أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-9-2020
1156
التاريخ: 24-6-2019
2784
التاريخ: 1-12-2016
1366
التاريخ: 6-5-2021
1973
|
خديجة بين نساء قريش :
وتجدر الإشارة هنا إلى أن عامة المؤرخين على اختلاف أذواقهم ، ومشاربهم ، ونحلهم ، يقولون : إن خديجة كانت أجمل نساء قريش ، كما أنه لا ريب في أنها أفضل نسائه صلوات الله وسلامه عليها.
ولعل ذلك يفسر لنا السبب في غيرة بعض نساء النبي «صلى الله عليه وآله» منها ، حتى بعد وفاتها ؛ بحيث كن يحاولن تنقصها ، والإزراء عليها باستمرار ، مع أنهن لم يدركنها في بيت الزوجية أصلا.
هذا ، ولعل أم سلمة تأتي في المرتبة الثانية بين أزواجه «صلى الله عليه وآله» بعد خديجة ، فضلا واخلاصا ، وولاء ، وحتى جمالا ، كما يظهر من كلام للإمام الباقر «عليه السلام».
وعلى كل حال : فقد كانت ذوات الجمال والإخلاص من أزواجه «صلى الله عليه وآله» يواجهن الغيرة القاتلة ، والتآمر المستمر من قبل البعض الآخر من نسائه «صلى الله عليه وآله» ، ممن لم يكن لهن نصيب من جمال ، ولا من التزام تام بالأدب النبوي الكريم ، بل كن يؤذينه «صلى الله عليه وآله» بمواقفهن وتصرفاتهن (١).
هل تزوجت خديجة بأحد قبل النبي صلّى الله عليه وآله؟!
ثم إنه قد قيل : أنه «صلى الله عليه وآله» لم يتزوج بكرا غير عائشة ، وأما خديجة ، فيقولون : إنها قد تزوجت قبله «صلى الله عليه وآله» برجلين ، ولها منهما بعض الأولاد ، وهما : عتيق بن عائذ بن عبد الله المخزومي ، وأبو هالة التميمي.
أما نحن فنقول : إننا نشك في دعواهم تلك ، ونحتمل جدا أن يكون كثير مما يقال في هذا الموضوع قد صنعته يد السياسة ، ولا نريد أن نسهب في الكلام عن اختلافهم في اسم أبي هالة ، هل هو النباش بن زرارة أو عكسه ، أو هند ، أو مالك ، وهل هو صحابي أو لا ، وهل تزوجته قبل عتيق ، أو تزوجت عتيقا قبله (2)؟
ولا في كون هند الذي ولدته خديجة هو ابن هذا الزوج أو ذاك ، فإن كان ابن عتيق ، فهو أنثى (3) وإلا فهو ذكر ، وأنه هل قتل مع علي في حرب الجمل ، أو مات بالطاعون بالبصرة (4).
لا ، لا نريد أن نطيل بذلك ، وإنما نكتفي بتسجيل الملاحظات التالية :
أولا : قال ابن شهر آشوب : «وروى أحمد البلاذري ، وأبو القاسم الكوفي في كتابيهما ، والمرتضى في الشافي ، وأبو جعفر في التلخيص : أن النبي «صلى الله عليه وآله» تزوج بها ، وكانت عذراء.
يؤكد ذلك ما ذكر في كتابي الأنوار والبدع : «أن رقية وزينب كانتا ابنتي هالة أخت خديجة» (5).
ثانيا : قال أبو القاسم الكوفي : «إن الإجماع من الخاص والعام ، من أهل الأنال [الآثار ظ] ونقلة الأخبار ، على أنه لم يبق من أشراف قريش ، ومن ساداتهم وذوي النجدة منهم ، إلا من خطب خديجة ، ورام تزويجها ، فامتنعت على جميعهم من ذلك ؛ فلما تزوجها رسول الله «صلى الله عليه وآله» غضب عليها نساء قريش وهجرنها ، وقلن لها :
خطبك أشراف قريش وأمراؤهم فلم تتزوجي أحدا منهم ، وتزوجت محمدا يتيم أبي طالب ، فقيرا ، لا مال له؟!
