أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-11-2021
7371
التاريخ: 19-1-2022
2563
التاريخ: 14-3-2021
2730
التاريخ: 4-4-2016
2442
|
لما كان الهدف الذي سعى إليه الأفراد من وراء تغيير ضابط الإسناد بطريق التحايل هو الإفلات من الخضوع لأحكام القانون الواجب التطبيق أصلا والذي تشير إليه قاعدة الإسناد والرغبة في الخضوع لقانون أخر، فإنه من الطبيعي أن يكون جزاء هذا الغش والتحايل هو الحيلولة دون وصول هؤلاء الأفراد إلى هدفهم وحرمانهم من تحقيقه وما كانوا يصبون إليه، وذلك عن طريق عدم الاعتداد والنفاذ لما أجراه هؤلاء الأفراد من تغيير في ضابط الإسناد، وما يترتب عليه وتطبيق القانون الأصلي المشار إليه من قبل قاعدة الإسناد.
ويمكننا تلخيص ما يترتب على الدفع بالغش نحو القانون في أثرين مهمين: أحدهما سلبي والآخر إيجابي نبينهما كالآتي: الأثر السلبي: استبعاد القانون الذي تم التحايل لصالحه.
ويتمثل هذا الأثر في عدم الاعتداد أو عدم نفاذ كل أثر لاختصاص القانون الذي تم تغيير ضابط الإسناد والتحايل لصالح تطبيقه، ويفترض هذا الأثر لاستبعاد هذا القانون أن هناك وسيلة مشروعة وسليمة من الناحية القانونية ألا وهي التغيير المتعمد في ضابط الإسناد، ولكن تم استعمالها بطريقة تحايلية من أجل الوصول إلى نتيجة غير مشروعة (1) .
ولكن ثار الخلاف حول نطاق هذا الأثر السلبي وهل عدم النفاذ سيشمل الوسيلة والنتيجة أم سيطال النتيجة فقط دون الوسيلة ؟
الرأي الأول:
ويدعو إلى عدم اقتصار جزاء الغش نحو القانون فقط على عدم نفاذ النتيجة التي ابتغاها الشخص من وراء تحايله بتغيير ضابط الإسناد، ولكن لابد وأن يمتد عدم النفاذ إلى الوسيلة أيضا التي استخدمها هذا الشخص للوصول إلى النتيجة غير المشروعة (2) .
ويستند هذا الرأي فيما دعا إليه إلى:
1- أن الدفع بالتحايل يقوم في الأساس على فكرة خلقية وأدبية، فهو يفسد كل شئ.
2- أنه حتى لو كانت الوسيلة مشروعة فإن النتيجة والقصد غير المشروع سيفسد العمل المشروع، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة ولا يمكن الفصل بينهما واقتصار علم النفاذ على النتيجة دون الوسيلة.
3- أن من شأن شمول الجزاء (عدم النفاذ) للنتيجة والوسيلة معا تفادي تعقيدات جمة وتناقضات متوقعة في الحلول القضائية.
الرأي الثاني:
ويدعو إلى اقتصار جزاء الغش نحو القانون على عدم نفاذ النتيجة غير المشروعة فقط دون أن يمتد إلى عدم نفاذ الوسيلة التي لجأ إليها الشخص لتحقيق هذه النتيجة.
وقد استند هذا الرأي في تدعيم ما ذهب إليه على:
1- أن الدفع بالغش نحو القانون ما هو إلا وسيلة علاج احتياطية وأخيرة لحماية قاعدة التنازع، وبالتالي فمن المتعين استخدامها في حدود تلك الغاية وعدم النزوح عنها وأن عدم نفاذ النتيجة فقط كاف بذاته لتحقيق هذه الغاية.
2- أن اقتصار عدم النفاذ على النتيجة فقط يتفق مع الهدف من الدفع بالتحايل؛ ذلك أن استبقاء الوسيلة والاعتداد بها هو في حد ذاته نوع من الجزاء المضاعف لمرتكب هذا التحايل فهو لم يغير ضابط الإسناد إلا من أجل الوصول إلى نتيجة محددة فحسب دون أن تتجه نيته إلى قبول النتائج الجوهرية العادية الملازمة لهذا التغيير(3) .
3- أن القاضي الوطني لا يملك اختصاصا أصيلا يعطيه الحق والسلطة في إبطال الإجراء الذي تم به تغيير ضابط الإسناد (4) .
وقد أومأ البعض تدعيمة لهذا الرأي إلى أنه توجد كثير من الفروض التي يستحيل فيها إبطال الوسيلة ولا يمكن فيها تجاهل الواقعة المادية الجديدة التي أدت إلى تغيير ضابط الإسناد بشكل كامل، وبالتالى فلا مفر من قصر الجزاء على منع النتيجة التي ابتغاها الأفراد، وفيما عدا تلك النتيجة التي رمي إليها الأفراد من وراء تحايلهم فإنه لا يمكن الاستمرار في اعتبار الوسيلة نفسها كأن لم تكن في وقت أصبحت فيه هذه الوسيلة قد أنشأت حالة واقعية ثابتة لا يمكن إنكارها (5) .
