المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 17751 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
ميعاد زراعة الجزر
2024-11-24
أثر التأثير الاسترجاعي على المناخ The Effects of Feedback on Climate
2024-11-24
عمليات الخدمة اللازمة للجزر
2024-11-24
العوامل الجوية المناسبة لزراعة الجزر
2024-11-24
الجزر Carrot (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-24
المناخ في مناطق أخرى
2024-11-24

شهر بن حوشب
14-11-2014
صيغة خلطة العمل التصميمية - طبقات ما تحت الاساس الركامية
2023-09-20
هل تصنع اليرقات المائية اكياسا؟
2-2-2021
البلوغ الجنسي في الجاموس
27-4-2016
لوجندر – ادريان ماري
10-9-2016
طريق تعين الإمام
26-2-2018


تاريخ التفكير الإسلامي  
  
1567   08:43 صباحاً   التاريخ: 8-10-2014
المؤلف : محمد حسين الطباطبائي
الكتاب أو المصدر : تفسير الميزان
الجزء والصفحة : ج5 , ص232-243
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قصص قرآنية / حضارات / مقالات عامة من التاريخ الإسلامي /

 ننظر فيه نظرا إجماليا في تاريخ التفكير الإسلامي و الطريق الذي سلكته الأمة الإسلامية على اختلاف طوائفها و مذاهبها، و لا نلوي فيه إلى مذهب من المذاهب بإحقاق أو إبطال، و إنما نعرض الحوادث الواقعة على منطق القرآن و نحكمه في الموافقة و المخالفة، و أما ما باهى به موافق و ما اعتذر به مخالف فلا شأن لنا في الغور في أصوله و جذوره، فإنما ذلك طريق آخر من البحث مذهبي أو غيره.

القرآن الكريم يتعرض بمنطقه في سنته المشروعة لجميع شئون الحياة الإنسانية من غير أن تتقيد بقيد أو تشترط بشرط، يحكم على الإنسان منفردا أو مجتمعا، صغيرا أو كبيرا، ذكرا أو أنثى، على الأبيض و الأسود، و العربي و العجمي، و الحاضر و البادي، و العالم و الجاهل، و الشاهد و الغائب، في أي زمان كان و في أي مكان كان و يداخل كل شأن من شئونه من اعتقاد أو خلق أو عمل من غير شك.

فللقرآن اصطكاك مع جميع العلوم و الصناعات المتعلقة بأطراف الحياة الإنسانية و من الواضح اللائح من خلال آياته النادبة إلى التدبر و التفكر و التذكر و التعقل أنه يحث حثا بالغا على تعاطي العلم و رفض الجهل في جميع ما يتعلق بالسماويات و الأرضيات و النبات و الحيوان و الإنسان، من أجزاء عالمنا و ما وراءه من الملائكة و الشياطين و اللوح و القلم و غير ذلك ليكون ذريعة إلى معرفة الله سبحانه، و ما يتعلق نحوا من التعلق بسعادة الحياة الإنسانية الاجتماعية من الأخلاق و الشرائع و الحقوق و أحكام الاجتماع.

و قد عرفت أنه يؤيد الطريق الفطري من التفكر الذي تدعو إليه الفطرة دعوة اضطرارية لا معدل عنها على حق ما تدعو إليه الفطرة من السير المنطقي.

و القرآن نفسه يستعمل هذه الصناعات المنطقية من برهان و جدل و موعظة، و يدعو الأمة التي يهديها إلى أن يتبعوه في ذلك فيتعاطوا البرهان فيما كان من الواقعيات الخارجة من باب العمل و يستدلوا بالمسلمات في غير ذلك أو بما يعتبر به.

و قد اعتبر القرآن في بيان مقاصده السنة النبوية، و عين لهم الأسوة في رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فكانوا يحفظون عنه، و يقلدون مشيته العلمية تقليد المتعلم معلمه في السلوك العلمي. 
كان القوم في عهد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و نعني به أيام إقامته بالمدينة حديثي عهد بالتعليم الإسلامي، حالهم أشبه بحال الإنسان القديم في تدوين العلوم و الصناعات، يشتغلون بالأبحاث العلمية اشتغالا ساذجا غير فني على عناية منهم بالتحصيل و التحرير، و قد اهتموا أولا بحفظ القرآن و قراءته، و حفظ الحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من غير كتابة، و نقله، و كان لهم بعض المطارحات الكلامية فيما بينهم أنفسهم، و احتجاجات مع بعض أرباب الملل الأجنبية و لا سيما اليهود و النصارى لوجود أجيال منهم في الجزيرة و الحبشة و الشام، و من هنا يبتدئ ظهور علم الكلام و كانوا، يشتغلون برواية الشعر و قد كانت سنة عربية لم يهتم بأمرها الإسلام و لم يمدح الكتاب الشعر و الشعراء بكلمة، و لا السنة بالغت في أمره.

