماً فيه، فلا تبقى حيناً وتزول حيناً آخر، بل هي أبدأ فيه.

وفي وهي الله هذا الصدد، ينبنى رأي أرسطو الذي جعل العقل مصدر الفضائل كلها، والذي أعطى للعقل هذه المزية، العلة الأولى، وهي الله تعالى)(4).

وقد أرجع صدر الدين الفضائل والرذائل إلى الحكمة، والحرية، وأضدادها، فقال :

.. وأما النفس الشريفة، بحسب الغريزة، فهي الشبيهة بالمبادئ المفارقة في الحكمة والحرية.

اما الحكمة : فهي إما أن تكون غريزية، أو مكتسبة، فالحكمة الغريزية هي الاستعداد الأول لاكتساب الحكمة المكتسبة، والنفوس الإنسانية متفاوتة فيها حتى أن البالغ منها إلى الدرجة العالية هي النفس القدسية النبوية، المشار إليه بقوله تعالى: {يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ} [النور: 35].

اشارة الى عدم احتياجه في اكتساب العلم الى معلم بشري، ويقابلها النفس البليدة التي لا تنفع بتعليم معلم.

أما الحرية : فشرحها، أن النفس إما أن تكون مطبعة بغريزتها إلى الأمور البدنية، ومستلذات القوى الحيوانية، وإما أن لا تكون مطبعة لها، فالتي لا تكون كذلك الحرة، وإنما سميت بها لأن الحرية في اللغة تطلق على ما يقابل العبودية.

ومعلوم أن الشهوات مستعبدة قاهرة على استخدام النفوس الناقصة، فهي عبدة الشهوة، غير حرة عن طاعة الأمور البدنية .

فاعلم أن جميع الفضائل النفسانية يرجع إلى هاتين الفضيلتين، وكذا الأخلاق الذميمة، مع كثرتها، ترجع كلها إلى أضدادها هاتين)(5).

وقد قسّم صدر المتألهين حسن الفضائل، وقبح الرذائل، بحسب الأخلاق بين جدلية الدين والفلسفة عند صدر الدين الشيرازي تشنه نار)، إشارة إلى عدم احتياجه في اكتساب العلم إلى معلم صورتي الإنسان الظاهرة والباطنة، إذ قال :

وكلما كان للإنسان صورة ظاهرة، حسنها بحسب الجميع واعتداله، وقبحها بقبح البعض، فضلاً عن الجميع، فكذلك الصورة الباطنة لها أركان لا بد من حسن جميعها حتى يحسن الخلق، وتحصل الحكمة، والحرية، وهي أربعة معان: قوة العلم، وقوة الغضب، وقوة الشهوة، وقوة العقل)(6)، والعدل بين هذه الأمور، فإذا استوت هذه الأركان الأربعة، التي هي مجامع الأخلاق التي تتشعب منها أخلاق غير محصورة، اعتدلت وتنافست وحصل حسن الخلق)(7).

ثم يصنف مراتب هذه القوى، فيجعل قوة العلم أعدلها وأحسنها .

إذ يقول: (أما قوة العلم، فأعدلها وأحسنها أن تصير بأن تدرك الفرق بين الصدق والكذب في الأقوال وبين الحق والباطل في الاعتقادات ، وبين الجميل والقبيح، في الأعمال، فإذا انصلحت هذه القوة، واعتدلت من غير غلو، وتقصير، حصلت منها ثمرة هي بالحقيقة أصل الخيرات، ورأس الـفـضـائـل وروحها، قال الله تعالى: {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [البقرة: 269].

وقـال أيـضـاً: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ } [الحديد: 21].

بعد قوله : {وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة: 129]

وأما قوة الغضب، فاعتدالها أن انقباضها وانبساطها على موجب إشارة الحكمة والشريعة، وكذلك قوة الشهوة يصير هي وأما قوة العدالة، فهي في ضبط قوة الغضب والشهوة تحت إشارة الدين والعقل، فالعقل النظري منزلة المشير الناصح وقوة العدل القوة التامة، منزلتها منزلة المنقذ والممضي لأحكامه، وإشارته، وقوتا الغضب والشهوة هما اللتان فيهما الحكم والإشارة)(8).

وهنا، لا أود عرض كل الفضائل والرذائل المندرجة تحت هذه القوى، ذلك لأني سأتناولها بالتفصيل في المبحث الثاني من الفصل الرابع .

