أقرأ أيضاً
التاريخ: 10-02-2015
3730
التاريخ: 2-5-2016
3159
التاريخ: 29-01-2015
3351
التاريخ: 2-5-2016
3840
|
عليّ في غزوة خيبر[1]:
لمّا تم عقد صلح الحديبية إطمأنّ النبيّ على مصير الرسالة الإسلاميّة من ناحية قريش وباقي أطراف عرب الجزيرة الذين كانوا على شركهم ، لأنّ بنود الصلح كانت تميل إلى ترجيح كفّة المسلمين ، يضاف إلى ذلك تنامي قوّة المسلمين عدّة وعدّة ، فقد أقبل على الإسلام خلق كثير ، والعرب أدركوا أنّ قريشا على عتوّها وطغيانها وقوّتها قد انكسرت شوكتها وفشلت خططها في القضاء على الإسلام عن طريق القوّة ، ولذا بدا التوقيع على عقد الصلح استسلاما من جانب قريش .
وبقيت قوّة أخرى تثير الشغب وتمثّل النفاق والغدر ، تلك هي جموع اليهود الذين كانوا خارج المدينة ، فكان النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) يراقبهم خشية أن يقوموا بعمل معادي بدعم خارجي ، وخصوصا أنّ تأريخ اليهود مليء بالغدر ونقض العهود ، لذا قرّر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) غزو « خيبر » معقل اليهود وحصنهم . فأمر ( صلّى اللّه عليه وآله ) أصحابه أن يتجهّزوا للغزو بأسرع وقت ، فتمّ ذلك فخرج من المدينة وأعطى الراية لعليّ ( عليه السّلام ) ومضى يجدّ السير باتّجاه خيبر ، فوصل إليهم ليلا ولم يعلم به أهلها ، فخرجوا عند الصباح ، فلمّا رأوه عادوا وامتنعوا في حصونهم ، فحاصرهم النبيّ وضيّق عليهم ونشبت معارك ضارية بين الطرفين حول الحصون ، وتمكّن النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) من فتح بعض حصونهم ، واستمرّ الحال هذا من الحصار والقتال بضعا وعشرين يوما ، وبقيت بعض الحصون المنيعة ، فبعث النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) برايته أبا بكر فرجع ولم يصنع شيئا ، وفي اليوم الثاني بعث بها عمر بن الخطاب فرجع خائبا كصاحبه يجبّن أصحابه ويجبّنه أصحابه ، وهنا عزّ على رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) أن يعقد بيده لواء فيرجع خائبا ، أو يوجّه أحدا نحو هدف فيرتدّ منهزما ، فأعلن ( صلّى اللّه عليه وآله ) كلمة خالدة تتضمّن معان عميقة ومغاز جليلة ، فقال بصوت رفيع يسمعه أكثر المسلمين : « لأعطينّ الراية غدا رجلا يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله ، كرّارا غير فرّار يفتح اللّه عليه ، جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله »[2].
فاشرأبّت الأعناق وامتدّت وتمنّى كلّ واحد أن يكون مصداق ذلك ، حتى أنّ عمر بن الخطاب قال : ما أحببت الإمارة إلّا يومئذ ، وتمنّيت أن اعطى الراية[3].
فلمّا طلع الفجر ، قام النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) فدعا باللواء والناس على مصافّهم ، ثمّ دعا عليّا ( عليه السّلام ) ، فقيل : يا رسول اللّه ! هو أرمد ، قال : فأرسلوا له ، فذهب اليه سلمة ابن الأكوع وأخذ بيده يقوده حتى أتى به النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) وقد عصّب عينيه ، فوضع النبيّ رأس عليّ في حجره ، ثمّ بلّ يده من ريقه ومسح بها عيني عليّ فبرأتا حتى كأن لم يكن بهما وجع ، ثمّ دعا النبيّ لعليّ بقوله : اللّهمّ إكفه الحرّ والبرد [4].
ثمّ ألبسه درعه الحديد وشدّ ذا الفقار الّذي هو سيفه ( صلّى اللّه عليه وآله ) في وسطه وأعطاه الراية ووجّهه نحو الحصن ، فقال ( صلّى اللّه عليه وآله ) : « أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ، ثمّ ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللّه تعالى فيه ، فو الّذي نفسي بيده ، لأن يهدي بهداك - أو لأن يهدي اللّه بهداك - رجلا واحدا خير من أن يكون لك حمر النعم » .
قال سلمة : فخرج واللّه يهرول هرولة وإنّا لخلفه نتّبع أثره حتّى ركز رايته في رخم من حجارة تحت الحصن ، فأطلع إليه يهوديّ من رأس الحصن ، فقال : من أنت ؟ قال : « أنا عليّ بن أبي طالب » .
قال : قال اليهودي لأصحابه : غلبتم ، وما انزل على موسى[5].
ثمّ خرج إليه أهل الحصن ، وكان أوّل من خرج إليه الحارث أخو « مرحب » وكان معروفا بالشجاعة ، فانكشف المسلمون ووثب عليّ ( عليه السّلام ) ، فتضاربا وتقاتلا فقتله عليّ ( عليه السّلام ) وانهزم اليهود إلى الحصن ، ثمّ خرج مرحب وقد لبس درعين وتقلّد بسيفين واعتمّ بعمامتين ومعه رمح لسانه ثلاثة أسنان .
فاختلف هو وعليّ بضربتين ، فضربه عليّ بسيفه فقدّ الحجر الذي كان قد ثقبه ووضعه على رأسه ، وقدّ المغفر ، وشقّ رأسه نصفين حتى وصل السيف إلى أضراسه ، ولمّا أبصر اليهود ما حلّ بفارسهم « مرحب » ؛ ولّوا منهزمين إلى داخل الحصن وأغلقوا بابه .
فصار عليّ ( عليه السّلام ) إليه فعالجه حتى فتحه ، وأكثر الناس من جانب الخندق - الّذي حول الحصن - لم يعبروا معه ( عليه السّلام ) فأخذ باب الحصن فقلعه وجعله على الخندق جسرا لهم حتى عبروا وظفروا بالحصن ونالوا الغنائم[6]. وروي : أنّه اجتمع عدّة رجال على أن يحرّكوا الباب فما استطاعوا .
قال ابن عمرو : ما عجبنا من فتح اللّه خيبر على يدي عليّ ( عليه السّلام ) ولكنّا عجبنا من قلعه الباب ورميه خلفه أربعين ذراعا ، ولقد تكلّف حمله أربعون رجلا فما أطاقوه ، فأخبر النبيّ ( صلّى اللّه عليه وآله ) بذلك فقال : « والذي نفسي بيده لقد أعانه عليه أربعون ملكا » .
وروي أنّ أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) قال في رسالته إلى سهل بن حنيف : « واللّه ما قلعت باب خيبر ورميت به خلف ظهري أربعين ذراعا بقوّة جسدية ولا حركة غذائية ، لكّني ايّدت بقوّة ملكوتية ونفس بنور ربّها مضيئة ، وأنا من أحمد كالضوء من الضوء[7] .
[1] خيبر : مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع ونخل كثير ، تقع خارج المدينة على بعد حوالي ( 90 ) ميلا ، وقعت الغزوة في بداية محرّم من العام السابع للهجرة .
[2] تاريخ الطبري : 2 / 300 ط مؤسسة الأعلمي ، وتأريخ دمشق لابن عساكر : 1 / 166 ترجمة الإمام علي ( عليه السّلام ) ، تذكرة الخواص لابن الجوزي الحنفي : 32 ، والسيرة الحلبية بهامش السيرة النبوية : 3 / 37 .
[3] تذكرة الخواص : 32 .
[4] تأريخ الطبري : 2 / 301 ط مؤسسة الأعلمي ، والكامل لابن الأثير : 2 / 220 ، وفرائد السمطين : 1 / 264 ، حديث 203 .
[5] أعيان الشيعة : 1 / 401 .
[6] تأريخ الطبري : 2 / 301 ط مؤسسة الأعلمي ، والإرشاد للمفيد : 114 ، الفصل 31 من باب 2 ، وبحار الأنوار : 21 / 16 .
[7] الأمالي للصدوق : المجلس السابع والسبعون ، الحديث 10 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|