أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-11-2018
3048
التاريخ: 19-12-2021
2535
التاريخ: 17-1-2016
8261
التاريخ: 10-1-2022
1693
|
اللغة:
من أبرز العوامل البشرية التي تساعد على قوة الدولة وحدة اللغة فالأمم التي تجمعها لغة واحدة هي الأقرب إلى تكوين كيان سياسي قوى وتكتسب اللغة أهمية خاصة عند الجغرافيين السياسيين، فهي وعاء الثقافة و معلم أساسي من معالمها، ويتم بواسطتها انتقال العناصر الثقافية من حيل لأخر، كما أنها تشكل إحدى الوسائل المهمة للحفاظ على الهوية والخصوصية الثقافية، بجانب أنها أداة مهمة وضرورية لبناء وتحقيق التجانس و التماسك السكاني بالدولة.
وتصنف الجغرافيا السياسية الدول حسب اللغة إلى ثلاث فنات وهي :
١- دولة وحيدة اللغة و هي الدولة التي يستخدم سكانها في تعاملاتهم لغة واحدة فقط، وينص عليها في الدستور بأنها اللغة الرسمية للدولة مثال ذلك بولندا( اللغة البولندية)، مصر ( اللغة العربية).
٢- دولة ثنائية اللغة وهي الدولة التي يوجد بها لغنتين تستخدمها بواسطة سكانها، وينص عليها في الدستور بأنهما لغتين رسميين للدولة. مثال بلجيكا ( اللغة الفرنسية - اللغة الفلمنكية)، العراق ( اللغة العربية - اللغة الكردية).
٣- دولة متعددة اللغة وهي الدولة التي يوجد بها أكثر من لغتين. مثال الهند يوجد بها 15 لغة رئيسة
وتعد اللغة أهم الروابط التي تلعب دورا كبيرا في توحيد الشعوب التي تنتمي إلى الأمة، فهي وسيلة التعبير والتفاهم ونقل الأفكار والحضارة، فاللغة العربية هي العامل الهام الذي ربط بين الشعوب العربية وجعلهم أمة واحدة إلى جانب الدين بالطبع.
وأفراد الشعب الذين يشتركون في لغة واحدة يتقاربون ويتعاطفون يمما بينهم بخلاف الشعب الذي جمع بين أناس يتكلمون أكثر من لغة فإن ذلك يدمر إلى انفصال المجموعات بعضها عن بعض وبالتالي بعد نقطة ضعف في الدولة. وقد تجمع اللغة الواحدة بين أكثر من دولة اللغة الإنجليزية المنتشرة بين الدول العربية واللغة الاسبانية المنتشرة في اسبانيا وفي معظم دول أمريكا الوسطى والجنوبية.
وتزداد اللغة أهمية كلما كانت أوسع انتشارا حيث تعمل على الترابط والتلاحم بين الناطقين بها، بينما تصبح مشكلة كبرى عندما تتعدد اللفات في داخل الدولة الواحدة، ويستثنى من ذلك سويسرا التي يوجد بها أربع لفات رسمية هي: الفرنسية والألمانية والإيطالية والرومانية، وتتساوي جميع هذه اللغات في الحقوق، وجميعها يستخدم في البرلمان، ورغم ذلك فلا يشكل التعدد اللغوي مشكلة في الوقت الحاضر لسويسرا نظرا لما وصلت إليه من مستوى ثقافي وحضاري، ولتوافر عوامل أخرى ومصالح مشتركة تشجع على التلاحم بين سكانها.
ولكن بلجيكا تختلف عن سويسرا، فغي بلجيكا توجد ثلاث لفات إحداها فرنسية وهي لغة الوالون، والأخرى فلمنكية وهي لغة الفلاندرز، بالإضافة إلى لغة ثالثة المانية وهي تستخدم لدى قلة على الحدود الألمانية، لكن الصراع قوى بين الناطقين بالفرنسية الذين يتجهون صوب فرنسا والناطقين بالفلمنكية الذين يتجهون صوب هولندا، فكل مجموعة تستخدم لفتها التي تعد رسمية في المعاملات الرسمية والتعليم، وكل قطاع يستخدم لغته على كل المستويات في قطاعه، وقد وصل الخلاف لدرجة الدعوة إلى استقلال كل متهما عن الآخر هذا بخلاف الناطقين بالألمانية رغم قلتهم فإنهم يستخدمونها في تعاملهم وكلغة تعليم في المدارس، وما يساعد على استمرارها موقعها المجاور لألمانيا فإن ارتباطها بألمانيا قوى إلى حد كبير, وفي العراق توجد اللغة العربية واللغة الكردية النني يستخدمها نحو 30% من سكان العراق الاكراد الذين حصلوا على استقلال ذاتي في إقليم كردستان شمال العراق.
