المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

الجغرافية
عدد المواضيع في هذا القسم 12693 موضوعاً
الجغرافية الطبيعية
الجغرافية البشرية
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

من يقوم بالتفاوض؟
1/9/2022
Antibodies as Therapeutics
8-12-2020
حصاد الفلفل
11-1-2023
Formation of hemiacetals
14-10-2020
أمثلة المحكم
2023-08-31
الضوء عامل مهم في مكافحة الادغال كيف؟
7-10-2021


العلاقة بين الجغرافية السياسية والجيوبوليتك  
  
5896   05:25 مساءً   التاريخ: 7-5-2022
المؤلف : علي احمد هارون
الكتاب أو المصدر : اسس الجغرافية السياسية
الجزء والصفحة : ص 34- 46
القسم : الجغرافية / الجغرافية البشرية / الجغرافية السياسية و الانتخابات /

العلاقة بين الجغرافية السياسية والجيوبوليتك:

لقد ظهر اصطلاح جيوبوليتيك المكون من كلمتين هما ( geo) وتعنى أرض و politic) ) وتعنى ما يتعلق بالأرض مثلا فى سياستها، أى أن هذا الاصطلاح يعنى الجمع بين الجغرافية والسياسة، أى أنه يقوم على الدراسة الجغرافية للدولة وسياستها الخارجية. ومن الصعب الفصل بين الجغرافية السياسية وبين الجيوبولتيك؛ لأن اللفظ يؤدى نفس المعنى، إذ يمكن استخدام كلمة عنا(Geopolitic) كاختصار للجغرافية السياسية ، ولكن هذا اللفظ ارتبط بالمدرسة الألمانية التى أسسها هوسهوفر التى أشرنا إليها من قبل نتيجة للظروف التى مرت بها ألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى كما أشرنا إلى ذلك من قبل. والواقع أن الأفكار الجيوبولتيكية قديمة قدم الفكر الإنساني فى حضاراته القديمة، فقد ارتبطت الأفكار الجيوبولتيكية قديما بالظروف الجغرافية المحيطة. ويبدو أن السياسات القديمة كانت تقودها وتسيطر عليها فكرة الوحدات الجغرافية المتكاملة مثل الأودية النهرية كوادي النيل الذى تكونت فيه الدولة المصرية القديمة، أو ما بين النهرين الذى تكونت فيه دول سومر وبابل وآشور.

وفى عهود هذه الدول القديمة ظلت الصحارى والجبال مناطق متميزة بوضوح خارج الدولة أو داخل نفوذها السياسي غير المباشر. وقد أجبر ذلك هذه الدول على أن تقيم حدودا ومعسكرات لجنودها فى أقاليم الحركة المستمرة للرعاة لإجبارهم على احترام الدولة وإقامة علاقات تجارية فقط، أو لإخماد ثوراتهم وحركاتهم الغازية. ورغم ذلك فقد اجتاح الرعاة بابل وممالك العراق القديم، كما اجتاحوا مصر أمثال الهكسوس . وقد أدى استمرار الصراع بين المناطق الجبلية حيث البداوة ومناطق الاستقرار حيث الزراعة فى منطقة الشرق الأوسط إلى تغييرات فى التركيب السياسي والعسكري، فقد ظهرت دولة قوية فى الهضاب المحيطة كما فى هضبة إيران (ميديا والأخمينيون) حيث انتهى الصراع بين العراق والفرس بسقوط دولة بابل الثانية وامتداد الإمبراطورية الفارسية، وكما حدث فى هضبة الأناضول (الحيثيون) حيث كان الصراع بين مصر والحيثيين الذى دفع مصر إلى اتباع سياسة جيوبولتيكية أساسها الصراع على أرض بعيدة عن مصر، فتد امتدت سيطرة المصرين حتى أقدام جبال طوروس لكى يؤمنون المنطقة كلها حتى حدود المملكة الحيثية فى هامش هضبة الأناضول، وبذلك امتدت جيوبولتيكية مصر وقتها لتضم الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط .

أما الجيوبولتيك لدى الإغريق فكان يرتبط بأقاليم مناخية عامة كما يبدو من أفكار أرسطو (٣٨٤ - ٣٢٢ق.م) الذى أكد أن موقع اليونان فى الإقليم المعتدل قد ساعد على وصول الإغريق إلى السيادة العالمية على شعوب الشمال البارد والجنوب الحار، وكان بذلك يبرز علاقة علم الجغرافية بالسياسة . وقد اعتمد أرسطو فى أفكاره على تقسيمات بارمينيدس للأقاليم المناخية، حيث ذكر أن الإقليم المعتدل الذى يسكنه الإغريق هو الإقليم الذى يحمل عناصر القوة.

