المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9117 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
تـشكيـل اتـجاهات المـستـهلك والعوامـل المؤثـرة عليـها
2024-11-27
النـماذج النـظريـة لاتـجاهـات المـستـهلـك
2024-11-27
{اصبروا وصابروا ورابطوا }
2024-11-27
الله لا يضيع اجر عامل
2024-11-27
ذكر الله
2024-11-27
الاختبار في ذبل الأموال والأنفس
2024-11-27

الامام السجاد الى الرفيق الأعلى
15-8-2016
Factorial Prime
22-9-2020
الجرح والتعديل وتعارضهما
15-8-2016
Substituent Effects on the Acidity of Carboxylic Acids
12-7-2018
Vegemite
8-9-2020
العناصر المكونة للعبودية
4-1-2022


يوم المباهلة ومداليله  
  
1963   04:52 مساءً   التاريخ: 5-6-2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 4، ص52-59
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسن بن علي المجتبى / مناقب الإمام الحسن (عليه السّلام) /

وفد بعض أساقفة نصارى نجران على النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وناظروه في عيسى ، فأقام عليهم الحجة فلم يقبلوا ، ثم اتفقوا على المباهلة [1]أمام اللّه على أن يجعلوا لعنة اللّه الخالدة وعذابه المعجّل على الكاذبين .

ولقد سجّل القرآن الكريم هذا الحادث العظيم في تاريخ الرسالة الإسلامية بقوله تعالى :

إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ * الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ * فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكاذِبِينَ « آل عمران: 59 - 61 » .

فلمّا رجعوا إلى منازلهم قال رؤساؤهم « السيّد والعاقب والأهتم » : إن باهلنا بقومه باهلناه ، فإنه ليس نبيّا ، وإن باهلنا بأهل بيته خاصة لم نباهله ، فإنه لا يقدم إلى أهل بيته إلّا وهو صادق ، فخرج إليهم ( صلّى اللّه عليه وآله ) ومعه عليّ وفاطمة والحسنان ( عليهم السّلام ) فسألوا عنهم ، فقيل لهم : هذا ابن عمّه ووصيّه وختنه علي بن أبي طالب ، وهذه ابنته فاطمة ، وهذان ابناه الحسن والحسين ، ففرقوا فقالوا لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) : نعطيك الرضا فاعفنا من المباهلة ، فصالحهم رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) على الجزية وانصرفوا[2].

ولقد أجمع المفسّرون على أنّ المراد بأبنائنا : الحسن والحسين[3].

وقال الزمخشري : وفيه دليل - لا شيء أقوى منه - على فضل أصحاب الكساء[4] .

ويمكننا استخلاص جملة من الأمور من يوم المباهلة أهمها :

أوّلا : الأنموذج الحيّ :

إنّ إخراج الحسنين ( عليهما السّلام ) في قضية المباهلة لم يكن أمرا عاديا ، وإنّما كان مرتبطا بمعاني ومداليل خطيرة ، أهمها : أنّ النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) حينما يكون على استعداد للتضحية بنفسه وبهؤلاء الذين يعتبرهم القمّة في النضج الرسالي ، بالإضافة إلى أنّهم أقرب الناس اليه فإنّه لا يمكن أن يكون كاذبا - والعياذ باللّه - في دعواه ، كما لاحظه وأقرّه رؤساء النصارى الذين جاءوا ليباهلوه ، وكذلك يدل على تفانيه في رسالته الإلهيّة وعلى ثقته بما يدعو اليه .

ثانيا : في خدمة الرسالة :

إنّ اعتبار الإمام الحسن وأخيه الحسين ( عليهما السّلام ) في صباهما المثل الأعلى والأنموذج المجسّد للإسلام وعي عقائدي سليم فرضته الأدلة والبراهين التي تؤكّد بشكل قاطع على أن الأئمة الأطهار ( عليهم السّلام ) كانوا في حال طفولتهم في المستوى الرفيع الذي يؤهّلهم لتحمّل الأمانة الإلهية وقيادة الامّة قيادة حكيمة وواعية ، كما سجّل التاريخ ذلك بالنسبة لكل من الإمامين الجواد ( عليه السّلام ) والمهدي « عجّل اللّه تعالى فرجه الشريف » حيث شاءت الإرادة الإلهية أن يتحمّلا مسؤولياتهما القيادية في السنين الأولى من حياتهما ، وهذا ليس بالغريب على من أرادهم اللّه حملة لدينه ورعاة لبريته ، فهذا عيسى بن مريم يتحدّث عنه القرآن الكريم بقوله : فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا * قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا . . . « مريم: 29 - 30 » .

وكذلك كان يحيى ( عليه السّلام ) الذي قال اللّه سبحانه عنه : « يا يحيى خذ الكتاب بقوة وآتيناه الحكم صبيّا » « مريم : 12  » .

