إن دراسة الخطابة تعني البحث عن جمع وسائل الاقناع المتوفرة، لأنها وسيلة اتصال ترتبط بالجماهير ارتباطاً مباشراً، ولأنها أبرز وسائل الإتصال ارتباطاً بالثورات السياسية والاجتماعية والثقافية، وموضعها كما أشار ابن خلدون هو : ((الأقوال المقنعة النافعة في استمالة الجمهور إلى رأي ما أو صدهم  عنه)). والخطبة تعتبر أقدم وسائل الإعلام الشفهية، وما زالت منتشرة في المجتمعات الحالية، وعرفتها المجتمعات القديمة، حيث انتشرت عند العرب والرومان إلى درجة أصبحت معها الوسيلة المفضلة لديهم.

والخطبة كانت وسيلة الإعلام في الحرب والسلم وفي السياسة والأدب،

ولهذا نشأت عند العرب أسواقاً يتبادلون الخطب فيها كسوق عكاظ في مكة المكرمة، وسوق المربد في البصرة، آو كتلك الزوايا والملاعب الواسعة في روما التي كانت تشهد مباريات في الأدب وفي الفلسفة.

ولم تزل الخطب أو الخطابة وسيلة إعلام وإقناع، ولكنها ليست الرئيسة كما كانت من قبل في حياة الشعوب، حيث تقدمت عليها الوسائل الأخرى، إلا أن الخطابة حالياً ما زالت وسيلة إعلامية للمناسبات السياسية الكبرى، وبمكن أن نذكر في هذا المجال الأسلوب الذي يتبعه بعض القادة والزعماء السياسيين في إعلام وإبلاغ جماهيرهم عن أوضاع أوطانهم الاقتصادية والسياسية، عن طريق الخطابة.

ومهما يكن فإن الخطابة يجب أن تكون واضحة المعاني، سليمة الأفكار، سهلة الفهم على عامة الجمهور حتى يتفاعلوا معها، كما وأن لشخصية الخطيب الأثر الهام في فاعلية ومردودية هذا الأسلوب، حيث يجب أن يكون الخطيب سريع البديهة، سليم النطق، قري الشخصية ... الخ ، هذا وترتبط الخطبة بتاريخها القديم والحديث حتى عند اليونان والرومان بالديموقراطية حيث كانت عبارة عن مقارنة الحجة بالحجة والدليل بالدليل.

وكلما كان الحوار في نطاق ضيق كلما امتازت الخطبة بمحاولة البحث عن الحقيقة، وكلما امتازت بقلة النفاق الاجتماعي، على عكس وجودها في جمهور غفير متسع، الأمر الذي يبرز فيها محاولة كسب التأييد بأية وسيلة بغض النظر عن الحقيقة أي ظهور النفاق الاجتماعي بأسمى معانيه.

ثانياً : الندوات : وهي توجيه إعلامي شفهي لعدد معين من الناس يجمعهم اختصاص معين أو حالة اجتماعية معينة أو ... الخ، كأن تمثل هذه الندوات / علمية، أدبية، صناعية، مهنية  ، والندوات غالباً ما تكون وسيلة إعلام مباشرة، تتجلى أهميتها في كونها تضم عدداً قليلا من الناس وبكونها متخصصة في مجال معين .

غير أن فائدتها الإعلانية قد تكون آنية بسيب كونها شفهية، هذا في حال عدم اللجوء لكتابة موضع الندوة وشرحه وتسجيله .

والحقيقة التي لا مراء فيها هي أن الوسائل الشفوية تحدث أثراً قد لا تستطيع وسائل الإعلام الأخرى إحداثه في نفوس وعقلية الجماهير وذلك بسبب أن المتحدث في اجتماع عام أو الخطيب يستطع أن يتجاوب باستمرار مع مستمعيه حين يستجيبون له، ويستطيع أن يؤثر فيهم بصوته ومظهره العام واشاداته وتلويحاته على خلاف ما في الوسائل الأخرى، هذا بالإضافة إلى تأثير المستمعين ببعضهم البعض عن طريق الانفعالات الظاهرة والإشارات والتعليقات .