كما أن استرابو (٦٣ق . م - ٢١م) حاول أن يبين كين أن عادات ومهارات الناس والوحدات السياسية قد تحددت بظروف طبيعية، كما رأى أن القرى العالمية مركزة فى الأقاليم القارية الكبيرة، وأن أوربا تعد مركز هذه القوى. كما يرى أن الجزء المسكون من العالم يتكون من ثلاث كتل قارية هى : أوربا وليبيا وآسيا، وأن أذرع المحيط وخلجانه وبحاره تشكا هذه القارات، وأن أوربا هى أكثر القارات الثلاث ملاءمة للنمو والازدهار الفكري والاجتماعي . ويعد استرابو أول من أشار فى تقسيمه إلى (العالم ذو الأهمية) الذى حدده بالمنطقة الممتدة من أعمدة هرقل (جبل طارق) إلى خليج المحيط الشرقي (البنغال)، ومن أيرنا (إيرلندا) إلى سينامون (سيريلانكا) ، أما الأراضي الواقعة على حدود ذلك الإقليم فلا تهم الجغرافي لأنها غير مسكونة. وقد كان الجغرافيون القدماء يتخذون مظهرا طبيعيا واحدا على أنه حد لإقليم من الأقاليم، فقد قسم هيرودوت آسيا إلى أشباه جزر. واعتبر أن الخلجان حدود، بينما كان استرابو يعد الفواصل الأرضية حدود البرزخ فى السويس بين آسيا وليبيا، وطوروس بين آسيا وأوربا.

وجاء بلينى ليرسم صورة جيوبولتيكية للإمبراطورية الرومانية متخذا طريق الحركة البرية والبحرية لتحديد الإمبراطورية، وذكر أن روما تمد نفوذها الإقليمي فى اتجاهات مختلفة حول البحر المتوسط فى شكل اتفاق مع امتداد الطرق الرومانية، وعلى هذا الأساس تصبح نهايات الطرق الرومانية إطارا يحدد الدولة من أطرافها القصوى، وهناك إطار داخلي يتمثل فى طرق الملاحة فى البحر المتوسط التى سيطرت عليها روما تمام السيطرة طوال مجدها.

أما النظرة الجيوبولتيكية العربية والإسلامية فكانت تقسم العالم المسكون المتمثل فى النصف الشمالي من الكرة الأرضية إلى قسمين رئيسيين هما: أوربا فى الشمال، و أفريقيا وآسيا فى الجنوب، وكانوا يعدون أفريقيا وآسيا كتلة قارية واحدة، ويفصل بين هذين القسمين البحر المتوسط والأسود، ويقتربان فى منطقتي جبل طارق وبحر مرمرة. ومما قوى هذا التقسيم تركز العالم الإسلامي فى جنوب وشرق هذا البحر، والعالم المسيحي فى شماله. وعلى هذا الأساس كانت الأفكار الجيوبولتيكية العربية موجهة نحو السيطرة القارية السياسية والسيطرة التجارية (البحرية أو البرية) نحو المحيط الهندي وشرقي آسيا ووسطها ونحو شرق أفريقيا. وبذلك كانت القاعدة الإسلامية كبيرة وتشغل حيزا واسعا أرضيا أو بحريا بالمقارنة بروما.

وقد تناول هذا الموضوع ابن خلدون المتوفى فى عام 880ه، حيث ربط بين الظروف الطبيعية وعادات ومهارات الإنسان، فقد ربط بين ميل السكان فى وسط أفريقيا إلى الدعة والخمول فى ضوء ظروف المناخ السائد هناك، فوضع قوانين توضح تطور الدولة واضمحلالها على أساس رابطة الدم التى تجمع بين أفراد القبيلة وتشد بعضهم إلى بعض، وما يمكن أن يترتب على ذلك عند ضعف هذه الصلة، كما تناول الصراعين البدو والحضر.

وقد جاءت أفكار الجغرافيين الأوربيين بعد ذلك متبعة لأفكار ابن خلدون مع بعض التعديل بما يتفق وظروف العصر. فقد تناول مونتسكيو فى كتابه الرابع عشر من مجموعته (روح القوانين) تأثير الظروف الجغرافية على التباين السياسي والسلوك البشرى ومدى أثرها فى تحديد التطور السياسي للدولة.

كما تناول الفيلسوف الألماني «إيمانويل كانت» هذا الموضوع فأعرب عن اعتقاده بأن وجود «الدولة العالمية» أمر يعتمد على طبيعة الأشياء، حيث كان اعتقاده أن الطبيعة قد منحت الإنسان إمكانات العيش فى كل أجزاء العالم، وأنها هى التى بعثرت الإنسان نتيجة استمرار الحروب مما أدى إلى أن يسكن الإنسان فى معظم الجهات القابلة للسكن. وقد أدى ذلك إلى سعى الإنسان لأن ينهى حروبه بعقد صلح ليعيش فى سلام؛ ولذلك كان يدعو لإقامة اتحاد أوربي من الدول المستقلة يساعد على إحلال السلام فى العالم باعتبار أن أوربا فى وقته كانت مسيطرة على أقدار العالم.

