أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2022
2326
التاريخ: 21-8-2022
1563
التاريخ: 2023-02-16
1065
التاريخ: 21-4-2022
2085
|
ثمة طرقاً غير مشروعة في بناء العلاقة مع الله تعالى، أو في عملية تهذيب النفس وتزكيتها، وفيما يلي نشير إلى ثلاث طرق منها:
1ـ طريق الإرجاء
وهي الطريق التي توجز العلاقة بالله تعالى وتختصرها بالبعد الاعتقادي القلبي أو العقلي، ولا تولي العمل بالأركان (فعل الواجبات وترك المحرمات) أهمية تذكر. فالمهم لدى أصحاب هذا الاتجاه أن يكون قلبك نابضاً بحب الله، وأن يكون عقلك موقناً بوجوده تعالى، ولا هم بعد ذلك إن عملت بمقتضى ما علمته أم لم تعمل!
إن هذه العقيدة قد تبناها قديماً المرجئة (فرقة إسلامية منقرضة) ولا يزال صدى هذه العقيدة يتردد إلى يومنا هذا، حيث نجد أن بعض المسلمين عندما يستنكر البعض عليهم انغماسهم في المعاصي وإطلاقهم العنان لغرائزهم وتركهم العبادات والفرائض فإنهم يبررون ذلك بمنطق المرجئة عينه فيقولون لك: (إن الإيمان في القلب)، أو (إن الأساس هو أن يكون قلبك نظيفاً ولا تعتدي على أحد)، أو أمثال ذلك من الكلمات التي يتذرعون بها ويبررون بها ضعف إرادتهم ونقص إيمانهم.
ولا ريب أن هذه العقيدة هي عقيدة باطلة وغير سديدة، فالإيمان ليس فكرة ذهنية مجردة أو نبضة قلب فحسب، وإنما هو بالإضافة إلى ذلك سلوك سوي وخلق طيب والتزام بالفرائض والواجبات وترك للرذائل والمحرمات، وقد سئل علي (عليه السلام) ـ كما في الرواية ـ عن الإيمان فأجاب: "الإيمان معرفة بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان"(1).
ومن هنا فقد نبه الأئمة من أهل البيت (عليهم السلام) من خطورة هذا الرأي على الشباب الذين تستهويهم هذه الأفكار كونها تناسب أهواءهم وغرائزهم، ففي الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): "بادروا أولادكم بالحديث قبل أن يسبقكم إليهم المرجئة"(2). وللسبب عينه فقد ورد التحذير من الغلاة وخطرهم على الشباب أيضاً، لأن ما يحملونه من فكر يقوم على الاكتفاء بالمعرفة ويقلل من أهمية العبادة يشكل خطراً على الشباب، ففي الحديث عن الصادق (عليه السلام): "احذروا على شبابكم الغلاة لا يفسدونهم، فإن الغلاة شر خلق الله.."(3)، وقد بحثنا هذا الموضوع في محل آخر، فليراجع(4).
2- طريق المتصوفة
والطريق الثاني هي التي يعتمدها أهل التصوف أو العرفان السلبي الذي يدعو للاعتزال والابتعاد عن ملذات الدنيا، والوجه في عدم شرعية هذه الطريق، هو أن تقوى الله لا تعني الانعزال عن الحياة أبداً، بل إن التقوى الحقيقية هي التي يعيش معها الإنسان في ميدان الحياة، وينطلق في مساراتها دون أن يغرق في ملوثاتها.
