أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-03-2015
3512
التاريخ: 24-03-2015
11245
التاريخ: 24-03-2015
18593
التاريخ: 24-03-2015
2907
|
الرجز من البحور القديمة في الشعر العربي، فقد كان يستخدم بكثرة في العصر الجاهلي، وهي كثرة توكد أنه كان الوزن الشعبي العام الذي يدور على
395
كل لسان، ومن ثم قلما وجدنا شعراءهم المبرزين ينظمون فيه وكأنما تركوه للجمهور يتعهده ويرعاه.
وليس ذلك كل ما نلاحظ في شعبيته الجاهلية، فقد دخلت فيه صور كثيرة من الزحاف، لا تلقانا في أي وزن آخر، فكثر فيه المشطور والمنهوك، وأيضا فإنه لم يطل إذ كان لا يتجاوز البيتين والثلاثة إلا نادرا، فهو مقطوعات قصار، ينظمها كثيرون معروفون ومجهولون، حين يحدون ببعير وحين يجولون في ميادين الحروب، وحين يتناولون أي عمل كحفر بئر أو متح منها.
وعلي هذا النحو كان أبياتا قليلة تنظم بديهة وارتجالا مقترنة بأعمالهم وحركاتهم السريعة والبطيئة، ومن ثم قيل إنهم حاكوا به وقع أقدام إبلهم في سيرها وسراها، وهيأه ذلك لأن يكون من أكثر الأوزان وأوفرها لحنا ونغما لاقترانه بالحركة الدائبة.
وأول من أطاله وجعله كالقصيد شاعر مخضرم استشهد بموقعة نهاوند سنة 21 للهجرة هو الأغلب (1) العجلي، ولا نتقدم في عصر بني أمية، حتي يتكاثر من يحاكونه. وحتي يقصر بعض الشعراء النابهين حياتهم على تجويده وتحبيره، وهم في ذلك فريقان: فريق يجمع بينه وبين القصيد، وفريق لا يجاوزه، ولسنا نقصد بالفريق الأول من نظموا بعض أراجيز قليلة مثل جرير وذي الرمة، إنما نقصد من أكثروا منها. ونظموا بين الحين والحين بعض القصيد.
وقد أخذت الأرجوزة-حين طالت-تتناول كل أغراض القصيدة وتجري على نمطها من الحديث عن الأطلال ووصف الرحلة في الصحراء والمديح والهجاء والفخر، فهي لا تختلف غالبا عنها في النظام وسرد الموضوعات المتنوعة. ومضت تزحمها حتي غلبتها في باب الصيد بالجوارح، إذ نجد غير شاعر ينظم في هذا الباب أراجيز كثيرة، منهم الشمردل بن شريك التميمي الذي عرضنا له بين شعراء اللهو والمجون وفيه يقول صاحب الأغاني: «كان الشمردل صاحب قنص وصيد بالجوارح وله في الصقر والكلب أراجيز سيرة (2)» ويسوق له أرجوزة يستهلها على هذا النمط:
396
قد أغتدي والصبح في حجابه … والليل لم يأو الى مآبه
وقد بدا أبلق من منجابه … متوجي صاد في شبابه (3)
معاود قد ذل في إصعابه … فخرق الضفار من جذابه (4)
وعرف الصوت الذي يدعي به … ولمعة الملمع في أثوابه (5)
ويلقانا بأخرة من العصر أبو نخيلة (6)، وهو مثل الشمردل كان يجمع بين الرجز والقصيد، ويقول ابن المعتز: «له في الطرد أراجيز كثيرة مشهورة. .
وأعاجيبه في القنص وغيره كثيرة» وقد ساق له أطرافا من تلك الأراجيز، ولعل في هذا ما يصحح الفكرة التي كانت تزعم أن أبا نواس أول من فتح هذا الباب. وربما كان أهم من جمع بين الرجز والقصيد في هذا العصر أبو النجم العجلي، وسنعرض له عما قليل.
ويلقانا كثيرون لا يتجاوزون الرجز الى القصيد، منهم دكين (7) بن رجاء الفقيمي ودكين (8) بن سعيد الدارمي، وقد خلط بينهما ابن قتيبة كما لاحظ ياقوت في معجمه، ومنهم الزفيان (9) السعدي التميمي، وأبرزهم جميعا العجاج وابنه رؤبة اللذان انتهت إليهما صناعة الرجز، ونقول صناعة، لأن الرجز تحول عندهما الى صناعة لغوية، فلم يعد يقصد به الى التعبير عن الأغراض الوجدانية وحدها، بل أصبح يقصد به أيضا الى التعبير عن غرائب اللغة، وشركهما في ذلك من بعض الوجوه أبو النجم، ولكنه لم يبعد في الإغراب إبعادهما.
397
ونحن نجد هذه الرغبة في العناية بالغريب عند كثير من الشعراء، مثل الطرماح والكميت، وقد عرضنا لهما في غير هذا الموضع. واشتهر شبيل بن عزرة الضبعي بأشعار له بناها على اللفظ الغريب (10). وهو اتجاه تعليمي نظن ظنا أن الذي دعا إليه عناية الأجانب بتعلم العربية ونهوض طائفة من العلماء بجمع اللغة وشواردها، وقد انبري العجاج وابنه رؤبة يجمعان لهم في شعرهما هذه الشوارد حتي تحول ديواناهما الى معجمين للغرائب اللغوية، وهما بحق يعدان أهم من هيأ لتحول الرجز من شعبيته القديمة الى بيئة المثقفين، وسرعان ما استغله العباسيون في شعرهم التعليمي الذي صنفوا فيه أهل المقالات وتحدثوا عن عجائب الخلق وقصوا وساقوا الحكم والأمثال (11).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر في ترجمته الشعر والشعراء 2/ 595 والأغاني 18/ 164 والخزانة 1/ 332 وأسد الغابة 1/ 105 والإصابة 1/ 56 وابن سلام ص 571 وما بعدها والموشح ص 213.
(2) أغاني (دار الكتب) 13/ 361.
(3) أبلق: فيه سواد وبياض. منجابه: مكان انكشافه. التوجي: الصقر ينسب الى توج من قري فارس.
(4) خرق: شق. الضفار: الحبل يشد به.
(5) الملمع: المشير بثوبه.
(6) انظر في ترجمته الشعر والشعراء 2/ 583 والأغاني (ساسي) 18/ 139 والخزانة 1/ 78 وطبقات الشعراء لابن المعتز (طبع دار المعارف) ص 62 وما بعدها والموشح ص 219.
(7) انظره في معجم الأدباء (طبع مصر) 11/ 113 والشعر والشعراء 2/ 592 وتهذيب ابن عساكر 5/ 247.
(8) راجع معجم الأدباء 11/ 117 وابن عساكر 5/ 248 والشعر والشعراء 2/ 592 وانظر الهامش.
(9) راجع معجم المرزباني ص 159 وقد نشر ألوارد ديوانه في مجموع أشعار العرب، الجزء الثاني.
(10) البيان والتبيين 1/ 343 وانظر كتاب المكاثرة عند المذاكرة الطيالسي (نشر جاير) ص 40.
(11) انظر كتابنا «الفن ومذاهبه في الشعر العربي (طبع دار المعارف) ص 139 وما بعدها.
دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) . |
جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) . وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً . |
الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل. |
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|