وقد اعترف «كانت» فى محاضراته فى الجغرافية الطبيعية بأن الجغرافية السياسية تعد فرعا من فروع الجغرافية، وبأنها تعد أساس التاريخ، كما أكد على قيمتها التربوية، وبذلك وضع الأسس النظرية لموضوع الجغرافية السياسية ومن الذين أسهموا فى تطور هذا الوضع فى ألمانيا (كارل ريتر) الذى كانت وجهة نظره تعتبر أن القارات تعد أعضاء رئيسية لكائن حي عظيم وهو ((الكرة الأرضية الحية)) ، ومن رأيه أن الحركات البشرية وتاريخ الشعوب تتأثر بظروف السطح والمناخ، وأن قيمة الأساس الجغرافي للإنسان تتغير تبعا لتطور قواه ولتقدم التاريخ. وكان من نتيجة اعتباره أن الكرة الأرضية تعد كائنا حيا أن ظهرت فكرة أن الدولة كائن حي التى روج لها الجيل الذى أعقبه فيما بعد، حيث اعتبروا أن الدولة شأنها شأن أى كائن حي بيولوجي، واعتبروها ظاهرة من الظواهر الطبيعية، كما أن نفس العلاقة تبقى بين الدولة والرقعة التى تحتلها من الأرض مثل علاقة أى كائن عضوي بالنسبة لبيئته.

ومن هنا بدأ العاملون فى ميدان الجغرافية السياسية يؤكدون على أهمية المساحة التى تشغلها الدولة بالنسبة لسكانها، واعتبروا أن مقدار هذه الرقعة يعد قوة سياسية بذاتها. ولذلك بدأ يظهر فى كتاباتهم تبرير سياسة التوسع الإقليمي من حيث إن هذه السياسة ما هى إلا تطبيق لقانون طبيعي، وأن ضغط السكان للشعب الذى ينمو والذى ينتهى بصراع من أجل الحفاظ على وجوده رغم وحشية هذا الصراع وعدم قانونيته، ماهو إلا صراع من أجل البقاء. وقد عبر راتزل عن ذلك أصدق تعبير فى نهاية القرن التاسع عشر كما أشرنا إلى ذلك من قبل، وبذلك فإن فكرة المجال الحيوي رسخت فى عقيدة ألمانيا النازية وأوحت إليها بكثير من الشعارات بحيث أصبح فى مفهومهم أن توسع الدولة حق طبيعي.

وقد كان لمعرفة راتزل الواسعة بالعلوم الطبيعية والجغرافية، ورحلاته المتعددة فى أوربا وأمريكا الشمالية دور كبير فى رقيه بعلم الجغرافية السياسية التى كانت فى نفس الوقت تعد بداية للجيوبوليتيك. ونتيجة لدراسات راتزل الواسعة فقد ذكر مجموعة من القوانين اعتقد أن بموجبها تنمو الدول وتتوسع رقعتها الإقليمية والتي أسماها «القوانين السبعة للنمو الأرضي للدولة» التى أشرنا إليها من قبل. والواقع أن هذه القوانين كانت تهدف لتحقيق متطلبات التوسع الألماني، بعد أن ظهرت ألمانيا كدولة موحدة فى الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، والبند السابع من هذا القانون يفتح آفاقا غير محدودة أمام أطماع الألمان. كما أن هذا القانون يعد خاصا بالمكان والموقع؛ لأن نشاط الإنسان وصفاته وكثافة السكان فى الدولة ليست فى نظر راتزل سوى نتاج الموقع والحجم والبيئة الطبيعية والحدود، أى أنها تعد نتاج المكان.

وقد فسر راتزل ذلك بقوله : «يوجد على هذا الكوكب مكان كاف لدولة عظيمة واحدة فقط» ، و بذلك وضع راتزل الفكرة والأسلوب للجيوبوليتيك الألمانية التى احتفظت بالروح التى نشرها راتزل وهى روح السيطرة الاستعمارية وتنظيم القوة العالمية، وقد تبنى حكام ألمانيا ودوائرها العسكرية آراء راتزل التى أدت إلى دخول ألمانيا مجموعة من الحروب فيما بعد. ومن الذين أخذوا بآراء راتزل فردريك نومان كما يبدو من كتابه بعنوان «وسط أوربا» وفيه يرى أن حدود ألمانيا تمتد من بحر الشمال شمالا إلى بحر الأدرياتيك جنوبا، ومن بحر البلطيق غربا إلى البحر الأسود شرقا، ومن منطقة الفلاندرز فى الغرب إلى مستنقعات بربت فى الشرق، كما كان يرى من ذلك أن السيطرة على هذه المنطقة تجعل الدولة تكتفى ذاتيا فى إنتاجها الزراعي و المعدني، بينما امتداد سواحلها إلى الشمال والجنوب يساعدها فى الحصول على ممتلكات تقع فيما وراء البحار على حساب الدول المجاورة .