ثم لما ارتحل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كان من أمر الخلافة ما هو معروف و زاد الاختلاف الحادث عند ذلك بابا على الأبواب الموجودة.

و جمع القرآن في زمن الخليفة الأول بعد غزوة يمامة و شهادة جماعة من القراء فيها.

و كان الأمر على هذا في عهد خلافته - و هي سنتان تقريبا - ثم في عهد الخليفة الثاني.

و الإسلام و إن انتشر صيته و اتسع نطاقه بما رزق المسلمون من الفتوحات العظيمة في عهده لكن الاشتغال بها كان يعوقهم عن التعمق في إجالة النظر في روابط العلوم و التماس الارتقاء في مدارجها، أو إنهم ما كانوا يرون لما عندهم من المستوى العلمي حاجة إلى التوسع و التبسط.

و ليس العلم و فضله أمرا محسوسا يعرفه أمة من أمة أخرى إلا أن يرتبط بالصنعة فيظهر أثره على الحس فيعرفه العامة.

و قد أيقظت هذه الفتوحات المتوالية الغزيرة العرب الجاهلية من الغرور و النخوة بعد ما كانت في سكن بالتربية النبوية، فكانت تتسرب فيهم روح الأمم المستعلية الجبارة، و تتمكن منهم رويدا، يشهد به شيوع تقسيم الأمة المسلمة يومئذ إلى العرب و الموالي، و سير معاوية - و هو والي الشام يومذاك - بين المسلمين بسيرة ملوكية قيصرية، و أمور أخرى كثيرة ذكرها التاريخ عن جيوش المسلمين، و هذه نفسيات لها تأثير في السير العلمي و لا سيما التعليمات القرآنية.

و أما الذي كان عندهم من حاضر السير العلمي فالاشتغال بالقرآن كان على حاله و قد صار مصاحف متعددة تنسب إلى زيد و أبي و ابن مسعود و غيرهم.

و أما الحديث فقد راج رواجا بينا و كثر النقل و الضبط إلى حيث نهى عمر بعض الصحابة عن التحديث لكثرة ما روى، و قد كان عدة من أهل الكتاب دخلوا في الإسلام و أخذ عنهم المحدثون شيئا كثيرا من أخبار كتبهم و قصص أنبيائهم و أممهم، فخلطوها بما كان عندهم من الأحاديث المحفوظة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و أخذ الوضع و الدس يدوران في الأحاديث، و يوجد اليوم في الأحاديث المقطوعة المنقولة عن الصحابة و رواتهم في الصدر الأول شيء كثير من ذلك يدفعه القرآن بظاهر لفظه.

و جملة السبب في ذلك أمور ثلاثة:

1 - المكانة الرفيعة التي كانت تعتقدها الناس لصحبة النبي و حفظ الحديث عنه، و كرامة الصحابة و أصحابهم النقلة عنهم على الناس، و تعظيمهم لأمرهم، فدعا ذلك الناس إلى الأخذ و الإكثار حتى عن مسلمي أهل الكتاب و الرقابة الشديدة بين حملة الحديث في حيازة التقدم و الفخر.

2 - إن الحرص الشديد منهم على حفظ الحديث و نقله منعهم عن تمحيصه و التدبر في معناه و خاصة في عرضه على كتاب الله و هو الأصل الذي تبتني عليه بنية الدين و تستمد منه فروعه، و قد وصاهم بذلك النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما صح من قوله: "ستكثر علي القالة" الحديث، و غيره.

و حصلت بذلك فرصة لأن تدور بينهم أحاديث موضوعة في صفات الله و أسمائه و أفعاله، و زلات منسوبة إلى الأنبياء الكرام، و مساوئ مشوهة تنسب إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و خرافات في الخلق و الإيجاد، و قصص الأمم الماضية، و تحريف القرآن و غير ذلك مما لا تقصر عما تتضمنه التوراة و الإنجيل من هذا القبيل.

