أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-08-08
977
التاريخ: 16-11-2018
2678
التاريخ: 21-10-2019
1904
التاريخ: 27-6-2021
3268
|
قسمة الغنائم :
وغنم المسلمون من المشركين مئة وخمسين من الإبل ، وعشرة أفراس ، وعند ابن الأثير : ثلاثين فرسا ، ومتاعا ، وسلاحا ، وأنطاعا ، وأدما كثيرا (١).
واختلف المسلمون في هذه الغنائم : هل تختص بالمهاجرين ، أو تتعداهم إلى من كان خلفهم من الجيش يقوم بمهمات أخرى. فأرجأ النبي «صلى الله عليه وآله» تقسيم الغنائم بسبب هذا الخلاف ، وجمع الغنائم ، وسلمها لعبد الله بن كعب ، وأمرهم بمعاونته في حملها وحفظها ، ونزل قوله تعالى ـ كما يقال ـ :
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢).
ولم يقسم رسول الله «صلى الله عليه وآله» الغنائم إلا وهو في طريقه إلى المدينة ، وذلك من أجل أن تخف حدة الخلاف فيما بين أصحابه ، وتعود إليهم حالتهم الطبيعية ، بعيدا عن نزوات آمالهم الدنيوية.
فقسمها بينهم آنئذ ، ولم يخرج منها الخمس.
النبي صلّى الله عليه وآله لم يأخذ الخمس في بدر :
وأما لماذا لم يأخذ النبي «صلى الله عليه وآله» الخمس من غنائم بدر؟
فلعله لأنه أراد ـ بإذن من الله ، وسماحة من نفسه ، ومن أولي القربى ـ : أن يعطي المحاربين سهاما أوفر ، تأليفا لهم وترغيبا ، خصوصا وأنها أول حرب يخوضونها ضد المشركين ، ولا سيما بعد أن رأى حرصهم على الحصول على المال في هذه المناسبة بالذات ، كما أشرنا إليه ، وسيأتي توضيح ذلك أكثر حين الحديث عن الأسرى.
ونظير ذلك ما ورد من أن الحسنين «عليهما السلام» قد طالبا أباهما أيام خلافته بالخمس ، فقال لهما «عليه السلام» : هو لكم حق ، ولكنني محارب معاوية ، فإن شئتم تركتم حقكم منه (3).
كما أن من الممكن أن يكون عدم أخذه للخمس لأجل أن آية الخمس لم تكن قد نزلت بعد ، مما يعني : أن تشريع الخمس قد تأخر عن غزوة بدر ، حتى إننا نجد من يقول : إن أول خمس خمسه كان في غزوة بني قينقاع (4).
ولكننا لا نطمئن إلى صحة ذلك ، لأن بعض النصوص تفيد : أن أول خمس أخذه «صلى الله عليه وآله» كان في سرية عبد الله بن جحش أي قبل بدر بأشهر.
بل نجد أن ابن عساكر يذكر في حديث مناشدة علي «عليه السلام» لأصحاب الشورى قوله :
«نشدتكم بالله ، أفيكم أحد كان يأخذ الخمس مع النبي «صلى الله عليه وآله» قبل أن يؤمن أحد من قرابته غيري وغير فاطمة؟
قالوا : اللهم لا» (5).
فهذا النص يدل على أن تشريع الخمس كان في مكة في بدء الدعوة ، وحتى قبل أن يسلم أحد من أهل بيته «صلى الله عليه وآله».
ولكن في هذا النص إشكال ، وهو أن جعفر «رحمه الله» قد أسلم في بدء الدعوة أيضا ، وحمزة قد أسلم في حدود السنة الرابعة أو الخامسة ، وكذلك أبو طالب ، أي قبل ولادة فاطمة صلوات الله وسلامه عليها. ويمكن أن يجاب عن ذلك :
أولا : إن أبا طالب لم يكن ثمة بحاجة للمال ، وكذلك النبي «صلى الله عليه وآله» وخديجة. وقد كانوا في الشعب ينفقون من أموال خديجة ، وأبي طالب ، كما تقدم.
وأما جعفر ، فلم يعلم : أنه كان يستحق من الخمس ، فلعله كان مليا من المال ؛ كما أنه كان يعيش في بلاد الحبشة وكذا حمزة فلعله كان مليا أيضا.
وثانيا : يمكن أن يكون الخمس قد شرع في بدء البعثة ، وقبل أن يسلم أحد من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، فخمست خديجة أموالها ؛ فنال عليا من ذلك ما ناله ، وبعد أن ولدت فاطمة صارت تشاطر عليا في الخمس.
ولا يلزم من ذلك النص أن تكون فاطمة قد ولدت في أول البعثة ، أو قبلها ، كما ربما يتوهم.
النبي صلّى الله عليه وآله يرد الخمس على أصحابه أيضا :
وكما أنه لم يأخذ الخمس في بدر ، فإنه لم يأخذه في غيرها أيضا. فقد ورد أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد الخمس على أصحابه في قصة حنين ، حيث : «تناول (أي النبي «صلى الله عليه وآله») من الأرض وبرة من بعير ، أو شيئا ، ثم قال : والذي نفسي بيده ، ما لي مما أفاء الله عليكم ولا مثل هذه إلا الخمس ، وهو مردود عليكم» (6).
فهذا كان حال النبي «صلى الله عليه وآله» معهم ، ولكن غير النبي «صلى الله عليه وآله» قد استأثر بالفيء ومنعه أهله ، بل حرم ورثة النبي «صلى الله عليه وآله» من ميراثه ، كما هو معلوم. ولسوف نتكلم حول تشريع الخمس في الأرباح والأموال ، في فصل مستقل يأتي إن شاء الله ، بعنوان : «بحوث ليست غريبة عن السيرة».
__________________
(١) راجع : مغازي الواقدي ج ١ ص ١٠٢ و١٠٣ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ١٨٣ ، والكامل لابن الأثير ج ٢ ص ١١٨.
(٢) الآية ١ من سورة الأنفال.
(3) السنن الكبرى ج ٦ ص ٣٦٣.
(4) الثقات لابن حبان ج ١ ص ٢١١.
(5) ترجمة الإمام علي «عليه السلام» من تاريخ ابن عساكر بتحقيق المحمودي ج ٣ ص ٩٠ ، وراجع ص ٩٥ ، وراجع : مناقب الخوارزمي ص ٢٢٥ ، وفرائد السمطين ج ١ ص ٣٢٢. وفي هامش ترجمة الإمام علي ج ٣ ص ٨٨ / ٨٩ مصادر كثيرة لحديث المناشدة.
وراجع أيضا : الضعفاء الكبير ج ١ ص ٢١١ وليس فيه كلمة (قبل أن يؤمن أحد من قرابته) واللآلي المصنوعة ج ١ ص ٣٦٢.
(6) الموطأ ج ٢ ص ١٤ المطبوع مع تنوير الحوالك ، والأموال لأبي عبيد ص ٤٤٤ و٤٤٧ ، والفتوح لابن أعثم ج ٢ ص ١٢٢ ، ومسند أحمد ج ٥ ص ٣١٦ و٣١٩ و٣٢٦ ، والثقات ج ٢ ص ٧٨.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|