وإن وصول الإنسان إلى حالة الصفاء الروحي والاطمئنان النفسي ليست مطلوبة كيف ما كان وبصرف النظر عن الطريق والوسيلة الموصلة، وإنما هي مطلوبة من خلال الأخذ بالأساليب الشرعية، وهي أساليب تتميز بأنها لا تبعد الإنسان ولا تعزله عن الحياة، فرسول اللہ (صلى الله عليه وآله) کان العارف الأول بالله تعالى، ولكن عرفانه لم يمنعه من أن يعيش في معترك الحياة الاجتماعية والسياسية. وأمير المؤمنين (عليه السلام) كان العارف الثاني بعد رسول اللہ (صلى الله عليه وآله)، حتى وصل لدرجة "لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقيناً"(5). ولكنه مع ذلك كان يمارس عرفانه في وسط الميدان، ومن خلال مزاولة كل الأعمال المشروعة اجتماعياً وجهادياً وسياسياً، حتى خيل إلى البعض وجود تناف بين عرفانه (عليه السلام) واشتراكه في الحروب، أو بين زهده واستلامه للسلطة والحكم، يقول صفي الدين الحلي:
جُمعت في صفاتك الأضدادُ فلهـذا عزت لكَ الأندادُ
زاهـدٌ حـاكـمٌ حـكـيـمٌ مجاهدٌ ناسكٌ فاتـكٌ فقيـرٌ جـوادُ
شـِيَـمٌ مـا جُمعن في بشـرٍ قطّ ولا حاز مثلَهُنَّ العبادُ
خلق يخجل النسيم من اللطف وبـأس يـذوب منـه الجمـاد(6)
والحقيقة أنه لا تناف بين هذه الصفات التي أشار إليها صفي الدين الحلي، فيمكنك أن تكون زاهداً وأنت في موقع الغني مالاً والرفيع جاها ومقاماً، كما بإمكانك أن تكون العارف بالله تعالى وأنت تعيش في معترك الحياة الاجتماعية والسياسية.. وهذا الأمر ـ على صعوبة الالتزام به ـ ليس مستحيلاً ولا متعذراً ولا متعسّراً، فكم من شخص بلغ قمة الزهد والتقى وهو يمارس حياته كسائر الناس دون أن يعيش في الصوامع أو ينعزل عن أبناء المجتمع، وقد ذكرنا قبل قليل بعض النماذج الشبابية ممن تربوا في مدرسة الإسلام، فكانوا ـ بحق ـ من أهل العرفان، بيد أنهم كانوا من عرفاء الميدان لا من عرفاء الصوامع.
على أن الله تعالى كما يريدنا أن نعبده، فإنه يريدنا أن نعبده بالطريقة التي يريدها هو، لا بما نخترعه نحن من أعمال وطقوس، ولهذا وجدنا أن الله تعالى قد حدد لنا أساليب وطرق العبادة الموصلة إلى رضوانه، ولم يترك الأمر لمزاج العباد، بل نهانا عن الابتداع في دينه، واختراع طُرق خاصة لعبادته.
وقصارى القول: إن طريق العرفان الصحيح لا يوجب - إطلاقاً ـ انقطاع المسلم عن الدنيا وملذاتها، وعن الناس والتواصل معهم، فالمؤمن يمكنه - بالإضافة إلى الالتزام بالواجبات العبادية ـ أن يخصص وقتاً لمناجاة ربه في الليل ـ كما هو المستحب ـ أما في النهار، فإنه يتحرك فيما يهمه وما يعنيه من شؤون الحياة ومتطلباتها، وهذا ما علمه الله لنبيه (صلى الله عليه وآله) حيث قال تعالى: {إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا * إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}[المزمل: 6 - 7]، ففي الليل تخصص وقتاً لتنطلق في سياحة روحية تعرج بك إلى الله تعالى، وفي النهار تنطلق لتسبح وتتحرك في مسارات الحياة الاجتماعية والسياسية والتجارية، وتسعى لتأمين مستلزمات العيش الكريم، لك ولعيالك، فتأكل وتشرب وتتزوج وتستعمل الطيب، قال تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 32].
وقد ورد في نهج البلاغة، أن أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) دخل وهو في البصرة على العلاء بن زياد، وهو من أصحابه يعوده، فلما رأى سعة داره قال: "ما كنت تصنع بسعة هذه الدار؟! أما أنت إليها في الآخرة كنت أحوج، وبلى إن شئت بلغت بها الآخرة تُقري فيها الضيف وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها، فإذا أنت قد بلغت بها الآخرة".