لقد كان الحسنان ( عليهما السّلام ) في أيّام طفولتهما الأولى أيضا في مستوى من النضج والكمال الإنساني بحيث كانا يملكان كافة المؤهّلات التي تجعلهما محلا للعناية الإلهية ، وأهلا للأوسمة الكثيرة التي منحها إيّاهما الإسلام على لسان نبيّه العظيم ( صلّى اللّه عليه وآله ) ممّا جعلهما قادرين على تحمّل المسؤوليات الجسام ، وحيث إنّ الحاضرين للمباهلة شركاء في الدعوى ، إذن فعليّ وفاطمة والحسنان ( عليهم السّلام ) شركاء في الدعوى ، وفي الدعوة إلى المباهلة لإثباتها .

وهذا من أفضل المناقب التي خصّ اللّه بها أهل بيت نبيّه[5].

وقد استنتج علماء المسلمين الفضل للحسن والحسين ( عليهما السّلام ) من المباهلة ، ومنهم ابن أبي علان - وهو أحد أئمة المعتزلة - حيث يقول : هذا يدل على أنّ الحسن والحسين كانا مكلّفين في تلك الحال ؛ لأنّ المباهلة لا تجوز إلّا مع البالغين[6].

ويؤيّد ذلك أيضا ، اشراكهما ( عليهما السّلام ) في بيعة الرضوان ، ثم شهادتهما للزهراء ( عليها السّلام ) في قضية نزاعها مع أبي بكر حول فدك ، إلى غير ذلك من أقوال ومواقف للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فيهما في المناسبات المختلفة .

وهذا كلّه يصبّ في المنهج الذي أراده النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في إعداد الناس نفسيّا ، وإفهامهم بأنّ أئمة أهل البيت ( عليهم السّلام ) يمكنهم أن يتحمّلوا مهمة رسالية في قطعة زمينة من أعمارهم .

ثالثا : سياسات لابدّ من مواجهتها :

هنالك مجموعة من الغايات التربوية والسياسية التي كانت تكمن وراء إشراك النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) أهل بيته في المباهلة ، منها :

أ - إنّ إخراج العنصر النسوي ممثّلا بفاطمة الزهراء - صلوات الله وسلامه عليها - والتي تعتبر الأنموذج الأسمى للمرأة المسلمة في أمر ديني ومصيري كهذا كان من أجل محو ذلك المفهوم الجاهلي البغيض ، الذي كان لا يرى للمرأة أيّة قيمة أو شأن يذكر ، بل كانوا يرون فيها مصدر شقاء وبلاء ومجلبة للعار ومظنّة للخيانة[7] ، فلم يكن يتصوّر أحد منهم أن يرى المرأة تشارك في مسألة حساسة وفاصلة ، بل ومقدّسة كهذه المسألة ، فضلا عن أن تعتبر شريكة في الدعوى ، وفي الدعوة لإثباتها .

ب - إنّ إخراج الحسنين ( عليهما السّلام ) إلى المباهلة بعنوان أنهما أبناء الرسول الأكرم محمد ( صلّى اللّه عليه وآله ) مع أنّهما ابنا ابنته الصدّيقة الطاهرة فاطمة الزهراء ( عليها السّلام ) له دلالة هامة ومغزى عميق ، حيث إنّه « في الآية دلالة على أنّ الحسن والحسين - وهما ابنا البنت - يصح أن يقال : إنّهما ابنا رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) لأنّه وعد أن يدعو أبناءه ، ثم جاء بهما »[8] ، وبالإضافة إلى ما أشير اليه آنفا كان يهدف إلى إزالة المفهوم الجاهلي القائل بأنّ أبناء الأبناء هم الأبناء في الحقيقة دون أبناء البنات .

ومع كلّ ما قام به النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) في يوم المباهلة لتصحيح هذا المفهوم الجاهلي تجد البعض يبقى متمسّكا به ، وقد ظهر هذا التمسّك في بعض الآراء الفقهية حول تفسير قوله تعالى : يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ حيث اعتبر الإرث مختصّا بعقب الأبناء دون من عقبته البنات[9].

وبالرغم من كون المنهج المناوئ لأهل البيت قد حظي بكثير من الدعم من قبل الحكام مجنّدين كلّ الطاقات من أجل تأكيده وتثبيته ، إلّا أنّه كانت ثمة عقبة كؤود تواجههم وتعترض سبيل نجاحهم في تشويه الحقيقة وتزوير التأريخ ، وهي وجود أهل البيت ( عليهم السّلام ) الذين يملكون أقوى الحجج وأعظم الدلائل والشواهد من القرآن ومن الحديث المتواتر ومن المواقف النبويّة المتضافرة التي عرفها ورآها وسمعها عدد هائل من صحابة الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) ثم انتقلت منهم إلى الامّة الإسلامية .

