ربما تتعجب وأنت ترى طاقم تحرير مكونا من أربعة أشخاص يستطيع إنتاج نسخة كاملة من الجريدة يوما بعد يوم . إن الجريدة ذات الصفحات الستة والتي يشمل نصف مضمونها الإعلانات ، تحتاج إلى 24 عمودا من المواد التحريرية . أين يجد هذا الطاقم الصغير مثل هذه الكمية من الأنباء أو أكثر منها يوما بعد يوم ، ثم يكتبها بسرعة كافية لملاحقة الوقت المحدد للطباعة ؟ الإجابة هي أنه لا يحتاج لذلك لأن جزءا من هذه الثغرة الإخبارية يملأ بالمواد الجاهزة التي يتم شراؤها من الاتحادات الصحفية ، ويملأ جزء آخر بالقصص الإخبارية الواردة بالتلغراف والتي يتم اختيارها من بين تقارير الأخبار العالمية الواردة على مبرقات وكالتي UPI , AP للانباء التي تدفق في غرفة الأخبار ساعة بعد ساعة .

إن مسلسلات القصص الفكاهية المصورة ، وأعمدة المواد الواردة من الاتحادات الصحفية ، مثل التعليقات السياسية والنصائح الشخصية ، قد تملأ مساحة تتراوح بين خمسة إلى ثمانية أعمدة من هذا الفرع . أما الصور فإنها تحتاج إلى مساحة ثلاثة أو أربعة أعمدة . وبعض هذه الصور محلية التقطها أفراد الطاقم ، أو أحضرها إلى الجريدة المصورون التجاريون ، وبعضها الآخر صور واردة ضمن الموضوعات أو منقولة عن المجلات المصورة التي تشتريها الجريدة من وكالة خدمات تصوير الأخبار . إن الصورة التي بعرض ثلاثة أعمدة وطولها ٦ بوصات تحتل مساحة ١٨ بوصة عمودية أو مساحة عمود كامل من السطور المجهزة للطباعة ( البوصة العمودية عبارة عن عرض عمود بطول بوصة واحدة ) وبينما يضطر محرر الجريدة الأسبوعية لملء جريدته كلها بقصص اخبارية كتبها أو جمعها أفراد طاقمه ، فإن محرر الجريدة اليومية لديه مصادره من المبرقات الخاصة بوكالات الأنباء ، وهي قادرة بسرعة وسهولة على تقديم قصة خبرية مكونة من 500 كلمة على المبرقة يتم فصلها من الشريط الورقي الذي تكتب عليه المادة الواردة ، ثم ترسل إلى غرفة الجمع أسرع من تقرير وكتابة قصة إخبارية محلية بنفس الحجم ، مع ما يتطلبه ذلك من استخدام الكثير من المادة الواردة عن طريق خدمة التلغراف التي يجمعها مراسلون في جميع انحاء الولايات المتحدة وجميع أنحاء العالم . ولكن نظرا لسهولة استخدام النسخة الواردة عن طريق التلغراف فإن بعض محرري الجرائد اليومية الصغيرة يميلون إلى ملء صفحاتهم بقصص من الدرجة الثانية واردة عن طريق التلغراف عندما يريد القراء الحصول على قصص إخبارية ولقاءات جيدة عن طريق مؤسسة محلية.

إن الطاقم الذي وصفناه هو أصغر طاقم يمكنه نشر جريدة يومية . ومع ازدياد توزيع الجريدة يزداد كذلك حجم الطاقة . وأية جريدة يقل توزيعها عن 25 ألف نسخة تندرج تحت عنوان جريدة يومية صغيرة . ويتراوح توزيع نسبة كبيرة من هذه النوعية من الجرائد بين ٧٥٠٠ إلى 15 ألف نسخة . ويبين لنا إحصاء أجرى مؤخرا بين هذه النوعية من الجرائد أن ثلثها ينتجه فريق يتراوح عدد أفراده ما بين ثمانية إلى اثنى عشر فردا .

وفي هذه الأطقم الكبيرة نوعا ما يتورع عمل محرر الجريدة الصغرى بين عدد من الأفراد ، ومن هنا يبدأ انبثاق التنظيم الوظيفي الذي يصل إلى أقصاه في طاقم جريدة ضخمة تصدر في إحدى العواصم .

والهدف الأول الذي يسعى المدير الإداري إلى تحقيقه هو مراقبة كافة العمليات . ويعمل تحت رئاسته محرر أخبار المدينة للإشراف على عمل المخبرين المحليين والمصورين ، ومحرر للبرقيات يؤدي وظيفة اختيار وتحرير القصص الإخبارية الواردة في برقيات وكالات الأنباء . ومع نمو الطاقم تضاف منضدة للنسخ يؤدي أفرادها مهمة تحرير النسخة وكتابة العناوين ، وبذلك يعفى المحررون من هذه المسئولية الجسيمة مع أنها شديدة الأهمية . وينتج عن تشغيل هؤلاء المتخصصين جريدة ممتازة في تحريرها .

ولكن هذه الجريدة ذات الطاقم الإخباري الضخم والتي يوزع منها 5 الاف نسخة لا تستطيع أن تعمل ببساطة مع وجود هذا الطاقم الإخباري الضخم ، ولن يكون هناك عمل يكفى لشغل جميع هؤلاء المتخصصين ولذلك فإن المحرر الإداري الذي يعمل حسب مبدأ ( صاحب سبع صنائع ) هو الذي يعمل القليل من كل شيء .