أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-13
1136
التاريخ: 7-11-2016
2796
التاريخ: 26-8-2018
8007
التاريخ: 25-1-2017
2444
|
قصة عثمان بن الحويرث [1] مع قيصر عن هشام وأبي عمرو الشيباني وغيرهما
كان من شأن عثمان بن الحويرث بن أسد بن عبد العزى أنه انطلق حتى قدم على ابن جفنة ملك الشام فقال له: هل لك أن تدين [2] لك قريش قال: نعم، قال: فاكتب لي، ملكني عليهم، قال: على أن تدين لك، قال في موضع آخر من حديثه في كتاب أبي عمرو الشيباني أيضا: اكتب لي كتابا وملكني عليهم، فكتب له وملكه وجعل له خرجا [3] على كل قبيلة، فأقبل بكتاب ابن جفنة [4] حتى قدم مكة، فلما قدم على قريش أنكرت ذلك فركب منهم/ رجال إلى ابن جفنة ، فلما قدموا عليه كلموه وقالوا: ان عثمان امرؤ سفيه وليس مثلك يصنع بنا مثل هذا الذي صنعت ونحن عارفون بحقك ونحن أهل حق وأهل البنية [5] فعمد ابن جفنة فأخرج عثمان وطرده، فانطلق عثمان حتى قدم على قيصر فأراد كلامه، فبلغ ذلك ابن جفنة فبعث الى البواب والترجمان [أن-] [6] لا يدخلاه ولا يخبرا قيصر أمره وأمرهما أن يخالفا بكلامه حتى لا يرفع به رأسا، فخرج قيصر ذات يوم راكبا فاعترض له عثمان فصاح إليه وصرخ وكلمه، فقال قيصر: ما يقول؟ قال الترجمان: هذا إنسان مجنون يقول: إن في أرضي مالا على رأس جبل وإن أعطيتني مالا ضربت ذلك الجبل لك حتى يخرج المال منه، وكذب الترجمان عليه لكتاب ابن جفنة، فانطلق قيصر وتركه يتلدد [7] بأرض الروم، فلما رأى عثمان الذي صنع به لم يدر كيف يصنع، فبينا هو قاعد عند معلم يعلم ناسا من الروم الكتاب فلما قعد عثمان معه واستمكن من حديثه تمثل المعلم بيتا من شعر هذا وقد ملأ عيني [8] من حضر، فأخذ عثمان بثوبه وعرف انه عربي فقال له: والله لا أتركك حتى تخبرني من أنت! وإنك لعربي وإني لرجل من قومك، فلما رأى ذلك المعلم قال: ويلك لا تكلمني فإن ابن جفنة قد كتب فيك الى كل بواب وترجمان فليس ههنا أحد يغني عنك شيئا ولكنك إن أعطيتني موثقا دللتك على ما ينفعك فأعطاه/ فقال له: إذا مر عليك الملك فقل له كذا كذا كلمة علمه إياها من دينهم فإذا دعاك [9] الترجمان فالزمه وشق ثوبك وقل: هذا الذي أهلكني فادع لي ترجمانا آخر [10] غيره، فلما مر به الملك فعل مثل الذي أمره به فدعا الملك ترجمانا غيره حين فعل الأول ما فعل فقال له عثمان: إني من أهل الكعبة [11] ومن أهل بيت الله الحرام الذي تحج إليه العرب وإني كلمت ابن جفنة أن يجعل لي على قومي سلطانا فأقتسرهم على دينك فبغي عليّ رجال من قومي فرشوه فأخرجني وإني جئت إليك، فكتب الى الترجمان أن يبغيني شرا لأن لا ترفع بي رأسا، هذا من شأني، فإن كتبت لي كتابا وجعلت لي عليهم سلطانا قسرت لك العرب حتى يكونوا على دينك، فكتب له قيصر عند ذلك وكساه وحمله على بغله مسرجة بسرج من ذهب وقال له: لا سلطان لابن جفنة عليك، ودفع إليه كتابا مختوما وقال أشعارا بأرض الروم هلكت وأشعارا يروي بعضها منها قوله (الطويل) .
