أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-06-13
1216
التاريخ: 28-01-2015
1667
التاريخ: 21-04-2015
3807
التاريخ: 2023-11-23
1405
|
أساليب الوحي الى نبينا الكريم
أن الوحي على معان عديدة كالوحي اللغوي والنفسي والرسالي ، ومانريد بيانه هنا هو الوحي اللا خصوص الرسول الاكرم (صلى الله عليه واله وسلم )، وكيف يكون تلقي النبي الوحي ؟ وماهي الوسائل التي استخدمها الباري سبحانه لمخاطبة نبيه؟ وكيف يفهم الرسول الأكرم مقاصد الله سبحانه وكلامه العظيم ؟ في هذا المقال سنحاول الأجابة على ذلك.
وجوه نزول الوحي
الوحي بالنسبة الى نبينا محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) على ثلاثة أقسام : تارة يأتيه في المنام ، وأخرى وحياً مباشرياً من جانب الله بلا توسيط ملك ، وثالثة مع توسيط جبرائيل(عليه السلام ).
وإليك تفصيل بيانها :
1- الرؤيا الصادقة : كان أول ما بدئ من الوحي الرؤيا الصادقة ، كان (صلى الله عليه واله ) لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح . قال الإمام الباقر (عليه السلام ): (( وأما النبي فهو الذي يرى في منامه ، نحو رؤيا إبراهيم (عليه السلام ) ونحو ماكان رأى رسول الله (صلى الله عليه واله) من أسباب النبوة قبل الوحي ، حتى أتاه جبرائيل (عليه السلام ) من عند الله بالرسالة .(1)
قوله : (قبل الوحي ) أي قبل الوحي الرسالي المأمور بتبليغه ، لأن هذا البيان تفسير لمفهوم (النبي) قبل أن يكون رسولاً ، وهو إنسان اُوحي اليه من غير أن يكون مأموراً بتبليغه . فهو يتصل بالملأ الأعلى أتصالاً روحياً وينكشف له الملكوت ، كما حصل لنبينا (صلى الله عليه واله وسلم ) قبيل بعثته المباركة .
ولكن لم يعهد نزول قرآن عليه في المنام . نعم ، ربما كانت بعض رؤياه أسباباً لنزول القرآن ، كما في قوله تعالى : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)}.( الشعراء: 193، 194.) فقد رأى النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) ذلك عام الحديبية (سنة الست من الهجرة ) وصدقت عام الفتح (سنة الثمان م الهجرة ).
2- نزول جبرائيل: كان الملك الذي ينزل على النبي (صلى الله عليه واله) بالوحي هو جبرائيل (عليه السلام ) ، تارة يراه ، إما في صورته الاصلية – وهذا حصل مرتين – أو في صورة دحية بن خليفة الكلبي ، وأخرى لايراه .
والمرتان كانت أحدهما في بدء الوحي بحراء . ظهر له جبرائيل في صورته الأصلية التي خلقه الله عليها ، مالئاً أفق السماء من المشرق والمغرب ، فتهيّبه النبي ( صلى الله عليه واله وسلم) تهيباً بالغاً ،فنزل عليه جبرائيل في صورة الأدمنين فضمه الى صدره ، فكان لاينزا عليه بعد ذلك إال في صورة بشر جميل . والثانية كانت بأستدعائه (صلى الله عليه واله ) أن يريه نفسه مرة اُخرى صورته التي خلقه الله ، فأراه فسدّ الأفق . فقوله تعالى : { وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى }( النجم: 7.) كانت المرة الأولى ، وقوله تعالى : { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (النجم: 13.) كانت المرة الثانية ، على ماجاءت في الروايات .(2)
وكان جبرائيل عندما يتمثل لرسول الله (صلى الله عليه واله ) يبدو في صورة دحية بن خليفة الكلبي ، وهو كان أجمل أنسان في المدينة ، وكان الصحابة يزعمون أن جبرائيل – حين يتمثل بشراً – هو دحية الكلبي حقيقة ، ومن ثم نهاهم رسول الله (صلى الله عليه واله ) أن يدخلوا عليه إذا وجدوا دحية عنده .(3)
3- الوحي المباشري : لعل أكثر موارد الوحي كان مباشرياً لايتوسطه ملك ، على ماجاء في وصف الصحابة حالته (صلى الله عليه واله وسلم ) ساعة نزول الوحي عليه .
