مناهج البحث في الجغرافية الاجتماعية - المنهج السلوكي Behavioral Approach |
3096
05:10 مساءً
التاريخ: 30-5-2022
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-5-2017
2055
التاريخ: 12-5-2016
16834
التاريخ: 23-11-2016
2197
التاريخ: 21-3-2022
1387
|
المنهج السلوكي Behavioral Approach
تعد جغرافيا السلوك المكاني مجالا جديداً نسبياً من مجالات الجغرافيا في الثلاثين سنة الأخيرة، حيث ازداد اهتمام الجغرافيين بدراسة الثقافة من وجهة نظر الفرد، وتعرف الجغرافية السلوكية بأنها دراسة سلوك الإنسان في بيئته على أساس معرفته الإدراكية للبيئة، وبخاصة إدراكه للمكان المفضل له وأشكال اتخاذه للقرار.
إن اهتمام الجغرافيين بهذا المنحى بدأ عام 1960، ويعد اتجاها حديثاً، وحتى الآن لم تتكون لهذا الفرع مبادئ وأسس نظرية خاصة به تمثل منهجه البحثي ومحتواه، وجذور الجغرافية السلوكية قديمة، ففي أوربا كان الجغرافي الفلندي (يوهان جابرييل جرانو) وتلميذه (إدجار كانط) يحاولان بناء منهج سلوكي منذ عام 1920، وكان المنهجان: الكمي والسلوكي في الولايات المتحدة متقاربين في تطورهما، وقد بين (جلبرت وايت) الأستاذ في جامعة شيكاغو في أواخر الخمسينيات من القرن الماضي، المنهج السلوكي كما تبنى ذلك رفاقه حيث قادوا سلسلة من البحوث حول رد فعل الإنسان تجاه الأخطاء الطبيعية، مهتدين بذلك بنظريات صنع القرار، إضافة إلى تأثرهم بالمناهج المستعملة في علم النفس والاجتماع، انطلاقاً من رسم خريطة دقيقة للإدراك الذاتي لصنع القرار يفوق في اهميته وصف واقع الظروف الطبيعية والاقتصادية للبيئة، لأن صانع القرار سوف يتصرف وفق إدراكه الذاتي لا وفق العوامل البيئية ذاتها.
كما قام (جوليان روليرت) بدراسة جغرافية السلوك من خلال بحثه الذي نشر عام 1964، والذي قارن فيه بين الإنتاجية الفعلية والإنتاجية الممكنة للعمال في مزارع وسط السويد، حيث وجد أن مجتمع العينة لم يصل إلى الحد الأعلى من الربح. ولم تكن أهدافه مقصورة على تحقيق هذا الغرض، فقد كان المزارعون يبحثون عن إشباع حاجتهم المكانية أكثر من كونهم أناساً اقتصاديين.
ودراسة المخاطر الطبيعية تعد إحدى موضوعات جغرافية السلوك. وقد بدأت بمخاطر الفيضانات، ثم امتدت إلى مخاطر العواصف الساحلية، ثم الزلازل، ثم مخاطر الجفاف (drough) ومخاطر الثلج والصقيع والتعرية الساحلية والعواصف الترابية. وهذه الدراسة تبين عمل الإنسان في مناطق المخاطر(1).
ويجب أن يشار إلى ما يمكن تطبيقه لفكرة الكارثة الطبيعية، إذ يذكر (أولفر) بان هناك سبباً معقولاً للافتراض بأن الإنسان يكيف نشاطاته وفقاً لظروف البيئة، وتبلغ درجة من التناسق بين أنماط معيشته والموارد الكافية في منطقته ومجتمعه، وربما تكون منطقته معرضة للكوارث الطبيعية العنيفة التي تتجاوز قوتها حنكة الإنسان وقدرته على البحث والتقصي، كما أن ظروف التجنب والهرب تكون وسيلة أخرى لأحداث التجاوب البيئة. وعلى الرغم من تقدم الإنسان واكتشافاته المتعددة، فهو غير قادر على صد الكوارث الطبيعية مع المفاجئة التي تتميز، فضلاً عن المفاجأة، بالعنف والتدمير والمصادفة والسعة (2).