لما دنونا من مدينة قيصر ... أحسّت نفوس القوم بعض الوساوس
فأقبل عثمان بالكتاب حتى قدم على ابن جفنة فدفعه إليه فقال ابن جفنة: خذ من وجدت ههنا من قومك، فأخذ رجالا من قريش منهم سعيد ابن العاص بن أمية وأبو ذئب [12] بن ربيعة أحد بني عامر بن لؤي أخذهم تجارا بالشام فسجنهم، فأما أبو ذئب [13] فمات في الحديد، وأما سعيد فمكث حتى افتداه عتبة بن ربيعة بن عبد شمس وأبو أمية بن المغيرة، ومنهم من يقول: إنما افتداه هشام بن المغيرة وأبو أمية بن المغيرة، وكانت تحت سعيد بن العاص أخت لهما ابنة [14] المغيرة فامتدحهما سعيد بن العاص بشعره، ومات عثمان بن الحويرث من قبل أن يخرج من عند ابن جفنة، فقال كثير من الناس سقاه سما وحسده وظن أنه غالبه على ملكه، فبلغ ذلك قومه فقال ورقة بن نوفل وهو ابن عم عثمان بن الحويرث أخ أبيه يرثي عثمان: (الكامل)
هل أتى [15] ابنتي عثمان أن أباهما ... حانت منيته بجنب المرصد [16]
ركب البريد مخاطر عن نفسه ... ميت المظنة [17] للبريد [18] المقصد
فلأبكين [19] عثمان حق بكائه [20] ... ولأنشدن [21] عمرا [22] وإن لم ينشد
بل ليت شعري عنك يا ابن حويرث ... أسقيت سما في الإناء المصعد [23]
أم كان حتفا سيق ثم لحينه ... إن المنية للحمام [24] لتهتدي
قد كان زينا في الحياة لقومه ... عثمان أمسى في ضريح [25] ملحد
ولقد برى جسمي وقلت لقومنا ... لما أتاني موته لا تبعد
أمسى ابن جفنة في الحياة مملكا ... وصفيّ نفسي في ضريح مؤصد [26]
والله ربي إن سلمت لآثرن [27] ... فيه [28] بضربة [29] جازم لم يقصد [30]
قال: واسم الملك الجفني عمرو بن أبي شمّر أخو الحارث بن أبي شمر، فلما سمع بذلك عمرو أمر/ بقدر من حديد، فقال: أغلوا فيها الحميم، وقال:
والذي أحلف به لا تزال على النار حتى أغلي فيها ورقة بن نوفل والله لئن لم يأتني [31] به قومه لآخذن [32] رجلا من قريش بالشام فلا يفارق [33] الحديد حتى يؤتى [34] به، فسمع بذلك ورقة، فخرج حتى لحق بأرض طيء فمكث زمانا ثم لحق بالبحرين، فلما قدم البحرين قال له رجل نصراني: سوف أدلك على شيء إذ قلته للملك أعفاك، فعلّم النصراني ورقة فقال: إذا قدمت على الملك فلا يعلمن من أنت وتخلص إليه فإذا خلصت إليه فخذ بثوبه وقل:
أعوذ بالمسيح من هذا الملك، فأقبل إليه حتى دخل عليه فقال: إني امتدحتك أيها الملك! فأنشده وحدثه، ثم أخذ بثوبه وهو يرعد وأنشده قوله: (الوافر)
ألا من مبلغ عمرا [35] رسولا ... فإني من مخافته مشيح [36]
أفرّ إلى [37] بني ثعل [38] بن عمرو ... وحولي من بني جرم [39] نبوح [40]
أعوذ برب بيت الظلم منه ... وبالرحمن إذ شرق المسيح [41]
تركت لك البلاد وماء بحرين [42] ... لأنزح [43] عنك لو نفع النزوح
قال: قد أجرتك لعلك ورقة بن نوفل، قال: نعم، قال: قد أجرتك وأجرت قومك أطفئوا [44] النار، ودخلت النصرانية في قلب ورقة بن نوفل يومئذ، فلما قدم مكة وأومنت قريش قالت بنو عامر بن لؤي: كيف بدم أبي ذئب [45] ؟ وإنما قتله عثمان بن الحويرث وصفده بالحديد حتى مات، وأم أبي ذئب أم حبيب بنت العاص بن أمية الأكبر وكان سعيد [46] خاله، فانطلق سعيد بن العاص فرهن بني عامر ابنه أبان بن سعيد فأراد أن لا يطل دم أخيه، فقال هذا لكم حتى أرضيكم من أبي ذئب، فخالفه رجال من بني قصي وشايعه الآخرون وكان فيمن فارقه الأسود بن المطلب بن أسد، أبو زمعة فقال له: يا سعيد! ما لنا ولدم رجل مات بالشام في سجن ملك من الملوك، فلذلك قال الأسود: (الوافر)
ألا من مبلغ عنى سعيدا ... فحسبك من مواليك التلافي
وقال ورقة بن نوفل يعني أبا زمعة: (الوافر)
ألا أبلغ لديك أبا عقيل ... فما بيني وبينك من وداد
تعيب أمانتي وتذم أهلي [47] ... وتأكلني إلى حضر [48] وباد [49]
فأيا ما وأي [50] كان أبغى ... وأسعى في العشيرة بالفساد
فلا لاقى سرورا من مليك ... ولا زالت يداه [51] في صفاد
________________
[1] الحويرث بضم الحاء وفتح الواو وكسر الراء.