قال الشيخ الصدوق :
إن النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) كان يكون بين أصحابه فيغمى عليه وهو يتصابُ عرقاً فإذا أفاق قال : (( قال الله : كذا وكذا وأمركم بكذا ونهاكم عن كذا )). قال : وكان يزعم أكثر مخالفينا أن ذلك كان عند نزول جبرائيل ، فسُئل الإمام الصادق (عليه السلام ) عن الغشية التي كانت تأخذ النبي ( صلى الله عليه واله ) أكانت عند هبوط جبرائيل (عليه السلام)؟ فقال : (( إن جبرائيل كان إذا أتى النبي (صلى الله عليه واله) لم يدخل حتى يستأذنه ، وإذا دخل عليه قعد بين يديه قعدة العبد ، وإنما ذاك عند مخاطبة الله عزوجل إياه بغير ترجمان وواسطةٍ. (4)
موقف النبيّ من الوحي
هنا موضوعان لهما أهمية كبيرة بشأن رسالة الأنبياء وصدق دعوتهم إلى الله ، لابد من البحث عنهما :
الأول : كيف عرف النبي أنه مبعوث بالرسالة ؟ ولِمَ لا يشك في أن الذي أتاه شيطان وأطمأن أنه جبرائيل ؟
الثاني : هل يجوز على النبي أن يخطأ فيما يوحى اليه ، فيلتبس عليه تخيلات باطلة في نفسه لتبدو له بصورة وحي أو يلقي عليه إبليس ما يظنه وحياً من الله ؟
أكثر أصحاب الحديث من العامة جعلو النبي مرتاعاً في أول أمره خائفاً على نفسه من مس الجنون عائذاً اللا أحضان زوجته الوفية لتستنجد هي إلى ابن عمها ورقة بن نوفل – وكان قارئاً للكتب – فيطمئنه هو بأنه نبي ويؤكد عليه ذلك حتى يطمئن ويستريح باله ، كما أنهم ذهبوا الى استيلاء الشيطان على النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) كما جائت روايتهم لقصة الغرانيق . قالوا : حين نزل سورة النجم وجعل النبي (صلى الله عليه واله ) يتلوها ، وبلغ قوله : {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى}( النجم: 19، 20.) ألقى عليه الشيطان : (( تلك الغرانيق (5) العُلى وإن شفاعتهن لتُرجى ))، فحسبها وحياً فقرأها على ملأ من قريش ، ثم قرأ بقية السورة وأكملها ، فسجد وسجد المسلمون والمشركون أيضاً ، تقديراً بما وافقهم محمد (صلى الله عليه واله وسلم ) في تعظيم آلهتهم ورجاء شفاعتهم ، وأنتشر هذا النبأ حتى بلغ مهاجري الحبشة فرجعوا الى مكة فرحين ، كما فرح النبي (صلى الله عليه واله ) بتحقق اُمنيته القديمة على ائتلاف قومه . فلما أمسى أتاه جبرائيل ، فقال له : (( أعرض عليّ السورة )). فجعل النبي (صلى الله عليه واله ) يقرؤها عليه حتى إذا بلغ الكلمتين قال له جبرائيل : ((مه))، من أين جئت بهاتين الكلمتين ؟ )) فتندم رسول الله (صلى الله عليه واله ) ... وقال : ( إنه أتاني آت ٍ على صورتك فألقاها على لساني ) . فقال جبرائيل ( معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا ).(6)
لكن ذهب أئمة أهل البيت في ذلك مذهباً نزيهاً وجعلوا النبي أكرم على الله من أن يتركه إلى غير ذاته المقدسة ولاينير عليه الدلائل الموضحة على نبوته في تلك الساعة الحرجة . كما لايدع الشيطان أن يسلط على مساعر نبيه الكريم . { وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا}( الطور: 48.).
توضيح ذلك : يجب على الله – بمقتضى قاعدة اللطف – أن يقرن نبوته بدلائل نيرة لا مجال للشك فيها ، وهذا الوجوب منبعث من مقام حكمته تعالى إذا كان يريد نت عباده الإنقياد وإلا كان نقضاً لغرضه من التكليف . ولهذا لايدع مجالاً لتدليس أهل الزيغ والأهواء إلا ويفضحهم فوراً {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ}( الحاقة: 44 – 46.) ، {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}.( غافر: 51.)