لكن بول رورباخ الام اعتبر أن سيطرة ألمانيا على المنطقة الوسطى من أوربا تعد محطة فى منتصف الطريق للتوسع نحو الشرق، فقد ركز اهتمامه نحو الشرقين: الأدنى والأوسط، فكان يرى أن ألمانيا لا يمكنها أن تتفوق على إنجلترا إلا إذا تحالفت مع تركيا، لذلك تحالفت ألمانيا مع تركيا قبيل الحرب العالمية الأولى وساعدت على مد الخط الحديدي فى تركيا والبلاد العربية لنقل الجنود الألمان والأتراك، إذ إن توجيه ضربة لإنجلترا فى الهند يتطلب ربط الخليج العربي بآسيا الصغرى بسكة حديد.

ثم جاء رودولف كلن  (١٨٦٤ - ١٩٢٢ م) المؤرخ السويدي الذى كان أول من استخدم لفظ «جيوبوليتيك»، والذى تحول من دراسة التاريخ لدراسة الجغرافية لكى ينغمس فى دراسته العالمية وقتها، وقد تأثر إلى حد كبير بما كتبه راتزل، فقد نقل عنه مفهوم الدولة ككائن حي ولكنه وسعها كثيرا وطبقها على الوضع السائد فى ذلك الوقت، ثم ألف كتابين فى ذلك، وقد تناول فى الكتابين الكثير من الآراء المتعارضة التى تظهر فى كتابات راتزل وماكندر، كما أن فى رأيه أن الجغرافية يجب أن تسخر لخدمة الدولة، وبذلك تتحول الجغرافية إلى جيوبوليتيك.

ورغم أن كلن هذا عالم سويدي الجنسية إلا أن ميله كان نحو ألمانيا، ولعل ذلك يرجع لوضع بلاده (السويد) حيث خشى عليها من التوسع الروسي، ولم تكن السويد تستطيع مواجهة روسيا فى سعيها لتحقيق مطامعها فى الوصول إلى المياه الدافئة على حساب السويد والنرويج، ولذلك دعا بلاده لتحقيق خطة تواجه هذا الخطر المتوقع، فطالب بضم فنلند معكل من السويد والنرويج فى كتلة إسكندنافية، ولكن هذه الدعوة لم تجد قبولا لدى بلده، ولذلك اتجه نحو ألمانيا التى يمكنها تحقيق ذلك وخاصة أن هذا يتفق مع ميولها، وفى هذه الحالة يمكن للسويد أن تشارك ألمانيا الوقوف أمام مطامع روسيا التوسعية. ولذلك ظهرت فى كتابات «كلن» أفكاره التى تعبر عن «الجيوبوليتيك»، فقد كان يرى أن الدول القوية التى تمتلك رقعة محدودة من الأرض يجب عليها أن توسع رقعتها سواء كان ذلك عن طريق الضم أم الاستعمار، ونظر إلى ألمانيا فوجدها دولة قوية، ولكنها فى الواقع لا تعد قوية؛ نظرا لأنها ينقصها ثلاثة عوامل رئيسية تتمثل فى مساحتها المحدودة، والتماسك بين أجزائها، وحرية الحركة، أما روسيا فتفتقر إلى جبهة مطلة على بحار دافئة، وإنجلترا تفتقر إلى التماسك بين أجزائها.

ولذلك وضع تصورا لحدود ألمانيا لكى تكون دولة قوية بحيث تتوافر لها كل مقومات القوة، فإن عليها أن تتجاوز حدودها وسط شرق أوربا لتشمل موانئ على القنال الإنجليزي مثل ميناء «دنكر ك» الفرنسي عند مدخل القنال، و منطقة اللورين فى فرنسا، وآسيا الصغرى، وبلاد الرافدين وأوكرانيا، واستونيا ولاتفيا ولتوانيا على بحر البلطيق. كما اعتبر أن شريان الحياة لهذه الإمبراطورية الواسعة يتمثل فى سكة حديد تمتد من برلين إلى بغداد ليقطع هذا الخط الحركة بين الإمبراطورية البريطانية المتمثل فى القاهرة فى مصر وكلكتا فى الهند حيث النفوذ البريطاني، وكان يعتقد بأن قطع هذا الشريان سوف يساعد على خضوع مصر و السودان لألمانيا، وبالتالي تصبح كل منهما جزءا من المستعمرات الألمانية فى شرق أفريقيا التى كان يعدها كلن أقصى امتداد للإمبراطورية الألمانية.