فكيف يجوز في نظر أهل الفهم : أن تكون خديجة ، يتزوجها أعرابي من تميم ، وتمتنع من سادات قريش ، وأشرافها على ما وصفناه؟!
ألا يعلم ذوو التمييز والنظر : أنه من أبين المحال ، وأفظع المقال»؟! (6).
وأما الرد على ذلك بأنه لا يمكن أن تبقى امرأة شريفة وجميلة هذه المدة الطويلة بلا زواج.
فليس على ما يرام : لأن ذلك لا يبرر رفضها لعظماء قريش وقبولها بأعرابي من بني تميم.
وأما كيف يتركها أبوها أو وليها بلا تزويج؟!
فقد قلنا : إن أباها قد قتل في حرب الفجار ، وأما وليها ، فلم يكن له سلطة الأب ليجبرها على الزواج ممن أراد.
وبقاء المرأة الشريفة والجميلة مدة بلا زواج ليس بعزيز ، إذا كانت تصبر إلى أن تجد الرجل الفاضل الكامل ، الذي كان يعز وجوده في تلك الفترة.
نعم ، قد يكون من المستغرب أن لا يتقدم لخطبتها أحد ، خصوصا من هي مثل خديجة ، في موقعها ، وفي ميزاتها .. ولكن الأمر بالنسبة لخديجة ليس كذلك ، فقد خطبها عظماء قريش كما هو معلوم.
ثالثا : كيف لم يعيّرها زعماء قريش الذين خطبوها فردتهم ، بزواجها من أعرابي بوّال على عقبيه كعتيق أو غيره؟!
رابعا : قد ذكروا : أن أول شهيد في الإسلام ابن لخديجة «رحمها الله» ، اسمه الحارث بن أبي هالة ، استشهد حينما جهر رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالدعوة (7).
ونقول :
إن ذلك لا يمكن قبوله ، حيث قد روي بسند صحيح عندهم ، عن قتادة : أن أول شهيد في الإسلام هو سمية والدة عمار (8) ، وكذا روي عن مجاهد (9).
وعن ابن عباس : «قتل أبو عمار وأم عمار ، وهما أول قتيلين قتلا من المسلمين» (10).
إلا أن يدّعى : أن سمية كانت أول من استشهد من النساء ، والحارث كان أول من استشهد من الرجال.
ولكنه احتمال بعيد ، ومخالف لظاهر كلماتهم ، لا سيما وأن كلمة شهيد تطلق على الذكر والأنثى بلفظ واحد ، مثل قتيل وجريح.
فإن معنى كلمة «شهيد» : شخص ، أو ذات ثبتت لها صفة الشهادة ، لأن المشتقات تدل على ذات ثبت لها وصف ما ؛ فكلمة تقي معناها : شخص له التقوى ، وقائم أيضا كذلك.
وكلمة شخص أو ذات أو نحوها تصدق على الرجل على حدة ، وعلى المرأة كذلك ، وعلى كليهما معا.
وعلى هذا الأساس نفسر كلمة : «طلب العلم فريضة على كل مسلم» ، بحيث يشمل الرجل والمرأة معا.
أما إذا كان المشتق فيه «أل» الموصولية ، مثل القائم والمتقي ، فإن الأمر يصبح أوضح وأجلى ، وذلك لأن «أل» بمنزلة «الذي» فالقائم معناه الشخص الذي له القيام ، فيصح أن يراد بها الرجل ، والمرأة ، وهما معا أيضا.
وعلى هذا الأساس جرت التعابير القرآنية ، مثل : المتقين ، المؤمنين الشاكرين إلخ .. فإنها تشمل الرجل والمرأة على حد سواء.