فقال له العلاء: يا أمير المؤمنين (عليه السلام) أشكو إليك أخي عاصم بن زياد، قال: وما له؟ قال: لبس العباءة وتخلى عن الدنيا، قال (عليه السلام): علي به، فلما جاءه قال: يا عُدَي نفسه لقد استهام بك الخبيث، اما رحمت أهلك وولدك، أترى الله أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها؟! أنت أهون على الله من ذلك! قال: يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة مأكلك، قال: ويحك إني لست كأنت، إن الله تعالى فرض على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كي لا يتبيغ بالفقير فقرُه"(7).
وهذا ما كانت عليه السيرة المطهرة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام)، فهم رهبان الليل، فرسان النهار، وكما قال الشاعر في وصف أمير المؤمنين (عليه السلام):
هـو البكاء في المحـراب ليلاً هو الضحاك إذا اشتد الحِرابُ
3- طريق العرفان المزيف
والطريق الثالث التي تعتمد في عملية التهذيب الأساليب الملتبسة أو الملتوية، كتلك التي تدعو الشخص للالتزام ببعض الأوراد والأذكار الخاصة، وبأعداد معينة وأوقات خاصة مع كونها غير واردة في نص خاص، أو كتلك التي يأمر فيها الشخص أتباعه ومريديه أن يحصوا زلاتهم وأخطاءهم في سجل خاص، ثم يعرضون ذلك عليه لتقييمها، ليعمل على توجيههم وإرشادهم! وهذا أسلوب غير مشروع، بل إنه يتنافى مع التعاليم الإسلامية الآمرة بالستر وعدم فضح الإنسان نفسه أمام الآخرين: "إذا بُليتم بالمعاصي فاستتروا"(8).
وأغرب من ذلك، هو الأسلوب الذي نُقل عن البعض دعوة أتباعه إلى الأخذ به، وهو يتمثل في دعوة الرجال ـ مثلاً ـ إلى تعمد النظر في وجوه الحسان من النساء والتأمل في مفاتنهن، والخلوة بهن، مع عدم وجود رابط شرعي بين الطرفين، بل إن بعضهن من المحصنات، شريطة أن يترافق ذلك ويتزامن مع السعي التام وبذل الجهد في إماتة الغريزة الجنسية وتدريبها على عدم الانجذاب الغرائزي إلى الجنس الآخر. وذلك على قاعدة أن (العين لا ترى نفسها إلا بمرآة)، والمرأة الأجنبية هي المرآة التي يختبر المؤمن إيمانه وإرادته من خلال النظر إليها، ووصل الأمر بهؤلاء إلى حد الدعوة إلى ما يسمونه (الزواج الروحي)، وهو عبارة عن علاقة بين الجنسين يزعمون أنها علاقة روحية بحتة ويتواصل فيها الطرفان مع عدم وجود رابطة شرعية بينهما تحت هذه المظلة، فيتحادثون ويخرجون في نزهات مشتركة!
فهذا الأسلوب المبتدع ليس من منهج القرآن ولا منهج رسوله (صلى الله عليه وآله) ولا منهج أهل البيت (عليهم السلام) في شيء، ولا من سيرة العرفاء الحقيقيين في شيء. إن العرفان الحقيقي يعتمد الأساليب المشروعة في عملية تهذيب النفس وإصلاحها، ولا يلتمس مثل هذه الأساليب الملتوية والمشبوهة، والتي قد تُعدّ باباً من أبواب الانحراف أكثر مما قد تساعد على تهذيب النفس، فالقرآن الكريم يدعو المؤمنين والمؤمنات إلى غض أبصارهم عند النظر إلى الجنس الآخر، لأن ذلك أزكى لنفوسهم وأطهر لهم، قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 30 - 31].