وتعد افريقيا من القارات شديدة التعقيد لغويا، بل يذهب البعض إلى أنها قد تكون نقطة الضعف الكبرى في بناء القومية في الجزء الأكبر من أفريقية؛ وذلك لأن الغارة تضم عددا من اللفات واللهجات، لأن المستعمرات كانت تتكلم لغة المستعمر لها بالإضافة إلى لفتها الأصلية. وقد حاول المستعمر إضعاف اللغة الوطنية ونشر لغته، ولذلك فإن كثيرا من الدول بعد استقلالها ظلت تتحدث لغة: المستعمر، كالمستعمرات الفرنسية مثل السنغال وتوجو وزائير، ومثل المستعمرات البريطانية في نيجيريا وغانا وكينيا وأوغندا وجنوب افريقيا.
وفي دول المغرب العربي المغرب والجزائر وتونس (توجد ثلاث لفات العربية والفرنسية والبربرية)، فعندما استعمر الفرنسيون المغرب أدخلوا لغتهم وحاولوا إضعاف اللغة العربية وذلك بإدخال اللغة الفرنسية وتشجيع اللغة البربرية (لغة جنوب المغرب العربي) وهي لهجة أكثر منها لغة، ولهذا تقوم الدولة حاليا بالتعريب حتى تتغلب على هذه المشكلة.
وتعد اللغة من مشكلات الصومال الأساسية حاليا بعد الاستقلال، فاللغة الإنجليزية تسود في الصومال البريطاني والفرنسية في الصومال الفرنسي، والإيطالية في الصومال الإيطالي، بينما تنتشر اللغة العربية إلى جانب هذه اللغات الثلاث، ولا شك أن ذلك يعد نقطة ضعف في الكيان السياسي للصومال.
وتزداد اللغة تعقيدا في قارة آسيا، فغي الهند العديد من اللفات واللهجات المحلية، ولكن الاستعمار البريطاني أدخل اللغة الإنجليزية، وظلت مدة اللغة هي السائدة رسميا دون سائر اللفات حتى بعد استقلال الهند عام 1947، رغم محاولة الهند إدخال اللغة الهندية التي يتكلمها نحو 40% من سكان الهند، لكن ذلك لم يجد موافقة عند المجموعات الأخرى، وفي الباكستان كانت تسود اللغة البنجالية في باكستان الشرقية والأوردو في الغرب، وكان ذلك من بين العوامل التي ساعدت على انفصال الجزء الشرقي من باكستان ليصبح دولة بنجلاديش منذ ءام١٩٧١.
كما تتعدد اللغات في الفلبين وفي بورما وماليزيا وفيتنام وتايلاند وإندونيسيا رغم سيادة اللغة الإنجليزية في معظم هذه المناطق، بالإضافة إلى اللغات المحلية وخاصة لغة الملايو اكثرها انتشارا في جنوب شرق آسيا.
وفي الصين يفهم الصينيون بعضهم بعضا عندما يكتبون، لكنهم لا يفهمون بعضهم كثيرا حينما يتكلمون؛ وذلك لأن اللغة الصينية تستخدم رمزا لكل كلمة، وهذه الرموز يختلف نطقها من مكان لآخر.
وفي أوربا لا توجد دولتان تتكلمان لغة واحدة باستثناء المانيا والنمسا، وقد تمتد اللغة من دولة إلى أخرى كالألمانية التي تمتد إلى أجزاء من سويسرا وبلجيكا، والفرنسية التي تمتد لأجزاء من بلجيكا وسويسرا، والإيطالية التي تمتد لأجزاء من سويسرا والارجنتين.
اما في الأمريكيتين فتبدو البساطة اللغوية، فهناك ثلاث لفات رئيسة تمتد من خليج هدسن شمالا إلى راس هورن جنوبا: الإنجليزية في الشمال والإسبانية والبرتغالية في الجنوب. ويعد الحد السياسي بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك حدا لغويا يفصل بين الإنجليزية والإسبانية، ولكن يستثنى من ذلك اللغة الفرنسية الغني تسود في إقليم كوييك في كندا، والإيطالية في أجزاء من الأرجنتين والألمانية في أجزاء من البرازيل، والهولندية والإنجليزية في بعض جزر الهند الغربية.
ومن أكثر الأخطار التي تهدد الدول والكيانات السياسية، هي تعدد اللغات في داخل حدود الدولة الواحدة. فالهند مثلا يتكلم أهلها بنحو ١٢ لغة رئيسية وعدد كبير من اللهجات واللكنات المحلية. ومن ابرز المزايا التي خلفها الاستعمار الانجليزي للهند، هو فرض اللغة الإنجليزية على جميع سكان مقاطعات الهند.
وقد سهل ذلك كثيرا على أجهزة الادارة الحكومية عملية حكم البلاد أثناء فترة الاستعمار، وأفادت اللغة الانجليزية بعد الاستقلال أيضا، فان توحيد اللغة في شبه القارة الهندية هو من أكبر العوامل التي ساعدت على التوحيد السياسي للدولة. وكذلك ساعد على تواصل الثقافات.
