المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24
ما يجب توفّره في الراوي للحكم بصحّة السند (خلاصة).
2024-11-24
من هم المحسنين؟
2024-11-23

الموسيقى الباطنية في القرآن
5-11-2014
الحالة الاقتصادية للعرب قبل الاسلام
7-11-2016
مسار الواسطة النقلية (الطريق)
3/12/2022
اناتول
13-8-2016
عقائد الإماميّة
22-3-2016
التبادر
12-6-2019


مرحلة الحياة الإنسانية  
  
1963   10:52 صباحاً   التاريخ: 13-12-2021
المؤلف : الشيخ نعيم قاسم
الكتاب أو المصدر : الشباب شعلة تُحرِق أو تُضيء
الجزء والصفحة : ص15ـ19
القسم : الاسرة و المجتمع / التربية والتعليم / التربية الروحية والدينية /

يمرُّ الإنسان في حياته بمراحل مختلفة ، تم الاصطلاح على تسميتها بالمراحل العمرية المختلفة ، حيث يكون لكل مرحلة خصائصها ومميزاتها ، لكنها تشكل بمجموعاتها شبكةً متصلة تؤثر فيها المرحلة أو المراحل السابقة باللاحقة ، بحيث لا يمكن فصل المرحلة اللاحقة عن المرحلة السابقة. وقد عبّر رب العالمين في كتابه العزيز عن هذه المراحل بإجمالٍ يبيِّن كيفية التدرج في الخلق، لأمرٍ أرادهُ الله تعالى في إعمار هذا الكون ، بإيجاد الإنسان وفق هذا الترتيب وبهذه الصيغة ، مفتتحاً حديثه عن يوم البعث ، ليوجّه أنظارنا إلى الحساب أولاً. فيا أيها الإنسان ، عندما تراقب مراحل عمرك ، انظر إلى بدايتها ونهايتها ، آخذاً بعين الاعتبار المحصلة النهائية التي ترفعها أمام الله تعالى في يوم القيامة. قال عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ} [الحج: 5] .

يا أيها الناس: إن كنتم تشكُّون بوجود يوم قيامة وحساب ، انظروا إلى التدرج الذي أوجده الله تعالى في حياتكم ، ثم تابعكم لحظة بلحظة ، ونقلكم من حالة إلى حالة ، وأنتم لا تملكون شيئاً مما يجري لكم من تطورٍ في خلقكم {فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ} [الحج: 5] . هذه المراحل الأربعة الأولى هي ما قبل الخروج من بطن الأم إلى الحياة: التراب، ثم النطفة، ثم العلقة وهي قطعة من الدم الجامد ، ثم المضغة وهي القطعة من اللحم الممضوغ التي تأخذ شكلاً معيناً، فتكون مُخلَّقة واضحة المعالم ، أو غير مُخلَّقة أي لم تتضح معالمها بعد. كلُّ هذه المراحل من التطور تحصل في داخل رحم المرأة ، وهي لا تكفي لإزالة الشك والريب بإعادة الحياة في الآخرة من جديد ، بعد أن بدأت حياة الإنسان من تراب لا حياة فيه ، بإذن الله تعالى.

{وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ} ، إذاً يبقى في الأرحام ما يكتب الله له الحياة ، فيكون المخلوق ذكراً أو أنثى بإذن الله تعالى ، حيث تتوفَّر له المواصفات والإمكانات والقدرات الفطرية التي خلقها الله تعالى ، سواءً أكانت كبيرة ومهمة ، أو عادية وبسيطة ومحدودة. وربما التبس على البعض في عصرنا الحاضر ، موضوع قدرة الإنسان على التحكم بجنس الجنين ومواصفاته ، وكأنّه خروج عن دائرة القدرة الإلهية! والصحيح: إنَّ الطبيب أسيرٌ للقوانين الإلهية التي تحدّد مراحل الخلق، وهو يتعرف عليها ويسعى لسلوكها، فعندما يختار التلقيح الاصطناعي أو التلقيح في أوقات معينة بما يناسب تكوين الذكر أو الأنثى ، إنما يكون منسجماً مع خطوات ومراحل الخلق، من دون أن يتحكم بالمواصفات والقدرات الفردية المودعة في الجينات التي يتكوَّن منها المخلوق الجديد، فهي من الأمور المعقدة جداً، والتي لم يستطع العلم الحديث إدراك كيفية مواكبتها لتغييرها أو التحكم بها أثناء مراحل النمو في داخل الرحم، ولو استطاع تعديل الجينات، فهو يتصرف بما خلقه الله تعالى من قوانين وقدرةٍ على التصرف، ولا يُجِد شيئاً من العدم.

