الجغرافية الاجتماعية وعلم الأنثروبولوجيا

كلمة الأنثروبولوجيا تعني علم الإنسان، ويرتبط هذا المعنى بالاشتقاق اللغوي لكلمة أنثروبولوجيا من الأصل اليوناني الإغريقي، حيث تتألف الكلمة من مقطعين: الأول أنثروبوس Anthropos أي الإنسان، والثاني لوجوس Logos أي الكلمة أو الموضوع والدراسة. فعالم الأنثروبولوجيا في دراسته يحاول أن يكشف النواحي الجسمية للإنسان ويصنفها، كما يتجه نحو تحديد الصفات التي تميز الأجناس البشرية وتفاعل تلك الأجناس مع البيئة، ليكشف أوجه التشابه والاختلاف بين مختلف الحضارات. فيتعدى اهتمام الأنثروبولوجيا نطاق الوصف للجوانب البيولوجية والحضارية والاجتماعية إلى محاولة استخلاص القوانين والأنساق التي تتحكم في تكوين المجتمعات  والحضارات(1). وتعني الأنثروبولوجيا بدراسة حالة الإنسان في الماضي والحاضر والمستقبل، وهي تعني أيضاً بدراسة أسلاف الإنسان المباشرين فضلاً . المقارنة بين جميع المجتمعات القديمة والحديثة والبسيطة والمعقدة، في حين أن العلوم الاجتماعية الأخرى تميل إلى التركيز على مجتمعات معينة ومحددة(2). أو أنها تعنى بدراسة الإنسان من الناحيتين العضوية والثقافية على حد سواء(3). بمعنى آخر، إن الأنثروبولوجيا تعنى بدراسة الإنسان من نواحيه المختلفة، وعلى امتداد مراحله الزمنية. وتشمل تحليلاً دقيقاً لأسلوب حياة أنماط الجماعات والقبائل والممالك والمجتمعات البدائية، وهي تهتم بالتحليل الأنثروبولوجي لعديد من الجماعات.

والهدف الرئيس للأنثروبولوجيا هو بيان العلاقة المتأصلة بين الإنسان والبيئة. وهي بذلك تقوم بوصف المسرح الذي يقوم عليه نشاط الإنسان، وتناقش عناصر البيئة الطبيعية وتأثيراتها المتبادلة على الإنسان.

وتبرز العلاقة بين الأنثروبولوجيا والجغرافية الاجتماعية من خلال علاقة الاثنين بعلم الاجتماع، والتشابك يتعدى نطاق الموضوعات إلى أسلوب البحث و منهجيته وقد رأى علماء الاجتماع أن الأنثروبولوجيا الاجتماعية امتداد لعلم الاجتماع المقارن، لذا تم التأكيد على الأنثروبولوجيا الحضارية، أي دراسة الإنسان في نطاق منظومته الحضارية. إن ما توفره الأنثروبولوجيا يعد مادة أولية للدراسة في الجغرافية الاجتماعية، وذلك بحكم قدرة الجغرافي على استنباط العلاقات المكانية والأثر البيئي في نشوء النسق الاجتماعي وتطور العادات والتقاليد والظواهر الاجتماعية لدى المجتمعات البشرية، فضلاً عن تسخير المفاهيم الجغرافية كالتباين المكاني والتوزيع الجغرافي للظاهرة الاجتماعية. أما الأنثروبولوجيا الطبيعية فيقتصر اهتمامها في نطاق التركيب الجسدي للإنسان وما مر به من تطورات، لذا فلا تدخل الجغرافية الاجتماعية في المجال الطبيعي للأنثروبولوجيا، على العكس من الأنثروبولوجيا الحضارية التي تتداخل مع الدراسات الاجتماعية.

أما الاختلاف فيتمثل بانشغال علماء الأنثروبولوجيا الاجتماعية بدراسة المجتمعات الصغيرة، والتي تختلف في طبيعتها تمام الاختلاف عن مجتمعاتنا من حيث أنها لا تخضع نسبياً للتغير، ولا تتوافر عنها سجلات تاريخية. وكانت المناهج المستعملة في الدراسة تتسق مع ه هذه الحقائق. كما تهتم الأنثروبولوجيا الاجتماعية بدراسة السلوك الاجتماعي الذي يتخذ في العادة شكل نظم اجتماعية كالعائلة ونسق القرابة والتنظيم السياسي، والإجراءات القانونية، في الماضي والحاضر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) محمد صفوح الأخرس، الأنثروبولوجيا وتنمية المجتمعات المحلية، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 2001، ص25.

  (2) Mohammad E. K., (2010). Anthropology Institute of Dhaka University, Statistical research and training of Dhaka, Bangladesh.

(3) حسين فهيم، الانثربولوجيا - فصول في تاريخ علم الإنسان، سلسلة عالم المعرفة، العدد (98)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1986، ص14.