أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-05-22
851
التاريخ: 2024-03-13
759
التاريخ: 10-6-2022
1737
التاريخ: 2024-06-11
649
|
{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا} [النساء: 17، 18]
يستفاد من الآيات الشريفة أمور :
الأول : يستفاد من الحصر الوارد في قوله تعالى : {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ} [النساء: 17] أن التوبة من الأمور المختصة به عز وجل ، ومن مظاهر ربوبيته العظمى ، ومن مصاديق رحمته الواسعة التي وسعت كل شيء ، وهو رد على كل من يدعي أن هذا الأمر يمكن أن يتصديه بعض الأفراد ، إما ولي من أولياء الله تعالى ، أو الكنيسة كما في الديانة المسيحية التي اعترفت لها غفران الذنوب حتى بلغ من إفراط الكنيسة أنها كانت تبيع صكوك الغفران بعدما كانت التوبة في هذه الديانة من الأمور غير النافعة للإنسان ، لأن المسيح (عليه السلام) فدى بنفسه لأجل خلاص الإنسان ، على ما هو المعروف عندهم.
فالآية الشريفة رد على جميع المزاعم ، فإنها صريحة في أن التوبة من شؤون الباري عز وجل ، وأنها محصورة عليه تبارك وتعالى لا شأن لأحد غيره فيها.
الثاني : تدل الآية الشريفة على فضل التوبة ، وأنها من مظاهر رحمته عز وجل وفضله العظيم ، وقد منّ بها على عباده ، ومن المعلوم أنه لا شيء يوجب رحمته عليه ، ولكن لا ينافي ذلك وجوب هذا القسم من الفضل عليه بإيجاب من نفسه على نفسه لا من إيجاب غيره عليه.
وأما ما ذكره بعض المفسرين من أن الله تعالى غير مجبور في قبول التوبة ، لأن له الأمر والملك يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد ، واستدل على ذلك بقوله تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ} [آل عمران : 90] ، وقوله تعالى ، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلًا } [النساء : 137].
فإنه يرد عليه : أن الله تعالى قد وعد عباده بقبول التوبة - كما اعترف به هذا المستدل - وكل وعد منه عز وجل واجب الوفاء عليه ، كما قال في كتابه العزيز : {إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} [آل عمران : 9] ، والآيات الشريفة التي استدل بها تدل على عدم قبول توبة المتمادي في الكفر ، وهذا ما استثناه عز وجل من القبول في المقام أيضا كما عرفت.
وكيف ، فالآية الشريفة من الآيات التي تعتني بشأن العاصين ، وتأمرهم بالتوبة من الشرك والضلال والسيئات والمعاصي كلها.
وللتوبة آثار عظيمة، فإنها من سبل الصلاح والتقوى ، وتجلب السعادة وتزيل درن الشقاء والرذيلة من القلب الذي هو محل الصلاح والفساد معا.
وتصفي النفوس التي انكدرت بالعصيان ، وتزيل الغشاوة عن القلوب ، وترفع الموانع عن طريق سير الإنسان نحو العادة والكمال ، وتختص الناس من بوار الذنب وهلاك المعصية ، وهي الوسيلة للفلاح ، قال تعالى : {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [النور: 31].
ومن آثار التوبة أيضاً أنها تجعل قلب المذنب متعلقاً بالرحمة الإلهية وتبعث روح الرجاء بعد انخماد نور النفس بظلمة الذنب ، وتمحو الآثار السيئة التي تترتب على الحياة بسبب العصيان وعمل السيئات .
والآية المباركة تعد البشارة العظمى للمذنبين.
ثم إن للتوبة مظاهر مختلفة كالندم ، والاستغفار ، والانقلاع عن المعصية ، وإتيان الطاعة ، والتلبس بالعمل الصالح، وأدام الحقوق، وغير ذلك مما ذكره علماء الأخلاق ، وتقدم في مبحث التوبة ، وهي تبدل السيئات بالحسنات.
الثالث : يستفاد من الآية الشريفة أن التوبة أمر اختياري ، فإنها رجوع إلى الله تعالى بعد البعد عنه بسبب فعل السيئة وإتيان المعصية ، بالدخول في سلك الطاعة والعبودية بعد الإعراض عنه عز وجل ، وذلك لا يتحقق إلا في ظرف الاختيار ، وكون العبد مخيراً بين طريقي الصلاح والسعادة ، والطلاح والشقاوة، وفي غير ذلك فلا توبة له ، لما يدل عليه ذيل الآية الشريفة.
الرابع : يستفاد من قوله تعالى : { بجهالة } أن ذنب يصدر عن جهالة قابل للعفو والغفران من الله تعالى ، وبهذا القيد يخرج كل ذنب يصدر عن لجاج وعناد مع الحق واستكباراً على الله تعالى ، وقد عرفت في التفسير أن الجهالة في المقام - وفي باب الأعمال على العموم - هي الغفلة عن وجه قبح الفعل وفساده ، لغلبة الشهوة واستيلاء الهوى ، ولكن ذلك لا يسلب نسبة الفعل إلى الفاعل ، لا لأنه صدر عنه عن علم وإرادة، كما يسمى الشاب قليل التجربة جاهلا ، لأجل غلبة العواطف والنزوات الشهوانية عليه.
