العوامل الباطنية لتشكيل سطح الأرض

لو قدر لك عزيزي الدارس أن تستقل الطائرة في رحلة ما بين القاهرة وعمان ونظرت ملياً من نافذتها، فسوف تشاهد بعد الاقلاع مباشرة أرض واد النيل السهلية المنبسطة، تشق دلتاه الخضراء أفرع هذا النهر العظيم، وما هي إلا دقائق حتى تتجه الطائرة شرقاً محلقة فوق فيافي صحراوية، وتتدرج أرضها في الارتفاع وتزداد وعورة وتمزقاً حتى خليج السويس، الذي يحف جانباه أشرطة سهلية ضيقة، وبعد عبوره ترتفع الأرض فجأة وتمر الطائرة فوق كتلة جبال شبه جزيرة سيناء الشاهقة، ومن ورائها شرقاً أخدود خليج العقبة، واستمراره شمالاً في وادي عربة وغور البحر الميت أعمق بقاع سطح اليابس.

وقبيل الهبوط لاحظ سطح هضبة شرق الأردن المطلة على الغور بجروف صخرية وعرة، تشقها أودية خانقية هائلة، وعلى الأفق الشرقي البعيد، ترى صفحة الصحراء وقد انبسطت في يسر تجاه الأراضي السعودية الآن، ومن خلال هذه الرحلة تعرفت على مظاهر تضاريسية شتى موضحة أدناه، ضع خطأ تحت المظاهر التالية في العبارة السابقة.

النهر           الجبل          الغور

الدلتا           الأخدود        الأودية

السهل          الهضبة        خانق

عشرات من صور التضاريس الأخرى يمكن أن تشاهدها لو حلقت فوق بقاع أخرى من العالم، ولعلك تتساءل عن كيفية تكون هذه الأشكال من التضاريس؟ وما العوامل التي تضافرت لتعطي وجه الأرض هذا التنوع البارع؟

الواقع أن قشرة الأرض بعد تصلبها تعرضت لعدة عوامل أدت إلى ظهور ما بسطحها من تضاريس وتفاوت في المناسيب، وما زالت هذه العوامل دائبة على تغيير معالم السطح وتشكيله، منذ النشأة الأولى حتى الآن، ويميز الباحثون بين مجموعتين من هذه العوامل، تعملان في اتجاهين متعارضين، أولهما العوامل الباطنية Endogenetic Agents ومصدرها جوف الأرض، ومن شأنها البناء، إذ تؤدي إلى تكون ، التضاريس الكبرى، فتعمل على عدم انتظام السطح، وتباين مستوياته، فتعارض بذلك عمل المجموعة الأخرى من العمليات التي يطلق عليها اسم العوامل الظاهرية Exogenetic Agents، ومن شأنها العمل على تسوية وجه اليابس، بأن تنحت ما برز منه، وتعطيه أشكالاً مختلفة، وتحمل حطام ما نحتت من صخور هناك، لتلقى بها في البقاع الغائرة فتمنحها أشكالا أخرى.