ثم جاء هوسهوفر أستاذ الجغرافية بجامعة ميونيخ والذى تأثر كثيرا بآراء كل من راتزل وكلن وماكندر وماهان الذى يعد المؤسس الحقيقي للجيوبوليتيك، وأخطر ما كان فى فلسفة هوسهوفر هو الدعوة إلى التوسع الألماني، وأكثر المصطلحات التى عبرت عن آرائه هى مصطلحات توسعية ذات صبغة إستراتيجية حربية. وأكثر هذه المصطلحات شيوعا تلك التى تعبر عن فكرة المجال الحيوي التى تدعو لأن يكون لألمانيا مجال تمد فيه جذورها الاقتصادية والسياسية؛ ولذلك فقد تمتع هوسهوفر بمساعدة هتلر ودعمه لمعهد ميونيخ .

وكانت هناك ثلاثة مبادئ تتردد فى كتابات معهد ميونيخ تحدد الاستراتيجية العامة التى كونت الخطوط الرئيسية لأفكار هوسهوفر وهي:

١- مبدأ الدولة العملاقة أو الكبرى التى يدعو إليها راتزل.

٢ - مبدأ الجزيرة العالمية التى أشار إليها ماكندر.

٣ - مبدأ ازدواجية القارات (واحدة فى الشمال والأخرى فى الجنوب) ويكونان معا كتلة إقليمية قارية ذات اكتفاء ذاتي، فالشمالية تقدم الإنتاج الصناعي والجنوبية تعد مجالها الحيوي فى إنتاج الخامات والتسويق.

وقد تفاعلت هذه المبادئ الثلاثة وشكلت الخطوط الرئيسية لأفكار هوسهوفر, وقد كان هوسهوفر ينظر إلى الدولة الكبرى من زاوية قومية بحتة، لهذا يرى أن من المحتم على ألمانيا أن تبتلع الدول الصغرى غرب وشرق ألمانيا، ولا بأس من تنفيذ ذلك بقوة السلاح لتأمين سيطرة ألمانيا الكاملة على أوربا القارية.

وقد رأى هوسهوفر فى جزيرة ماكندر العالمية الإطار العام المكاني للسيطرة الألمانية، وتكوين نظام عالمي، فقد كان لمعهد ميونيخ هدفان فى الجزيرة العالمية: أحدهما يتمثل فى السيطرة على روسيا لتأمين الحكم الألماني على أوراسيا، والثاني تدمير الإمبراطورية البريطانية وقوتها البحرية لتأمين السيطرة الألمانية على جميع الجزيرة العالمية.

قد اعتبر هوسهوفر أن الاتحاد السوفيتي هو بداية آسيا، ولذلك يرى أن أوربا يجب أن تتحد تحت زعامة ألمانيا كشرط أساسي لإمكان قيام اتفاقات مع الاتحاد السوفيتي على مصير أوراسيا كلها، وبذلك تستطيع ألمانيا أن تقوى مساحيا بحيث تغطى كل أوربا لتكون فى موقف القوة عندما تتفاوض مع الاتحاد السوفيتي. وهذا يعني فى مفهوم هوسهوفر أن الاستيلاء على شرق أوربا يعد مفتاح قوة ألمانيا لإجبار الاتحاد السوفيتي على التفاوض مع ألمانيا بشأن حكم أوراسيا، كما أشار إلى ذلك ماكندر الذى أكد دور شرق أوربا كعنصر حاسم فى مصير قلب العالم.

وعموما، فإن المبادئ الأساسية التى شكلت الفكر الجيوبوليتيكى الألماني تتمثل فيما يلى:

١ - الدولة كائن حي، ولذلك كان هوسهوفر يعتقد أن الأمراض التى تشكو منها ألمانيا تتمثل فى الأرض التى تحتلها، ولهذا ظهر مبدأ المجال الحيوي للدولة

 

الذى يدعوها إلى التوسع الأرضي لحل مشاكلها السكانية والاقتصادية والعسكرية ولتحسين موقعها وعلاقاتها المكانية.

2- مبدأ الكفاية الاقتصادية، للدولة وهو الذى يقوم على مقاييس رسمها هوسهوفر كشروط أساسية لمقومات الدولة القوية، وتتمثل هذه المقاييس فى عدد وفير من السكان، ونسبة مواليد مرتفعة، واتحاد فى السلالة، وتوازن بين سكان الريف والمدن.