و اقتسم القرآن و الحديث عند ذلك التقدم و العمل: فالتقدم الصوري للقرآن و الأخذ و العمل بالحديث فلم يلبث القرآن دون أن هجر عملا، و لم تزل تجري هذه السيرة و هي الصفح عن عرض الحديث على القرآن مستمرة بين الأمة عملا حتى اليوم و إن كانت تنكرها قولا {وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا} [الفرقان: 30] اللهم إلا آحاد بعد آحاد.

و هذا التساهل بعينه هو أحد الأسباب في بقاء كثير من الخرافات القومية القديمة بين الأمم الإسلامية بعد دخولهم في الإسلام و الداء يجر الداء.

3 - إن ما جرى في أمر الخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أوجب اختلاف آراء عامة المسلمين في أهل بيته فمن عاكف عليهم هائم بهم، و من معرض عنهم لا يعبأ بأمرهم و مكانتهم من علم القرآن أو مبغض شانئ لهم، و قد وصاهم النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بما لا يرتاب في صحته و دلالته مسلم أن يتعلموا منهم و لا يعلموهم و هم أعلم منهم بكتاب الله، و ذكر لهم أنهم لن يغلطوا في تفسيره و لن يخطئوا في فهمه قال في حديث الثقلين المتواتر: إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله و عترتي و لن يفترقا حتى يردا علي الحوض الحديث.

و في بعض طرقه: لا تعلموهم فإنهم أعلم منكم. و قال في المستفيض من كلامه: "من فسر القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار" و قد تقدم في أبحاث المحكم و المتشابه في الجزء الثالث من الكتاب.

و هذا أعظم ثلمة انثلم بها علم القرآن و طريق التفكر الذي يندب إليه.

و من الشاهد على هذا الإعراض قلة الأحاديث المنقولة عنهم (عليهم السلام) فإنك إذا تأملت ما عليه علم الحديث في عهد الخلفاء من المكانة و الكرامة، و ما كان عليه الناس من الولع و الحرص الشديد على أخذه ثم أحصيت ما نقل في ذلك عن علي و الحسن و الحسين، و خاصة ما نقل من ذلك في تفسير القرآن لرأيت عجبا: أما الصحابة فلم ينقلوا عن علي (عليه السلام) شيئا يذكر، و أما التابعون فلا يبلغ ما نقلوا عنه - إن أحصي - مائة رواية في تمام القرآن و أما الحسن (عليه السلام) فلعل المنقول عنه لا يبلغ عشرا، و أما الحسين فلم ينقل عنه شيء يذكر، و قد أنهى بعضهم الروايات الواردة في التفسير إلى سبعة عشر ألف(1) حديث من طريق الجمهور وحده، و هذه النسبة موجودة في روايات الفقه أيضا(2).

 

فهل هذا لأنهم هجروا أهل البيت و أعرضوا عن حديثهم؟ أو لأنهم أخذوا عنهم و أكثروا ثم أخفيت و نسيت في الدولة الأموية لانحراف الأمويين عنهم؟ ما أدري.

غير أن عزلة علي و عدم اشتراكه في جمع القرآن أولا و أخيرا و تاريخ حياة الحسن و الحسين (عليهما السلام) يؤيد أول الاحتمالين.

و قد آل أمر حديثه إلى أن أنكر بعض كون ما اشتمل عليه كتاب نهج البلاغة من غرر خطبه من كلامه، و أما أمثال الخطبة البتراء لزياد بن أبيه و خمريات يزيد فلا يكاد يختلف فيها اثنان!.

و لم يزل أهل البيت مضطهدين، مهجورا حديثهم إلى أن انتهض الإمامان: محمد بن علي الباقر و جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) في برهة كالهدنة بين الدولة الأموية و الدولة العباسية فبينا ما ضاعت من أحاديث آبائهم، و جددا ما اندرست و عفيت من آثارهم.

غير أن حديثهما و غيرهما من آبائهما و أبنائهما من أئمة أهل البيت أيضا لم يسلم من الدخيل و لم يخلص من الدس و الوضع كحديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، و قد ذكرا ذلك في الصريح من كلامهما، و عدا رجالا من الوضاعين كمغيرة بن سعيد و ابن أبي الخطاب و غيرهما، و أنكر بعض الأئمة روايات كثيرة مروية عنهم و عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، و أمروا أصحابهم و شيعتهم بعرض الأحاديث المنقولة عنهم على القرآن و أخذ ما وافقه و ترك ما خالفه.

