أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2022
3571
التاريخ: 20-1-2022
1610
التاريخ: 30-12-2021
1473
التاريخ: 24-1-2022
1934
|
تعريف بالجغرافية السياسية
تعد الجغرافية السياسية فرعا، من فروع الجغرافية البشرية وهذا معناه أنها وليد حديث النشأة للفكر الجغرافي، الذي قطع شوط طويلا استغرقته مراحل متعددة ومتوالية. ويكفي أن نشير في هذا المجال انها لم تنشأ ولم يكن مقدر لها أن تكون، إلا بعد أن وصل الفكر الجغرافي الى مرحلة حاسمة اقتضت التمييز بين شق يتناول الظاهرات الطبيعية، وشق آخر يتناول الظاهرات البشرية.
ومن ثم كانت الجغرافية السياسية كفرع من فروع الجغرافية البشرية، تهتم بدراسة الوجود الفعلي للوحدات السياسية والدول، وكل صورة من الصور، التي تلم شمل الأمم، والكيانات البشرية وتحظى بولائهم. وهذا معناه أنها تعني بظاهرة اصيلة من الظاهرات البشرية، وتدخلها في إطار اهتمام الجغرافي وصميم تخصصه ودراساته.
ويجدر بنا - عندئذ - ان نلقى الأضواء على ماهيتها، وان نتعرف على مضامينها. وقد يتجاوز الأمر ذلك كله, الى الحد الذي نتقصى فيه كل الحقائق التي تحيط بالمفاهيم التي تنطبق منها، وبالنتائج الغني تصل اليها، وبالمنجزات التي تشترك في صنعها.
ويستلزم الأمر على كل حال تحديد المجالات المتنوعة الغني تخوضها الجغرافية السياسية، مثلما يستلزم تحديد الإطار العام للمناهج والأساليب الغني يتبعها الباحث ويمارسها، من اجل تصوير كل الأفكار والمعاني التي تستجوبها الدراسة، لموضوع من الموضوعات في الجغرافية السياسية.
ولعل من المفيد حقا أن نهتم بذلك كله في ضوء ثلاثة أمور. ويكون ذلك على اعتبار، أن المفهوم الكامل لكل امر من هذه الأمور، جدير بان يعمق الأفكار أو بان يوضح الدلالة ويجدد الأبعاد الحقيقية. لكل عمل من أعماق المجالات التي تمسها الجغرافية السياسية.
وتتمثل هذه الأمور الجوهرية فيما يلي:
الأمر الأول ويتلخص في علمنا بان الانسان يعيش في تجمعات ومجتمعات تنظمها مساحات من سطح الأرض تضم الوحدات السياسية وتتألف منها الدول، والمغروض أن تلبي هذه الوحدات وتلك الدول في اشكالها المتنوعة، وفي حدود مساحات الأرض التي تتضمنها، حاجة تلك التجمعات والمجتمعات البشرية، إلى الاستقرار والأمن والسلام، ويكون ذلك من حيث انتشار الناس وممارسة الحياة واستغلال للموارد المتاحة في إطار الوحدة السياسية ذاتها، أو من حيث انتشار الوحدات السياسية والدول على سطح الأرض، واحتمالات الاحتكاك والتضارب والتناقض بينها لسبب أو لآخر.
الأمر الثاني ويفهم على ضوء العلم بان سطح الأرض الذي يتضمن الدول والوحدات السياسية كبيرها وصغيرها، ينطوي على فروقات عميقة وأصيلة بين الأقاليم والبيئات ومن حيث الصفات والملامح والخصائص الجغرافية، وبالتالي من حيث الدرجة التي تستجيب بها لحاجات الناس وقدراتهم على الاستغلال والانتاج. وما من شك في أن هذا الاختلاف والتنوع المبني على أسس من فعل الضوابط الجغرافية الطبيعية والبشرية, كان مدعاة للاتصال والتبادل بين الوحدات السياسية والدول والجماعات، التي تتضمنها كل وحدة أو دولة منها.
ويمكن القول أن هذه الاتصالات كانت تحكمها وتحددها الحاجات الملحة والمتزايدة - مع نمو السكان وتطورهم ديموجرافيا وحضاريا - الى متابعة وتلبية المصالح العامة البشرية من حيث التبادل والتجارة بين الدول، ومن حيث تحقيق الهدف الأمثل، الذي يقضي بأن تتمم الأقاليم والهيئات المتنوعة بعضها البعض الآخر، وكان من الطبيعي، بل ومن الضروري ايضا، أن تتمخض هذه الاتصالات على كافة المستويات عن متاعب ومشكلات، تستوجب الصراع وتفرض النزاع. وتستلزم الحل الأمثل، وتوقيف احتمالات التفجر.
