نبينا مبعوث إلى الثقلين وخاتم النبيّين بدلالة معجزاته المطابقة لدعواه |
947
04:39 مساءاً
التاريخ: 10-08-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-08-2015
1058
التاريخ: 22-4-2018
629
التاريخ: 12-1-2019
844
التاريخ: 12-1-2019
1754
|
[ان نبينا صلى الله عليه وآله] رسول الله المبعوث إلى الثقلين ، وخاتم النبيّين بدلالة معجزاته المطابقة لدعواه.
اعلم أنّ معجزاته
صلى الله عليه وآله على قسمين : ظاهرة ، وخفيّة. فالظاهرة عبارة عن القرآن المجيد
؛ لكونه ثابتا بالتواتر والتظافر المفيدين للقطع واليقين ، كما في العلم بالبلاد
النائية، والقرون الماضية ، والملوك الحالية ، وذوي السخاوة والشجاعة والعدالة ،
ومؤلّف الكتب بحيث لا يمكن إنكاره ولا يقبل التشكيك.
وهكذا حصل القطع
واليقين أنّ محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله قد ادّعى النبوّة وأتى على
طبقها بالقرآن المجيد ، وتحدّى بطلب معارضته ، وعجز عن المعارضة الفصحاء والبلغاء
المشهورون ، ولم يقدروا على معارضته مع تطاول الأزمنة ، فهذا العجز والتعذّر معجز
خارق للعادة.
فأمّا الذي يدلّ
على أنّه صلى الله عليه وآله ادّعى النبوّة ، وأتى بالقرآن ، وادّعى أنّ جبرئيل يهبط
عليه ، وأنّ الله قد أبانه به ، فهو اتّفاق الموافق والمخالف ، وكونه ضروريّا عند
الكلّ ، والقرآن ناطق بذلك ، كقوله تعالى : {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا
نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ} [البقرة: 23] ونحو
ذلك.
وأمّا الذي يدلّ
على انتفاء المعارضة منهم فهو أنّه لو وقعت المعارضة ، لوجب ظهوره ونقله ، وحيث لم
ينقل قطعنا بانتفائه.
وأمّا وجوب النقل
والظهور ؛ فلتوفّر الدواعي وشدّة الاهتمام بإطفاء نوره صلى الله عليه وآله ، كيف
لا؟ وقد نقل عن مسيلمة الكذّاب حين ادّعى النبوّة والوحي من الله ما ليس قابلا
للنقل مثل قوله : « الفيل ما الفيل ، وما أدراك ما الفيل ، له ذنب وبيل ، وخرطوم
طويل » (1).
وأمّا انتفاء
النقل فهو ظاهر ؛ إذ لم ينقل من المتصدّين لإطفائه خبر واحد دالّ على الإتيان بما
يعارض القرآن فضلا عن المتواتر ، حتّى نقل أنّ الوليد بن المغيرة ـ من جهة نهاية
حسده وعداوته وإجابة قومه ـ كان في الليالي متفكّرا في الإتيان بما يعارضه ، فلمّا
كان الصباح جاءه قومه رجاء منه أن يأتي بما يعارضه ، فلمّا كانوا بالغين في
الفصاحة عارفين قبح الكلام ، عرفوا قبح ما قاله الوليد فلم يظهروه.
وقد نقل من الوليد
أنّه مرّ على النبيّ صلى الله عليه وآله وقد كان تاليا لسورة « حم السجدة » ولمّا
أتى قومه ، قال لهم : « لقد سمعت من محمّد صلى الله عليه وآله آنفا كلاما ، ما هو
من كلام الإنس والجنّ إنّ له لحلاوة ، وإنّ له لطلاوة ، وإنّ أعلاه لمثمر ، وإنّ
أسفله لمغدق ، وإنّه ليعلو ولا يعلى. فقال قومه : صبا الوليد ؛ نظرا إلى تحسينه
إلى الحدّ المذكور » (2).
فإن قلت : لعلّ
عدم النقل كان من جهة وجود المانع منه وهو الخوف من أهل الإسلام ، وقد بلغوا من
الكثرة إلى حدّ يخاف من مثلهم.
قلت : إنّ الخوف
لا يقتضي انقطاع النقل من كلّ وجه وإنّما يمنع من التظاهر به ، كما أنّ فضائل أمير
المؤمنين عليه السلام وغيره من الأئمّة : قد نقلت ولم ينقطع النقل بها مع الخوف
الشديد من بني أميّة وغيرهم ، مضافا إلى أنّ أعداء الإسلام يعارضون الآن بما هو
أشدّ من نقل المعارض ، فلو كان المعارض موجودا لكان ثابتا في كتبهم ، وكان نقل
المعارض عند المعارضة أهمّ من أنّهم لا يتمسّكون إلاّ بإنكار بعض المعجزات ، أو
عدم إعجاز القرآن بسبب عدم الاطّلاع على لطائفه ـ كما نقل عن بعضهم ـ مع أنّ
الكثرة في الإسلام حصلت بعد الهجرة، وكان يجب نقل المعارضة قبل ذلك في مدّة مقامه
بمكّة ونحوها من أزمنة كان الأعداء فيها كثيرين مجادلين ، بل محاربين ، ولو نقلت
لم يكن قوّة الإسلام موجبة لخفائها ، كيف؟ وقد نقل محاربة عمرو وكسر سنّ النبيّ
صلى الله عليه وآله ونحو ذلك ممّا كان فيه إهانة ظاهرة.
فإن قلت : لعلّ
المعارضة وقعت بعد الهجرة.