و لكن القوم إلا آحاد منهم لم يجروا عليها عملا في أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) و خاصة في غير الفقه، و كان السبيل الذي سلكوه في ذلك هو السبيل الذي سلكه الجمهور في أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

و قد أفرط في الأمر إلى حيث ذهب جمع إلى عدم حجية ظواهر الكتاب و حجية مثل مصباح الشريعة و فقه الرضا و جامع الأخبار! و بلغ الإفراط إلى حيث ذكر بعضهم أن الحديث يفسر القرآن مع مخالفته لصريح دلالته، و هذا يوازن ما ذكره بعض الجمهور: أن الخبر ينسخ الكتاب.
و لعل المتراءى من أمر الأمة لغيرهم من الباحثين كما ذكره بعضهم: "أن أهل السنة أخذوا بالكتاب و تركوا العترة، فآل ذلك إلى ترك الكتاب لقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنهما لن يفترقا" و أن الشيعة أخذوا بالعترة و تركوا الكتاب، فآل ذلك منهم إلى ترك العترة لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): "إنهما لن يفترقا" فقد تركت الأمة القرآن و العترة الكتاب و السنة معا".

و هذه الطريقة المسلوكة في الحديث أحد العوامل التي عملت في انقطاع رابطة العلوم الإسلامية و هي العلوم الدينية و الأدبية عن القرآن مع أن الجميع كالفروع و الثمرات من هذه الشجرة الطيبة التي أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، و ذلك أنك إن تبصرت في أمر هذه العلوم وجدت أنها نظمت تنظيما لا حاجة لها إلى القرآن أصلا حتى أنه يمكن لمتعلم أن يتعلمها جميعا: الصرف و النحو و البيان و اللغة و الحديث و الرجال و الدراية و الفقه و الأصول فيأتي آخرها، ثم يتضلع بها ثم يجتهد و يتمهر فيها و هو لم يقرأ القرآن، و لم يمس مصحفا قط، فلم يبق للقرآن بحسب الحقيقة إلا التلاوة لكسب الثواب أو اتخاذه تميمة للأولاد تحفظهم عن طوراق الحدثان! فاعتبر إن كنت من أهله.

و لنرجع إلى ما كنا فيه: كان حال البحث عن القرآن و الحديث في عهد عمر ما سمعته، و قد اتسع نطاق المباحث الكلامية في هذا العهد لما أن الفتوحات الوسيعة أفضت بالطبع إلى اختلاط المسلمين بغيرهم من الأمم و أرباب الملل و النحل و فيهم العلماء و الأحبار و الأساقفة و البطارقة الباحثون في الأديان و المذاهب فارتفع منار الكلام لكن لم يدون بعد تدوينا، فإن ما عد من التآليف فيه إنما ذكر في ترجمات من هو بعد هذا العصر.

ثم كان الأمر على ذلك في عهد عثمان على ما فيه من انقلاب الناس على الخلافة، و إنما وفق لجمع المصاحف، و الاتفاق على مصحف واحد.

ثم كان الأمر على ذلك في خلافة علي (عليه السلام) و شغله إصلاح ما فسد من مجتمع المسلمين بالاختلافات الداخلية و وقع حروب متوالية في إثر ذلك.

غير أنه (عليه السلام) وضع علم النحو و أملأ كلياته أبا الأسود الدئلي من أصحابه و أمره بجمع جزئيات قواعده، و لم يتأت له وراء ذلك إلا أن ألقى بيانات من خطب و أحاديث فيها جوامع مواد المعارف الدينية و أنفس الأسرار القرآنية، و له مع ذلك احتجاجات كلامية مضبوطة في جوامع الحديث.

ثم كان الأمر على ذلك في خصوص القرآن و الحديث في عهد معاوية و من بعده من الأمويين و العباسيين إلى أوائل القرن الرابع من الهجرة تقريبا و هو آخر عهد الأئمة الاثني عشر عند الشيعة، فلم يحدث في طريق البحث عن القرآن و الحديث أمر مهم غير ما كان في عهد معاوية من بذل الجهد في إماتة ذكر أهل البيت (عليهم السلام) و إعفاء أثرهم و وضع الأحاديث، و قد انقلبت الحكومة الدينية إلى سلطنة استبدادية، و تغيرت السنة الإسلامية إلى سيطرة إمبراطورية، و ما كان في عهد عمر بن عبد العزيز من أمره بكتابة الحديث، و قد كان المحدثون يتعاطون الحديث إلى هذه الغاية بالأخذ و الحفظ من غير تقييد بالكتابة.