اما في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق فإن تعدد القوميات في داخل هذا الكيان السياسي الكبير الذي كان يضم في داخله نحو ١٠٠ قومية، وكان هذا التعدد القومي مرتبطا بتعدد في اللفات والثقافات أيضا. والمجموعات العرقية الرئيسة، والمجموعات العرقية الثانوية المتفرعة من المجموعات الكبرى، وهذه تصحبها لفات كثيرة، ومن أكبر عيوب الادارة الحكومية السوفيتية قبل انهيار الاتحاد السوفيتي هو فرض اللغة الروسية على كل الجمهوريات كلفة رسمية وكلغة للتعليم والتعامل الرسمي والتجاري.
وكانت هذه المسالة تثير غضب سكان الجمهوريات، الذين كانوا يفضلون التخاطب بلغاتهم الأصلية، والتعامل بها، لولا الخوف من أجهزة الحكومة المركزية القلي كانت تلحق بهم أشد العقاب على استخدامهم للغاتهم الأصلية وتركهم اللغة الروسية. وكان سكان الجمهوريات يعانون الأمرين أن هم فضلوا لغاتهم المحلية على اللغة الروسية في أي تعامل. وكانت هناك اجهزة حكومية تراقب ذلك، وظلت مشكلة ازدواجية اللغة حيث جمع السكان بين لغاتهم الأصلية، واللغة الرسمية المفروضة ظلت تنغص على السكان حياتهم في الجمهوريات وتؤرقهم، وما أن بدأت بوادر التراجع عن الشيوعية في موسكو حقنى سارعت الجمهوريات بالمطالبة بالاستقلال والعودة الى استخدام لغاتهم الأصلية. واظهار نعراتهم القومية القديمة.
ولذلك فقد لعبت اللغة دورا خطيرا في سرعة تفكك الاتحاد السوفيتي السابق. وتكوين جمهوريات مستقلة، بعضها داخل في اتحاد يسمى الكومنولث الجديد والبعض فضل الاستقلال مثل جورجيا، واستونيا ولاتفيا لاتيوانيا. ولم تنضم الى هذا الكومنولث الجديد، وظهر ذلك في حرص استونيا ولاتفيا ولاتوانيا على الاستقلال المبكر. قبل تأسيس الكومنولث الجديد، بينما تخلفت جورجيا بسبب الحرب الأهلية التي كانت دائرة بها.
وكذلك تعددت اللفات واللهجات في أكثر الدول الأفريقية، وتكاد تختص كل قبيلة من القبائل الرئيسة في أفريقيا بلغة خاصة بها، ولذلك فهناك مجموعات لغوية رئيسة لا تتمشي بالضرورة مع الحدود السياسية للدول في شكلها الجديد بعد الاستقلال. ولذلك نجد مجموعات سكانية كثيرة على جانبى الحدود يتكلمون لغة واحدة ويتبعون دولتين أو أكثر، وقد تسببت هذه الظاهرة في مشكلات كثيرة، فإن التبعية اللغوية لهذه القبائل وأصحاب هذه اللفات تدفعهم دائما الى الهجرة الى الجانب الذي توجد به أغلب القبيلة في الجانب الآخر من الحدود. وهكذا كما يعمل التعدد اللغوي على تفكك الوحدات السياسية القائمة، الى وحدات انفصالية صغيره بسبب الانتماء القبلي أو اللغوي، بل ويدفع هذا بعض الدول الى التعصب القبلي الذي يؤدي إلى حروب أهلية دامية، وغنى عن الذكر ان أساس الصراع الذي حدث في كل من رواندا وبوروندي هو صراع قبلي بين قبيلتين الهوتو والتوتسي اللتين يتوزع أفرادهما بين الدولتين على نحو مختلط.
وتدفع اللغة الواحدة إلى زيادة توحد الدولة واندماجها فى كيان واحد. وقد يلعب عامل اللغة دورا هاما في زعزعة استقرار بعض الدول المتقدمة فاللغة الاسكتلندية : في شمال الجزر البريطانية والمرتبطة بالقومية الاسكتلندية هي سبب المتاعب الكثيرة التي تواجهها حكومة المملكة المتحدة. حيث يوجد تعاطف كبير بين سكان اسكتلندا بالنسبة للغتهم إذ يدعون إلى استمرار استخدام اللغة الاسكتلندية كلغة قومية. بل وينادون بأن تستخدم اللغة الاسكتلندية أولا نغم اللغة الانجليزية ثانيا، وليس العكس أى عكس الواقع الحالي، حيث تستخدم الإنجليزية أولا في كل المعاملات والمؤسسات.
ولا شك أن العالم في حاجة إلى لغة يفهمها الجميع، ولذلك تجرى المحاولات لإيجاد لغة مشتركة يفهمها الجميع وتصبح لغة عالمية بين الدول وهي لغة الإسبرانتو Lingua Franca وهي اللغة النني يحاول البعض نشرها ولكن لم تجد نجاحا ملموسا حتى الآن نظرا لقلة المتحمسين والشجعين لها لأنها لغة مصطنعة وليست أصيلة وتحتاج إلى جهد كبير لكي تنجح.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|