لقد أدخل صدر الدين مصطلح التضاد المنطقي في موضوعي الفضيلة والرذيلة، إذ قال: (... ومن شرط التضاد، أن تكون الأنواع الأخيرة التي توصف به داخلة تحت جنس واحد قريب، وكون الشجاعة تحت الفضيلة، والتهور المضاد لها تحت الرذيلة، لا يرد نقضاً على هذه القاعدة، لأن كل واحد منهما في نفسه كيفية نفسانية، وكونه فضيلة أو رذيلة، وإنما هو صفة عارضة له، لا أنها مقدمة له، فالفضيلة والرذيلة ليستا من الأجناس للفضائل والرذائل النفسانية .

ثم إن الشجاعة ليست ضداً لشيء من التهور والجبن، لكونها واسطة بينهما، وأما الطرفان، فلكونهما في غاية التباعد، كانا متضادين ، بل تضاد الشجاعة مع كل منها تضاد بالعرض، إذ الشجاعة ماهية، لها عارض، وهي كونها فضيلة، وكل من التهور والجبن ماهية، لها عارض، وهو كونها رذيلة، والتضاد، بالحقيقة، بين العارضين وفي المعروضين، بالغرض، وأما التضاد بين التهور والجبن، فنوع آخر من التضاد، غير ما يكون باعتبار الفضيلة والرذيلة)(9).

وأعرج الآن على الفضائل والرذائل التي ذكرها وتأثر بها صدر المتألهين في قول الإمام أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) حول جنود العقل والجهل، والمقصود بجنود العقل الفضائل، وجنود الجهل الرذائل .

وأود في هذا المقام ذكر مقاطع من قول الإمام (عليه السلام) بما يتناسب وموضوع المبحث، وذلك لوجود مقاطع أخرى ليست لها علاقة بالفضيلة، والرذيلة، فأتعرض فقط لنصوص ملا صدرا المتعلقة بالفضائل الموجودة في قول الإمام ، ولا أريد ذكر الحديث بالكامل ذلك لأني تناولته في المبحث الأول من الفصل الثاني، فأجد ذكره هنا لوناً من التكرار، فإذا تقرر ذلك، فأقول قوله له في حديث العقل: (ثم قال له أقبل فأقبل (10)).

قال صدر الدين موضحاً هذا المقطع: ( إقباله إلى الله تعالى بعد نزوله في مكان الخلقة، ونقائص الجسمية، ومعادن الظلمة والشرور، ومهاوي الجهالة والغرور، عبارة عن انتباهه من مرقد الطبيعة، وتيقظه من نوم الجهالة، وتفطنه بأن له سوى هذه النشأة ونشأة أخرى، ورجوعه إلى ذاته بالاستكمال، وترقيه إلى معارج الكمال باكتساب العلوم والأحوال ، واجتنابه عن الرذائل والمناهي، وتجرده عن الملابس والغواشي، وتدرجه إلى درجات المعالي، وتصوره بصورة بعد صورة، وتكونه يكون فوق كون، وطور فوق طور، على عكس الترتيب النزولي)(11) .

، ففي قوله (صلى الله عليه واله) في حديثه عن الجهل : (ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانياً)(12)، بين ملا صدرا المراد بالجهل، فقال: (.... وأما خلق هذا الجوهر النفساني المسمى بالجهل، فإنما يكون وجوده من الله تعالى، لا بالذات والأصالة، بل بالتطفل والتبعية من الجهات(13) ، الابتداء خلق من منبع الشر، وهو الجهة الإمكانية في بعض العلل الأوائل، ومن قابل الشر، وهو المادة التي بها تعلق الوجود الإنساني . .

فبتكرر الجهالات، وترادف السيئات، واكتساب التصديقات الكاذبة ، والخيالات الفاسدة، مع التقليدات، والتعصبات الحاجبة، حتى ترسخت الأكاذيب الوهمانية، وصارت كالمسامير المؤكدة في القلوب، مع ما تولدت عنها من ذمائم الصفات، وقبائح الأخلاق، ورذائل الملكات ، فهذا الجوهر الشيطاني قد يكون من ماء العلوم الكاذبة، الممزوجة بالشرور والظلمات، المزدوجة من قبائح السيئات، فعبر عنها بالبحر الأجاج، لكثرتها، ووصفت بالظلمة لكونها ساترة لنور العلم، غاشية على بصيرة أصحابها)(14)، والناظر إلى كلام الشيرازي، يجد أن فيه مسلكاً عرفانياً، فربط السلوك الأخلاقي بالمنهج العرفاني .