الأمر الثالث: ويفهم في ضوء التزام حركة الحياة في كل دولة من مجتمع الدول، الانتفاع بالمصالح الاقتصادية المشتركة، التي اسفرت عنها وحدة البشر على الأرض. ولقد بني على ذلك تداخل مثير، بين دنيا الاقتصاد و عالم السياسة، بل ربما انتهى الأمر الى شكل من اخطر اشكال التأثير المتبادل بين السياسة والاقتصاد، ووجه الخطورة في ذلك، تتجلى عندما تلوى السياسة ذراع الاقتصاد وتوجهه، أو عندما يلوى الاقتصاد دراع السياسة ويوجهها، وهذا التزامل غير السوي، لا يمكن أن يسفر إلا عن نتائج تتضرر بها ومنها، العلاقات الدولية.
ولما كان عم السياسة، الذي يدرس سيادة الدولة وسياساتها ويصور من خلال كل ذلك العلاقات بين الوحدات السياسية والمشكلات التي تظهر عن الطريق فتنغجر وتعكر صفو السلام، غير قادر على التحديد الكامل لكل بعد من الأبعاد الحقيقية لتلك المشكلات. كان من الضروري أن يتلمس الباحث هذه الأبعاد من خلال الدراسات الجغرافية بشقيها الطبيعي والبشري، وما من شك في أن هذا النمط من أنماط البحث، والاستعانة بالجغرافية يكون كفيلا بان يسترشد به الباحث الى كل ما من شأنه أن يكشف النقاب عن الجذور العميقة، التي تنمو وتتسبب في صنع مشكلات و تصبح في وقت معين قابلة للتفجر، وتحطيم العلاقات الطيبة والسوية بين وحدتين سياسيين أو اكثر.
ومن ثم التذت الجغرافية التي تهتم بالأرض والناس، بالسياسة التي احتوت الناس، وباتت إطارا لحياتهم ونشاطهم ووجودهم في دولهم. وكان اللقاء على طريق صعب، وهو طريق المشكلات والأزمات الطاحنة، التي تكاد تودي بالعلاقات الحسنة بين الناس في الدول.
ويمكن القول أن هذا اللقاء كان طبيعيا ومنطقيا، بقدر ما كان ضروريا ومفيدا، ذلك أنه يستطيع دائما تحقيق الوسيلة المثلى في مجال تصوير جوانب المشكلات السياسية، وتحديد ملامحها وتجسيم وجودها واخطارها.
وعلى الرغم من ذلك كله، فلا يجب أن نوغل في الخيال، ونتوقع من هذا اللقاء المفيد بين الجغرافية والسياسة, الحل الأمثل لكل مشكلة من المشكلات، وحسب الجغرافية السياسية أن تفسر، وأن تلقي الأضواء، وان تحلل وتوضح كل دافع من الدوافع المؤدية الى خلق المشكلة، وإلى نموها او تطورها واحتمالات تفجرها.
وتفعل الجغرافية السياسية كل ذلك الأداء الوظيفي المتخصص، وتتحمل المسئولية العلمية في إطار الواقعية. وترشد انجازات الجغرافية السياسية، العاملين بالسياسة والمولعين بها، على اساس من العلم والادراك السليم لأبعاد العلاقات بين الانسان والانسان مرة، وبين الأرض والانسان مرة اخرى.
وهكذا نشأت الجغرافية السياسية نشأة طبيعية نتيجة لهذا اللقاء المثمر، وكانت - كما قلنا - فرعا من فروع الجغرافية البشرية المتعددة، ومن ثم حققت الاستجابة لحاجة الإنسان وسعيه الي دراسة المشكلات السياسية بين الدول. واتاحت روية الجغرافية السياسية التي تترفع عن كل اشكال التميز، الوصول الى دراسة موضوعية غير متحيزة او متجنية للمشكلات السياسية، ومن ثم تفرض القرار المكين في مجال حلها، أو في مجال توقيف احتمالات التفجر والصراع المترتب عليها.
وقد اختلفت تعريفات الجغرافيا كعلم بين المدارس الفكرية، وتباينت هذه التعريفات في الفترة التي أعقبت الحرب العالمية الثانية عن تلك التي كانت سائدة في النصف الأول من هذا القرن، ولكن الجغرافيين على الرغم من ذلك، اتفقوا على اطار عام لمفهوم الجغرافيا السياسية، يتلخص في أن الجغرافيا السياسية هي العلم الذي يختص بدراسة الأقاليم والوحدات السياسية، ويركز في هذه الدراسة على مقدار ما تسهم به العوامل الجغرافية ومعطياتها الطبيعية والبشرية في قيمة الدولة وفي اتجاهات وأسلوب السلوك السياسي لها، حيث تبين أن عوامل الجغرافيا تلعب دورا لا يمكن تجاهله في تشكيل الكيان السياسي للدول.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|