و في هذه البرهة راج الأدب العربي غاية رواجه، شرع ذلك من زمن معاوية فقد كان يبالغ في ترويج الشعر ثم الذين يلونه من الأمويين ثم العباسيين، و كان ربما يبذل بإزاء بيت من الشعر أو نكتة أدبية المئات و الألوف من الدنانير، و انكب الناس على الشعر و روايته، و أخبار العرب و أيامهم، و كانوا يكتسبون بذلك الأموال الخطيرة، و كانت الأمويون ينتفعون برواجه و بذل الأموال بحذائه لتحكيم موقعهم تجاه بني هاشم ثم العباسيون تجاه بني فاطمة كما كانوا يبالغون في إكرام العلماء ليظهروا بهم على الناس، و يحملوهم ما شاءوا و تحكموا.

و بلغ من نفوذ الشعر و الأدب في المجتمع العلمي أنك ترى كثيرا من العلماء يتمثلون بشعر شاعر أو مثل سائر في مسائل عقلية أو أبحاث علمية ثم يكون له القضاء، و كثيرا ما يبنون المقاصد النظرية على مسائل لغوية و لا أقل من البحث اللغوي في اسم الموضوع أولا ثم الورود في البحث ثانيا، و هذه كلها أمور لها آثار عميقة في منطق الباحثين و سيرهم العلمي.
و في تلك الأيام راج البحث الكلامي، و كتب فيه الكتب و الرسائل، و لم يلبثوا أن تفرقوا فرقتين عظيمتين و هما الأشاعرة و المعتزلة، و كانت أصول أقوالهم موجودة في زمن الخلفاء بل في زمن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يدل على ذلك ما روي من احتجاجات علي (عليه السلام) في الجبر و التفويض و القدر و الاستطاعة و غيرها، و ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في ذلك و إنما امتازت الطائفتان في هذا الأوان بامتياز المسلكين و هو تحكيم المعتزلة ما يستقل به العقل على الظواهر الدينية كالقول بالحسن و القبح العقليين، و قبح الترجيح من غير مرجح، و قبح التكليف بما لا يطاق، و الاستطاعة، و التفويض، و غير ذلك، و تحكيم الأشاعرة الظواهر على حكم العقل بالقول بنفي الحسن و القبح، و جواز الترجيح من غير مرجح، و نفي الاستطاعة، و القول بالجبر، و قدم كلام الله، و غير ذلك مما هو مذكور في كتبهم.

ثم رتبوا الفن و اصطلحوا الاصطلاحات و زادوا مسائل قابلوا بها الفلاسفة في المباحث المعنوية بالأمور العامة، و ذلك بعد نقل كتب الفلسفة إلى العربية و انتشار دراستها بين المسلمين، و ليس الأمر على ما ذكره بعضهم: أن التكلم ظهر أو انشعب في الإسلام إلى الاعتزال و الأشعرية بعد انتقال الفلسفة إلى العرب، يدل على ذلك وجود معظم مسائلهم و آرائهم في الروايات قبل ذلك.

و لم تزل المعتزلة تتكثر جماعتهم و تزداد شوكتهم و أبهتهم منذ أول الظهور إلى أوائل العهد العباسي أوائل القرن الثالث الهجري ثم رجعوا يسلكون سبيل الانحطاط و السقوط حتى أبادتهم الملوك من بني أيوب فانقرضوا و قد قتل في عهدهم و بعدهم لجرم الاعتزال من الناس ما لا يحصيه إلا الله سبحانه و عند ذلك صفا جو البحث الكلامي للأشاعرة من غير معارض فتوغلوا فيه بعد ما كان فقهاؤهم يتأثمون بذلك أولا، و لم يزل الأشعرية رائجة عندهم إلى اليوم.

و كان للشيعة قدم في التكلم، كان أول طلوعهم بالتكلم بعد رحلة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) و كان جلهم من الصحابة كسلمان و أبي ذر و المقداد و عمار و عمرو بن الحمق و غيرهم و من التابعين كرشيد و كميل و ميثم و سائر العلويين أبادتهم أيدي الأمويين، ثم تأصلوا و قوي أمرهم ثانيا في زمن الإمامين: الباقر و الصادق (عليهما السلام) و أخذوا بالبحث و تأليف الكتب و الرسائل، و لم يزالوا يجدون الجد تحت قهر الحكومات و اضطهادها حتى رزقوا بعض الأمن في الدولة البويهية ثم أخنقوا ثانيا حتى صفا لهم الأمر بظهور الدولة الصفوية في إيران، ثم لم يزالوا على ذلك حتى اليوم.