ومما سبق نرى أن الجيوبوليتيك الألمانية كانت تعتمد على مخططات نظرية تعسفية تعتمد على القوة فى التطبيق، كما أنها كانت مليئة بالمتناقضات الجغرافية لأنها لا تعرف حدودا علمية تنتهى إليها، وهى ارتباطها بالتطبيق العملي للسياسة التوسعية الجرمانية لم يعد يهمها أن تواجه بالنقد العلمي، وبذلك فقدت العنصر الأساسي فى تكوينها كنظرية علمية. فقد كان الهدف الأسمى الذى تسعى إليه الدراسة بصورها المختلفة هو ما يخدم الدولة من منطلق قومي مثل الجغرافية السياسية التى سميت جيوبولتيك, وعلم السكان الذى أسموه ديموبولتيك، وعلم الاجتماع الذى أسموه سوسيوبوليتيك,

وقد أساء هذا الانحراف بالجغرافية السياسية إلى هذا المفهوم (الجيوبوليتيك) وجعل البعض يتصور أن هذا العلم يعنى العدوان، وأن القوى من حقه أن يبتلع الضعيف، وأن الغاية تبرر الوسيلة، ولكن هذا المفهوم سرعان ما بدأت تتضح معالمه فى السنوات التالية من خلال المهتمين بهذا العلم من الجغرافيين من خارج ألمانيا.

وكان من بين الجغرافيين الألمان من لديهم الشجاعة للابتعاد عن الجيوبوليتيك التى جذبت العنصريين وأصحاب الفكر الحتمى فى ألمانيا مثل رونكاجلى فى عام ١٩١٩م الذى ذكر أن الجغرافيين الألمان حاولوا استخدام الجغرافية الطبيعية كأحد الأسلحة السلوكية التى بواسطتها يتمكن الألمان من نشر سيادتهم على العالم.

ومن خارج ألمانيا كتب الجغرافي الفرنسي ديمانجون قائلا: «نحن نستطيع أن نؤكد أن الجيوبوليتيك الألمانية قد قوضت كل الروح العلمية رغم أنه حتى عهد راتزل لم تكن عدائية حيث إنها قد جنحت بعد ذلك نحو المتناقضات والعداء القومي» .

وكما ذكر بومان «أن الجيوبوليتيك أو السياسة بسيطة ومؤكدة غير أنها بالطريقة التى عرضها كتاب وساسة ألمانيا غير صحيحة» .

وبذلك يبدو الاتجاه الذى يختلف عن المفهوم الألماني، وذلك الذى تركز على الدراسات التفصيلية للمشكلات السياسية، وذلك من خلال المهتمين بهذا الموضوع فى بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية.

وقد برز من المهتمين بالجيوبوليتيك من خارج ألمانيا ماهان ( ١٨٤٠ - ١٩١٤ م) الذى كان قائدا بحريا نال شهرة واسعة كمؤرخ واستراتيجي بحرى، وقد تعرض فى دراسته للموقع الجغرافي وأثره فى نمو لسيطرة البحرية. وبذلك تطرق إلى الجغرافية رغم أنه ليس جغرافيا.

وأهمية كتابات ماهان تبرز من تناوله العالم كله كنظرة إستراتيجية، وقد وضح ذلك الاتجاه الجغرافي الجيوبوليتيكى لأول مرة فى كتابه «مشكلات آسيا» المنشور فى عام ١٩٠٠ الذى يركز فيه على مشكلات أوراسيا، حيث يرى أن قارات العالم الشمالية هى مفتاح السيطرة العالمية، وأن قناتي السويس وبنما هما الحدود الجنوبية لعالم الثمال المتميز بتكاثف الحركة التجارية والسياسية العالمية.

وقد أكد ماهان على أهمية العامل البحرى، فهو يرى أن لطول السواحل وطبيعة موانيها دور كبير فى قوتها، ولذلك فهو يرى أن على الولايات المتحدة أن توجه أنظارها نحو سواحلها، وكتب فى ذلك كتابه بعنوان «أثر القوى البحرية فى التاريخ" مما شجع روزفلت على أن يتخذ من ذلك أساسا فى سياسته الخارجية.

ويعد نيكولاس سبيكمان خليفة ماهان فى استراتيجيته لكنه لا يتفق معه فى سيادة القوى البحرية، وقد تأثر فى أفكاره بماكندر، غير أنه كان يرى فى الهلال الخارجي الذى يحيط بالهارتلاند عند ماكندر مفتاح السياسة العالمية، ولذلك أطلق على هذه الأراضي اسم (الإطار)أو الحافة التى تضم أوربا الغربية (البحرية)، والشرق الأوسط والهند، وجنوب شرق آسيا والصين، وهذا الإطار يتمتع بعدد كبير من السكان ومصادر الثروة، بالإضافة إلى استخدام البحر كخطوط حركة للتجارة والحرب. ويرى سبيكمان عكس ما يرى ماكندر، فهو يعتقد بأن من يحكم الإطار يحكم أوراسيا، وذلك بخلاف نظرية الهارتلاند، الذى يرى سبيكمان أنه قلب ميت لأنه حبيس الإطار من ناحية والتندرا من ناحية أخرى، كما أنه قليل الثروات باستثناء منطقة التركستان والأورال، وتضم أراضي جافة موحشة ومساحات كبيرة من الغابات المخروطية وأراضي الصقيع الدائم.

وعموما، نرى مما سبق أن الجيوبوليتيك علم سياسي أساسا يستمد جذوره من الجغرافية وحقائقها، ويعمل على الإفادة منها لخدمة خطط سياسية معينة فى غالبية الأحوال، ولذلك فإن هناك فرقا بين الجيوبوليتيك والجغرافية السياسية.

ويمكننا تصور الفروق بين الجغرافية السياسية والجيوبوليتيك، فالمعروف أن الجغرافية السياسية علم وصف تحليلي يعالج العلاقات المكانية والحدود والموارد وكل ما يتصل بالوحدة السياسية للدولة، أما الجيوبوليتيك فهو علم يعالج هذه الموضوعات، لكنه يعالجها من منظور قومي، أى من وجهة نظر قومية ونزعة ذاتية وفق النظرية الألمانية الخاصة بالمجال الحيوي للدولة. وعلم الجيوبوليتيك يرسم خطة لما يجب أن تكون عليه الدولة، بينما الجغرافية السياسية تدرس كيان الدولة حسب الواقع. وبينما تهتم الجغرافية السياسية برسم صورة الدولة فى المستقبل فى ضوء الماضي والحاضر، فإن الجيوبولتيك يرسم حالة الدولة فى المستقبل. وفى الوقت الذى يكون فيه الجيوبولتيك متطورا وقابلا للتغيير فإن الجغرافية السياسية ثابتة مستقرة فى نظرتها.

والجيوبوليتك يدرس العلاقة بين الأرض والدولة والسياسة العالمية من وجهة نظر قومية ضيقة مغرضة، بينما تقوم دراسة الجغرافية السياسية لها على أساس موضوعي قائم على العدل. والجيوبولتيك علم يعتمد على فلسفة القوة والسيطرة، بينما الجغرافية السياسية تدرس مقومات قوة الدولة دراسة لا تتأثر بالدوافع القومية.

وتعد الجغرافية السياسية مرآة الدولة، فهي تعكس صورتها الحقيقية، بينما نجد الجيوبولتيك يجعل الجغرافية فى خدمة الدولة ويعتنق فلسفة خاصة هى فلسفة القوة، وأن الضرورة لا تعرف قانونا؛ ولذلك تحاول أن تجد المبررات للسلوك السياسي لها.

وهوسهوفر الذى يعد قائدا للجيوبولتيك من خلال معهده الذى أنشأه فى ميونيخ لهذا الغرض يعرف الجيوبولتيك بأنه: دراسة علاقات الأرض ذات المغزى السياسي. وكما ذكرنا من قبل فهو يرى أن الجيوبولتيك يعطى الحق للدولة الكبيرة لكى تنمو على حساب الدول الضعيفة، وأن كل دولة هى التى تحدد المساحة التى تكفى لشعبها، ولكنه لم يحدد المقياس الذى يقاس به مدى كفاية المساحة للسكان سوى كثافة السكان بالنسبة للدولة، فهو يرى أن الجيوبولتيك يدرس المساحة من وجهة نظر الدولة.

ومما سبق يبدو لنا إلى أى مدى أصبح الجيوبولتيك ضيق الهدف يسعى إلى تحقيق الأهداف القومية بطريقة ذاتية، وبذلك يكون قد أخطأ فى تقدير عامل الزمن، فلم يضع فى اعتباره أن الدولة والخريطة السياسية للعالم إنما هى وظيفة للزمن، بمعنى أنها ثمرة للتطور التاريخي وميراث من الماضي، وأي محاولة لتعديل هذا الوضع يؤدى إلى الحرب.

ولذلك اهتزت الثقة فى علم الجيوبولتيك؛ لأنه شوه الحقائق لجغرافية وأساء استعمالها بهدف تحقيق أهداف ذاتية ومصالح قومية، وارتبط بفكرة استخدام الحقائق الجغرافية من أجل التوسع، وقد انعكس ذلك على الجغرافية السياسية فأدى إلى إهمالها بعض الوقت حيث ربط البعض بينها وبين الجيوبولتيك، ولذلك يحاول البعض الآن إدخال تعديلات على مفهوم الجيوبولتيك وتصحيح مسارها وأهدافها وقيمها، ولكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل حتى يستعيد هذا العلم الثقة مرة أخرى عندما يفهم الفهم الصحيح ويدرس على منهج علمى سليم، وفى هذه الحالة يعد امتدادا للجغرافية السياسية وتطبيقا لها على العلاقات الخارجية للدول




نظام المعلومات الجغرافية هو نظام ذو مرجعية مجالية ويضم الأجهزة ("Materielles Hardware)" والبرامج ("Logiciels Software)" التي تسمح للمستعمل بتفنيد مجموعة من المهام كإدخال المعطيات انطلاقا من مصادر مختلفة.
اذا هو عبارة عن علم لجمع, وإدخال, ومعالجة, وتحليل, وعرض, وإخراج المعلومات الجغرافية والوصفية لأهداف محددة . وهذا التعريف يتضمن مقدرة النظم على إدخال المعلومات الجغرافية (خرائط, صور جوية, مرئيات فضائية) والوصفية (أسماء, جداول), معالجتها (تنقيحها من الأخطاء), تخزينها, استرجاعها, استفسارها, تحليلها (تحليل مكاني وإحصائي), وعرضها على شاشة الحاسوب أو على ورق في شكل خرائط, تقارير, ورسومات بيانية.





هو دراسة وممارسة فن رسم الخرائط. يستخدم لرسم الخرائط تقليدياً القلم والورق، ولكن انتشار الحواسب الآلية طور هذا الفن. أغلب الخرائط التجارية ذات الجودة العالية الحالية ترسم بواسطة برامج كمبيوترية, تطور علم الخرائط تطورا مستمرا بفعل ظهور عدد من البرامج التي نساعد على معالجة الخرائط بشكل دقيق و فعال معتمدة على ما يسمى ب"نظم المعلومات الجغرافية" و من أهم هذه البرامج نذكر MapInfo و ArcGis اللذان يعتبران الرائدان في هذا المجال .
اي انه علم وفن وتقنية صنع الخرائط. العلم في الخرائط ليس علماً تجريبياً كالفيزياء والكيمياء، وإنما علم يستخدم الطرق العلمية في تحليل البيانات والمعطيات الجغرافية من جهة، وقوانين وطرق تمثيل سطح الأرض من جهة أخرى. الفن في الخرائط يعتمد على اختيار الرموز المناسبة لكل ظاهرة، ثم تمثيل المظاهر (رسمها) على شكل رموز، إضافة إلى اختيار الألوان المناسبة أيضاً. أما التقنية في الخرائط، يُقصد بها الوسائل والأجهزة المختلفة كافة والتي تُستخدم في إنشاء الخرائط وإخراجها.





هي علم جغرافي يتكون من الجغرافيا البشرية والجغرافية الطبيعية يدرس مناطق العالم على أشكال مقسمة حسب خصائص معينة.تشمل دراستها كل الظاهرات الجغرافيّة الطبيعية والبشرية معاً في إطار مساحة معينة من سطح الأرض أو وحدة مكانية واحدة من الإقليم.تدرس الجغرافيا الإقليمية الإقليم كجزء من سطح الأرض يتميز بظاهرات مشتركة وبتجانس داخلي يميزه عن باقي الأقاليم، ويتناول الجغرافي المختص -حينذاك- كل الظاهرات الطبيعية والبشرية في هذا الإقليم بقصد فهم شخصيته وعلاقاته مع باقي الأقاليم، والخطوة الأولى لدراسة ذلك هي تحديد الإقليم على أسس واضحة، وقد يكون ذلك على مستوى القارة الواحدة أو الدولة الواحدة أو على مستوى كيان إداري واحد، ويتم تحديد ذلك على أساس عوامل مشتركة في منطقة تلم شمل الإقليم، مثل العوامل الطبيعية المناخية والسكانية والحضارية.وتهدف الجغرافية الإقليمية إلى العديد من الأهداف لأجل تكامل البحث في إقليم ما، ويُظهر ذلك مدى اعتماد الجغرافيا الإقليمية على الجغرافيا الأصولية اعتماداً جوهرياً في الوصول إلى فهم أبعاد كل إقليم ومظاهره، لذلك فمن أهم تلك الأهداف هدفين رئيسيين:
اولا :الربط بين الظاهرات الجغرافية المختلفة لإبراز العلاقات التبادلية بين السكان والطبيعة في إقليم واحد.
وثانيا :وتحديد شخصية الإقليم تهدف كذلك إلى تحديد شخصية الإقليم لإبراز التباين الإقليمي في الوحدة المكانية المختارة، مثال ذلك إقليم البحر المتوسط أو إقليم العالم الإسلامي أو الوطن العربي .