ويرى فريق من هذا الرأي أن أثر الغش نحو القانون هو مجرد أثر حلولي أو استبدالي يترتب عليه استبعاد القانون الذي انتقل إليه الاختصاص بنية الغش وتطبيق القانون الذي أشارت قاعدة الإسناد باختصاصه في الأصل بدلا عنه، وذلك في حدود النزاع الذي وقع الغش بمناسبته، أما خارج هذه الحدود فإنه يتعين إعمال ضابط الإسناد الجديد، طالما أن إعمال هذا القانون لن يؤدي إلى تحقيق النتيجة التي هدف إليها الخصوم ابتداء، واستند في ذلك إلى أن الدفع بالغش نحو القانون هو دفع بهدف إلى تعطيل أثر الغش في استعمال قاعدة الإسناد، ما يقتضي معه بالضرورة استبعاد أحكام القانون الذي انتقل الاختصاص إليه بنية الغش وتطبيق القانون الذي أشارت قاعدة الإسناد باختصاصه أصلا والذي حاول الخصوم الإفلات من تطبيق أحكامه بتغيير ضابط الإسناد (6) .
وقد أرمز البعض إلى أن الرأيين السابقين قد اعتنقا فكرة عدم النفاذ"على الرغم مما يحيط بهذه الفكرة من لبس وخلط، وأنها فكرة تعد وفقا لمعناها التقليدي في القانون الخاص مجرد وسيلة فنية يقصد من ورائها حماية مصلحة خاصة مشروعة للغير، أما الدفع بالغش نحو القانون فإنه يهدف إلى مطاردة الغش في استعمال قاعدة الإسناد ومحاولة الإفلات من حكمها الأمر (7) .
وفي رأينا أن الرأي الثاني الذي ينادي بضرورة اقتصار جزاء الغش نحو القانون على النتيجة فقط دون الوسيلة هو أجل موقعة عندنا فقد مهد له الصواب وسخر له مقدار ضخم من المعرفة؛ حيث إن الإبطال وعدم النفاذ لا يطول كقاعدة عامة إلا ما هو غير مشروع ومخالف ولا يمكن الحكم بإبطال أو عدم نفاذ عمل مشروع لمجرد أن النتيجة أو الهدف غير مشروع، فلابد من الفصل بينهما والاقتصار فقط في تطبيق الجزاء على النتيجة غير المشروعة لأن الوسيلة التي استخدمها الأفراد سليمة ومشروعة من الناحية القانونية والفنية، وإذا شملها جزاء الغش فإن ذلك يعد تعسفا وتخبطة لا مبرر له، إلى جانب بطلانه من الناحية القانونية، ولا ننسى أن نضيف أن الدفع بالغش نحو القانون هو حالة فنية استثنائية لاستبعاد القانون الواجب التطبيق، ومن ثم فلا يجوز التوسع في الاستثناءات وينبغی استعمالها في أضيق نطاق وفي حدود تحقیق الهدف الذي شرع من أجله هذا الدفع وهو إبطال تحايل الأفراد وغشهم والحيلولة دون تحقيق هدفهم الغير مشروع وهو الهروب من تطبيق أحكام القانون الأصلي الواجب التطبيق بمقتضى قواعد الإسناد وتطبيق قانون أخر أصبح تطبيقه واجبة نتيجة غشهم وتحايلهم. الأثر الإيجابي: إعمال القانون الذي تم التحايل عليه لا شك في أنه باستبعاد القانون الذي تم التحايل لصالحه سيتبدى لنا فراغا قانونية مؤقتة من الواجب سده، وأن القانون الذي تم التحايل عليه بالاعتداء على قاعدة التنازع الوطنية وإهدار اعتباراتها هو الأجدر بالتطبيق (8).
___________
1-د. أحمد عبد الكريم سلامة: الأصول في التنازع الدولى للقوانين، 2008م، دار النهضة العربية، القاهرة، ص 563.
2- د. هشام على صادق: تنازع القوانين (دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية المقررة في التشريع المصري، الطبعة الثالثة، 1974م، منشأة المعارف، الإسكندرية، ص 364، بند 97 .
3- د. أحمد عبد الكريم سلامة: المرجع سابق، ص 565 وما بعدها.
4- كما في حالة الحصول على جنسية دولة أجنبية مثلا، فالقاضي لا يمكنه الحكم بسحب الجنسية ممن منحت له، وكذلك حالة نقل المنقول من دولة إلى دولة أخرى، فالقاضي لا يمكنه الحكم بأن المنقول ما زال في دولة الموقع القديم ولا الحكم بنقله إلى دولة موقعه الأول - حول ذلك راجع د. أحمد عبد الكريم سلامة: القانون الدولي الخاص، الجنسية و الموطن ومعاملة الاجانب والتنازع الدولي للقوانين والمرافعات المدنية الدولية ) دار النهضة العربية القاهرة 2000/2001 ، ص 765. (
5- ومثال ذلك قيام الأفراد بنقل المال المنقول من إقليم دولة معينة إلى إقليم دولة أخرى بقصد الهروب من أحكام قانون دولة الموقع الأول للمنقول وأصبح وجود المنقول على أراضي دولة الموقع الجديد حالة واقعية ثابتة لا يمكن إنكارها – للمزيد راجع د. ناصر عثمان محمد: القانون الدولي الخاص المصري (الكتاب الثانی)، مرجع سابق، ص 105.
6- د. هشام على صادق: تنازع القوانين (دراسة مقارنة في المبادئ العامة والحلول الوضعية المقررة في التشريع المصري، الطبعة الثالثة، 1974م، منشأة المعارف، الإسكندرية ، ص 367، 368.
7-د. هشام على صادق: المرجع السابق، ص 366
8- د. أحمد عبد الكريم سلامة: المرجع السابق، ص 567.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|