قوله (صلى الله عليه واله) قاصداً حديث الجهل: (فقال له: أدبر فأدبر)(15) ، وفي هذا قال ملا صدرا: ( أي أمر الله له أمـر الـتـكـويـن، اهبط من عـالـم الملكوت والنور إلى عالم الظلمات، فهبط مصلحة للنظام، وابتلاء من الله تعالى للأنام، إذ نظام هذا العالم وعمارته، لا ينصلح إلا بنفوس شريرة، وقلوب قاسية، وتكميل المتدينين والسعداء، لا يتمشى إلا بوجود الأشقياء المردودين .

.. فإن العادل والمنتقم والجبار والتواب والغفور والعفو، أسماء إلهية، وصفات ربانية، لا يتجلى الحق بها إلا إذا جرى العبد ذنباً، ولذلك ورد في الخبر: (لو أنكم لا تذنبون لذهب الله بكم وجاء بقوم يذنبون) وعنه (صلى الله عليه واله) حكاية عن ربه: (أنين المذنبين أحب إلي من زجل المسبحين)(16) .

قوله (عليه السلام): (ثم قال له: اقـبـل فـلـم يـقـبـل)(17)، فقال صـدر المتألهين : (تركه الإقبال إلى الله، لتأكد وجوده الظلماني، وشدة احتجابه بالظلمات، ورسوخه في ذمائم الصفات، وقوة أنانيته، وشدة إبائه، وافتخاره، وامتناعه عن قبول المذلة والافتقار، وتبدل الوجود الظلماتي، واستكباره عن السجود، والخضوع، واغتراره  بجهله، وتعصبه، وتعطيه عن قبول الوعظ والنصيحة والتعليم) (18).

قوله : (فقال الله : استكبرت! فلعنه)(19)، قال ملا صدرا : أي استكبرت بنفسك يا لعين، وعظمت وجودك، هذا الوجود الخسيس المهين، لجهلك بمعالي الأمور، واحتجابك عن معادن النور والسرور، بغواشي عالم الظلمة والدثور والشرور(20).

قوله: (ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جنداً)(21).

قال الشيرازي، هذه الجنود هي قوى وصفات حسنة من آثار صفات الرحمة، أفاضها الله على العقل ليستعين بها في السلوك إلى طلب الحق، ويستعملها في المجاهدة مع أعدائه، وقطاع طريقه في سبيل الله(22)

في قوله (فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه ، أضمر له العداوة)(23).

قال صدر الدين:(... فعداوته للعقل يكون صفة عارضة له ما يظهر من فضائل العقل، ومحاسن صفاته، وما أكرمه الله به من العلوم والكمالات مما هو مسلوب عنه، ولا يمكنه تحصيلها لنفسه، لإعراضه عن الحق سابقاً ولاحقاً)(24) .

قوله : (فقال الجهل يا رب هذا خلق مثلي، خلقته وكرمته وقويته ، وأنا ضده، ولا قوة لي به)(25) .

قال صدر الدين مبيناً هذا المعنى: لما رأى الجهل رؤية ظن وتوهم وحسبان لا رؤية بصيرة وإيقان وعرفان، ما كرم الله به العقل وقواه في الابتداء . . . تحركت فيه نار الحسد الكامنة في باطنه عند الابتداء، واشتعلت نار الجحيم، التي ستبرز وتسعر يوم القيامة في الانتهاء، فالتمس لنفسه المكافأة والمعارضة مع العقل وأن لا يقصر عن مقابلته ومضادته في كل ما يحسبه كمالاً وبعده فضيلة (26).

قوله (صلى الله عليه واله) : (فاعطني من الجند مثل ما أعطيته، فقال: نعم فإن عصيت بعد ذلك)(27).

قال ملا صدرا: (أي فإن عصيتني بعد أن أعطيتك هذه الجنود، وقويتك بهذه القوى المقابلة لقوى العقل وجنوده)(28) .