و كانت سيماء بحثهم في الكلام أشبه بالمعتزلة منها بالأشاعرة، و لذلك ربما اختلط بعض الآراء كالقول بالحسن و القبح و مسألة الترجيح من غير مرجح و مسألة القدر و مسألة التفويض، و لذلك أيضا اشتبه الأمر على بعض الناس فعد الطائفتين أعني الشيعة و المعتزلة ذواتي طريقة واحدة في البحث الكلامي، كفرسي رهان، و قد أخطأ، فإن الأصول المروية عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) و هي المعتبرة عند القوم لا تلائم مذاق المعتزلة في شيء.

و على الجملة فن الكلام فن شريف يذب عن المعارف الحقة الدينية غير أن المتكلمين من المسلمين أساءوا في طريق البحث فلم يميزوا بين الأحكام العقلية و اختلط عندهم الحق بالمقبول على ما سيجيء إيضاحه بعض الإيضاح.

و في هذه البرهة من الزمن نقلت علوم الأوائل من المنطق و الرياضيات و الطبيعيات و الإلهيات و الطب و الحكمة العملية إلى العربية، نقل شطر منها في عهد الأمويين ثم أكمل في أوائل عهد العباسيين، فقد ترجموا مئات من الكتب من اليونانية و الرومية و الهندية و الفارسية و السريانية إلى العربية، و أقبل الناس يتدارسون مختلف العلوم و لم يلبثوا كثيرا حتى استقلوا بالنظر، و صنفوا فيها كتبا و رسائل، و كان ذلك يغيظ علماء الوقت، و لا سيما ما كانوا يشاهدونه من تظاهر الملاحدة من الدهرية و الطبيعية و المانوية و غيرهم على المسائل المسلمة في الدين، و ما كان عليه المتفلسفون من المسلمين من الوقيعة في الدين و أهله، و تلقي أصول الإسلام و معالم الشرع الطاهرة بالإهانة و الإزراء و لا داء كالجهل.

و من أشد ما كان يغيظهم ما كانوا يسمعونه منهم من القول في المسائل المبتنية على أصول موضوعة مأخوذة من الهيئة و الطبيعيات كوضع الأفلاك البطليموسية، و كونها طبيعة خامسة، و استحالة الخرق و الالتيام فيها، و قدم الأفلاك و الفلكيات بالشخص و قدم العناصر بالنوع، و قدم الأنواع و نحو ذلك فإنها مسائل مبنية على أصول موضوعة لم يبرهن عليها في الفلسفة لكن الجهلة من المتفلسفين كانوا يظهرونها في زي المسائل المبرهن عليها، و كانت الدهرية و أمثالهم و هم يومئذ منتحلون إليها يضيفون إلى ذلك أمورا أخرى من أباطيلهم كالقول بالتناسخ و نفي المعاد و لا سيما المعاد الجسماني، و يطعنون بذلك كله في ظواهر الدين و ربما قال القائل منهم: إن الدين مجموع وظائف تقليدية أتى بها الأنبياء لتربية العقول الساذجة البسيطة و تكميلها، و أما الفيلسوف المتعاطي للعلوم الحقيقية فهو في غنى عنهم و عما أتوا به، و كانوا ذوي أقدام في طرق الاستدلال.

فدعا ذلك الفقهاء و المتكلمين و حملهم على تجبيههم بالإنكار و التدمير عليهم بأي وسيلة تيسرت لهم من محاجة و دعوة عليهم و براءة منهم و تكفير لهم حتى كسروا سورتهم و فرقوا جمعهم و أفنوا كتبهم في زمن المتوكل، و كادت الفلسفة تنقرض بعده حتى جدده ثانيا المعلم الثاني أبو نصر الفارابي المتوفى سنة 393 ثم بعده الشيخ الرئيس أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا المتوفى سنة 482 ثم غيرهما من معاريف الفلسفة كأبي علي بن مسكويه و ابن رشد الأندلسي و غيرهما، ثم لم تزل الفلسفة تعيش على قلة من متعاطيها و تجول بين ضعف و قوة.

و هي و إن انتقلت ابتداء إلى العرب لكن لم يشتهر بها منهم إلا الشاذ النادر كالكندي و ابن رشد، و قد استقرت أخيرا في إيران، و المتكلمون من المسلمين و إن خالفوا الفلسفة و أنكروا على أهلها أشد الإنكار لكن جمهورهم تلقوا المنطق بالقبول فألفوا فيها الرسائل و الكتب لما وجدوه موافقا لطريق الاستدلال الفطري.