ولا بأس أن نذكر شيئا من محاولات نفي بنوّة الحسنين ( عليهما السّلام ) له ( صلّى اللّه عليه وآله ) :

1 - قال ذكوان مولى معاوية : قال معاوية : لا أعلمنّ أحدا سمّى هذين الغلامين ابني رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، ولكن قولوا : ابني علي ( عليه السّلام ) ، قال ذكوان : فلمّا كان بعد ذلك أمرني أن أكتب بنيه في الشرف ، قال : فكتبت بنيه وبني بنيه وتركت بني بناته ، ثم أتيته بالكتاب فنظر فيه ، فقال : ويحك ، لقد أغفلت كبر بنيّ ! فقلت : من ؟ فقال : أما بنو فلانة - لابنته - بنيّ ؟ قال : قلت : اللّه ! ! أيكون بنو بناتك بنيك ، ولا يكون بنو فاطمة بني رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ؟ ! قال : ما لك ؟

قاتلك اللّه ! لا يسمعنّ هذا أحد منك[10].

2 - قال الإمام الحسن ( عليه السّلام ) محتجّا على معاوية : « . . . فأخرج رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) من الأنفس معه أبي ، ومن البنين أنا وأخي ، ومن النساء فاطمة أمي من الناس جميعا ، فنحن أهله ولحمه ودمه ونفسه ، ونحن منه وهو منّا »[11].

3 - وقال الرازي في تفسير قوله تعالى : وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ - إلى قوله - وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى بعد أن ذكر دلالة الآية على بنوّة الحسنين للنبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) قال : « ويقال : إنّ أبا جعفر الباقر استدلّ بهذه الآية عند الحجّاج بن يوسف »[12].

4 - وأرسل عمرو بن العاص إلى أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) يعيبه بأشياء منها :

أنّه يسمّي حسنا وحسينا ولدي رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقال لرسوله : « قل للشانئ ابن الشانئ : لو لم يكونا ولديه لكان أبتر ، كما زعم أبوك »[13].

لقد صدع الإمام الحسن ( عليه السّلام ) في أكثر من مناسبة وأكثر من موقف ، ولم يكن يكتفي بإظهار وإثبات بنوّته لرسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) فقط ، وإنّما كان يؤكّد من خلالها أنّ حقّ الإمامة والخلافة له وحده ، ولا يمكن أن يصل إلى معاوية وأضرابه ؛ لأنّ معاوية يفتقد المواصفات المؤهّلة للخلافة ، بل يتّصف بما ينافيها .

ومن كلامه في جملة من المواقف وفي هذا الشأن بالخصوص :

1 - أنّه ( عليه السّلام ) خطب فور وفاة أبيه ( عليه السّلام ) فقال : « أيّها الناس ، من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي ، وأنا ابن النبيّ ، وأنا ابن الوصيّ »[14].

2 - إنّ معاوية طلب منه ( عليه السّلام ) أن يصعد المنبر ويخطب ، فصعد المنبر وخطب وصار يقول : أنا ابن ، أنا ابن . . . إلى أن قال : « لو طلبتم ابنا لنبيّكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري وغير أخي »[15] .

شهادة الحسنين ( عليهما السّلام ) على كتاب لثقيف :

لقد أشهد النبي ( صلّى اللّه عليه وآله ) الحسنين ( عليهما السّلام ) حينما كتب كتابا لثقيف ، وأثبت فيه شهادة عليّ والحسنين صلوات اللّه وسلامه عليهم .

قال أبو عبيد : وفي هذا الحديث من الفقه إثباته شهادة الحسن والحسين ، وقد كان يروي مثل هذا عن بعض التابعين : أنّ شهادة الصبيان تكتب ويستنسبون ، فيستحسن ذلك ، فهو الآن في سنّة النبيّ[16].

نقول : ألم يجد النبيّ أحدا من الصحابة يستشهده على ذلك الكتاب الخطير الذي كان يرتبط بمصير جماعة كبيرة سوى هذين الصبيّين ؟ ! وهل كان وحيدا ( صلّى اللّه عليه وآله ) حينما جاءه وفد ثقيف ، وكتب لهم ذلك الكتاب حتى احتاج إلى استشهاده ولدين صغيرين لم يبلغا الخمس سنوات ؟ .

إنّ أدنى مراجعة للنصوص التاريخية لتبعد هذا الاحتمال كلّ البعد ، حيث إنّها صريحة في أنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) قد ضرب لهم قبة في المسجد ليسمعوا القرآن ، ويروا الناس إذا صلّوا ، وكان خالد بن سعيد بن العاص حاضرا ، وكان خالد بن الوليد هو الكاتب ، ومع ذلك لم يشهدا على الكتاب[17].