قوله : (أخرجتك وجنودك من رحمتي، قال: قد رضيت ، فإعطاء خمسة وسبعين جنداً)(29)

شرح صدر المتألهين هذا المعنى، فقال: (.. إن نفوس السعداء والصلحاء كلما كانت أقوى، وكانت أسباب فعل الخيرات وآلات الكمالات فيها أكثر، كانت الأخلاق الحسنة، والكمالات الفاضلة الحاصلة بسببها، أكثر وأشد وأدوم، وقربه من الله وعالم ملكوته الأعلى، أعظم. فكذلك النفوس الشقية كلما كانت أقوى، وجنوده وآلاته أكثر واستعمالها في طريق الشقاوة، ومنهج الضلالة أكثر، كانت الأخلاق السيئة، والرذائل النفسانية منها في تلك النفوس، أرسخ) (30) .

أما الفضائل والرذائل المتعلقة بالعقل والجهل، فهي(31):

الايمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود، والرجاء وضده القنوط والعدل وضـده الـجـور، والرضـا وضـده السخط، والـشـكـر وضـده الكفران)(32)، والطمع وضده اليأس، والتوكل وضده الحرص، والرأفة وضدها القسوة، والرحمة وضدها الغضب، والعلم وضده الجهل، والفهم وضده الحمق، والعفة وضدها التهتك، والزهد وضده الرغبة ، والرفق وضده الخرق، والرهبة وضدها الجرأة، والتواضع وضده الكبر، والتؤدة وضدها التسرع، والحلم وضده السفه، والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك، والصبر وضده الجزع، والصفح وضده الانتقام، والغنى وضده الفقر(33)، والتذكر وضده السهو، والحفظ وضده النسيان، والتعطف وضده القطيعة، والقنوع وضده الحرص، والمواساة وضدها المنع، والمودة وضدها العداوة ، والوفاء وضده الغدر، والطاعة وضدها المعصية، والخضوع وضده التطاول، والسلامة وضدها البلاء، والحب وضده البغض، والصدق وضده الكذب، والحق وضده الباطل، والأمانة وضدها الخيانة، والإخلاص وضده الشوب، والشهامة وضدها البلادة، والفهم وضده الغباوة(34)، والمعرفة وضدها الإنكار، والمداراة وضدها المكاشفة(35) .

وسلامة الغيب وضدها المماكرة)(36)، والكتمان وضده الإنشاء، والصلاة وضدها الإضاعة، والصوم وضده الإفطار، والجهاد وضده النكول، والحج وضده نبذ الميثاق، وصون الحديث وضده النميمة، وبر الوالدين وضده العقوق، والحقيقة وضدها الرياء، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج، والتـقـيـة وضدها الإذاعة، والإنصاف وضـده الحمية، والتهيئة وضدها البغي، والنظافة وضدها القذر، والحياء وضده الخلع، والقصد وضده العدوان، والراحة وضدها التعب، والسهولة وضدها الصعوبة، والبركة وضدها المحق، والعافية وضدها البلاء، والقوام وضده المكاثرة(37).

والحكمة وضدها الهـوى، والوقار وضده الخفة، والتوبة وضدها الإصرار، والاستغفار وضده الاغترار، والمحافظة وضدها التهاون، والدعاء وضده الاستنكاف، والنشاط وضده الكسل، والألفة وضدها الفرقة، والسخاء وضده البخل .

ثم يتعرض صدر الدين لأصول هذه الجنود عند ذكر قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ } [المدثر: 31].

إذ يقول: (... إن الله جنوداً في القلوب والأرواح وغيرها من العوالم والنشآت لا يعلم حقائقها وتفاصيل عددها إلا هو..... ومن جملتها جنود القلب الإنساني، فإن الأعضاء وقواها هي الرعايا والجنود كلها مسخرة للقلب، خادمة له، مجبولة على طاعته بإذن الله تعالى، وهي جندان: جند يرى بالإبصار، وجند لا يرى إلا بالبصائر.

أما القسم الأول: فهي الجوارح والأعضاء الظاهرة والباطنة، أما الظاهرة، كالعين، والأذن، واليد، والرجل، وأما الباطنة، كالقلب، والدماغ، والكبد، والطحال، ونحوها، وكلها مجبولة على طاعة القلب ، لا تستطيع له خلافاً، ولا عليه تمرداً، فإذا أمر العين للانفتاح انفتحت ، وإذا أمر الرجل بالحركة تحركت، وإذا أمر اللسان بالتكلم وجزم الحكم به تکلم، وكذا سائر الأعضاء .

وأما القسم الثاني : فهو على ثلاثة أضرب: مدرك، وباعث ، ومحرك، فالجنود المدركة هي الحواس، وهي قسمان: ظاهرة، كالسمع، والبصر، والذوق، واللمس، وباطنة، كالحس المشترك، والخيال، والوهم، والحافظة، والذاكرة وأما الجنود الباعثة، فهي كالإرادة، وبعدها الشهوة لجلب المنافع ، والغضب لدفع المضار .