قلت : في ذلك
كفاية في ثبوت المعجزة وحصول خرق العادة ، على أنّ الإسلام وإن قوي حينئذ بالمدينة
فقد كان لأهل الكفر ممالك كثيرة وبلاد واسعة ، ومملكة الفرس كانت ثابتة ، وممالك
الروم وغيرها كانت عريضة ، فكان الواجب ظهور المعارضة في هذه البلاد.
فإن قلت : غاية ما
ذكرت عدم الوجدان ، وهو لا يدلّ على عدم الوجود.
قلت : العلم
الحدسي حاصل بعدم الوجود على وجه أشرنا إليه.
وأمّا الذي يدلّ
على أنّ انتفاء المعارضة كان للتعذّر ، فهو أنّا علمنا أنّ كلّ فعل لا يقع من
فاعله ـ مع توفّر دواعيه إليه ـ فإنّه يدلّ على تعذّره ، وهو إمّا أن يكون بسبب
وجود المانع أو بسبب عدم القدرة ، ولا سبيل إلى الأوّل ؛ لما مرّ من انتفاء المانع
في جميع البلاد سيّما في صدر الإسلام ، فتعيّن الثاني وهو المعنيّ من العجز
والتعذّر ، مضافا إلى أنّهم تركوا المعارضة بالحروف على المقاتلة بالسيوف ، ولا
شبهة أنّ الأخيرة أشدّ من الأولى بمراتب لا تحصى ؛ لاقتضائها هلاك كثير منهم ،
وأسرهم ، وإفناء أموالهم ونحو ذلك ، ممّا ثبت بالتواتر المعنوي ، فترك الأسهل
وارتكاب الأصعب من الماهرين البالغين في البلاغة والغاية ، وصاحب الحميّة
الجاهليّة ليس إلاّ للعجز عنه.
فإن قلت : لا يلزم
من العجز كون المأتيّ به من الله ؛ لاحتمال أكمليّة الآتي من غيره بحيث لا يقدر
غيره على الإتيان بمثله ، أو تعلّمه في زمان طويل لم يتمكّنوا مع قصر الزمان من
معارضته.
قلت أوّلا : إنّه
يجب على الله إبطال ما يأتي به غير الحقّ إذا كان ذلك المأتيّ ممّا يعجز عنه غيره
في صورة ادّعاء أمر مخصوص ، ولا يكون إلاّ من الله كالنبوّة والإتيان بذلك المأتيّ
لبيان حقّيّته ، فلو كان نبيّنا صلى الله عليه وآله مبطلا كان الواجب على الله
إبطال ما أتى به. فلو أبطله لنقل ذلك ولو بخبر واحد ، ولم ينقل فلم يبطل ، فيكون
محقّا وهو المطلوب.
وثانيا : إنّ
الأفصح ليس ممّا لا يمكن الإتيان بما يقاربه ، مع أنّ الأفصح إنّما يمتنع مساواته
مجازاته في جميع كلامه أو أكثر كلامه ، ولا يمتنع في البعض على من هو دون طبقته
كما نرى في الطبقة المتأخّرة من الشعراء فإنّهم قد يساوون للمتقدّمة منهم في بعض
الأبيات ، بل قد يزيدون عليهم في بعض ، فحيث وقع التحدّي بسورة قصيرة من سور
القرآن ولم تكن الأفصحيّة مانعة عن الإتيان بمثله ، ولم يقدروا على الإتيان بمثل
سورة من القرآن ، بل بما يدانيه وإلاّ لأتوه ، ولو أتوه لاشتهر كما مرّ ، علم أنّه
خارق العادة وليس من البشر ، بل من الله العزيز.
وأمّا احتمال أنّه
تعمل زمانا طويلا. ففيه ـ بعد تسليمه ـ أنّه كان ينبغي للمعارضين أيضا أن يراجع
مثله فيعارضوه به ـ مع امتداد الزمان ـ لما مرّ فثبت التعذّر الخارق للعادة إمّا
لكون القرآن نفسه خارقا للعادة بفصاحته ؛ لكونه في الطبقة العليا من الفصاحة ،
والدرجة القصوى من البلاغة على ما لا يعرفه فصحاء العرب بسليقتهم وعلماء الفرق
بمهارتهم في فنّ البيان ؛ فلذلك عجزوا عن معارضته كما عن الأكثر.
أو لكون أسلوبه
الغريب ونظمه العجيب مخالفا لأسلوب كلام العرب ونظمه في الأشعار والخطب والرسائل ،
أو لمجموع الأمر الأوّل والثاني.
ولأنّ الله تعالى
صرفهم عن معارضته ، ولولاه لعارضوه لقدرتهم عليها. وعلى أيّ تقدير يثبت المطلوب
حتّى في الصورة الأخيرة ؛ لأنّ الله لا يصدّق كاذبا ولا يخرق العادة لمبطل ، بل
يبطل ما يأتي به إن اشتبه بالمعجزة كما مرّ.
فنقول : إنّ محمّد
بن عبد الله قد ادّعى النبوّة ، وأظهر المعجزة بالقرآن ـ كما يثبت بالتواتر ـ وكلّ
من ادّعى النبوّة وأتى بالمعجزة فهو نبيّ ؛ لما بيّنا من أنّ المعجزة دالّة على
صدق صاحبها، فينتج أنّ محمّد بن عبد الله صلى الله عليه وآله نبيّ وهو المطلوب.
__________________
(1) انظر « إعجاز
القرآن والبلاغة النبويّة » : 175.
(2) « تهذيب سيرة
ابن هشام » : 61.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|