أقرأ أيضاً
التاريخ: 1-08-2015
1989
التاريخ: 9-08-2015
2515
التاريخ: 1-07-2015
3519
التاريخ: 1-07-2015
1611
|
الموضوع : العنصريّات والبحث عن العناصر البسيطة.
المؤلف :
محمد جعفر الاسترآبادي المعروف بــ(شريعتمدار).
الكتاب :
البراهين القاطعة في شرح تجريد العقائد الساطعة.ص283-284/ج1.
________________________________________________
قال: ( وأمّا العناصر البسيطة فأربعة : كرة النار ، والهواء ، والماء ، والأرض. واستفيد عددها من مزاوجات الكيفيّات الفعليّة والانفعاليّة ).
أقول: ...
اعلم أنّ العنصريّات على قسمين : بسيط ومركّب.
والبسيط
أربعة : الأوّل : كرة النار التي هي أقربها إلى الفلك. الثاني : الهواء. الثالث :
الماء. الرابع: الأرض.
ووجه عدم
زيادة لفظ « الكرة » في الثلاثة الأخيرة : أنّ غير النار خرجت عمّا تقتضيه طبائعها
من الكرويّة الحقيقيّة ، من جهة نحو التلال والجبال والأنهار في الأرض ، وإخراج
ربع الأرض من الماء وارتفاع الأدخنة في الهواء ، فتكون الثلاثة معطوفة على « كرة
النار » لا على «النار ».
ويمكن
اعتبار الكرويّة الحسّيّة بناء على عدم قدح ما ذكرنا فيها ، فتكون معطوفة على «
النار» ولهذا يقال : إنّ هذه الأربعة كرات ينطبق بعضها على بعض لبساطتها ، ولذا
يكون خسوف القمر في وقت معيّن في بعض البلاد ولا يكون في بلد يخالفه في الطول في
ذلك الوقت بعينه ، والسائر على خطّ من خطوط نصف النهار إلى الجانب الشمالي يزداد
عليه القطب الشمالي وينخفض الجنوبي وبالعكس ، ونحو ذلك من الآثار الدالّة على
الكرويّة.
وكيف كان
فالعنصر في اللغة العربيّة بمعنى الأصل كالأسطقس في اللغة اليونانيّة.
وهذه الأربعة
من حيث إنّها تتركّب منها المركّبات تسمّى أسطقسّات ، ومن حيث إنّها تنحلّ إليها
المركّبات تسمّى العناصر ، ومن حيث إنّها ممّا يحصل بنضدها عالم الكون والفساد
تسمّى أركانا ، ومن حيث إنّها ينقلب كلّ منها إلى الآخر تسمّى أصول الكون والفساد.
ووجه
انحصار عدد العناصر والبسائط في الأربعة : الاستقراء ؛ فإنّهم وجدوا العناصر بطريق
التركيب والتحليل أنّها لا تخلو عن برودة وحرارة ورطوبة ويبوسة ، ولم يجدوا ما
يشتمل على واحدة منها فقط ، ولم يمكن اجتماع الأربعة والثلاثة ؛ للتضادّ بين
الحرارة والبرودة ، وبين الرطوبة واليبوسة ، فتعيّن اجتماع اثنتين من الكيفيّات
الأربع في كلّ بسيط عنصريّ بازدواج كيفيّة من الكيفيّتين الفعليّتين ، أعني
الحرارة والبرودة ، بمعنى اجتماعها مع كيفيّة أخرى من الكيفيّتين الانفعاليّتين ،
أعني الرطوبة واليبوسة ـ كما سيأتي وجه التسمية في الأعراض ـ بمعنى أنّ العنصر
إمّا حارّ أو بارد ، وعلى التقديرين إمّا رطب أو يابس ، فاليابس الحارّ هو النار
ولهذا طلبت العلو والمحيط ، والرطب الحارّ هو الهواء ، والبارد الرطب هو الماء ،
والبارد اليابس هو الأرض ولهذا طلبت المركز.
وعلى هذا
فلا يرد أنّه يجوز أن يكون فيما غاب عنّا عنصر خال عن الكيفيّات الأربع أو مشتمل
على واحدة منها فقط.
وكيف كان
فلها أحوال مشتركة ومختصّة :
منها :
أنّ كلّ واحد منها يخالف الآخر في الصورة النوعيّة ، وإلاّ لشغل حيّز الآخر بالطبع
، والتالي باطل ؛ إذ كلّ واحد منها يهرب بطبعه عن حيّز غيره بالعيان.
ومنها :
ما أشار إليه المصنّف حيث قال : ( وكلّ منها ينقلب إلى الملاصق وإلى الغير بواسطة
أو بوسائط ).