[2] في الأصل: ترين- بالراء.
[3] الخرج بفتح الخاء المعجمة: الضريبة.
[4] في الأصل: بن جفنة- بدون الهمزة.
[5] البنية كقضية من أسماء مكة.
[6] ليست الزيادة في الأصل.
[7] يتلدد: يلتفت يمينا وشمالا ويتحير متلبدا.
[8] في الأصل: ملأ ثوبي، وملأ عيني من حضر بمعنى أعجبهم منظره.
[9] في الأصل: دعا لك.
[10] في الأصل آخرا.
[11] يظهر أنه تصحيف مكة.
[12] في الأصل: ذيب، ويستفاد من نسب قريش ص 422 أن أباه عبد الله بن شعبة بن أبي قيس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي.
[13] في الأصل: ذويب، واسم أبي ذئب هشام- نسب قريش ص 422.
[14] في الأصل: ابنه، اسم البنت صفية بنت المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم- نسب قريش ص 174.
[15] في الأصل: ألا هل أتى، والتصحيح من نسب قريش ص 210.
[16] لم يذكر ياقوت هذا المكان، والمرصد في اللغة المكان الذي يرصد فيه العدو.
[17] في الأصل: المضنة- بالضاد المعجمة، والتصحيح من نسب قريش ص 210.
[18] في الأصل: للتريك، والتصحيح من نسب قريش ص 210، والمراد بالبريد المقصد ورقة بن نوفل نفسه.
[19] في الأصل: فلأبكيا.
[20] في الأصل: بكاية.
[21] في الأصل: لأنشدا.
[22] في الأصل: عمروا، والمراد بعمرو عمرو بن أبي شمر الغساني ملك غسان.
[23] المصعّد من الأشربة ما عولج بالنار حتى يحول عما هو عليه طعما ولونا. [الوزن يقتضي أن يكون المصعد بغير تشديد، وركب مصعد ومصّعّد مرتفع في البطن منصب- لسان (صعد) مدير] .
[24] الحمام بضم الحاء المهملة: السيد الشريف [وههنا الحمام بكسر الحاء، بمعنى القضاء والقدر- مدير] .
[25] في الأصل: صريح- بالصاد المهملة.
[26] المؤصد بضم الميم وفتح الصاد: المطبق والمغلق.
[27] في الأصل: لأثرا.
[28] في الأصل: منه.
[29] في الأصل: لضربة- باللام.
[30] لم يقصد: لم يفرط.
[31] في الأصل: لم يأتيني- بإبقاء الياء.
[32] في الأصل: لا آخذ.
[33] في الأصل: فيفارق.
[34] في الأصل: بوتي.
[35] في الأصل: عمروا.
[36] المشيح: الحذر.
[37] في الأصل: افررفي- بالرائين، ولعله كما أثبتناه (مدير) .
[38] بنو ثعل كصرد ابن عمرو بن الغوث حي من طيء.
[39] بنو جرم بفتح الجيم وسكون الراء: بطن في طيء.
[40] النبوح: ضجة القوم وأصوات كلبهم.
[41] كأنه يشير إلى قوله أعوذ بالمسيح ص 183 (مدير) .
[42] في الأصل: وما بحري ولعله كما أثبتنا «ماء بحرين» بسكون النون لضرورة الشعر (مدير) .
[43] لأنزح عنك: لأبعدك عنك.
[44] في الأصل: اطفئيوا.
[45] في الأصل: ذيب.
[46] يعني سعيد بن العاص أبا أحيحة.
[47] في الأصل: رحلي، ولعل الصواب ما أثبتنا.
[48] الحضر محركة: سكان القرى والمدن، ومعنى تأكلني تغيبي.
[49] في الأصل واد- بالواو، والبادي: سكان البوادي.
[50] في الأصل فأيما واي (مدير) .
[51] في الأصل: نداه- بالنون.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|