إنّنا نعي من ذلك ما أراد أن يشير اليه النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) من فضل الحسنين ، وأنّهما مؤهّلان لأن يتحمّلا المسؤوليات الجسام حتى في المعاهدات السياسية الخطيرة كهذه المعاهدة بالذات ، والتي كانت مع ثقيف المعروفة بعدائها الشديد للإسلام والمسلمين .

حضور الحسنين ( عليهما السّلام ) بيعة الرضوان :

لقد حضر الحسنان ( عليهما السّلام ) بيعة الرضوان ، واشتركا في البيعة مع رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) ، وعرف ذلك عند المؤرّخين .

قال الشيخ المفيد ( رحمه اللّه ) : « وكان من برهان كمالهما ( عليهما السّلام ) وحجة اختصاص اللّه تعالى لهما بيعة رسول اللّه لهما ، ولم يبايع صبيا في ظاهر الحال غيرهما »[18].

ومن المعلوم أنّ البيعة تتضمّن إعطاء التزام وتعهّد للطرف الآخر بتحمّل مسؤوليات معينة ترتبط بمستقبل الدعوة والمجتمع الإسلامي ، وحمايتهما من كثير من الأخطار التي ربّما يتعرّضان لها ، ومعنى ذلك أنّ النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) قد رأى في الحسنين ( عليهما السّلام ) - على صغر سنهما - أهلية وقابلية لتحمّل تلك المسؤوليات الجسام ، والوفاء بالالتزامات التي أخذا على عاتقهما الوفاء بها .

الحسن والحسين إمامان :

روي عن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) أنّه قال : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا »[19]. رغم أنّه لم يكن عمرهما حينئذ قد تجاوز الخمس سنوات ، وبذا يكون للحديث أهميته وعمق دلالته في معناه ، ونجد الإمام الحسن ( عليه السّلام ) يستدلّ بهذا القول على من يعترض عليه في صلحه مع معاوية[20].

 

[1] من البهلة : وهي اللعنة ، ثم كثر استعمال الابتهال في المسألة والدعاء إذا كان بإلحاح .

[2] راجع تفسير القمي : 1 / 104 ، والقرشي : 1 / 88 - 91 . وقد روى قضية المباهلة بأهل الكساء - بالاختصار تارة وبالتفصيل أخرى - جم غفير من الحفاظ والمفسّرين ، راجع الحياة السياسية للإمام الحسن : ص 18 - 19 ، وراجع الميزان في تفسير القرآن : 3 / 368 طبعة الأعلمي .

[3] مجمع البيان : 2 / 452 ، وراجع التبيان : 2 / 485 ، وتفسير الرازي : 8 / 80 ، وحقائق التأويل 114 وفيه :

أجمع العلماء . . . الخ .

[4] الكشاف : 1 / 370 ، وراجع الصواعق المحرقة : ص 153 عنه ، وراجع الإرشاد للمفيد : ص 99 ، وتفسير الميزان : 3 / 238

[5]  راجع تفسير الميزان : 3 / 224 ، ودلائل الصدق : 3 / قسم 1 ص 84

[6]  نقله عنه أبو حيّان في « البحر المحيط » في تفسير آية المباهلة .

[7] راجع : الصحيح من سيرة النبيّ الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) : 1 / 45 - 47 .

[8] تفسير الرازي : 8 / 81 ، وفتح القدير : 1 / 347 ، وتفسير النيسابوري بهامش تفسير الطبري : 3 / 214 ، والتبيان : 2 / 485 عن أبي بكر الرازي ( وهو غير الفخر الرازي ) ، ومجمع البيان : 2 / 452 ، والغدير :

7 / 122 عنه وعن تفسير القرطبي : 4 / 104 .

[9] راجع : الحياة السياسية للإمام الحسن : 27 - 28 .

[10] كشف الغمة للأربلي : 2 / 173 ، ط دار الأضواء

[11] ينابيع المودة : 479 عن الزرندي المدني وص 482 و 52 ، وتفسير البرهان : 1 / 286 .

[12] تفسير الرازي : 13 / 66 ، وفضائل الخمسة من الصحاح الستة : 1 / 247 عنه .

[13] شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : 20 / 334

[14] مستدرك الحاكم : 3 / 172 ، وذخائر العقبى 138 عن الدولابي .

[15] المناقب لابن شهرآشوب : 4 / 12 عن العقد الفريد والمدائني

[16] الأموال : 279 - 280 ، وراجع التراتيب الإدارية : 1 / 274 .

[17] الحياة السياسية للإمام الحسن ، للعاملي : 44 .

[18] الإرشاد : 219 ، وفدك للقزويني هامش : 16 عنه .

[19] راجع علل الشرائع : 1 / 211

[20] راجع علل الشرائع : 1 / 211




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.