غير أنهم - كما سمعت - أخطئوا في استعماله فجعلوا حكم الحدود الحقيقية و أجزائها مطردا في المفاهيم الاعتبارية، و استعملوا البرهان في القضايا الاعتبارية التي لا مجرى فيها إلا للقياس الجدلي فتراهم يتكلمون في الموضوعات الكلامية كالحسن و القبح و الثواب و العقاب و الحبط و الفضل في أجناسها و فصولها و حدودها، و أين هي من الحد؟ و يستدلون في المسائل الأصولية و المسائل الكلامية من فروع الدين بالضرورة و الامتناع.

و ذلك من استخدام الحقائق في الأمور الاعتبارية و يبرهنون في أمور ترجع إلى الواجب تعالى بأنه يجب عليه كذا و يقبح منه كذا فيحكمون الاعتبارات على الحقائق، و يعدونه برهانا، و ليس بحسب الحقيقة إلا من القياس الشعري.

و بلغ الإفراط في هذا الباب إلى حد قال قائلهم: إن الله سبحانه أنزه ساحة من أن يدب في حكمه و فعله الاعتبار الذي حقيقته الوهم فكل ما كونه تكوينا أو شرعه تشريعا أمور حقيقية واقعية، و قال آخر: إن الله سبحانه أقدر من أن يحكم بحكم ثم لا يستطاع من إقامة البرهان عليه، فالبرهان يشمل التكوينيات و التشريعيات جميعا.

إلى غير ذلك من الأقاويل التي هي لعمري من مصائب العلم و أهله، ثم الاضطرار إلى وضعها و البحث عنها في المسفورات العلمية أشد مصيبة.

و في هذه البرهة ظهر التصوف بين المسلمين، و قد كان له أصل في عهد الخلفاء يظهر في لباس الزهد، ثم بان الأمر بتظاهر المتصوفة في أوائل عهد بني العباس بظهور رجال منهم كأبي يزيد و الجنيد و الشبلي و معروف و غيرهم.

يرى القوم أن السبيل إلى حقيقة الكمال الإنساني و الحصول على حقائق المعارف هو الورود في الطريقة، و هي نحو ارتياض بالشريعة للحصول على الحقيقة، و ينتسب المعظم منهم من الخاصة و العامة إلى علي (عليه السلام).

 

 إذا كان القوم يدعون أمورا من الكرامات، و يتكلمون بأمور تناقض ظواهر الدين و حكم العقل مدعين أن لها معاني صحيحة لا ينالها فهم أهل الظاهر ثقل على الفقهاء و عامة المسلمين سماعها فأنكروا ذلك عليهم و قابلوهم بالتبري و التكفير، فربما أخذوا بالحبس أو الجلد أو القتل أو الصلب أو الطرد أو النفي كل ذلك لخلاعتهم و استرسالهم في أقوال يسمونها أسرار الشريعة، و لو كان الأمر على ما يدعون و كانت هي لب الحقيقة و كانت الظواهر الدينية كالقشر عليها و كان ينبغي إظهارها و الجهر بها لكان مشرع الشرع أحق برعاية حالها و إعلان أمرها كما يعلنون، و إن لم تكن هي الحق فما ذا بعد الحق إلا الضلال؟.

و القوم لم يدلوا في أول أمرهم على آرائهم في الطريقة إلا باللفظ ثم زادوا على ذلك بعد أن أخذوا موضعهم من القلوب قليلا بإنشاء كتب و رسائل بعد القرن الثالث الهجري، ثم زادوا على ذلك بأن صرحوا بآرائهم في الحقيقة و الطريقة جميعا بعد ذلك فانتشر منهم ما أنشئوه نظما و نثرا في أقطار الأرض.

و لم يزالوا يزيدون عدة و عدة و وقوعا في قلوب العامة و وجاهة حتى بلغوا غاية أوجهم في القرنين السادس و السابع ثم انتكسوا في المسير و ضعف أمرهم و أعرض عامة الناس عنهم.

و كان السبب في انحطاطهم أولا أن شأنا من الشئون الحيوية التي لها مساس بحال عامة الناس إذا اشتد إقبال النفوس عليه و تولع القلوب إليه تاقت إلى الاستدرار من طريقه نفوس و جمع من أرباب المطامع فتزيوا بزيه و ظهروا في صورة أهله و خاصته فأفسدوا فيه و تعقب ذلك تنفر الناس عنه.