وهناك سؤال أساس يتعلق بجغرافية السلوك المكاني وهو ماهي الاعتبارات التي تؤثر على كيفية استعمال الأفراد للمكان وتصرفهم داخله؟ ويتضح من هذا السؤال اهتمامات تحليلية فرعية: كيف ينظر الأفراد إلى بيئتهم أو يفهمونها؟ كيف يتم انتقال المعلومات داخل المكان وكيف يتم اتخاذ القرارات؟ كيف يتم تلخيص القرارات المنفصلة للعديد من الأفراد بشكل نستطيع من خلاله فهم الترتيبات التي تتم من خلالها تصرفات الفرد(3).
تعد المدرسة السلوكية إحدى المدارس الفكرية التي تفسر العديد من المظاهر الاجتماعية. وقد أطلق اسم الدراسات السلوكية على البحث الذي يركز على عملية اتخاذ القرار وعلى السلوك الإنساني الذي يقف خلف التوزيعات المكانية للأنشطة البشرية المختلفة. وتمثل هذه الدراسات امتداداً لأفكار المدرسة الموقعية. أن المدرسة السلوكية الغت كل ما له صلة بالعقل والعواطف والمشاعر والأحاسيس. أي أن هذه المدرسة قد قطعت العلاقة بين السلوك وإنسانية الإنسان، على اعتبار أن السلوك في مجمله لا يخضع في الغالب للعقل قدر خضوع العقل للمعايير الثقافية، حيث أن الأشياء والمعاني تفقد دلالاتها خارج إطارها الثقافي، لذا يقال إن الثقافة هي نظرية في السلوك أكثر من كونها نظرية في المعرفة(4).
ومن الناحية الجغرافية يعتمد فكر هذه المدرسة على أن التوزيعات المكانية للأنشطة البشرية في الحيز الجغرافي لا توجد بشكل عفوي، وانما هي نتيجة قرارات اتخذها الناس، سواء أكانوا أفراداً أم جماعات، مؤسسات عامة أو خاصة. ويركز أصحاب هذه المدرسة على تفسير التوزيعات المكانية السابقة الذكر من خلال البحث عن الأسباب وسلوك الإنسان والقرارات التي تم اتخاذها، دون الاهتمام بالظاهرة في حد ذاتها. وبهذا فالمدرسة السلوكية تقدم تفسيرات للسلوك البشري ولفهم التركيب الداخلي للمدن، حيث أن التغيرات في استعمالات الأرض والتغيرات في الأنشطة المختلفة لا تحدث بشكل عفوي، ولقد جاء هذا الاتجاه لدى جغرافيي الغرب كنتاج للتناقض الصارخ بين ما يدركه الفرد أو الجماعة في بيئة معينة، وبين واقع هذه البيئة. وقد جاء حينما كانت القرارات تتخذ في ظل سياسة الدولة وبعيداً عن الممارسة الحقيقية لأطراف المصلحة المراد تحقيقها.(5)
إن دراسة السلوك البشري وتقصيه بأبعاده المختلفة ظاهرة حديثة في جغرافية المدن، وحسب الاتجاه السلوكي فإنه يتم التركيز على سلوك الأفراد، وعلى عملية اتخاذ القرار، وليس على الظاهرة أو النشاط البشري في حد ذاته. ونتيجة لذلك دخلت الجغرافية مفاهيم وأساليب جديدة ومثيرة في علم النفس والسياسة، مثل ما يتعلق برغبات الأفراد ودرجات تفضيلهم، وسرعة المعلومات، وعملية اتخاذ القرار، فضلاً عن اداراك الناس لبيئتهم الطبيعية واختيار أماكن الإقامة ورحلات التسوق(6).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محسن عبد الصاحب المظفر، فلسفة علم المكان (الجغرافيا)، دار صفاء للنشر والتوزيع، عمان، 2005، ص221.
(2) المصدر نفسه، ص222.
(3) فوزي سهاونه وآخرون، مدخل إلى الجغرافيا، دار وائل للنشر، الأردن، سنة 2004، ص 165.
(4) هادي نعمان الهيتي، ثقافة الأطفال، سلسلة عالم المعرفة، العدد (123)، المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، الكويت، 1988، ص43.
(5) محمد عبد الرحمن الشرنوبي، الجغرافية بين العلم التطبيقي والوظيفة الاجتماعية، مصدر سابق، ص18.
(6) كايد عثمان أبو صبحه، جغرافية المدن، دار وائل للنشر، عمان، 2010، ص32 - 49.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|