ولكن قد يحتاج إلى التنصيص على كلا الجنسين ، فيصرح بما يدل على مراده ، فيقول :
(قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ)(11) و (وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَ)(12) ونحو ذلك ، وذلك واضح لا يخفى.
فتلخص مما تقدم : أن هذا النص لا يدل على وجود ابن لخديجة ، ما دام أنه قد ثبت حصول الكذب في جزء منه.
ولعل هذا الكذب قد جاء لأجل الإيحاء بطريق غير مباشر بأن لخديجة ولدا من النبي «صلى الله عليه وآله» ، وأن ذلك غير قابل للنقاش ، ولكن قد قيل : لا حافظة لكذوب.
خامسا : لقد روي أنه كانت لخديجة أخت اسمها هالة (13) ، تزوجها رجل مخزومي ، فولدت له بنتا اسمها هالة ، ثم خلف عليها ـ أي على هالة الأولى ـ رجل تميمي يقال له : أبو هند ؛ فأولدها ولدا اسمه هند.
وكان لهذا التميمي امرأة أخرى قد ولدت له زينب ورقية ، فماتت ، ومات التميمي ، فلحق ولده هند بقومه ، وبقيت هالة أخت خديجة ، والطفلتان اللتان من التميمي وزوجته الأخرى ؛ فضمتهم خديجة إليها ، وبعد أن تزوجت بالرسول «صلى الله عليه وآله» ماتت هالة ، فبقيت الطفلتان في حجر خديجة والرسول «صلى الله عليه وآله».
وكان العرب يزعمون : أن الربيبة بنت ، ولأجل ذلك نسبتا إليه «صلى الله عليه وآله» ، مع أنهما ابنتا أبي هند زوج أختها وكذلك كان الحال بالنسبة لهند نفسه (14).
ولربما يمكن تأييد هذه الروايات بما ورد من الاختلاف في اسم والد هند ، فلتراجع المصادر التي ذكرناها ثمة.
__________________
(١) سيأتي لذلك مزيد توضيح في فصل : حتى بيعة العقبة ، من هذا الكتاب.
(2) راجع الأوائل ج ١ هامش ص ١٥٩.
(3) راجع : الأوائل ج ١ ص ١٥٩ وقال : إن هندا هذه قد تزوجت من صيفي بن عائذ فولدت محمد بن صيفي.
(4) للاطلاع على هذه الاختلافات وغيرها راجع المصادر التالية ، وقارن بينها : الإصابة ج ٣ ص ٦١١ ـ ٦١٢ ، ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٢٢ ، والسيرة الحلبية ج ١ ص ١٤٠ ، وقاموس الرجال ج ١٠ ص ٤٣١ ، ونقل عن البلاذري وأسد الغابة ج ٥ ص ١٢ ـ ١٣ و ٧١ ، وغير ذلك.
(5) مناقب آل أبي طالب ج ١ ص ١٥٩ ، والبحار ، ورجال المامقاني ، وقاموس الرجال كلهم عن المناقب.
(6) الإستغاثة ج ١ ص ٧٠.
(7) الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ٣١١ ـ ٣١٢ والإصابة ج ١ ص ٢٩٣ عنه وعن ابن الكلبي وابن حزم ومحاضرة الأوائل ص ٤٦.
(8) الإصابة ج ٤ ص ٣٣٥ وطبقات ابن سعد ج ٨ ص ١٩٣ ط ليدن.
(9) الاستيعاب هامش الإصابة ج ٤ ص ٣٣١.
(10) صفين للمنقري ص ٣٢٥.
(11) الآية ٣٠ من سورة النور.
(12) الآية ٣١ من سورة النور.
(13) لها ذكر في كتب الأنساب ، فراجع على سبيل المثال : نسب قريش لمصعب الزبيري.
(14) راجع : الاستغاثة ج ١ ص ٦٨ ـ ٦٩ ، ورسالة حول بنات النبي «صلى الله عليه وآله» ، مطبوعة ط حجرية في آخر مكارم الأخلاق ص ٦.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|