و ثانيا: أن جماعة من مشايخهم ذكروا أن طريقة معرفة النفس طريقة مبتدعة لم يذكرها مشرع الشريعة فيما شرعه إلا أنها طريقة مرضية ارتضاها الله سبحانه كما ارتضى الرهبانية المبتدعة بين النصارى قال تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا } [الحديد: 27].

و تلقاه الجمهور منهم بالقبول فأباح ذلك لهم أن يحدثوا للسلوك رسوما و آدابا لم تعهد في الشريعة، فلم تزل تبتدع سنة جديدة و تترك أخرى شرعية، حتى آل إلى أن صارت الشريعة في جانب، و الطريقة في جانب، و آل بالطبع إلى انهماك المحرمات و ترك الواجبات من شعائر الدين و رفع التكاليف، و ظهور أمثال القلندرية و لم يبق من التصوف إلا التكدي و استعمال الأفيون و البنج و هو الفناء.

و الذي يقضي به في ذلك الكتاب و السنة - و هما يهديان إلى حكم العقل - هو أن القول بأن تحت ظواهر الشريعة حقائق هي باطنها حق، و القول بأن للإنسان طريقا إلى نيلها حق، و لكن الطريق إنما هو استعمال الظواهر الدينية على ما ينبغي من الاستعمال لا غير، و حاشا أن يكون هناك باطن لا يهدي إليه ظاهر، و الظاهر عنوان الباطن و طريقه، و حاشا أن يكون هناك شيء آخر أقرب مما دل عليه شارع الدين غفل عنه أو تساهل في أمره أو أضرب عنه لوجه من الوجوه بالمرة و هو القائل عز من قائل {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] و بالجملة فهذه طرق ثلاثة في البحث عن الحقائق و الكشف عنها: الظواهر الدينية و طريق البحث العقلي و طريق تصفية النفس، أخذ بكل منها طائفة من المسلمين على ما بين الطوائف الثلاث من التنازع و التدافع، و جمعهم في ذلك كزوايا المثلث كلما زدت في مقدار واحدة منها نقصت من الأخريين و بالعكس.

و كان الكلام في التفسير يختلف اختلافا فاحشا بحسب اختلاف مشرب المفسرين بمعنى أن النظر العلمي في غالب الأمر كان يحمل على القرآن من غير عكس إلا ما شذ.

و قد عرفت أن الكتاب يصدق من كل من الطرق ما هو حق، و حاشا أن يكون هناك باطن حق و لا يوافقه ظاهره، و حاشا أن يكون هناك حق من ظاهر أو باطن و البرهان الحق يدفعه و يناقضه.

و لذلك رام جمع من العلماء بما عندهم من بضاعة العلم على اختلاف مشاربهم أن يوفقوا بين الظواهر الدينية و العرفان كابن العربي و عبد الرزاق الكاشاني و ابن فهد و الشهيد الثاني و الفيض الكاشاني.

و آخرون أن يوفقوا بين الفلسفة و العرفان كأبي نصر الفارابي و الشيخ السهروردي صاحب الإشراق و الشيخ صائن الدين محمد تركه.

و آخرون أن يوفقوا بين الظواهر الدينية و الفلسفة كالقاضي سعيد و غيره.
و آخرون أن يوفقوا بين الجميع كابن سينا في تفاسيره و كتبه و صدر المتألهين الشيرازي في كتبه و رسائله و عدة ممن تأخر عنه.

و مع ذلك كله فالاختلاف العريق على حاله لا تزيد كثرة المساعي في قطع أصله إلا شدة في التعرق، و لا في إخماد ناره إلا اشتعالا: ألفيت كل تميمة لا تنفع و أنت لا ترى أهل كل فن من هذه الفنون إلا ترمي غيره بجهالة أو زندقة أو سفاهة رأي، و العامة تتبرأ منهم جميعا.

كل ذلك لما تخلفت الأمة في أول يوم عن دعوة الكتاب إلى التفكر الاجتماعي و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تتفرقوا و الكلام ذو شجون.

اللهم اهدنا إلى ما يرضيك عنا و اجمع كلمتنا على الحق، و هب لنا من لدنك وليا، و هب لنا من لدنك نصيرا.

___________________________________________
1- ذكر ذلك السيوطي في الاتقان , وذكر انه عدد الروايات في تفسيره المسمى بترجمان القرآن وتلخيصه المسمى بالدر المنثور.

2- ذكر بعض المتتبعين أنه عثر على حديثين مرويين عن الحسين (عليه السلام) في الروايات الفقهية.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .