أقرأ أيضاً
التاريخ: 13-4-2017
1916
التاريخ: 4-12-2017
1909
التاريخ: 1-07-2015
3518
التاريخ: 9-7-2019
1798
|
الموضوع : القول
في الهدى و الضلال .
المؤلف : العلامة الشيخ سديد الدين
الحمصيّ الرازيّ .
الكتاب : المنقذ من
التقليد والمرشد الى التوحيد المسمى بالتعليق العراقي، ج1 - ص188- 192.
___________________________________________________
الهدى قد يفيد الاثابة، كقوله تعالى: {يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ}
[يونس: 9] ، أي يثيبهم، و كقوله: {وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ
اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ * سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بَالَهُمْ}
[محمد: 4، 5] ، أي سيثيبهم. وقد يكون بمعنى
الدّلالة على الحقّ، و ذلك كما في قوله تعالى: {وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ
فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: 17]، و قد يكون بمعنى فعل الإيمان.
وكذلك الضلال قد يجيء بمعنى الهلاك و
الإهلاك. وذلك كما في قوله تعالى:
{فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمَالَهُمْ } [محمد: 4]. أي لن يبطل و لن يضيع، و كما في قوله
تعالى حكاية عن منكري البعث
{أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ} [السجدة: 10] أي هلكنا و تقطّعنا؛ و قد يكون بمعنى
الإشارة إلى خلاف الحقّ على طريق الإبهام، لأنّه هو الحقّ، كما يقول القائل أضلّني
فلان عن الطريق، و كما قال تعالى:
{وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85] ، {وَمَا أَضَلَّنَا إِلَّا الْمُجْرِمُونَ} [الشعراء:
99] ؛ و قد يستعمل في الشيء الذي
يقع عنده الضلال، و إن لم يكن لذلك الشيء أثر فيه و ذلك كقول إبراهيم عليه
السلام، على ما حكاه اللّه تعالى عنه: { رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ}
[إبراهيم: 36] وقد يكون بمعنى الحكم بالضلال كما يقول القائل:
«أضلّ فلان فلانا» أي حكم بضلاله، و كذا يقال فيمن يحكم بكفر غيره: «إنّه قد
أكفر»، كما قال الكميت:
و طائفة قد أكفروني بحبّهم
و طائفة قالوا مسيء و مذنب
و قد يكون بمعنى فعل الكفر والضلال.
إذا ثبت هذا و تقرّر فنؤول الهدى و الضلال
المضافين إليه تعالى على ما يليق بالحكمة و يطابق دليل العقل فنقول: إنّ اللّه
تعالى قد هدى جميع المكلّفين، بمعنى أنّه دلّهم على الحقّ وأرشدهم إليه، وإلّا لما
حسن تكليفهم سلوك طريق الحقّ.
وكذلك فانّه سيهدي المطيعين في الآخرة بمعنى
الإثابة.
ولا يجوز أن يكون معنى الهداية المضافة إليه
تعالى خلق الإيمان في العبد، لأنّه لو كان كذلك لما استحقّ العبد على إيمانه ثوابا
و مدحا و لم يحسن من اللّه تكليفه به.
وكذلك
لا يجوز أن يكون معنى الضلال المضاف إليه تعالى خلق الضلال و الكفر في العبد،
لأنّه لو كان كذلك لما استحقّ العبد عليه ذمّا و عقابا، و لما حسن من اللّه
تكليفهم ترك الضلال والكفر، لأنه يكون تكليفا لما لا يطيقه العبد، وذلك قبيح لا
يفعله تعالى. وكذا لا يكون بمعنى الإشارة إلى غير طريق الحقّ و إيهام أنّه طريق
الحقّ، لأنّه يكون تلبيسا للأدلّة و نقضا لما هو الغرض بالتكليف. و ذلك أيضا قبيح
لا يفعله تعالى. فعلى هذا معنى ذلك الضلال إنّما هو العقوبة أو الحكم بأنّه ضالّ.
يوضح ما ذكرناه قوله تعالى: {وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا
الْفَاسِقِينَ} [البقرة: 26] ،
أي الكافرين، بدلالة قوله:
{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا
مَثَلًا يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا
الْفَاسِقِينَ * الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ
وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ} [البقرة: 26، 27] إلى آخر الآية. فبيّن انّه تعالى جزى فسقهم
الذي هو الكفر. و جزاء الكفر إنّما هو العقوبة لا نفس الكفر.
و كذلك قوله تعالى عقيب قوله: {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ
صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ
يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 125] والرّجس هو العذاب فبيّن أنّه تعالى إنّما
يفعل الرجس الذي هو العقوبة على الذين لا يؤمنون. و لو كان المراد بالضلال هاهنا
الكفر لمكان معنى الكلام «كذلك يجعل اللّه الرّجس» الذي هو خلق الكفر «على الذين
لا يؤمنون» فكأنّه قال: إنّما يخلق فيهم الكفر لأنّهم لا يؤمنون. و نفي الإيمان من
المكلّف كفر، فيكون تلخيص معنى الكلام أنّه إنّما خلق فيهم الكفر لأنّهم كافرون و
هذا خلف من الكلام.
ومعنى
هذه الآية: من يرد اللّه أن يثيبه في الآخرة بإيمانه و طاعاته التي فعلها يشرح
صدره في الدنيا ليطمئنّ قلبه إلى الإيمان و يثبت عليه. لأنّه إذا انشرح صدره عند
عمل يعمله، كان ذلك ادعى إلى التثبّت عليه. و بيانه أنّ من دخل بلدة فيشرح صدره
عند دخولها، كان ذلك ادعى له إلى المقام في تلك البلدة فعلى هذا شرح اللّه تعالى
صدر المؤمن عند إيمانه يكون لطفا له في التثبّت عليه و ثوابا ناجزا و أمارة لكونه
مثابا في الآخرة و من يرد اللّه أن يعاقبه في الآخرة بكفره و معاصيه يجعل صدره
ضيّقا حرجا في الدنيا عند كفره و معاصيه كيما ينزجر بذلك عنهما، فانّ من يضيق صدره
عند عمل يعمله يكون ذلك صارفا زاجرا له عنه. فعلى هذا يكون ضيق صدر الكافر عند
كفره عقوبة ناجزة له في الدنيا زاجرة عن التثبت و المقام على الكفر و أمارة لكونه
معاقبا في الآخرة.
فأمّا قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السلام: {إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ
بِهَا مَنْ تَشَاءُ وَتَهْدِي مَنْ تَشَاءُ} [الأعراف: 155] فالمراد بالفتنة التكليف و الشدّة، لأنّ
الفتنة قد تكون بمعنى الشدّة. وقوله: «تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ» أي تهلك بها من تشاء.
و هم الذين كفروا بهذا التكليف و ضلّوا
عنده. و إن لم يكن التكليف قد أضلّهم على التحقيق. كما قال تعالى: {فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى
أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي} [المؤمنون: 110] ، فنسب نسيانهم ذكر اللّه إلى المؤمنين لمّا نسي الكفّار
ذكر اللّه عند سخريّتهم بالمؤمنين، وإن كان المؤمنون لم يحملوهم على أن ينسوا ذكر
اللّه. فصحّ أنّ اللّه تعالى إنّما يضلّ عباده، بمعنى يعاقبهم، أو بمعنى أن يفعل
فعلا عنده يضلّون، لا بطريقة دعوة فعل اللّه تعالى إيّاهم إلى الضلال حتّى تكون
مفسدة، و لا يضلّ أحدا بمعنى خلق الكفر و الضّلال فيه، و لا بمعنى تلبيس طريق الحقّ
عليه.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|