أقرأ أيضاً
التاريخ: 31-10-2016
1832
التاريخ: 18-7-2021
1813
التاريخ: 2023-02-10
1529
التاريخ: 31-10-2016
13084
|
ثالثاً : الأرومة المشتركة للفساد في الفضاءين العام والخاص
تظهر مشكلة "الأصيل والوكيل" بحدة شديدة في أثناء عملية أو سيرورة الخصخصة (Privatizing Process) ذاتها عند المسؤولين المُوكّلين تنفيذ نقل الملكية أو نقل الإدارة إلى منشآت القطاع الخاص. ثبت من الخبرة العملية أن احتمالات الفساد في هذه العملية جد كبيرة، فإضافة إلى أن الوكلاء المُفَوضين تنفيذ العملية يملكون معلومات غير متاحة لغيرهم عن حقيقة أرباح المنشأة التي هم بصدد بيعها، فإن احتمال فساد عملية البيع بیقی قائماً حتى لو كانت الأرباح الجارية معلنة ومتاحة للجميع ، إذ يبقى ثمة جانب غير مُعلن إلا عند الراسخين في معرفة الدقائق الداخلية للمنشأة، وهو الجانب المتعلق بالأرباح المستقبلية للمنشأة، التي هي العامل الحاسم في قيمة أصول المنشأة، إذ تساوي هذه القيمة المكافئ الحالي لمجموع تدفقات الربح المستقبلية (2) . واكبت ظواهر الفساد المُشار إليه عدداً من عمليات الخصخصة في بعض الأقطار النامية وفي الاقتصادات العابرة transition economies (المصطلح الذي أطلق على دول أوروبا الشرقية التي عبرت من نظام التخطيط المركزي إلى اقتصاد السوق)، حيث استخدمت تلك العمليات طرائق للثراء السريع لقلة من المتنـفذين. ففي روسيا مثلاً، وفي خلال سنوات قليلة، استفحل التفاوت وتراجعت المساواة بين الدخول، وانحدر المتقاعدون إلى هوة الفقر المتفاقم، ولحق التردي بنظام التعليم الذي كان من أرقى الأنظمة في العالم،، وقدر حجم الأصول التي تم نهبها من خلال عمليات الخصخصة بـ 1500 مليار دولار، أنتجت طبقة غير مسبوقة من فاحشي الثراء(3).
لكن، من أهم الأسباب التي تبرر أن تكون المنشأة الإنتاجية ضمن منشآت القطاع الخاص ونشاطه هي ما يتعلق بشرط آخر من شروط الإدارة الكفؤة، غير شرط الاستقلال المالي والإداري. فالاستقلال المالي والإداري يتيح محاسبة الكفاءة على قاعدة الربح والخسارة، أما الشرط الآخر فهو وضع المنشأة الإنتاجية أمام تحدي قوى السوق وآلية السعر التي تخضع ما تنتجه المنشأة من سلع أو خدمات للمنافسة مع السلع المماثلة التي تنتجها المنشآت الأخرى. وبذلك، لا يكون نجاح المنشأة في تحقيق الربح عائداً إلى مزايا احتكارية تتمتع بها، بل إلى جودة منتوجاتها وقدرتها على المنافسة، وهو عائد بالتالي إلى كفاءة المسؤولين عن إدارتها.
لعل إخضاع النشاط الإنتاجي للتنافس الحر والنأي بجودة المنتوجات وأثمانها بعيداً عن الممارسات الاحتكارية، سواء الاحتكار الفردي (Monopoly) أم احتكار المجموعة المتواطئة (Oligopoly)، هو أقوى الحجج لتطبيق الخصخصة على المنشآت الحكومية حين يتعذر تعريضها لقوى السوق التنافسية بطرائق أخرى. ومن الصعب دحض هذا المنطق الذي يرشح للخصخصة جميع المنشآت التي تهيئ لها الملكية الخاصة شروط التنافس الحر التي تحكم مواصفاتها ، الامر الذي يخفض أسعارها للمستهلك ويُعظم أرباحها للمستثمر. من تلك المنشآت ما بادرت الدولة إلى الاستثمار فيه بسبب تردد المستثمرين الخواص، بالنظر إلى كبر حجم الاستثمار ونقص المعرفة بطبيعة السلعة المنتجة والتكنولوجيا التي تمثلها، وبالتالي عدم قدرتهم على القيام بالمبادرات للانتقال بالاقتصاد من مراحل ابتدائية في التطور، حين كانت السيادة للزراعة والتجارة والخدمات البدائية، وكان القطاع الصناعي في طفولته، بينما كان روّاد الاستثمار الخواص منصرفين إلى النشاط التقليدي محدود المخاطر بحكم محدودية خبرتهم وإمكاناتهم المالية. حينئذٍ ، اضطرت الحكومات إلى المبادرة لتلك الاستثمارات كما فعل الأردن مثلاً بتأسيسه صناعات الأسمنت وتكرير النفط وتعدين الفوسفات والبوتاس.
إن بقاء مثل تلك الصناعات التي يُمكّن لآلية السوق والمنافسة ضمان كفاءتها احتکاراً حكومياً هو أمر يصعب تبريره في معظم الحالات، إذ قد يكون ذا آثار سلبية في كفاءة الإنتاج. أما التمسك الحكومي بتلك الاحتكارات فهو السبب الرئيس في المشكلات الاقتصادية التي عاناها الاتحاد السوفياتي ودول أوروبا الشرقية وتعانيها مصر وسورية وأقطار أخرى استخفت بقيمة السوق وفاعلية آلية السعر .
لكن ذلك المنطق لا ينطبق على النشاطات الإنتاجية التي تعتبر احتکارات طبيعية من قبيل المصادر الطبيعية كالبترول، ولا على المرافق العامة التي لا تخضع بالمرة أو تخضع جزئياً فقط للنشاط التنافسي وآلية السوق، مثل الأمن العام والتعليم والصحة - وسائر المرافق التي تعرف "بالسلع العامة".
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(2) Joseph E. Stiglitz, Forward to: Gerard Roland, ed., Privatization: Successes and Failures, (2) Foreword by Joseph E. Stiglitz, Initiative for Policy Dialogue at Columbia (New York: Columbia University Press, 2008).
(3).x-ix ص المصدر نفسـه
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|