روى زرارة بن أعين قال : قلت لأبي عبدالله (عليه السلام ) : ( كيف لم يخف رسول الله (صلى الله عليه واله ) فيما يأتيه من قبل الله أن يكون مما ينزغ به الشيطان ؟) ، قال (عليه السلام ) : ( إن الله إذا أتخذ عبداً رسولاً أنزل عليه السكينة والوقار ، (7) فكان الذي يأتيه من قبل الله مثل الذ يراه بعينه ).(8)
أيضاً أن النبي (صلى الله عليه واله) لم يختره الله لنبوته إلا بعد أن أكمل عقله وأدابه فأحسن تأديبه ، وعرفه أسرار ملكوت السماوات والأرض ما يستأهله للقيام بهذه المهمة الخطيرة . قال أمير المؤمنين (عليه السلام ) :
( ولقد قرن الله به من لدن أن كان فظيماً أعظم من ملائكته يسلك به طريق المكارم ومحاسن أخلاق العالم ليله ونهاره ). (9)
وكان قبيل بعثته تظهر له علامات النبوة ، فقد ظهرت آياتها قبل ثلاث سنوات من بعثته ، فكان يرى الرؤيا الصادقة وكان يختلي بنفسه في غار حراء متفكراً في أسرار الملكوت ، متعمقاً في ذات الله ، متطلعاً سر الخليقة ، حتى فاجأه الحق وقد بلغ سن الأربعين .
على أنه (صلى الله عليه واله ) كان أشرف الأنبياء وأفضل المرسلين وخاتم سفراء رب العالمين فكان أكرم عليه تعالى من أن يتركه ونفسه.
الخلاصة
1- يتلقى النبي (صلى الله عليه ) الوحي على ثلاثة أنحاء:
أ) الرؤيا الصادقة .ب) هبوط جبرائيل. ج) الوحي المباشر .
2- لم يعهد نزول القرآن على النبي في المنام . نعم ، ربما كانت بعض رؤاه أسباباً لنزول القرآن كما في قوله تعالى : {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194)}.( الشعراء: 193، 194.)
3- ينزل جبرائيل على النبي أما بصورته الحقيقية ، وقد رآه رسولنا على تلك الصورة مرتين ، أو على صورة دحية الكلبي.
4- هناك مذهبان إزاء موقف النبي من الوحي :
الأول : مذهب أصحاب الحديث من العامة عندما جعلو النبي (صلى الله عليه ) مرتاعاً في أول أمره خائفاً على نفسه من مس الجنون عائذاً الى أحضان زوجته الوفية ، فذهبت لتقص قصته على ابن عمها ورقة بن نوفل وتستنجده ، فيأتي اليه ويطمئنه.
الثاني : مذهب نزه النبي عن كل هذه المثالب ونفى عنه كل هذا الأرتباك ، لأن مقتضى قاعدة اللطف هو أن يقرن نبوته بدلائل نيرة لا مجال للشك فيها ، مضافاً الى أن الله لم يختره إلا بعد أن أكمل عقله وأحسن تأديبه وجعله مستعداً لتلقي الخطاب الإلهي والرسالة الخاتمة .
__________
1- الكافي : 1 ، 176 ، 3 ، وبحار الانوار : 18 ، 266، 27.
2- راجع : مجمع البيان : 9، 173، و 175 و 10، 446، تفسير الصافي : 2، 618.
3- بحار الأنوار : 3، 326 عن كتاب حجة التفصيل لأبن أثير .
4- كمال الدين للصدوق : 85، بحار الأنوار : 18، 260 .
5- الغرانيق : جمع الغرنوق وهو الشاب الناعم الأبيض . وفي الأصل : أسم لطير الماء وهو تشبيه آلهة المشركين بطيور بيضاء متحلقة في أجواء السماء كناية عن قربهم من الله تعالى .
6- تفسير الطبري : 17، 131-134، الدر المنثور : 4، 194، فتح الباري ، 8 ، 333.
7- أي : الطمأنينة والأعتدال لبفكري .
8- تفسير العياشي : 2، 201، وبحار الانوار : 18: 262.
9- نهج البلاغة : 1، 392، الخطبة القاصعة.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|