والخاص : يستفاد من قوله تعالى : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ } [النساء: 17] أن ومن آثار التوبة أيضاً أنها تجعل قلب المذنب متعلقاً بالرحمة الإلهية وتبعث روح الرجاء بعد انخماد نور النفس بظلمة الذنب ، وتمحو الآثار السيئة التي تترتب على الحياة بسبب العصيان وعمل السيئات .
والآية المباركة تعد البشارة العظمى للمذنبين.
ثم إن للتوبة مظاهر مختلفة كالندم ، والاستغفار ، والانقلاع عن المعصية ، وإتيان الطاعة ، والتلبس بالعمل الصالح ، وأدام الحقوق ، وغير ذلك مما ذكره علماء الأخلاق ، وتقدم في مبحث التوبة ، وهي تبدل السيئات بالحسنات0
والخامس : يستفاد من قوله تعالى : { ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ} [النساء: 17] أن المؤمن إذا صدر عنه الذنب ينبغي أن يبادر إلى التوبة بعده ولا يسوف في ذلك ، فهو في صراع مع النفس الأمارة ، وتوبة مستمرة يرجو رحمة ربه ، وهذا ينبئ عن حسن السريرة وشدة الأمل بالله تعالى ، ولعن ما ورد في بعض الروايات : " طوبى لمن كان له تحت كل سيئة توبة "، إشارة إلى ذلك ، ويستفاد من قوله تعالى : {ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 17] ، أولوية التوبة من الذنب من ترك الذنب رأساً ، فإن الله تعالى مدح التائبين من الذنب وأدخلهم تحت رحمته وقربهم إليه .
وقال بعض العلماء : إن ترك الذنب طلقاً أحسن وأولى من ارتكابه ثم التوبة عنه ، لأن الله تعالى مدح هؤلاء بما لم يرد في غيرهم ، وهم المختصون لمقام العبودية التشريعية.
ولكن ، يمكن اختيار الأول لكثرة ما ورد من الترغيب إلى التوبة كتاباً وسنة ، وقد ورد عن نبينا الأعظم (صلى الله عليه واله) : " التائب من الذنب كمن لا ذنب له "، فيصير التائب من الذنب مساوياً له من هذه الجهة ، أي : عدم الذنب ، ويكون تذلله مما في نفسه عند ربه لتصوره لما صدر منه من المعصية موجباً لترجيح هذا المقام بنفسه عند الله تبارك وتعالى.
نعم ، من عصمه الله من الزلل كالأنبياء والأئمة الهداة (عليه السلام) والأولياء ، لهم مقام خاص وهبه الله تعالى لهم.
وفي حديث آخر : " لولا أنكم تذنبون الله ثم تستغفرونه لذهب بكم ، ثم يأتي بأقوام يذنبونه ثم يستغفرونه "، وهذا هو المطابق لما هو المتسالم بين أذواق المتألهين من أن كل اسم من أسماء الله المقدسة لا بد له من مظهر خارجي ، ومن أسمائه جلت عظمته التواب والغفور ، ولا مظهر لذلك إلا بعد الذنب والتوبة.
مع أن حالة الندامة والاستحياء من الله تعالى من حالات العبد وأحسنها، ولا تتحقق تلك الحالة إلا بذلك.
السادس : يدل قوله تعالى : {فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء: 17] على وعد منه عز وجل للمذنبين بقبول توبتهم ، وهو لا يخلف الميعاد .
كما أنه يدل على أن التوبة الصحيحة الجامعة للشرائط تمحو الذنوب وتزيلها.
السابع : يمكن أن يكون المراد من قوله تعالى : { حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ} [النساء: 18] [النساء: 18] موت الأمزجة والقوى ، فمن كانت معاصيه من سنخ أعمال الشهوة الجنسية ووصل إلى سن الأربعين مثلا وترك تلك المعاصي لأجل عوارض عرضت عليه ، فلا توبة له حينئذ، وكذلك سائر القوى ، لأنه لا توبة بعد انتفاء القدرة على ارتكاب المعاصي ، وهذا الاحتمال وإن كان مخالفاً لما استفدناه من الآيات المباركة ، ولكنه احتمال حسن يوجب المسارعة إلى التوبة والاستعداد لها في حال القدرة.
الثامن : إطلاق الآية الشريفة : {فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [النساء : 17] ، يشمل التوبة من الشرك وجميع المعاصي ، ويشمل أيضاً المؤمن والكافر إذا تاب عن كفره ، فيكون إسلامه توبة لما صدر عنه في حال كفره ، لقوله (صلى الله عليه واله) : " الإسلام يجب ما قبله " وأما توبته عن معصية فيها حق الله في حال كفره ، مع بقائه على الكفر فيشكل قبولها.
نعم ، إذا كان الذنب من حقوق الناس كالسرقة وإيذاء الناس ونحوهما ، فأرضى الناس ، سقط هذا الذنب منه لزوال موضوعه ، ويمكن أن يستفاد ذلك من مفهوم قوله تعالى : {وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 18] ، أن توبة الكافرين في حال حياتهم مقبولة ؛ إلا أن يتظهر ذلك بخصوص إسلامهم.
التاسع : يستفاد من قوله تعالى : { وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ} [النساء: 18] ، أن التوبة من الله تعالى تشمل العاصين من المؤمنين إذا استغفر لهم الأحياء ولو بعد مماتهم ، بخلاف الكافر المعاند الذي مات على الكفر ، بلا فرق بين أقسامه.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|