والسؤال هنا: كيف تنسجم مثل هذه الأساليب التي تحث على النظر إلى وجوه النساء في سبيل تهذيب النفس مع دعوة القرآن الكريم إلى غض البصر؟! وأين تلتقي مثل هذه الدعوات المزيفة مع دعوة النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة من أهل بيته (عليهم السلام) إلى التعفف والحياء واجتناب النظرة تلو النظرة؟! ففي الحديث عن الأصبغ بن نباته عن علي (عليه السلام) قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي لك أول نظرة، والثانية عليك ولا لك"(9)، وعن الإمام الصادق (عليه السلام): "النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، من تركها لله عز وجل لا لغيره أعقبه الله إيماناً يجد طعمه"(10)، فلاحظ كيف أنه (عليه السلام) قد اعتبر أن ترك النظر المحرم هو الذي يجعل الإنسان يتذوق طعم الإيمان، وأما تعمد النظر وتكراره فهو يجعله في معرض السقوط؛ فعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام): "النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة" (11).
وأما المرأة التي نحتاج إليها كي ننظر من خلالها إلى ذواتنا فليست هي النظر إلى مفاتن النساء ولا سيما المحصنات، وإنما هي مرآة الوحي والتي تعلمنا بأن نعرض أعمالنا على القرآن الكريم وسيرة المعصومين عليهم السلام، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل.
وإننا ننبه الشباب المسلم ونحذرهُم من الوقوع في شباك هؤلاء الدجالين أو الانخداع بهذه الأكاذيب التي لا توصل إلى هدى ولا تنفع في تهذيب النفس وإصلاحها. وقد علمتنا التجارب أن أمر أصحاب هذه الدعوات المزيفة سرعان ما يُفتضح، فيَضِلّون عن الطريق ويُضِلّون أتباعهم، وفي أضعف الإيمان فإن هذه الأساليب تضع سالكيها على حافة الانحراف وتُوقعهم في الشطحات وتعرضهم للسقوط في الشبهات واقتحام الهلكات.
أحبتي الشباب..
لا تمكنوا اللصوص المدعين للعرفان زوراً وكذباً من أن يعبثوا بإيمانكم ويفسدوا عليكم دينكم أو يلوثوا فيكم أغلى ما تملكون وهو الروح الطاهرة، من خلال هذه الخدع والتلفيقات والتمويهات التي لا تمت إلى الدين بصلة، فهذه طرق لا خير فيها، ولو كان فيها خير لسبقنا النبي (صلى الله عليه وآله) وآل بيته (عليهم السلام) إلى الأخذ بها والدعوة إليها، كما لا تسمحوا للنفس الأمارة بالسوء أن تخدعكم وتغريكم بالتكاسل أو توهمكم بالعجز عن تهذيب النفس وإصلاحها والوصول إلى قدر معقول من الصفاء الروحي الذي يمنحكم الاطمئنان والسلام النفسي.
أيها الشباب..
إن بعض الناس من ذوي النوايا الخبيثة وربما أصحاب القلوب الطيبة ـ أيضاً ـ قد يسيئون إليكم من حيث يشعرون أو لا يشعرون، فيقولون لكم: لا داعي لإتعاب أنفسكم في هذا السن المبكر (سن الشباب) بالجهد والعمل والالتزام بمبادئ الدين والاجتناب عن الملذات المحرمة، فالحياة ـ هكذا يقول الموسوس لكم ـ لا تزال أمامكم، وفرصة العبادة متاحة لكم في قادم الأيام، فاستمتعوا الآن في مرحلة الشباب بملذات الدنيا وغداً وفي سن الكهولة تتوبون إلى الله تعالى، وهو يقبل التوبة عن عباده ويحب التوابين، وبذلك تفوزون بنعيم الدنيا والآخرة!