أقول :
المراد أنّ كلّ واحد من هذه العناصر الأربعة ينقلب إلى الآخر إمّا ابتداء وبلا
واسطة أو بواسطة واحدة أو زائدة ، فالصور اثنتا عشرة حاصلة من مقايسة كلّ من الأربعة
مع الثلاثة الباقية ، فستّة منها لا واسطة فيها ، وهي انقلاب الأرض ماء وبالعكس ،
والماء هواء وبالعكس؛ والهواء نارا وبالعكس.
وأمّا
الستّة الباقية فبعضها يحصل بواسطة واحدة ، كانقلاب الأرض هواء وبالعكس ، والماء
نارا وبالعكس. وبعضها يحصل بواسطتين ، وهو انقلاب الأرض نارا وبالعكس.
وعن الشيخ
(1) أنّ الصاعقة تتولّد من أجسام ناريّة فارقتها السخونة وصارت لاستيلاء البرودة
على جوهرها متكاثفة تنقلب النار إلى الأرض بلا واسطة أيضا ، كما يقال : إنّ النار
القويّة تجعل الأجزاء الأرضيّة نارا.
نعم ،
الغالب انقلاب العنصر إلى ملاصقه ابتداء وإلى البعيد بواسطته.
ويشهد على
الانقلاب ما نشاهد من صيرورة النار هواء عند الانطفاء في المصباح ، فإنّ ما ينفصل
من شعلته لو بقيت لرئيت ولأحرقت سقف الخيمة ؛ وصيرورة الهواء نارا عند إلحاح النفخ
في كير الحدّادين إذا سدّت المنافذ التي يدخل فيها الهواء الجديد ؛ وصيرورة الهواء
ماء لشدّة البرودة ، كما يرى في قلل الجبال من غير سحاب ، وفي الطاس المكبوب على
الجمد ؛ فإنّه تركبه قطرات الماء ونحو ذلك ؛ والماء هواء بالحرّ ، كما في غليان
القدر والثوب المبلول المطروح في الشمس ؛ وصيرورة الماء حجرا يقرب منه في الحجم ،
كما يعاين في قرية من قرى « مراغة » من بلاد آذربايجان ؛ لانقلاب مائه حجرا مرمرا
؛ وصيرورة الحجر بالحيل الإكسيريّة ماء ، فقد يقال : إنّ أرباب الإكسير يتّخذون
مياها حارّة ويحلّون فيها أجسادا صلبة حجريّة حتّى تصير مياها جارية.
قال : (
فالنار حارّة يابسة شفّافة متحرّكة بالتبعيّة ، لها طبقة واحدة وقوّة على إحالة
المركّب إليها ).
أقول :
هذا بيان للأحوال المختصّة بالنار ، وهي ستّ :
الأولى :
أنّها حارّة بشهادة الحسّ في النار الموجودة عندنا ، فالنار الصرفة الخالية عن
العائق بطريق أولى ؛ لوجود الطبيعة من غير مخالطة بما يتكيّف بالبرودة.
الثانية :
أنّها يابسة بشهادة الحسّ أيضا إن أريد باليبوسة ما لا يلتصق بغيره. وإن أريد ما
يعسر به تشكّله بالأشكال الغريبة ، فالنار غير يابسة.
الثالثة :
أنّها شفّافة ، وإلاّ لحجبت الأبصار عن إبصار الثوابت.
الرابعة :
أنّها متحرّكة بتبعيّة حركة الفلك بدلالة حركة ذوات الأذناب حركة بطيئة فيما بين
المشرق والشمال ، وبالحركة اليوميّة أيضا.
الخامسة :
أنّها ذات طبقة واحدة ؛ لقوّتها على إحالة ما يمازجها لو فرض الممازجة ، فلا يوجد
في مكانها غيرها.
السادسة :
أنّ لها قوّة على إحالة المركّب إليها ـ ولو غالبا ـ كما هو المعلوم بالمشاهدة ،
فعدم انفعال الحيوان المسمّى بسمندر بتأثير النار غير ضارّ.
قال : (
والهواء حارّ رطب شفّاف له أربع طبقات ).
أقول :
هذا بيان للأحوال المختصّة بالهواء ، وهي أربع :
الأولى :
أنّه حارّ ، له الكيفيّة الفعليّة ، كما عن الأكثر ؛ لأنّ الماء بالتسخين يصير
هواء ، وإحساس البرودة من الهواء المجاور لأبداننا من جهة امتزاج الأبخرة
المائيّة.
الثانية :
أنّه رطب ، له الكيفية الانفعاليّة ، بمعنى سهولة قبول الأشكال ، لا بمعنى البلّة.
الثالثة :
أنّه شفّاف ؛ إذ لا يمنع نفوذ الشعاع فيه ولا يحجب عمّا وراءه.
