أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-9-2016
1635
التاريخ: 2024-09-08
341
التاريخ: 20-9-2016
2472
التاريخ: 20-9-2016
1116
|
هناك قاعدة باسم قاعدة التسبيب ـ ويعبّر عنها على لسان القدماء بقاعدة السبب أقوى من المباشر ـ وقع الكلام في حجيتها. ومضمونها ان شخصا لو سبب لثان الوقوع في خسارة فهو ضامن لتلك الخسارة.
مثال ذلك : ما لو نجّس شخص قطعة فرش لغيره وكانت طهارتها أمرا ضروريا واحتاج التطهير إلى اجرة معينة ، فبناء على تمامية قاعدة التسبيب يلزم المنجس ضمان تلك الاجرة كما ويلزمه ضمان النقص الطارئ على العين بسبب التطهير لو فرض نقصان قيمتها بذلك.
هذا ولكن السيّد الخوئي قدس سره رفض الضمان بتقريب ان سبب الضمان منحصر بأمرين : الاتلاف واليد ، وكلاهما غير متحقق ، إذ بالتنجيس لم يتحقق اتلاف قطعة الفرش ولا الاستيلاء عليها ليلزم ضمان اجرة التطهير أو قيمة النقص الطارئ.
هذا لو لم يفرض ان قيمة الفرش قد نقصت بالتنجيس نفسه ، اما إذا نقصت بالتنجيس نفسه وقبل ان يغسل ثبت الضمان لقاعدة الاتلاف حيث تم اتلاف وصف كمالي من أوصاف الفرش بعملية التنجيس نفسها.
وبالجملة : إذا لم تنقص قيمة الفرش بالتنجيس نفسه واحتاج تطهيره الى اجرة أو فرض نقصان القيمة على تقدير التطهير فلا ضمان لتلك الاجرة ولا لذاك النقصان لعدم صدق اليد ولا الاتلاف ، وسبب الضمان لا يعدو أحد هذين الأمرين اما اليد أو الاتلاف.
ثم أضاف قدس سره قائلا :
وامّا التسبيب فهو ليس سببا مستقلاّ للضمان في مقابل السببين المذكورين بل هو يوجب الضمان لو صدق عنوان المتلف على السبب.
وعليه فينبغي التفصيل في موارد التسبيب بين ما إذا صدق على السبب انه متلف وبين ما إذا لم يصدق عليه ذلك ، ففي الأوّل يضمن لقاعدة الاتلاف دونه في الثاني.
مثال صدق ذلك : ما لو أرسل شخص دابته واتلفت زرع الغير أو أعطى شخص سكينا بيد صبي وأمره بضرب شخص ، فانه يصدق على الشخص المذكور عنوان المتلف وينسب إليه اتلاف زرع الغير وجرح الشخص ، باعتبار ان المباشر اما لا إرادة له أو ذو إرادة ضعيفة بحيث يعدّ آلة بيد السبب ، وينسب العرف بنحو الحقيقة الاتلاف إليه لا إلى المباشر.
ومثال عدم صدق ذلك : ما لو توسطت في البين الارادة التامة للمباشر ، كما لو أمر شخص شخصا آخر كبيرا باتلاف زرع الغير أو جرحه وقام بتنفيذ ذلك. ان الاتلاف في مثل ذلك ينسب الى المباشر ـ باعتبار توسط إرادته التامّة ـ وليس إلى السبب. هذا ما أفاده قدس سره في هذا المقام [١].
وهناك مسألة ثانية بحثها الفقهاء ترتبط بالمسألة المتقدّمة ، وهي ان زيدا لو نجّس المصحف الشريف أو المسجد ـ اللذين يجب تطهيرهما فورا ـ واحتاج تطهيرهما إلى بذل اجرة معينة فهل يختص ضمانها بزيد أو يعم كل فرد مسلم؟
انه بناء على تمامية قاعدة التسبيب يمكن الحكم بضمان زيد للأجرة ، بتقريب ان زيدا صار بفعله سببا لخسارة الآخرين قيمة التطهير ، فاذا تصدّى بعض الناس للتطهير جاز له الرجوع عليه للقاعدة المذكورة.
بل ويمكن الحكم بضمانه للخسارة حتى بناء على انكار قاعدة التسبيب وحصر سبب الضمان بالاتلاف واليد ، بتقريب ان الآخر المتصدي للتطهير وان تصدّى بإرادته إلاّ انّه لما كان ملزما من قبل الشارع بالتطهير فإرادته تصبح إرادة مغلوبة وفي حكم العدم ، وبذلك يسند الاتلاف عرفا الى السبب ويكون استقرار الضمان عليه دون غيره.
ولا ينقض على ذلك بما ذكره السيّد الخوئي قدس سره من ان لازم ذلك ان المعسر لو تزوج وأولد أطفالا وهو عاجز عن القيام بنفقتهم وفرض ان المسلمين قاموا بالانفاق عليهم من باب وجوب حفظ النفس المحترمة على كل مسلم ، ان لازم ذلك ضمان ذلك المعسر المتزوّج بما ينفقه الناس على أطفاله ، والحال ان ذلك لا يمكن التزامه [2].
وهكذا لا ينقض بما لو فرض ان شخصا ابرأ شخصا آخر من دين مانع من الاستطاعة فترتب على ذلك تحقق عنوان الاستطاعة للحج في حقّه ووجوبه عليه ، فبناء على عدّ الإرادة المغلوبة بحكم العدم يلزم ضمان المبرأ لنفقات الحج ، وهو بعيد أيضا.
ان هذين النقضين وأمثالهما قابلان للدفع ، باعتبار ان العرف يفهم من حكم الشارع بجواز زواج المعسر وابراء المديون عدم كونهما ضامنين. وهذه الدلالة الالتزامية العرفية هي المانع من الحكم بالضمان ، وهذا بخلافه في مثال تنجيس المسجد أو المصحف الشريف فإنّه لا توجد مثل هذه الدلالة.
وعلى أي حال ان قاعدة التسبيب لها نتائج تظهر في الأمثلة المذكورة وغيرها ، وقد أنكرها بعض الأعلام بدعوى عدم تمامية دليل عليها ، ومن ثمّ أنكر الثمرات المترتبة عليها في الأمثلة السابقة ، كضمان قيمة تطهير الفرش وقيمة النقص الطارئ بسبب التطهير واجور تطهير المسجد والمصحف.
إلاّ ان من القريب جدّا دعوى انعقاد السيرة العقلائية عليها والحكم بضمان المسبب لخسارة الآخرين فيما إذا كان تسبيبه تسبيبا غير مأذون به شرعا. وحيث ان السيرة المذكورة لم يثبت ردع عنها فتكون ممضاة.
__________
[١] التنقيح ٢ : ٣٢٣.
[2] التنقيح ٢ : ٣٢١.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|