بعد ذلك تخرجون من الرحم إلى الحياة: {ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} ، فتصبحون لاحقاً في عنفوان الشباب ، ممتلئين بالقدرة والعزيمة والنشاط: {ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ}. وهنا يفترق الناس بين من يموت في عنفوان شبابه بانتهاء أجَلِهِ ، ومن يُكمل حياته إلى الهرم والعجز وفقدان القدرة والإمكانات الموجودة لديه: {وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا}.

تتابع الآية الكريمة تصويرها لحياة الأرض: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}. ربما تساءل البعض عن العلاقة بين الأرض وخلق الإنسان؟ الصورة واضحة: تكون الأرض هامدة لا حياة فيها ، وهي مكوَّنة من التراب ، فإذا أنزل الله الماء عليها ـ تحركت واهتزت بأن دبّت الحياة فيها ، فازدادت وربت بإعطاء الخضار والثمار والزرع ، من أنواع النباتات المختلفة التي تضجُّ بالحياة ، حيث نلاحظ ذلك من نموها المطَّرد ، وبأشكال جميلة وبهيجة ومتنوعة ، ضمن قاعدة الزوجية التي تساهم في التكاثر ، كلُّ هذا يحصل من ماء واحد ، وعلى هذا التراب المنتشر على الأرض. هذه العظمة في الإيجاد من العدم ، شبيهةٌ بخلق الإنسان من الماء ، وفق قانون التزاوج ، بإيجاد هذا التنوّع البشري الهائل ، والمتفاوت في القدرات والإمكانات والأشكال ومدة الحياة... {فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس: 83] .

إذاً نحن أمام مراحل مختلفة في حياة الإنسان ، ومعنيّون بحسن مواكبة كل مرحلة بحسب مواصفاتها ومتطلباتها. فإذا عرفناها بدقة ، وعرفنا كيفية التعامل معها ، حقّقنا السعادة الحقيقية ، بسبب انسجام ما نقوم به مع متطلباتها. لإن بإمكاننا التعرّف على كل مرحلة واستكشاف خصائصها ، وليس صحيحاً ما قال الشاعر الحائر اليائس:

جئت لا أعلم من أين. ولكني أتيت        ولقد أبصرت قدّامي طريقاً ، فمشيت!

وكأنَّ خلقَ الإنسان عبثي ، وطريقَ المشي في الحياة غامض ومجهول! علماً بأن البداية واضحة والنهاية معروفة ، إذا ما استرشدنا بالإسلام ، وهو دين الهداية للإنسان في هذه الحياة: {الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 1، 2]. والخَلقُ لم يكن عبثياً {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون: 115] ، {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} [الدخان: 38] ، بل إرادة من الله تعالى في الخلق ليتعرفوا عليه ويعبدوه ، {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56] ، وما وجودهم في الحياة الدنيا إلّا مؤقتٌ وعابر ، أطالت المدة أم قَصُرت ، ثم يكون الاستقرار النهائي في الآخرة: {يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: 39] . هذا الاستقرار يتخذ احدى حالتين: حالة هانئة مطمئنة {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} [الحاقة: 21، 22] ، أو حالة منكسرة محطمة {خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ} [الحاقة: 30، 31].  




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.