الرابعة :
أنّه ذو طبقات أربع :
الأولى :
طبقة ما يمتزج مع النار ، وهي التي تتلاشى فيها الأدخنة المرتفعة عن السفل وتتكوّن
فيه الكواكب ذوات الأذناب وما يشبهها.
الثانية :
طبقة الهواء الغالب ، وهي التي تحدث فيها الشهب.
الثالثة :
طبقة الهواء البارد الممتزج بالأجزاء المائيّة ولا يصل إليها أثر شعاع الشمس
بالانعكاس من وجه الأرض ، وتسمّى طبقة زمهريريّة ، وهي منشأ السحب والرعد والبرق
والصاعقة.
الرابعة : طبقة الهواء الكثيف الذي يصل إليه أثر
الشعاع ، ويستفيد كيفيّة البرد من مخالطة الأجزاء المائيّة ولا يبقى على صرافة
برودتها المكتسبة منها ؛ لوصول أثر شعاع الشمس إليه بالانعكاس.
قال : (
والماء بارد رطب شفّاف محيط بثلاثة أرباع الأرض تقريبا ، له طبقة واحدة ).
أقول :
هذا بيان لأحوال الماء ، وهي خمس :
الأولى :
أنّه بارد بشهادة الحسّ عند زوال المسخّنات الخارجة ، ولا خلاف في ذلك ، ولكنّهم
اختلفوا في أنّ الماء أبرد ؛ للحسّ من الأرض ، أو الأرض أبرد ؛ لأنّها أكثف وأبعد
من المسخّنات والحركة الفلكيّة.
الثانية :
أنّه رطب بمعنى البلّة وسهولة التشكّل معا.
وقيل :
إنّه يقتضي الجمود ؛ لأنّه بارد بالطبع ، والبرد يقتضي الجمود ، وإنّما عرض
السيلان له بسبب سخونة الأرض والهواء ، ولو خلّي وطبعه ، لاقتضى الجمود ، فتأمّل.
الثالثة :
أنّه شفّاف ؛ لأنّه مع صرافته لا يحجب عمّا وراءه.
الرابعة :
أنّه محيط بأكثر الأرض وهو ثلاثة أرباعها تقريبا بمقتضى تعادل العناصر وإحاطتها.
الخامسة :
أنّه ذو طبقة واحدة ، وهو البحر المحيط.
قال : (
والأرض باردة يابسة ساكنة في الوسط شفّافة ، لها ثلاث طبقات ).
أقول :
هذا بيان لأحكام الأرض ، وهي خمسة :
الأوّل :
أنّها باردة ؛ لأنّها كثيفة ، ولأنّها لو خلّيت وطباعها ولم تسخّن بسبب غريب ، ظهر
عنها برد محسوس.
الثاني :
أنّها يابسة بشهادة الحسّ.
الثالث :
أنّها ساكنة في الوسط خلافا لمن زعم أنّها متحرّكة إلى السفل ، ومن زعم أنّها
متحرّكة إلى العلو ، ومن زعم أنّها متحرّكة بالاستدارة.
والحقّ خلاف ذلك كلّه ، وإلاّ لما وصل الحجر
المرميّ إليها إن كانت هاوية ، ولما نزل الحجر المرميّ إلى فوق إن كانت صاعدة ،
ولما سقط على الاستقامة إن كانت متحرّكة على الاستدارة.
وأشار
بقوله : « في الوسط » إلى الردّ على من زعم أنّها ساكنة بسبب عدم تناهيها من جانب
السفل. ووجه الردّ أنّ الأجسام متناهية.
الرابع :
أنّها شفّافة ، وفاقا لجماعة ذهبوا إلى أنّها بسيطة.
وأورد (2)
عليه بأنّ الحكم بأنّ الأرض شفّافة يوجب الحكم بأن لا يقع خسوف أصلا ؛ لاقتضائه
نفوذ شعاع الشمس في الأرض ، فأيّ شيء يحجب نورها من القمر؟ والحمل على ما لا لون
له ولا ضوء خلاف الاصطلاح.
الخامس :
أنّ لها طبقات ثلاثا :
الأولى :
الأرض المخالطة لغيرها التي تتولّد منها الجبال والمعادن وكثير من النباتات
والحيوانات.
الثانية :
الطبقة الطينيّة.
الثالثة :
الطبقة الصرفة ، وهي الأرض المحضة المحيطة بالمركز. ويشهد عليه الاستقراء والتدبّر
، فتدبّر.
__________________
(1) « الشفاء » الطبيعيّات : 70 ـ 71 ، الفصل الخامس من المقالة الثانية
من الفنّ الخامس.
(2) الإيراد للقوشجي في « شرح تجريد العقائد » : 173.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|