الجغرافيا السياحية تنظر إلى المواقع السياحية بمنظار إيـكـولـوجـي

وتهتم الجغرافيا السياحية بتحقيق أقصى استفادة ممكنة من الموارد المتاحة داخـل المواقع السياحية ،والبحث عن موارد جديدة ، بالتالي فإن ذلك يمثـل ضغطاً متزايـداً على النظم البيئية؛ الأمر الذي يلفت النظر إلى مقولة إن بعض خطط التنمية السياحية التي لا تراعي توازن النظم البيئية تضر بالبيئة، وهـو مـا يعيـدنـا مـرة أخـرى إلى ذلـك النزاع الدائر بين فريق الاقتصاديين الذي يضع الربح والخسارة كمعيار أساسي لأي نشاط سياحي، وفريق المحافظين على البيئة الذي يرفع راية الحفاظ على المعطيات البيئية فوق أي اعتبار داخل المواقع السياحية.

ولإيجاد حل يرضي الطرفين اهتمت الجغرافيا السياحية بما يعرف بدراسة تقييم الآثار البيئية (Assessment EIA Environmental Impact )والتي تهـدف إلى تحديد ورصد الآثار التي يمكن التنبؤ بوقوعهـا سـواء أكانـت آثـارا سلبية أو إيجابية ،بالإضافة إلى دراسـة البـدائل ،والتدابير الخاصـة بتخفيـف وطـأة الآثـار السلبية ،وتدعيم الآثار الإيجابية في المواقع السياحية ،والجغرافيا السياحية أكثر فـروع السياحة كفاءة بذلك.

الجغرافيا السياحيـة أكـثـر فـروع الـسـيـاحـة كـفاءة بدراسة وتقييم الآثار البيئية للمواقع السياحية (EIA Environmental Impact Assessment) ولعل منطقة الساحل الشمالي الغربي بمصر خير نموذج يمكـن الحـديث عنـه كنظام بيئي كانت لـه كينونته المتميزة، يتمتع بمجموعة مكونات أحيائية (نباتيـة وحيوانية) خاصة به، بعضها كان فريدا على مستوى العالم، ولكن مع زيادة الضغط السياحي على هذا النظام والانتهاء إلى إزالة الكثير من البيئات النباتية ،وإحلال الكتل الخرسانية محلها لأغراض الاستثمار العقاري السياحي، كـل ذلـك مـدعوماً بضغط على التربة والموارد المائية ،أدى في نهاية الأمر ، إلى حدوث مشكلة بيئيـة خطيرة؛ ألا وهي ظاهرة التصحر Desertification التي تعد دليلا دامغـا على سوء تعامل الإنسان مع البيئة وتجاهـل الاعتبارات الإيكولوجية لصالح الربح السريع في أصول غير منتجة بالمعنى التنموي الدقيق. وفي نفس المجال طالما يعلن بين الحين والآخـر عـن منـاطق محدودة أرضية أو مائية كمحميات طبيعية بهدف الحفاظ عليها، وتجريم الإضرار بمكوناتها بغية الحفاظ على التنوع الحيوي الذي توليه كثير من الهيئات الإقليمية والدولية اهتماماً كبيراً، تأتي أهمية الجغرافيا السياحية في دراسة المحميات الطبيعية والتركيز على التنـوع الحيوي Biodiversity، والتباين فيما بين الكائنات الحية من كل المصادر (المائية والأرضية) . ورغم أن بداية علم الإيكولوجي كانت بداية بيولوجية أكثر من أي شيء، فإن مجال هذا العلم أخذ يتسع ليتيح الفرصة لإضافة إسهامات الكثير مـن أصـحاب التخصصات المختلفة، سواء كانت علوما تطبيقية، أو علوما بحتة، أو حتى دراسـات إنسانية، ومنها علم الجغرافيا السياحية . وقد كان للجغرافيا السياحية إسهاماتها في هذا المجال ،والذي يهتم بدور العنصر البشري في البيئة السياحية الطبيعية، فالجغرافيا السياحية كمساحة وسيطة وصاعدة بين العلوم، تستحق منا اهتماماً أكبر.