إني أنصحكم نصيحة المخلص والمحب لكم أن لا تصغوا إلى هذا الكلام ولو كان معسولاً أو قاله بعض (المحبين) لكم، لأنني أسألكم: من يضمن لكم أن لا يأتيكم الموت بغتة قبل أن توفقوا للتوبة؟ ومن يضمن لكم أنكم إذا اعتدتم على المعاصي فلن تدمنوا عليها ويصعب عليكم بعد ذلك التخلص منها؟! إن إمامكم زين العابدين (عليه السلام) يعلمكم درساً في هذا المجال، حيث يقول في بعض مناجاته: "ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم أتب، أما آن لي أن أستحيي من ربي"(12).
أحبتي الشباب..
إن شبابكم هو أغلى ما تملكون فلا تضيعوه أو تفنوه في معصية الله تعالى، بل ابذلوه في العمل الصالح وفي طاعة الله، وبذلك تتركون بصمة في هذه الحياة وتنالون الفوز والنجاة والسعادة الأبدية، استمعوا إلى وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله) في هذا المجال حيث يقول مخاطباً أبا ذر الغفاري (رضي الله عنه): "يا أبا ذر، ما من شاب يَدَعُ لله الدنيا ولهوها، وأهرَم شبابه في طاعة الله، إلا أعطاه الله أجر اثنين وسبعين صديقاً"(13).
احبتي الشباب..
إن أرواحكم عزيزة ونفوسكم غالية وأجسادكم ثمينة وإن الله تعالى مجدُه قد جعل ثمنها الجنة، فلا تبيعوها بأبخس الأثمان؛ في الحديث عن الإمام الكاظم (عليه السلام): "أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إلا الجنة فلا تبيعوها بغيرها"(14).
______________________
(1) نهج البلاغة ج 4 ص50، وروي نظيره عن الإمام الصادق (عليه السلام)، انظر: الكافي ج 2 ص 27.
(2) الكافي ج6 ص 47، والمقصود بـ (الحديث) هو روايات النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته (عليهم السلام)، فإنها مصدر أساسي بعد القرآن الكريم في بناء العقيدة الإسلامية الصحيحة.
(3) الأمالي للطوسي ص 650.
(4) انظر كتاب: عاشوراء قراءة في المفاهيم وأساليب الإحياء ص 60 وما بعدها.
(5) عيون الحكم والمواعظ ص 415.
(6) هذه الأبيات لعبد العزيز بن سرايا الحلي، انظر: أعيان الشيعة ج8 ص 22.
(7) نهج البلاغة ج 2 ص 187، بيان: (يقدروا أنفسهم)، أي يقيسوا أنفسهم بالضعفاء، ليكونوا قدوة للغني في الاقتصاد وصرف الأموال في وجوه الخير ومنافع العامة وتسلية للفقير على فقره حتى (لا يتبيغ)، أي يهيج به ألم الفقر فيهلكه)، انظر: هامش الصفحة المذكورة من نهج البلاغة.
(8) المشهور أن هذا الكلام هو حديث شريف، ولكننا لم نعثر عليه فيما تسنى لنا مراجعته من المصادر الحديثية للفريقين، ولكننا عثرنا على ما يقرب منه معنى، وهو ما روي عنه (صلى الله عليه وآله) "اجتنبوا هذه القاذورات التي نهى الله تعالى عنها، فمن ألم يشيء منها فليستتر بستر الله، وليتُب إلى الله"، انظر: كنز العمال ج 4 ص 208، وج 16 ص 12. وعلى كل حال فمضمون الحديث صحيح.
(9) من لا يحضره الفقيه ج 4 ص 19.
(10) المصدر نفسه.
(11) المصدر نفسه.
(12) مناقب آل أبي طالب ج 3 ص 291، وانظر: المزار للشهيد الأول ص 262.
(13) الأمالي للشيخ الطوسي ص 535.
(14) الكافي ج 1 ص 19.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
اللجنتان العلمية والتحضيرية تناقش ملخصات الأبحاث المقدمة لمؤتمر العميد العالمي السابع
|
|
|