وأما الحركة: فهي الفاعلة للحركة بمباشرة القابل للحركة، وهي المسماة بالقدرة، وهي مبثوثة في سائر الأعضاء بواسطة الأعصاب ، فتجذبها، أو تبسطها، فتحصل منها الحركة المكانية والنقلة، ويقع، بسببها، الفعل الذي يريده القلب كالكتابة، والمشي في الخارج )(38).

وقد ربط ملا صدرا بين فضائل العقل، ورذائل الجهل من جهة، وبين معرفة ماهية العقل والجهل وجنود كل منها من جهة أخرى، وذلك حينما ذكر قول الإمام (عليه السلام) (وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، ومجتنبة الجهل وجنوده)(39) .

فقال: (يعني إنما ينال ذلك الاستكمال، أي التخلق بجميع الخصال، أو الكون في أن كلاً من هذه المقامات الإيمانية منتظم من علم وحال وعمل، وإن الأصل في التخلق بها، المعرفة، ثم تكرر العمل، ليصير الحال ملكة راسخة، لأن تكرر الأعمال يجعل الأحوال ملكات)(40)، وهذا تأثر واضح بالمسلك المعرفي الصوفي .

لقد ساوق ملا صدرا بين الفضيلة والسياسة، فوضع صفات عدة، ينبغي للرئيس الأول في الدولة أن يتحلى بها، إذ قال: (... الصفات التي لا بد للرئيس الأول أن يكون عليها، وهي اثنتا عشرة) صفة مفطورة له: في تعديد.

أولاها : أن يكون جيد الفهم لكل ما يسمعه، ويقال له على ما يقصده القائل، وعلى ما هو الأمر عليه، وكيف لا، وهو في غاية إشراق العقل، ونورية النفس .

وثانيها : أن يكون حفوظاً لما يفهمه، ويحفظه لا يكاد ينسا، وكيف لا، ونفسه متصلة باللوح المحفوظ .

وثالثها : أن يكون صحيح الفطرة الطبيعية، معتدل المزاج، نام الخلقة، قوي الآلات على الأعمال التي من شأنه أن يفعلها، وكيف لا، والكمال الأوفى يفيض على المزاج الأتم .

ورابعها: أن يكون حسن العبارة، يواقيه لسانه على إبانة كل ما يضمر، إبانة تامة، وكيف لا، وشأنه التعليم والإرشاد والهداية إلى طريق الخير للعباد.

وخامسها: أن يكون محباً للعلم والحكمة، لا يؤلمه التأمل في المعقولات، ولا يؤذيه الكد الذي يناله منها، وكيف لا، والملائم للشيء ملذ إدراكه، لأنه يتقوى به .

وسادسها : أن يكون، بالطبع، غير شره على الشهوات، متجنباً بالطبع، اللعب، ومبغضاً للذات النفسانية، وكيف لا، وهي حجاب عن عالم النور، ووصلة بعالم الغرور، فيكون ممقوتاً عند أهل الله، ومجاوري عالم القدس.

وسابعها : أن يكون كبير النفس، محباً للكرامة، تكبر نفسه عند كل ما يشين ويضع من الأمور، وتسمو نفسه، بالطبع، إلى الأرفع منها، ويتجنب عن سفساف الأمور، والاكتفاء بأيسر أمور الدنيا، وأخفها، في الأشرف مزيد قرب من العناية الإلهية .

وثامنها : أن يكون رؤوفاً على خلق الله أجمع، لا يعتريه الغضب عند مشاهدة المنكر، ولا يعطل حدود الله من غير أن يهمه التجسس، وكيف لا، وهو شاهد لسر الله ولوازم القدر .

وذلك لأنه وحادي عشرها: أن يكون أهش خلق الله، إذا خلا بربه.

وتاسعها : أن يكون شجاع القلب، غير خائف من الموت، وكيف لا والآخرة خير له من الأولى، فيكون قوي العزيمة على ما يرى أنه ينبغي أن يفعل، جسوراً مقدماً عليه، لا ضعيف النفس وعاشرها: أن يكون جواداً، لأنه عارف بأن خزائن رحمة الله لا تبيد ولا تنقص ؛عارف بالحق وهو أجل الموجودات بهجة وبهاء .

وثاني عشرها: أن يكون غير جموح، ولا لجوج، سلس القيادة ، إذا دعي إلى العدل، صعب الانقياد إذا دعي إلى الجور، أو القبيح (41).

___________________

(1) الشيرازي، صدر الدين - الأسفار - ج 4، ص115 - 116 . وللمزيد براجع : صدر الدین، مفاتيح الغيب، ج۲، ص656 - 657.

(۲) الشيرازي، صدر الدين ـ الأسفار، ج۱، ص۷۰. وللمزيد، يراجع : الشيرازي ، صدر الدين - التفسير، ج۱، ص63.

(3) الشيرازي ـ الأسفار - ج ۲ - ص۷۸ - ۰۷۹

(4) بنظر: الشيرازي، صدر الدين - الأسفار، ج6، ص۲۷۷ - ۲۷۸.

وللمزيد، يراجع : المصدر نفسه، ج۹، ص۸۸.

(5) الشيرازي، صدر الدين، الأسفار، ج۹، ص۸۸.

(6) قوة العقل : أي قدرة العقل العملي على العدالة بينها ، والمراد بقوة العلم، استعداد العقل النظري .

(يراجع : الشيرازي ، صدر الدين - الأسفار، ج۹، ص۸۸، (الهامش رقم (۳): تعليقة المحقق ملا هادي السبزواري .

(7) المصدر نفسه، ص۸۸ – 89.

(8) الشيرازي، صدر الدين، الأسفار، ج۹، ص۹۰.

(9) الشيرازي، صدر الدين، الأسفار، ج۲، ص۱۱۳ - ۱۱4

(10) الشيرازي، صدر الدين، شرح أصول الكافي، ج1، الحديث الرابع عشر، ص403.

(11) الشيرازي - شرح أصول الكافي - ج1 - ص 0403

(12) الشيرازي، صدر الدين، شرح أصول الكافي - ج 1 - ص 0404

(13) لكل من الخير والشر حقائق من عالم المعاني، وأمثلة حاكية عنها من عالم الصور والأشباح التي منزلتها من المعاني منزلة الأجساد من الأرواح، ولكن حقائق الشرية ليست بأمور أصلية، بل إنه هي إلا طفيلية وهمية سرابية في وجه من العبرة والاعتبار، (يراجع الشيرازي، شرح أصول الكافي، ج1، ص406 الهامش : من تعليقات على النوري .

(14) الشيرازي - شرح أصول الكافي - ج1 - مر106 - 407 .

(15) المصدر نفسه ، ص 407.

(16) الشيرازي، صدر الدين - شرح أصول الكافي، ج1، ص407 - 408

(17) المصدر نفسه ص 408.

(18) المصدر نفسه ، ص 4۰۸.

(19) الشيرازي - شرح أصول الكافي - ج1 - ص408

(20) المصدر نفسه، ص408.

(21) المصدر نفسه، ص 409

(22) المصدر نفسه، ص۰۹

(23) المصدر نفسه، ص409

(24) الشيرازي، صدر الدين - شرح أصول الكافي، ج1 - ص0409

(25) المصدر نفسه، ص410.

(26) الشيرازي - شرح أصول الكافي - ج1 - من 410.

(27) المصدر نفسه، ص411.

(28) المصدر نفسه، ص411 .

(29) المصدر نفسه، ص411.

(30) المصدر نفسه، ص411.

(31) المصدر نفسه، ص416 - 538.

(32) الكفران أي يرى النعم من غير (الله) تعالى (ينظر المصدر نفسه ـ ص429)

(33) الفقر: أي الاستعانة بغير (الله) تعالى (ينظر المصدر نفسه ـ ص 453).

(34) الغباوة والحمق: الغباوة بمعنى عدم التفطن للمعنى وأصله ظلمة للنفس، في حين أن الحمق هو: البلادة المفرطة (ينظر: الشيرازي، صدر الدين، شرح أصول الكافي - ج1 - من 438 - 472).

(35) المداراة، والمكاشفة، المداراة: هي اللين وخفض الجناح والتعبير، أما المكاشفة فهي المجاهرة باطلاع الناس على حقيات بعضهم البعض، وعيوبهم، وإظهار زلائهم، طلبا للتفوق على الخلق، والتفاخر، والرعوية (ينظر: المصدر نفسه ـ ص 476)

(36) سلامة العيب، والمماكرة سلامة الغيب: عدم الغش والعيب، والمماكرة: أي الغش والعيب والمكر والكذب (ينظر: المصدر نفـه . ص476).

(37) القوام والمكاثرة : القوام أي القناعة بما يقوم به الشخص في الدنيا ويتقوى به في العبادة، والكفاية بالمقدور، أما المكاثرة: فهي جمع الأسباب والحرص على التكاثر في الأموال والأولاد، وغير ذلك من متاع الدنيا، مما يزول عن العبد، وتبقى الحسرة إلى يوم القيامة وفيه (ينظر الشيرازي، صدر الدين (شرح أصول الكافي) ج1 – ص5۱۸).

(38) الشيرازي، صدر الدين - شرح أصول الكافي - ج1، ص536.

وللمزيد يراجع : الشيرازي، صدر الدين - المهد والمعاد - ص۲۹۹

(39) الشيرازي، صدر الدين - شرح أصول الكافي - ج۱ - ص438.

(40) الشيرازي - شرح اصول الكافي - ج1 ، ص5۳8.

(41) الشيرازي، صدر الدين، شواهد الربوبية، ص 357 - 358.




جمع فضيلة والفضيلة امر حسن استحسنه العقل السليم على نظر الشارع المقدس من الدين والخلق ، فالفضائل هي كل درجة او مقام في الدين او الخلق او السلوك العلمي او العملي اتصف به صاحبها .
فالتحلي بالفضائل يعتبر سمة من سمات المؤمنين الموقنين الذين يسعون الى الكمال في الحياة الدنيا ليكونوا من الذين رضي الله عنهم ، فالتحلي بفضائل الاخلاق أمراً ميسورا للكثير من المؤمنين الذين يدأبون على ترويض انفسهم وابعادها عن مواطن الشبهة والرذيلة .
وكثيرة هي الفضائل منها: الصبر والشجاعة والعفة و الكرم والجود والعفو و الشكر و الورع وحسن الخلق و بر الوالدين و صلة الرحم و حسن الظن و الطهارة و الضيافةو الزهد وغيرها الكثير من الفضائل الموصلة الى جنان الله تعالى ورضوانه.





تعني الخصال الذميمة وهي تقابل الفضائل وهي عبارة عن هيأة نفسانية تصدر عنها الافعال القبيحة في سهولة ويسر وقيل هي ميل مكتسب من تكرار افعال يأباها القانون الاخلاقي والضمير فهي عادة فعل الشيء او هي عادة سيئة تميل للجبن والتردد والافراط والكذب والشح .
فيجب الابتعاد و التخلي عنها لما تحمله من مساوئ وآهات تودي بحاملها الى الابتعاد عن الله تعالى كما ان المتصف بها يخرج من دائرة الرحمة الالهية ويدخل الى دائرة الغفلة الشيطانية. والرذائل كثيرة منها : البخل و الحسد والرياء و الغيبة و النميمة والجبن و الجهل و الطمع و الشره و القسوة و الكبر و الكذب و السباب و الشماتة , وغيرها الكثير من الرذائل التي نهى الشارع المقدس عنها وذم المتصف بها .






هي ما تأخذ بها نفسك من محمود الخصال وحميد الفعال ، وهي حفظ الإنسان وضبط أعضائه وجوارحه وأقواله وأفعاله عن جميع انواع الخطأ والسوء وهي ملكة تعصم عما يُشين ، ورياضة النفس بالتعليم والتهذيب على ما ينبغي واستعمال ما يحمد قولاً وفعلاً والأخذ بمكارم الاخلاق والوقوف مع المستحسنات وحقيقة الأدب استعمال الخُلق الجميل ولهذا كان الأدب استخراجًا لما في الطبيعة من الكمال من القول إلى الفعل وقيل : هو عبارة عن معرفة ما يحترز به عن جميع أنواع الخطأ.
وورد عن ابن مسعود قوله : إنَّ هذا القرآن مأدبة الله تعالى ؛ فتعلموا من مأدبته ، فالقرآن هو منبع الفضائل والآداب المحمودة.






موكب أهالي كربلاء يستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام)
العتبة العباسية تستذكر شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) بإقامة مجلس عزاء
أهالي كربلاء يحيون ذكرى شهادة الإمام الصادق (عليه السلام) في مدينة الكاظمية
شعبة مدارس الكفيل النسوية تعقد اجتماعًا تحضيريًّا لوضع الأسئلة الامتحانية